اخذت روسيا على عاتقها مواجهة ظاهرة الارهاب التى تفشت فى منطقة الشرق الاوسط، بعد ثورات الربيع العربي، فقامت بتنفيذ ضربات جوية ضد التنظيمات الارهابية المتواجدة فى الاراضى السورية، وحققت تقدما كبيرا على الارض وحقق الجيش العربى السورى انتصارات عديدة، ولكن من المعروف ليس التعامل العسكرى لا يستطيع وحده ان يقضى على الارهاب فيجب محاربة ذلك الفكر، عن طريق تصحيح المفاهيم التى يعتنقها اصحاب العقول المريضة، وايضا مواجهة الآلة الاعلامية للتنظيمات الارهابية التى بدأت تبث سمومها من خلال مواقع التواصل الاجتماعى والقنوات الفضائية الممولة والتى تحض على الفكر الارهابى .
وقد اطلقت روسيا مبادرة (روسيا والعالم الاسلامي) التى تسعى من خلالها إلى تقريب وجهات النظر ونشر الفكر الاسلامى الوسطى الذى ينبذ التطرف والارهاب، وانبثق من المبادرة منتدى ( اعلاميو الدول الاسلامية ضد التطرف والارهاب)، والذى عقد اجتماعه الثانى بالعاصمة الروسية موسكو الاسبوع الماضي، بحضور 70 اعلاميا ومفكرا من معظم دول العالم بجانب الصحفيين الروس، وكانت صحيفة الاهرام باعتبارها اعرق الصحف العربية والعالمية حاضرة فى المنتدى للمرة الثانية لطرح وجهة النظر الصحفية لمواجهة الفكر الارهابى وتصحيح المفاهيم، كما شهدت الاجتماعات حضورا مكثفا لقيادات حكومية روسية ومفكرين لعرض الرؤية الروسية لمكافحة الارهاب.
فى بداية المنتدى تحدث ميخائيل بوجدانوف المبعوث الشخصى للرئيس الروسى فى منطقة الشرق الاوسط مؤكدا ان الاوضاع فى الشرق الاوسط سيئة ولم تتغير، فلا يزال تنظيم داعش ينشط، وايضا الجماعات المتطرفة الاخرى، حتى انها تمددت الى خارج الشرق الاوسط وبخاصة الى الدول الاوروبية كما فى فرنسا وبلجيكا. وأشار إلى أن بلاده تطالب بانشاء جبهة دولية موسعة لمواجهة الارهاب تحت مظلة الأمم المتحدة .
واضاف ان العملية العسكرية الروسية فى سوريا حققت اهدافها بالكامل واستطاعت ان تجمع العديد من القوى وان تدعم الجيش السورى على الارض لمواجهة التنظيمات الارهابية المختلفة، مشيرا الى ان روسيا تبذل جهودها لمحاربة الارهاب بكافة الصور الممكنة وبخاصة فى مجال الاعلام ، حيث ان داعش تستخدم وسائل الاعلام والانترنت للتلاعب بالرأى العام والفكر للشباب الذى يقع فريسة لذلك، لذا فروسيا تدعو جميع الصحفيين لمواجهة ومحاربة الانشطة الاعلامية الداعشية.
ومن جهته أوضح السفير بنيامين بوبوف, امين عام المنتدى, ان الفضاء المعلوماتى الذى تشكل مع نهاية القرن العشرين قدم العديد من الفوائد للبشرية،مما أدى إلى ظهور منظمات اجرامية اصبحت مواردها وقدراتها الايدولوجية والمالية والعسكرية قابلة للمقارنة مع الهياكل والنظم الحكومية، واستطاعت تلك المنظمات على التنظيم المتواصل لتعبئة مؤيديها الجدد فى جميع انحاء العالم لتدمير اسس الحضارة الانسانية، وقد تضرر من ذلك الفكر الملايين من الابرياء، واذا لم نتنبه لحجم المخاطر ولم يتخذ المجتمع الدولى اجراءات عاجلة وهادفة عبرمواجهة حازمة لهذه الظاهرة يمكن ان تصل هذه المخاطر الى كل بيت فى العالم.
وأشار بونوف إلى ان روسيا تحث من يتفقون مع سياساتها للوقوف معها لمطالبة المنظمات الدولية، وبخاصة الامم المتحدة بإتخاذ خطوات فعالة لتحسين المفاهيم وتصحيحها عبر فضاء المعلومات العالمي، وذلك عن طريق اغلاق القنوات التى تبث وتنشر الفكر الارهابي، ومنع موارد الانترنت ووسائل الاعلام من هذا النوع للقضاء عليها .
واضاف انه يجب الاعتراف بأن هناك شبكات للتواصل الاجتماعى وقنوات تليفزيونية واذاعية تبث على الهواء مباشرة سياسات وافكار قادة المنظمات المتطرفة والارهابية والجماعات المعادية للاديان المختلفة ، وينبغى ان نعترف بان ما تقوم به تلك لوسائل هى أعمال اجرامية تخضع للملاحقة الجنائية للمحاكم الوطنية والدولية .
وبعد ذلك تحدث مندوب مؤسسة الاهرام عن ان ما يشوب العمل الدولى لمواجهة الفكر الداعشى والجماعات التى ظهرت مؤخرا هو فكر قاصر، حيث يجب النظر الى أول من اسس للفكر الارهابى فى المنطقة، ومن اين استقت تلك الجماعات الارهابية على مر التاريخ افكارها الشاذة المضللة.
ان مصر اول دولة عربية ذاقت مرارة الارهاب ولا تزال بسبب جماعة الاخوان المسلمين، واستطاع الشعب المصرى العظيم ان يزيحهم من سدة الحكم قبل ان ينفذوا مخططهم لتمزيق الوطن العربى ودعم الجماعات الارهابية الاخرى فى دول عديدة.
لقد استطاعت تلك الجماعة ابان حكمها لمصر ان تدخل الاف الارهابيين من مختلف دول العالم الى ارض سيناء ليشكلوا جماعات ارهابية مسلحة، والان يخوض الجيش المصرى حربا ضروسا مع تلك الجماعات على ارض سيناء الطاهرة، كما ان انصار تلك الجماعة ينفذون عمليات ارهابية داخل الاراضى المصرية يسقط يوميا من خلالها شهداء ابرار ممن جنود الشرطة وايضا رجال قضاء وصلت الى اغتيال النائب العام المصري.
لقد استطاعت جماعة الاخوان المسلمين الممولة من الخارج ان تنفذ الى الاعلام بشكل كبير ، فبجانب كتائبها الالكترونية التى تبث آلاف التغريدات الكاذبة على مواقع التواصل الاجتماعى ، فايضا لدى اعضائها قنوات تلفزيونية تبث من الاراضى التركية وبتمويل من دولة قطر وهذه القنوات تحرض علنيا على القتل والارهاب, ليس فى مصر فقط ولكن فى دول عربية اخرى، وللاسف الشديد لا نجد اى تحرك لايقاف تلك القنوات الارهابية، بل هناك من يدافع عنها.
لقد حرصت مصر ان تعلن ان جماعة الاخوان المسلمين منظمة ارهابية بعد افعالها الارهابية، الا اننا نجد العديد من الدول لا ترغب فى وضعها على قوائم المنظمات الارهابية بل انه يتم استقبال اعضائها فى العديد من الدول من خلال مسئولين مثل الولايات المتحدة الامريكية و بريطانيا، بالاضافة الى تركيا وقطر، واذا اردنا حلا للفكر الارهابى فيجب الا يكون هناك ازدواجية فى المعايير، فاذا كانت داعش تقتل فالاخوان يقتلون، واذا كانت داعش تسعى الى نقل فكرها اعلاميا فالاخوان سبقوها الى ذلك منذ فترة، فيجب على جميع دول العالم ان تعترف بان الاخوان منظمة ارهابية، كما داعش والقاعدة، وغيرها من التنظيمات، كما يجب على الاعلام فضح الممولين للجماعات الارهابية ومن يقف خلفهم، وهذا ما تعلنه مصر دائما وابدا .
لقد حذرت مصر دائما وابدا من ان الدول التى تساندالارهاب سيأتى اليوم لتكوى بنارها وهو ما حدث بالفعل فى دول اوروبية مؤخرا، فيجب على جميع دول العالم التى تحتضن عناصر ارهابية ان تسلمهم الى بلادهم فورا او تقديمهم للمحاكمة، ويجب على الاعلام ان يقوم بدورة فى هذا المجال .
ومن جهته اكد ايجور ماروزف عضو لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب الروسى أن روسيا تعلم جيدا ما هو الارهاب لذا كانت هناك تحركات امنية مكثفة وقد تم القاء القبض على اعداد كبيرة من تنظيم داعش داخل الاراضى الروسية، كما ان روسيا على استعداد لمعاونة اوروبا فى مواجهة الارهاب الذى يضربها الان.
وعلى الجانب الاخر اكد الدكتور محمد المشارى أمين عام المنظمة الاسلامية الاوروبية ان هناك اشكالية كبيرة امام دول الاتحاد الاوروبى مع عودة اعضاء التنظيمات الارهابية الى اوروبا مرة اخرى وكيفية التعامل معهم ومحاصرتهم حتى لا ينقلوا افكارهم الارهابية الى الشباب او تنفيذ عمليات ارهابية مؤكدا ان هناك اكثر من 1300 داعشى عادوا مرة اخرى الى فرنسا.
واوضح المشارى ان تنظيم داعش منظم اعلاميا بشكل لم يسبق له مثيل فهو يمتلك جيشا الكترونيا يبث من خلاله 100 الف تغريدة يوميا على جميع مواقع التواصل الاجتماعى و46 الف معلومة، و26 الف مقطع مصور على اليوتيوب، لذا فان مواجهة هذا الجيش يجب ان تكون بنفس الاسلوب وان تتدخل المنظمات الدولية لوقف بث تلك المواقع فورا والعمل على مواجهة تلك الافكار.
50 الف دولار جائزة جديدة للعمل الصحفى
ينظم منتدى ( اعلاميوالدول الاسلامية ضد التطرف والارهاب) مسابقة صحفية عالمية عن الموضوعات التى تتصل بالارهاب وكيفية مواجهته على مستوى العالم وتم تخصيص مبلغ 50 الف دولار للفائز الاول و25 الف دولار للثاني، وسيتم الاعلان عن شروط المشاركة قريبا.
رابط دائم: