تسبب أعفاء الراشى والوسيط فى قضية الرشوة الكبرى بوزارة الزراعة ، فى جدل غاضب بين أوساط الرأى العام، وذلك لاعفاء متهم شريك فى الجريمة من العقاب، مما دعا المحكمة لمطالبة المشرع بتعديل المادة – 107- التى تنص على ذلك حتى لاتكون بابا خلفيا لإفساد الموظفين ، وتشجيع الراشين على التمادى فى جرائمهم ، ومتى سقطوا ضحوا بالمرتشى فى سبيل حصولهم على الاعفاء من العقاب بالقانون، فهى رخصة للفساد ، بينما يعتبرها آخرون مهمة لكشف جرائم المفسدين.
لا شك ان الحكم الذى صدر باعفاء الراشى والوسيط من العقاب، فى القضيه التى ادين فيها وزير الزراعه الاسبق ومدير مكتبه بجريمة الرشوه، استنادا الى نص المادة - ١٠٧- مكررمن قانون العقوبات، والتى تقضى "بأن يعاقب الراشى والوسيط بالعقوبة المقررة للمرتشي" هكذا تحدث المستشار رفعت السيد رئيس محكمة استئناف القاهرة الاسبق، قائلا ومع ذلك يعفى الراشى والوسيط من العقوبه اذا اخبر السلطات بالجريمه او اعترف بها " مما اثار جدلا واسعا بين رجال القانون والمواطنين على حد سواء، خاصة بعد أن تزيد القاضى الذى أصدر الحكم وناشد المشرع الجنائى أن يعيد النظر فى هذه المادة، بينما اتجه البعض الاخر الى ضرورة الابقاء عليها بحالتها دون ادنى تغيير فى مضمونها.
مكافأة الراشى والوسيط
وذلك لأن علة الاعفاء من العقاب أن جريمة الرشوه جريمة تتصف بالسريه ويحاط ارتكابها بالكتمان ويجتهد مرتكبوها فى إخفاء أمرها ويندر أن تترك آثارا تدل عليها ومن ثم كان جهد السلطات العامه فى تحقيقها وتعقب مرتكبيها ومحاكمتهم واقامة الدليل عليهم امرا عسيرا، ولذلك فان الراشى او الوسيط يؤدى خدمة للمصلحة العامه بالكشف عن جريمة الرشوه بعد وقوعها والتعريف عن الموظف الذى ارتكبها وتسهيل اثبات الجريمة عليه يستحق ان يكافأ عليها بالاعفاء من العقاب، ويتعين أن يتوافر فى الاعتراف أن يكون صادقا، ومطابقا للحقيقة والواقع ومفصلا يدل على نية المعترف فى مساعدة العداله، ويظل حق الاعتراف والتمتع بالاعفاء قائما حتى اقفال باب المرافعة امام محكمة الموضوع، فلا يجوز ابداؤه او التمسك به لاول مرة امام محكمة النقض، وعلى هدى ما سلف يتضح ان المشرع الجنائى عندما منح الراشى او الوسيط الاعفاء من العقوبة، فى حالة الاعتراف بدور كل منهما فى جريمة الرشوه التى وقعت فعلا، كان يحقق مصلحة عامه هى الكشف عن الموظف الخائن للامانة والثقة التى اودعت فيه، ومن ثم فان الغاء هذا الاعفاء او تقييده سوف يؤدى بالقطع الى افلات العديد من الموظفين الفاسديين من العقاب، وهو ما يضر بالمصلحة العامه كما وان المشرع الجنائى لم يقصر الاعفاء من العقاب على جريمة الرشوه وحدها، بل ان هذا النهج اتبعه ايضا فى جرائم احراز وحيازة المواد المخدرة الصادر بها القانون رقم- ١٨٢/١٩٦٠-
كما اعفى المشرع ايضا الجانى فى جرائم الارهاب الواردة فى الباب الثانى من قانون العقوبات بشان الجنايات والجنح المضره بالحكومة من جهة الداخل والمضافه بالقانون رقم ٩٧/١٩٩٢ اذ نصت المادة ٨٨ مكرر على ان " يعفى من العقوبات المقررة للجرائم المشار اليها فى هذا القسم كل من بادر من الجناة بابلاغ السلطات الادارية او القضائية قبل البدء فى تنفيذ الجريمة وقبل البدء فى التحقيق، ويجوز للمحكمة الاعفاء من العقوبة اذا حصل البلاغ بعد تمام الجريمة وقبل البدء فى التحقيق ، ويجوز له ذلك اذا مكن الجانى فى التحقيق السلطات من القبض على مرتكبى الجريمة الآخريين او على مرتكبى جريمة اخرى مماثلة لها فى النوع والخطورة " والحكمة من هذا الاعفاء هو تشجيع مرتكبى الجريمه على التراجع عن غيهم وابلاغ أمرها الى السلطات العامه رغبة فى التوصل الى معاقبة فاعليها ومكافحة لهذا النوع من الجرائم لأن فى ذلك مصلحة محققة للدوله ولأن تبليغ المتهم يدل على توبته.
رابط دائم: