رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

أهلا يا أنا
عيونها بداية الشوق إلي حنان لا يكتمل

منير عامر
حتي كتابة هذه السطور لم يتعرف أحد علي سبب زيادة وضوح الرؤية في قلب العاشق حين يلتقي بمن يحب سبق أن قلت ذلك لنفسي في يوم السبت الأول من يوليو‏1959‏ حين قابلت التي تشكل قلبي علي هيئتها‏,‏ علي بلاج ميامي‏,‏ ولم أحسب أني سألتقي ظهر ذلك النهار القديم بعبد الحليم حافظ وهو يرتكن إلي سور خشبي لإحدي الكبائن المغلقة‏,‏وبجانبه مجدي العمروسي‏,‏ وكان يمليه خطابا إلي مصنع مرسيدس بألمانيا‏,‏ ليحدد مواصفات ولون السيارة التي أمر بتصنيعها له كمال أدهم صهر الملك فيصل‏,‏ ووصل إلي سمعي قوله ياريت أعرف لون عينيها‏,‏ نفسي العربية تكون لون عينيها‏.‏ ولم أكن أنا كاتب السطور أعرف من يتحدث عنها عبد الحليم‏,‏ فضلا عن أني لم أكن أفكر في أني سأكتب تاريخ حياته باختياره هو‏,‏ وهو ما حدث بعد ذلك بخمس سنوات تقريبا‏.‏

ولكن صديقة قلبي قالت أنا عارفة اللي بيتكلم عنها عبد الحليم.. دي.... ونطقت اسمها وسحبتني من يدي لتشير إلي إمرأة تنسجم أنوثتها مع براءة نادرة, ويطل من ملامحها آسي بلا حدود, وتداعب طفلين جاءا لزيارتها. وكانت قصتها معروفة علي بلاج ميامي كأي قصة لأي واحدة من رواد الشاطئ, فهي من أسرة مقتدرة وتزوجت في السادسة عشر من زوج يغار حتي من نسمة الهواء, وكان العناد هو الجسر الوحيد الذي تسير من فوقه أيام حياتهما معا. وهي الآن غاضبة منه ومقيمة في بيت والدها. وجاء ابناها لزيارتها علي الشاطئ. كانت قصتها معروفة, يتم تداولها عبر النميمة همسا فتنتشر بسرعة تفوق سرعة الصوت والضوء معا.
وطبعا كنت أريد أن أعرف لون عيني تلك التي يتحدث عنها عبد الحليم لا كصحفي شاب بدأ عمله منذ شهور, ولكن كشاب في التاسعة عشر, يحب بغير حدود صوت عبد الحليم وهو يغني والليالي تعمل إيه فينا الليالي.. أو أنا لك علي طول خليك ليا, حيث يأخذك صوته إلي جزيرة من شجن تلتقي فيها مع امرأة أحلامك البريئة, دون إلتفات إلي تقاليد أو احتياج لشبكة ومهر وشقة إلي آخر تلك المسئوليات التي تتوالي بعد ميلاد الحب وإتخاذ القرار المشترك بالإندماج الأبدي. أخذت سيدة قلبي من يدها هامسا طيب ما تحاولي إنت تتكلمي معاها وتعرفي لون عينيها اللي عايز عربية مرسيدس بنفس اللون. ضحكت سيدة قلبي هامسا ده الحب هو اللي بيلون العيون يا أستاذ. وأنتهزتها فرصة فقررت أن أري صورتي في نني كل عيون من عيونها; فإبتهجت; لأري ابتهاج الشمس ليصبح ضوؤها ونحن في الثالثة بعد الظهر وفي يوليو وهي أكثر وضوحا بأشعة أكثر حنانا ولتسمح لنسيم طري أن يغمر بلاج ميامي, فأتذكر قول أستاذي عالم النفس الجليل سعد جلال وهو يشرح لي كيمياء المخ أثناء الحب, حيث يفرز المخ أندورفينات أو موصلات عصبية تجعل العيون تري بما يريد القلب أن يراه.
ولم تكذب سيدة قلبي خبرا, فاتجهت إلي كابينة سيدة قلب عبد الحليم لتحيتها, وأشارت بإصبعها فوق حاجب سيدة قلب عبد الحليم فتنزع ليلي نظارتها الشمسية, فتقول سيدة قلبي لها تبارك الخلاق.. لون عيونك بنفسجي وللا أزرق وللا أخضر, فضحكت سيدة قلبي لتعود لي قائلة لازم يحتار; عيونها بنفسجي وأزرق وأخضر مع بعض, وضحكنا لنتواعد علي اللقاء في سينما فلوريدا الصيفية, والتي إشتهرت بأنها مثل صخرة سيدي بشر التي يعوم إليها أي شاب وصديقته, فهذه السينما هي الصديقة الليلية للعشاق.
...................
حين حكي لي عبد الحليم عن ليلي أصر علي أن يصحبني من يدي إلي الباب الرمادي والواقع إلي يسار مدخل شقته, حيث يقود هذا الباب إلي نصف الدور الذي أمر به جمال عبد الناصر كمنزل لعبد الحليم في عمارة مملوكة لجهاز معاشات القوات المسلحة. وعندما تدخل من باب شقة عبد الحليم يكون من يفتح الباب هو السفرجي عبد الرحيم الذي كان يعتز بحضوري كثيرا لا لشيء إلا لأنه مقتنع تماما أني من أقنعت عبد الرحمن الأبنودي بأن يكتب بعضا من أغنيات عبد الحليم_ ولم يكن ذلك حقيقيا لأن عبد الرحمن الأبنودي غير قابل للإقتناع بأي رأي لا ينبع من قلبه وإحساسه الشخصي_ ولكن عبد الرحيم كان يصر علي شكري علي ما لم أقم به.
وعندما فتح عبد الحليم الباب الرمادي الذي يقود إلي نصف الدور الذي يسكنه, ستفاجأ بأن الحياة في بيت عبد الحليم مقسومة إلي جزءين, الجزء الأيمن حيث الصالون الفاره الذي أسسه فؤاد باشا سراج الدين سكرتير حزب الوفد وخبير تأثيث بيوت كبار القوم بعد ثورة يوليو, فتلك هي المهنة المتبقية له بعد مصادرة أراضيه وممتلكاته, وأصبح تاجر تحف. وأن الصالون الشاسع الذي يستخدم كصالة بروفات لأفراد الفرقة الماسية أثناء التحضير لأي أغنية جديدة. وعلي اليمين ممر صغير يقود إلي حمام عبد الحليم الذي جاء رخامه من إيطاليا, وقال عنه عبد الرحمن الأبنودي ثمن الحمام ده يبني أبنود من أول وجديد.
وأمام باب الحمام غرفة مكتب يوجد بها بيك آب وبجانبه إسطوانات للموسيقي الكلاسيك ولاديث بيف وفرانك سنترا. وهناك منضدة تجاور كنبة, وعلي المنضدة كانت هناك صورة لعبد الحليم وهو يصافح جمال عبد الناصر, لكنها اختفت ووضع مكانها صورة السادات بزي رسمي. وكان كثير التنكيت عليه إذا ما اطمأن إلي من يتحدث معه.
ثم هناك غرفة النوم التي فيها سرير يرتفع من جهة الرأس بقرابة ثلاثين سنتمتر حتي إذا ما دهمه النزيف لايصاب بشرقة تسرق حياته, وأمام السرير مرآة يقال إنها بلجيكية ملكية اشتراها عبد الحليم بواسطة فؤاد سراج الدين بعدة آلاف, من فرط نقائها. والمرآة هي الصديقة الشخصية التي يرقب فيها عبد الحليم لون وجهه خوفا من نزيف دوالي المرئ أو المعدة. وقد حاول فؤاد سراج الدين شراء المرآة مرة أخري عام1974, ولكن عبد الحليم قال لا أبيعها بكل كنوز الأرض. تساءلت لحظتها, أجابني دي ليلي كانت معتزة بيها جدا.
وليلي هي ذات العيون الملونة التي سبق الحديث عنها في السطور السابقة, وكانت هي السبب في أن يفتح لي الباب الذي يقود إلي نصف البيت الأخر, لتجد صالة بها كنبتان بلدي ومجموعة شلت بسيطة علي سجادة فاخرة, وصينية نحاس عليها وابور سبرتو ومطحنة قهوة نحاسية, وكان بالحجرة سيدة قدمني لها عبد الحليم وهي الخالة نعيمة.. آخر من بقي من عائلة أمه بهانة, وهي شقيقة الحاجة زينب التي كان يزحف بهانة, وهي شقيقة الحاجة زينب التي كان يزحف إلي بيتها, وهي التي كانت تتفاءل به, خصوصا عندما سرقوا حمارها الذي كانت تؤجره للفلاحين لقاء كذا كيلة قمح أو ذرة وتشتري حاجاتها من بقال القرية علي حساب ما سوف يأتي لها في المواسم من إيجار الحمار. وعندما ضاع منها عاشت حزنا فياضا. لكن الحمار فيما يبدو قد غافل اللص وعاد إليها, وقد ظهر الحمار خلف الطفل عبد الحليم الزاحف إليها لتحتضنه فهو آخر عنقود رائحة الحبيبة آمنة. وكانت الحاجة نعيمة هي التي سافرت إلي الحج علي نفقة عبد الحليم, وهي أحد مفاتيح تفاؤله ورضاه, فهي أول من قالت له إنت عليك هالة القبول.
وبعد دقائق دخلت علية شبانة شقيقة عبد الحليم في ملابس بيضاء, وقال لها إحكي للأستاذ منير عن.... ونطق إسم الحبيبة التي رحلت عن عالمنا والتي قال لي عنها غنيت في يوم.. في شهر.. في سنة.. تهدي الجراح وتنام. وعمر جرحي أنا أطول من الأيام.
بدت علية تحكي لي أن عبد الحليم حين سافر إلي لندن أول مرة عام1956 بعد العدوان الثلاثي, وقابل د. تانر الذي اكتشف إصابته بدوالي المرئ, وبعد الجراحة والتماثل للشفاء قابل بنت مصرية أمام محل هارودز, فشعر أنها المخلوقة من أجله.
وتعرف إليها وعندما عاد كان طلبه لهذه الشقة كي يتزوجا بها, فقد علم بخلافاتها مع زوجها. ولم يهتم بالزواج من سيدة مطلقة, فقد سبقه عبد الوهاب إلي ذلك. لكنها بعد أن حصلت علي الطلاق تقدم لها عبد الحليم, فقال له والدها ما تأخذناش.. مش ممكن بنتنا تتجوز مغنواتي. ولكن المرأة أصرت علي قبول خطبة عبد الحليم وعند إستئجار هذه الشقة هي من نصحت عبد الحليم بإلاعتماد علي فؤاد سراج الدين لتأثيثها.
ولكن القدر كان يخفي لها إلتهابا في غشاء المخ لتموت لهذا السبب. لكن ذلك لم يمنع هذه الحلوة التي أراد عبد الحليم حافظ أن يعرف لون عينيها ليختار لون سيارته المهداة له من كمال أدهم في لون العينين, لم يمنع ذلك إصرارها علي الارتباط به.
وطبعا كان عليه أن يتقبل وجودها مع طفلين أنجبتهما من الزواج السابق, وكان الزوج السابق قد قرر اللعب بالقصة الوليدة, فمرة يقول إنه سيترك الولدين لها, ومرة يعلن أنه سيصحبهما ليعيشا معه خارج مصر.
ولكن ذلك لم يمنعها عن التواصل مع عبد الحليم لتحديد موعد الخطبة وعقد القران, وكان عبد الحليم هو الذي يقدم حججا متتالية تبعد به عن إتمام الزواج إلي الدرجة التي أغضبت منه أول من آمن به كمطرب وأعني به الفنان كمال الطويل الذي قال لي: عبد الحليم كان يعلم أنه مش بتاع جواز.. بيت وزوجة وأولاد وروي في ذكرياته للكاتب طارق الشناوي أن عبد الحليم هو من هرب من فكرة الزواج بمن حصلت علي الطلاق أولا لأنها لم تكن تطيق الحياة مع الزوج الأول, وثانيا لأن عبد الحليم جعل كل أحلامها تتركز فيه شخصيا. طبعا كان كمال الطويل يعلم مثلما أعلم أن قصة حب أخري نشأت بين عبد الحليم وسعاد حسني في رحلة فنية ضمن وفد كبير سافر إلي المغرب, ومن المغرب طار الأثنان إلي مدريد ليختارا أثاث البيت_ كان البيت قد سبق تأثيثه كبيوت العظماء_ وأغرق عبد الحليم سعاد في الهدايا. وما أن أعلنت سعاد نبأ الخطبة وقرب الزواج حتي أنكر عبد الحليم كل شيء, فأرسل إحسان عبد القدوس زميلتنا مهجة عثمان المحررة بروز اليوسف لتناقش سعاد في الحكاية كلها, فأخرجت لها حقيبتين كبيرتين مملوءتين بالهدايا التي قدمها لها عبد الحليم وصحبتها معها ليضعا الحقيبتين بما فيهما من هدايا أمام باب شقة عبد الحليم. وهو من ظل يعتذر لسعاد فتعفو عنه قليلا لتغضب منه كثيرا. فتثير غيرته إلي حد الجنون, فيسعي لها, فتقترب منه ليبتعد عنها, ولتتزوج هي من أول طارق للزواج, ولتحصل علي الطلاق. وليقول أحمد عكاشة لعبد الحليم أمامي أثناء لقاء طارئ كنا نسير فيه عبد الحليم بعد إفطار رمضان حيث تكون شوارع الزمالك خالية, فيشتاق عبد الحليم إلي السير دون زحام جماهيري, فيشوط كطفل حجرا علي الأرض, ويظهر امامنا أحمد عكاشة الذي كان يسكن في شارع مواز لشارع منزل عبد الحليم, يقول أحمد عكاشة لعبد الحليم إضطراب الوجدان والخلل العاطفي سمة طبيعية جدا في حياة الفنانين, لذلك لا داعي لتكذيب نبأ خطوبتك لسعاد حسني ولا داعي للوقوف عند تلك الحكاية, فهي تتشابه معك في اضطراب الوجدان, وهو في بعض الحالات أثر جانبي لحياة الفنان الذي يغني للحب وللمثلة التي تتألق فور وقوفها أمام الكاميرا. وطبعا كان عند عبد الحليم أحد أقاربه المقربين يعاني من إكتئاب حاد ويرفض الذهاب إلي عيادة الطبيب النفسي, فوافق أحمد عكاشة يومها علي أن يزوره عبد الحليم مع قريبه في منزل د. أحمد. وضحك أحمد عكاشة وهو يقول لا تظن عند زيارتك المنزلية لي أن اللوحة المورانو الصغيرة التي تحمل أسماء الله الحسني وسبق لك رؤيتها في منزل صديقك وشريكك عبد الوهاب أني لا سمح الله أخذتها منه, ولكنه كان يشكو من أن مشط قدمه الأيسر أثناء رياضته اليومية لا يتحرك بنفس سهولة مشط قدمه الأيمن وفرح كثيرا عندما علم أني حاصل علي دكتوراه في الأمراض الباطنية وماجستير في الجهاز العصبي وذلك قبل حصولي علي الدكتوراه في الطب النفسي, وزارني في المنزل لإجراء كشف علي مشط قدمه وكتبت له العلاج. وطبعا حاول أن يقدم لي ظرفا به بعض من النقود, قلت له ضاحكا: مشهور عنك أنت وتوفيق الحكيم أعلي درجات البخل. ولذلك دعني أرفض هذا الظرف. وبعد أن غادر منزلي بساعة أرسل لي تلك اللوحة. وطبعا فهم عبد الحليم الرسالة, فلن يأخذ منه أحمد عكاشة مكافأة الكشف علي قريبه, وسألني عبد الحليم طيب أهديه إيه ؟ قلت هو عاشق للموسيقي الكلاسيك. ومحلات إسطوانات الموسيقي الكلاسيك لم تعد تأتي بجديد, وعندما تسافر إلي لندن عليك أن تأتي له بسمفونيات بيتهوفن أو برامز أو فاجنر بشرط أن تكون تسجيلات من فينيا الفيلهارموني أو لندن الفيلهارموني, فأحمد عكاشة ليس مستمعا تقليديا للموسيقي, فهو من كان يدير الجرامفون اليدوي ليسمعه عبد الناصر ورفاقه عندما يعقدون إجتماعاتهم في منزل الأسرة.
لحظتها ضحك عبد الحليم وقال الأخوة الكبار يتحكمون أحيانا في الأصغر منهم.. عن نفسي كان إسماعيل يغضب مني عندما كان يعود إلي غرفتنا التي كنا نؤجرها في بركة الفيل. كان إسماعيل يغضب عندما لا يجدني قد قمت بترتيب الغرفة. ثروت عكاشة كان سيغضب من احمد عكاشة لو رفض إدارة الجرامفون ذو اليد التي تشبه يد مفرمة اللحم
...................
كنت أريد أن أسمع منه قصة حبه بكلماته لا من كلمات شقيقته علية, فأقسم أنه لم يحب واحدة من النساء مثلما أحبها. فضحكت قائلا: ومن قال لك أن هناك قصة حب مهما صغرت أو كبرت يمكن أن تتشابه مع أي قصة حب أخري. أنت معها لست أنت مع من أرادت الزواج منك لترقص أمامك وكنت تميل إليها وتستريح في الوجود معها وهي الراقصة ميمي فؤاد, وهي من تزوجت بمحمد الموجي لأسابيع نكاية فيك, ومحاولة إستبدالك بملحن عظيم. وحبيبتك إختارتك أنت لا من أجل شهرتك ولكن لأنك واحة أمان ولم تلتفت إلي بركان القلق الموجود بأعماقك. وهي مقدسة الأن عنك لانها الذكري, وكلنا لا يعرف كيف تتحول الضحكة واللمسة والأمل والحلم إلي ذكري, المسألة غير المفهومة.. الميلاد والموت.. ندخل الدنيا بلا اختيار نمشي منها بلا اختيار.
يقول عبد الحليم: لذلك أصررت علي أن أغني جئت لا أعلم من أين, وأحس بخطوات الحياة بجانب خطوات الموت في كل ليل. وأعلم أن كل فرحة الميلاد يقابلها حزن الموت. ولست فيلسوفا لكني أقول أن الإنسان يولد رغم أنفه ويحب ويصدم ويحلم ويؤمن بأن كل شيء ليس من صنع يديه.. ويتمرد علي هذا الإيمان ويموت دون أن يخبره أحد قبلها.
أقول: لم نكن قد تعرفنا علي بعضنا_ أنت وأنا_ ولكني رأيتك في بلاج ميامي وأنت تملي خطابا علي مجدي العمروسي لمصنع سيارات مرسيدس لتحدد لون السيارة التي أهداها لك كمال أدهم. وكنت تتساءل عن لون عيون حبيبتك. وكنت لا تعرف تحديد لونها بالضبط, فأثارني هذا تماما, فأرسلت صديقتي إلي كابينة حبيبتك وكأنها تزيح شيئا من فوق حاجب حبيبتك, فخلعت حبيبتك نظارتها الشمسية لتدقق صديقتي في عيون حبيبتك ولتعود لي قائلة عينيها زتوني وزرقاء وعسلي في وقت واحد. أتذكر أني ضحكت كثيرا وشاء القدر ان تتدخل أنت وهي سينما فلوريدا علي شاطئ ميامي في نفس الليلة وكان مقعدكما خلف مقعدي أنا وصديقتي.
هنا غني عبد الحليم بتلوموني ليه.. لو شفتم عنيه حلوين قد إيه.
قلت لعبد الحليم: كانت عيونها ملونة بالبهجة والأسي في آن واحد, ككل إمرأة تحب. دعني أقول لك أنك لو أقسمت لي أنك نظرت في عينيها كثيرا, فكل مابقي لك هو أنك إزددت عطشا, فتعيد النظر مرة أخري فلا تقوي, ومهما حاولت أن تركز عيونك في عيونها أكثر فتحتضنها بالعيون في رحلة لا تنتهي.
يضحك عبد الحليم: هل كنت معنا ؟
أجبت لم أكن معك ولكن هذا ما شرحه العلماء عن الحب بداية من شكسير ونهاية إلي شارلي شابلن في فيلم الكونتيسة الحافية والذي لعبت بطولته معه صوفيا لورين. أن أحتضنها بعيوني أكثر فلا أعرف.
يقول عبد الحليم سأحكي لك يوما عن صوفيا لورين كما حكيت لك عن سير لورانس أولفيه سيد المسرح الإنجليزي, ولابد أنك تابعت مهرجان التلفزيون الأول الذي عقده د. عبد القادر حاتم في قصر المنتزة بالإسكندرية, وكنت المرافق لكلوديا كاردينالي ضحكت قائلا: تجولت بين عيون جميلات الدنيا لتتذكر عيون حبيبتك.
قال حليم: هناك في حياة كل منها قصة مكسورة أو منتصرة, قصة تقترب وتبتعد ولا أعرف لها بداية أو نهاية.
وهذا بعض من قصتي مع من مازلت مصرا علي أنها الحب الأساسي.
أقول: وعندما تتذكرها تعيش تلك اللحظات المبهجة الممتلئة بنور شمس واضحة ونسمة صيف طرية وإحساس قديم كان يدهشك مثل الحلم الذي رويت لي عنه وكنت تطير فيه بدون أجنحة. وانك تمنيت أن تكون لك أجنحة لتصل فوق سحابة وتري الدنيا من فوق, وأن تلتقي بها وتصافحها وتستمتع بلمسة بشرتها.وتملا أنفك بهذا العطر الدافئ الذي يمسح عنك كل الألم, فتري الغروب قد أصبح فجرا. وتري الفجر نورا وتري كل لحظة في اليوم هي لحظة حب. وأن الحبيبة هي السبب وراء كل شيء في حياتك.
يقهقه عبد الحليم: كأنك كنت معنا.
أقول: لا لم أكن معكما ولكني عاشق سابق.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق