استوقفتنى رسالة «الإرادة الحرة» التى تطالب كاتبتها بسن قانون جديد لكى يتزوج الرجل بزوجة ثانية رغم أنف الزوجة الأولى ولا يحق لها أن تطلب الخلع لهذا السبب..
وتعليقا عليها أقول: ألم تقرأ هذه الفتاة أن تعدد الزوجات شرعه الله لمعالجة أوضاع معينة كالمرض أو عدم الإنجاب ولم يشرع لمجرد كبر سن الزوجة وعدم قدرتها على تلبية رغبات زوجها الجسدية.. فبعملية حسابية بسيطة ندرك أن الزوجة عندما تكبر فى السن يكون الزوج حينئذ أكبر منها سنا وربما يكون قد ألمت به أمراض السن من ضغط وسكر وأمراض أخري.. فهل جزاء الزوجة التى تحملت معه سنوات الحلو والمر معا أن يتخلى عنها إلى زوجة جديدة لمجرد إرضاء رغبات جسدية.. أهذه هى المودة والرحمة فى علاقة الزوجية؟.. ثم ماذا تقول الآنسة التى ترغب فى تطبيق قانون ليشبع رغبات الرجل فقط فى حالة أن يكبر فى السن ولا يستطيع إشباع رغبات زوجته الشابة.. وماذا تفعل حينئذ.. هل تنفصل عنه وقتها لإشباع رغباتها الجسدية؟.. ثم ألا يقال عنها وقتها إنها غادرة ولم تتحمل زوجها ويلعنها المجتمع بلا رحمة.. فلماذا إذن لا يتساوى الرجل معها فى نفس ردة فعل المجتمع.. ولماذا تبحث هى ومثيلاتها عن الرجل المتزوج لتخرب حياته.. ولماذا يصررن على حرق مشاعر المودة والرحمة والإخلاص بين الزوجين.. ولماذا لا تبحث لها عمن يناسبها من رجال انفصلوا عن زوجاتهم بالفعل أو توفيت زوجاتهم؟.. ولماذا ترتبط بزوج لأخرى وأمامها رجال غير متزوجين.. والسؤال الأهم: لماذا لا تتنازل قليلا عن طلباتها التى تعجز أى شاب فى مقتبل الحياة عن القيام بها؟..
ألا تعلمين يا آنستى أنك تريدين لغيرك أن يدهسها قطار القهر والغدر والألم وأن تتقاسم معها أخرى زوجها بعد أن أمضت معه أجمل سنوات العمر؟.. وكل ذلك بدعوى الخوف من أن يفوتك قطار الزواج.. ابحثى لنفسك عمن يناسبك وتتناسب ظروف حياته مع ظروفك، وابتعدى عن كسر قلب أخرى حتى لا ينكسر قلبك من دعواتها عليك وعلى أمثالك ممن يخربن صفو البيوت المستقرة.. وكل الشكر لك يا أستاذ أحمد على سعة صدرك.
< ولكاتبة هذه الرسالة أقول:
لا يجوز إجبار أى زوجة على المعيشة مع رجل لا ترغب فى الاستمرار معه سواء تزوج بأخرى أم لا.. فالأصل فى الزواج هو القبول بين الطرفين، ومن ثم إذا انعدم التوافق بينهما يصبح الطلاق من حق أى منهما، ولذلك جاء قانون الخلع الذى يسهل الأمر على الزوجة التى تريد الانفصال من زوجها لضرر أصابها، أو لاكتشافها أمورا كانت خافية عليها ثم تكشفت لها بعد الزواج، ولا يقع أى ضرر مادى على الزوج فى هذه الحالة إذ سوف ترد إليه ما أخذته منه، ولن يكون لها مستحقات لديه.. أما ما تدعو إليه صاحبة رسالة «الإرادة الحرة» فهو أمر خارج تماما عن نطاق الحرية، فإذا كان من حق الرجل أن يتزوج بأخري، فإن من حق الزوجة الأولى أن تستمر معه أو تنفصل عنه وفقا لميولها ومدى قبولها بوجود زوجة ثانية فى حياة زوجها.
الأمر إذن بسيط ولا علاقة له بسن قانون أو غيره، ولا يؤثر على من تخشى من أن تكبر فى السن دون زواج، وكما تقولين يا سيدتي، فإن من تفكر بهذه الطريقة تكون عيناها على شخص بعينه يريد أن يحتفظ بالزوجة الأولى وينعم بالثانية التى تسعى إلى أن تنعم به هى الأخري، وفى ذلك منتهى الظلم لمن أحبته وتزوجته ولم تتخيل يوما أن هناك أخرى سوف تقتسم زوجها معها.. إن «الإرادة الحرة» الحقيقية هى ترك المسألة كما هي، وليكن لكل طرف قراره فى أن يحيا بالطريقة التى يرغب فيها دون أن يؤثر ذلك بالسلب على شريكه فى الحياة.
رابط دائم: