رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

مصر وألمانيا فى مواجهة مشكلة اللاجئين

برلين ــ مازن حسان
تسبب وزير الداخلية الألمانى توماس دى ميزيير في إشتعال النقاش مجددا فى ألمانيا حول سياسة إدماج مئات الألاف من اللاجئين الذين دخلوا بالفعل البلاد.

فقد أراد الوزير طمأنة الرأى العام الألمانى بأن إغلاق طريق الهجرة غير الشرعية عبر دول غرب البلقان، بالإضافة إلى بدء تطبيق إتفاق الإتحاد الأوروبى مع تركيا بشأن الحد من تدفق المهاجرين أدى إلى تراجع ملحوظ فى تيار اللجوء، حيث يتم تسجيل أقل من 200 لاجئ جديد يوميا فقط على الحدود الألمانية النمساوية فى الوقت الحالى. ولكن ذلك التراجع صاحبته زيادة في أعداد طلبات اللجوء المقدمة فى ألمانيا ومعظمها من لاجئين سوريين وعراقيين وأفغان دخلوا البلاد العام الماضى، حيث تجاوزت ال180 الف طلب منذ بداية العام الحالي. ونظرا لقبول طلبات السوريين تحديدا وهم يمثلون الغالبية العظمى من اللاجئين فقد إشتعل النقاش حول ضرورة إصدار قانون للإندماج، يضع قواعد صارمة تجبر اللاجئين على تعلم اللغة والتعرف على الثقافة الألمانية والالتزام بقوانين البلاد والإجتهاد في البحث عن عمل دون الحياة عالة على المساعدات الألمانية. فإذا لم يفعل اللاجئ ذلك لم يحصل على إقامة مفتوحة كما كان الوضع من قبل بل ويمكن ترحيله إلى بلاده إذا تحسنت الأوضاع فيها.



غير أن وزير الداخلية الألمانى سرعان ما حذر فى تصريحات صحفية من الإستغراق فى هذا النقاش رغم أهميته لتجنب تكون مجتمعات موازية للاجئين العرب فى ألمانيا كما حدث فى العقود الماضية مع اللاجئين الفلسطينيين واللبنانيين والأتراك. وقال اننا لابد أن نعمل على المسارين معا، مسار إدماج اللاجئين الذين وصلوا إلينا بشكل سليم فى مجتمعنا، ومسار منع تدفق لاجئين جدد على ألمانيا وأوروبا. وأوضح أن إنحسار أعداد اللاجئين بشكل دائم مرتبط بشرط عدم قيام عصابات التهريب بتنشيط طرق الهجرة غير الشرعية والتهريب البديلة بالقوارب عبر البحر المتوسط من جديد، والتى كانت حتى صيف العام الماضى الطريق الرئيسى للاجئين السوريين والعراقيين والأفغان والأفارقة إلى إيطاليا وأوروبا عبر السواحل المصرية والليبية. واشار إلى تصريحات منظمة الهجرة الدولية حول وجود قرابة المائتى ألف لاجئ من أفريقيا وسوريا وغيرها من الدول ينتظرون فى ليبيا الفرصة للعبور إلى اوروبا.

وكانت المفاجأة التى فجرها الوزير دى ميزيير فى هذا السياق قوله صراحة إنه فى حال نشطت هذه الطرق من جديد سنبحث عن حلول مماثلة للاتفاق مع تركيا، مشيرا إلى إمكانية إبرام مفاوضات مع دول شمال إفريقيا لإنشاء مراكز استقبال لللاجئين الذين سيتم إعادتهم من إيطاليا فيها مقابل حصول هذه الدول على دعم مادى ومساعدات لإيواء اللاجئين بشكل إنسانى حتى يتم البت فى طلبات لجوئهم والسماح للبعض منهم بالهجرة إلى أوروبا بشكل شرعي.

تصريحات وزير الداخلية اثارت تساؤلات عديدة هنا فى الإعلام الألمانى حول طبيعة مثل هذا الإتفاق الذى يمكن إبرامه مع مصر وما إذا كان قابلا للتنفيذ بالنظر إلى الصعوبات الإقتصادية التى تواجهها مصر والتحفظات الأوروبية على اوضاع حقوق الإنسان والحريات والتى انعكست مؤخرا فى التوتر المصرى الإيطالى بشأن مقتل الباحث ريجينى! غير ان تصريحات العديد من المسئولين الألمان وما قاموا به من خطوات تؤكد انتهاجهم سياسة واقعية تضع المصالح الألمانية والأوروبية فى المقدمة بعيدا عن شعارات القيم الألمانية والأوروبية، وهو ما يظهر حاليا فى تحمل حكومة ميركل لإنتقادات داخلية قاسية بسبب الإتفاق الأوروبى مع تركيا للحد من اللاجئين رغم سياسات الحكومة التركية المقيدة للحريات ورغم ذلك فإن المستشارة وحكومتها تمضى قدما فى تنفيذ الإتفاق الذى تعتبره حجر الزاوية فى وقف طوفان اللاجئين السوريين لبلادها. وفى ظل انتقادات مماثلة على الساحة الداخلية فى ألمانيا ابرم وزير الداخلية دى ميزيير الشهر الماضى اتفاقا مع تونس والجزائر والمغرب لتسهيل ترحيل مواطنى هذه الدول وتذليل أى عقبات قانونية وبيروقراطية أمام عودتهم لبلادهم مقابل دعم ألمانى ومساعدات تنموية. ومؤخرا رد الوزير الألمانى على بعض منتقديه بسبب التعاون الألمانى المصرى الجديد لوقف عمليات تهريب اللاجئين، موضحا للصحفيين ان أى سياسة أمنية قائمة على القيم والأخلاق فقط ستفشل فى عالم لابد من التعاون فيه مع شركائنا لمواجهة أزماته، وهذا يتطلب منا تحقيق التوازن المطلوب بين مراعاة مصالح هؤلاء الشركاء ومصالحنا وقيمنا .

وخلال زيارته التى قام بها وزير الداخلية الألمانى لمصر منذا ايام وبعدها اكد بوضوح أن الهدف منها هو قطع الطريق امام عصابات التهريب والحيلولة دون تنشيط طريق الهجرة غيرالشرعية عبرالمتوسط من جديد انطلاقا من سواحل مصر وليبيا، وهو ما يسبب قلقا كبيرا لألمانيا، لذا فإنها تدعم إستقرار مصر أمنيا ومحاربتها للإرهاب وللهجرة غير الشرعية. وكشف الوزير فى القاهرة عن توقيع إتفاقية مع مصر تضع – على حد قوله- التعاون الأمنى مع مصر لمحاربة الجريمة المنظمة والإرهاب وعصابات التهريب على اساس متين. كما ذكر موقع السياسة الخارجية الألمانية ان ضابط إتصال ألمانيا بدأ عمله فى السفارة الألمانية بالقاهرة إعتبارا من اول ابريل لتنسيق هذا التعاون الأمني.

ومن الواضح أن الحكومة الألمانية تعول على مصر فى المرحلة المقبلة ليس فقط لوقف نشاط تهريب اللاجئين من اراضيها وعبر ليبيا، وأنما أيضا على دعم مصر للحكومة الليبية الجديدة برئاسة فايز السراج، لكى تصبح قادرة على الإمساك بزمام الأمور وإبرام الإتفاق مع الإتحاد الأوروبى بشأن محاربة عمليات تهريب اللاجئين ، وهو ما اشارت إليه المستشارة انجيلا ميركل قبل ايام فى معرض حديثها عن اتفاق مماثل لإتفاق تركيا مع ليبيا ايضا. حيث أعلنت أن ألمانيا وأوروبا ستراجع سياسة الجوار الأوروبية مع مصر وشمال إفريقيا بشكل جذرى لتسهم فى دعم هذه لدول وإستقرارها، وهى تمثل القشرة الخارجية للإتحاد الأوروبى. ثم جاءت تصريحات فولكر كاودر زعيم الأغلبية البرلمانية فى الإتحاد المسيحى الديموقراطى فى ألمانيا خلال زيارته قبل ايام لمصر لتؤكد هذا التوجه الألمانى. حيث عبر عن إمتنان ألمانيا لمصر لجهودها من أجل تحسين الأوضاع فى ليبيا، وقال إن الرئيس السيسى أبدى استعداده لدعم الجيش الليبى خلال اللقاء الذى جمع بينهما فى القاهرة. وأكد كاودر أن لبلاده مصلحة أساسية فى استقرار مصر وشمال افريقيا.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق