أثناء حضورى إحدى الندوات، رأيته يجلس بمفرده، اقتربت منه، ودار بيننا حديث، وجدته يتعامل معى كأنه «مبصر» رغم أنه كفيف، فقد بصره فى عامه الثانى بعد إصابته بالحمى، لكنه واصل مشوار حياته، فحصل على ليسانس الآداب قسم الإعلام من جامعة حلوان، وتم اعتماده مقدم برامج باللاذعة المصرية .. أنه ناجى غريب الذى يتمنى أن يديم الله عليه نعمة فقدان البصر لان الرضا الذى بداخله لا يستطيع أحد أن يدركه، ولا يستطيع هو ذاته التعبير عنه، ولكن استطعنا رصد بعض فصول حياته فى هذه السطور.
الفصل الأول فى حكايتة كما يرويها قائلا: عينى رأت النور عامين فقط، حيث إننى ولدت طفلا طبيعياً، لكن بعد سنتين من مولدى فقدت بصرى بسبب اصابتى بالحمى الشديدة، ونتيجة قلة الوعى، ومن هنا بدأت اسرتى التفكير فى الطريقة التى سوف تتعامل بها معى، لكنهم قرروا فى النهاية أن يتعاملوا معى بشكل طبيعى، وبالفعل حدث ذلك، ولم أشعر يوما أنهم يعاملونى ككفيف، لكن المشكلة الأساسية بدأت تظهر عند دخولى المدرسة، خاصة وأن أسرتى وقتها لم تكن تعرف ماذا ستفعل معى، وهل هناك مدرسة تقبل حالة مثلى؟، ولكن زوج عمتى كان يعمل فى أحد المصانع، وكان معه فى العمل شاب كفيف وحاصل على شهادة جامعية، فسأله كيف حصل على هذه الشهادة، فقال له أن هناك مدرسة تقبل المكفوفين، وبالفعل قدم لى والدى فى مدرسة طه حسين للمكفوفين، وكانت مدرسة داخلية، وبدأت حياتى تتغير، وكانت المدرسة هى النواة الأولى التى شكلت وجدانى وأثرت فى تكوين شخصيتى، وفيها تعلمت كيف أعتمد على نفسى، وكيف احضر ملابسى وامشط شعرى، وبدأت اندمج فى المدرسة، ورغم أن المدرسة كانت توفر لى الكتب على طريقة برايل، إلا أننى لم استذكر دروسى طوال عمرى من الكتب، وكنت اعتمد على حاسة السمع لما يقوله المدرسين فى المواد المختلفة، وتخطيت فترة الدراسة على هذا الحال حتى حصلت على الثانوية العامة بمجموع 80% ، وكانت فرحتى أسرتى كبيرة.
الفصل الثانى من الحكاية هى مرحلة الجامعة حيث قال: بعد حصولى على الثانوية العامة بدأت أفكر فى الكلية التى سوف التحق بها، وعرفت أن هناك قسما للإعلام فى كلية الآداب جامعة حلوان، فالتحقت به، وكانت هذه المرحلة فى البداية جديدة بالنسبة لى، لأن زملائى فى المدرسة كانوا مثلى يعانون فقدان البصر، لكن رفقاء الجامعة مختلفون، وبدأت أدرس المحيطين حولى من زملائى فى الكلية، وبعد فترة بدأ يتقرب منى بعضهم عارضين على المساعدة مثل توفير المحاضرات أو عمل أى شىء أريده، واندمجت معهم، وصارت لى صداقات من الجامعة وهى مستمرة حتى الآن، ومنذ أول يوم دخلت فيه الجامعة كان حلم حياتى أن أكون مذيعاً، وبالفعل اجتهدت فى المذاكرة وبدأت التدريب فى الصحف المختلفة، حتى حصلت على ليسانس الآداب بتقدير جيد.
صعوبات الانضمام للإذاعة
تبدأ أحداث الفصل الثالث والأخير من حياة كما يقول بمحاولات انضمامه لأسرة الإذاعة: بعد تخرجى فى الجامعة عملت مع والدى فى التجارة، وبدأت أتعرف على مدرسة الحياة والاحتكاك بمشاكلها، فكنت اجلس مع والدى أثناء قيامه بحل مشاكل بين التجار وبعضهم، لكن ظل حلم حياتى يراودنى باستمرار وهو أن أكون مذيعا، وبالفعل تقدمت لاختبارات الإذاعة عام 2006، لكن رئيس الإذاعة وقتها رفضت انضمامى وقالت لى « مش هخدك لانك كفيف» وشعرت بالضيق من كلامها، وقررت أن ادخل فى تحد مع نفسى وان أحقق حلمى، وبالفعل عرضت مشكلتى على الصحفى مصطفى بكرى الذى تحدث مع وزير الإعلام وقتها أنس الفقى الذى وافق على دخولى الإذاعة فى وظيفة أخصائى متابعة برامج فى شبكة الإذاعات الموجهة، وهذه الوظيفة لم تحقق طموحى، لكن اعتبرتها بداية، وفى عام 2012 دخلت اختبارات المذيعين وكانت اللجنة مكونة من هالة الحديدى ومحمود سلطان ونجوان قدرى وأشادوا بى وبقدراتي، وكانت سعادتى كبيرة بهذه النتيجة. وبعد اعتمادى كمذيع فى الإذاعة قدمت أكثر من برنامج مثل ارض الفيروز والسياحة فى مصر وقدمت هذه البرامج على شبكة الإذاعات الموجهة، وفى عام 2013 انتقلت إلى إذاعة صوت العرب وقدمت عددا من البرامج مثل رمضان فرصة ورمضان ينير مع سفير، وسجلت فيه مع عدد من الدبلوماسيين العرب والأجانب فى مصر، كان هذا البرنامج يذاع فى شهر رمضان، كما قدمت برنامج العزيمة لذوى الإعاقة، وحاليا أقدم برنامج أسرتى بالتعاون مع الزملاء منال ماجد وسامح نجم الدين.
فقدان البصر نعمة
يتابع ناجى حديثه قائلا: رغم أننى حققت حلمى أن أكون مذيعا إلا أن طموحى بلا حدود، كما أننى لا أسعى إلى الشهرة، لكن اسعى أن أكون مفيدا للناس من خلال عملى فى الاذاعة، وأتمنى أن ينعم الله على بحب الناس، وأن يدوم الله على نعمة فقدان البصر لان الرضا الذى بداخلى لا يستطيع أحد أن يدركه، ولا يستطيع لسانى التعبير عنه.
رابط دائم: