التحرش الجنسى من أصعب التجارب التى يمر بها الطفل وقد تؤثر عليه طيلة حياته لذلك على كل أم أن تمتلك الشجاعة الكافية للتحدث مع طفلها- ذكرا كان أو أنثى- لتجنب الوقوع فريسة لهذا الخطر، وأن كلمة الأب هنا لها دور كبير فى الحماية والوقاية، خاصة بعد ما طالعتنا الصحف أخيرا عن بعض حوادث التحرش الجنسى التى تحدث للأطفال حتى داخل مدارسهم.
رانيا أم لطفلة عمرها 9 سنوات تقول: خجلت ابنتى بمصارحتى عما تعرضت له من مدرسها، وهو فى نفس الوقت زوج خالتها ونظراً لقرب العلاقة كانت تجلس معه بمفردها لأوقات طويلة دون قلق منى أو خوف عليها، ولكنه للأسف تحرش بابنتى، ولاحظت رغبتها فى العزلة ورفضها الدرس، وبعد محاولات باحت لى بما حدث وكانت صدمة بالنسبة لى وللأسف لم أستطع أخذ موقف ضده نظراً لحساسية الموقف واكتفيت بمنعه من الدرس.
أما هند فقد تعرضت طفلتها ذات الأربع سنوات لموقف غريب فقد تحرش بها عامل الدليفرى وقام بلمس أجزاء حساسة من جسمها أثناء انشغال الأم بمراجعة الطلب واحضار الحساب له، وعندما قالت لها ابنتها «عمو لمسنى هنا» فقد جن جنونها وصممت على الذهاب للمحل وفضحه أمام الجميع وقامت بضربه بحذائها غيظاً منه.
د.عزة كامل مدير مركز وسائل الاتصال الملائمة من أجل التنمية «أكت» تقول:الأطفال نعمة من الله ينبغى على جميع طوائف المجتمع الاهتمام بهم وحمايتهم وتوفير الأمن لهم، فهم اللبنة الأساسية لبناء المجتمعات ولذا لابد من إيجاد نشء سوى لا يعانى أى اضطرابات نفسية وعلى هذا يجب أن تسير جميع مؤسسات الدولة جنباً الى جنب لمحاربة ذلك الجرم الوحشى الذى يتعرض له الأطفال باختلاف طبقاتهم.
وتضيف د.عزة:يجب أن يكون هناك تعاون بين منظمات المجتمع المدنى ومؤسسات الدولة وعلى رأسها المجلس القومى للمرأة، والمجلس القومى للأمومة والطفولة، والمؤسسة الإعلامية على أساس الاستفادة من جهود المنظمات التى تحارب العنف ضد المرأة والطفل مع عمل حملة اعلامية كبيرة لتوعية الأمهات والأطفال بكيفية الحماية والوقاية من الوقوع فريسة لهذا الفعل الوحشى، وكيفية التصرف حال حدوثها بالفعل، أيضاً لابد من نشر فكرة التوعية على مستوى جميع المدارس، وأن يكون هناك كتب ارشادية أو مناهج لتوعية النشء الصغير بحيث يستطيع التمييز والتعبير عن رفضه.
وتختم د.عزة بقولها :بدأنا هذا العام بتوعية المدارس الابتدائية بعد أن نجحت تجربة مؤسسة «أكت» العام الماضى فى عمل ندوات ومحاضرات لتوعية المدرسين والادارة والطلبة، ولابد أن تعالج الدراما تلك الظاهرة بتوصيل رسائل للمجتمع من خلال عرض المشكلة باسلوب إيجابى ووضع حلول منطقية بحيث لا نترك الموضوع مفتوحا دون ضوابط وعقوبات على الجانى.
أما شيماء اسماعيل مدربة التنمية البشرية واستشارى تدريب وخبيرة العلاقات الأسرية فتوضح: أنه على الرغم من أن الاحصائيات التى تحدد أعداد الأطفال الذين يتعرضون للتحرش غير متاحة بدقة فى مجتمعاتنا فإن اكتشاف جريمة تهز الرأى العام كل فترة تفتح هذا الملف، وهنا يجب على كل الجهات المسئولة والمحيطة بالأطفال نشر الوعى الثقافى الكافى حتى لا يقعوا فريسة للمتحرش، بالاضافة الى أن إهمال الوالدين لأهمية الحوار مع طفلهماوما يجب عليه فعله حال تعرضه لأى تصرف غير طبيعى من الأسباب التى تجعل الطفل فريسة للمتحرش دون أن يبدى أى رفض أو يقوى على المصارحة بما تعرض له.
و اذا تحدثنا عن دور الأسرة فالأم هى الأكثر التصاقاً واحتكاكاً بأطفالها، ولذلك لابد أن تتعلم كيف توجه لهم النصيحة حتى تقيهم شر الوقوع فريسة لأى خطر، عليها أن تمدهم بالمعلومات بأسلوب سهل وبسيط دون ترهيب، فالطفل يستوعب النصح من مرحلة رياض الأطفال أى 3 سنوات، وهذه بعض النصائح البسيطة فى معناها والثمينة فى محتواها:
التنبيه عليهم بعدم خلع ملابسهم أو الاستحمام أمام الآخرين، وعدم السماح لأحد بلمس أجسامهم، وترك مسافة بينهم وبين الآخرين عند التحدث وعدم الجلوس على أرجل أحد، ومنع مشاهدة الأفلام والبرامج التى تدعو الى الانحراف الأخلاقى، وحث الأم أطفالها علىعدم السماح لأحد بأن يسيطر على عقولهم بمقولة «دا سر بينى وبينك»، وعدم صعود المصعد مع الغرباء او دخول شقق الجيران بمفردهم، والحفاظ على ارتداء الملابس الداخلية ويفضل لبس البنطلون وربطه بالحزام جيداً لعدم تعرضهم للخطر، وحثهم دوماً على الاحتشام، وعلى الأم أن تشرح لأبنائها دائماً أنه لا يحق لأحد أن يرى أجسامهم سوى الأب والأم ولسبب معين فقط وكذلك الطبيب، وغرس معنى الضمير والخوف من الله فى نفوسهم ومراعاة ذلك فى جميع تصرفاتهم، ويجب تحذير الأطفال حين يتعرض لهم أحد بمحاولة تحرش بالصراخ وتوجيه ضربات له فى وجهه أو لكمات بالقدم ومغادرة المكان فورا وتبليغ الأم بما حدث.
وعلى الأم التعامل بحكمة ولا تقوم بتعنيف الطفل وتوبيخه، فهو ضحية لشخص تجرد من مشاعر الانسانية وانتهك براءة طفل صغير لا يعى شيئاً، وألا تتهاون فى المطالبة بحق طفلها حتى ينال ذلك الشخص عقابه ويستطيع الطفل أن يشعر بالطمأنينة ويسترد ثقته فى نفسه وفيمن حوله.
تختتم شيماء بالحديث عن دور المدرسة والإعلام المكمل لدور الأسرة قائلة: على المدرسة عمل ندوات علمية متخصصة للطلبة وللأمهات للتوعية، والتنبيه على المدرسين والمتعاملين مع الأطفال بوضع حدود بينهم وأيضا حدود بين الأولاد والبنات داخل الفصل، وأخيراً تفعيل دور الاخصائى الاجتماعى والنفسى لتفادى كثير من المشكلات السلوكية والأخلاقية التى قد يتعرض لها الطفل. أما الإعلام فهو من أكثر الوسائل التى يتأثر بها الطفل ولذا من الضرورى نشر بعض المواد المرئية التى تحث على الحفاظ على النفس وكيفية التعامل وقت الخطر.
رابط دائم: