مخيم عين الحلوة الفلسطينى جنوب صيدا -معقل السنة وآل الحريرى والسنيورة فى جنوب لبنان عاد وبقوة إلى دائرة الضوء والخوف من الانفجار، بعد مقتل شابين فلسطينيين على خلفيات سياسية بداية أبريل الجاري، حيث اهتز الوضع الأمنى وتحول المخيم إلى ساحة حرب حقيقية، استخدمت فيها الأسلحة الرشاشة والقذائف الصاروخية
ترافقت مع حركة نزوح لعشرات العائلات،وجاءت هذه الاشتباكات بعد عمليات القتل والاغتيالات التى شهدها المخيم بين حركة فتح وتجمع الشباب المسلم،خاصة أن عين الحلوة هو القنبلة الموقوتة ضد الوضع الفلسطينى فى لبنان حيث إنه يضم أكثر التنظيمات الفلسطينية المتشددة مثل فتح الإسلام والجهاد والشباب المسلم وغيره من التنظيمات التى تعد بيئة حاضنة لداعش والنصرة فى لبنان ،كما أن هناك إنقساما بين فتح
وحماس داخل المخيم.
يشغل المخيم مساحة كيلو متر مربع واحد ويسكنه حوالى 70ألف فلسطينى ينتمون لكل الفصائل الفلسطينية ،كما أن عين الحلوة من أكبر المخيمات الفلسطينية فى لبنان الذى يضم 12مخيما للفلسطينيين بها حوالى 450ألف فلسطيني، ويحاط عين الحلوة بأسوار وبوابات تحت سيطرة الجيش والقوى الأمنية اللبنانية بحيث لايخرج منه ولايدخله أحد إلا بمعرفة وتصريح الجيش اللبناني.
وبالرغم من أن المخيمات الفلسطينية فى لبنان تحتفظ بسلاحها بعد خروج منظمة التحرير الفلسطينية إلى تونس خلال الاجتياح الإسرائيلى للبنان عام 1982 ومجزرة صابرا وشاتيلا، إلا أن الوضع الأمنى داخل المخيمات يكاد يكون تحت السيطرة بعد التنسيق الأمنى بين الدولة اللبنانية والقوى الفلسطينية فى المخيمات سواء حركة فتح أو منظمة حماس، ولكن ذلك لايعنى القدرة الكاملة على السيطرة الأمنية داخل المخيم، الذى قد تندلع شرارة الانفجار فيه بين عشية وضحاها،خاصة وسط الظروف المعيشية المتدنية للفلسطينيين داخل لبنان، بالإضافة إلى تقليص المساعدات المعيشية والصحية التى تقدمها للاجئين الفلسطينيين، منظمة غوث اللاجئين الفلسطينيين التابعة للأمم المتحدة «الأونروا»، مما زاد الضغوط على سكان المخيمات، ويدفع باتجاه التأزيم والانفجار.
الجانب اللبنانى أبلغ القيادات الفلسطينية بضرورة احتواء التوتر وترتيب البيت الداخلى الفلسطينى لمنع انفلات الوضع على نطاق واسع فى المخيم.
أمين سر «حركة فتح» فى لبنان فتحى أبو العردات، قال إن مخيم عين الحلوة فى دائرة الاستهداف منذ خمس سنوات نتيجة النيران المشتعلة فى المنطقة، وهناك محاولات لجر المخيم إلى التوتير والفتنة عبر استخدام بعض الأفراد والمجموعات الموجودة فيه، مشيراً الى أنه بالرغم من كل هذه المحاولات المشبوهة استطعنا انقاذ عين الحلوة ولكن ما زلنا فى دائرة الخطر والقلق لايزال قائماً من استمرار محاولات خلق الفتنة،خاصة أن ظاهرة التطرف موجودة فى المخيم ولكنها محصورة ومحدودة، وقيادة الفصائل الفلسطينية الوطنية والإسلامية متفقة على رفع الغطاء عن أى شخص أو جهة تحاول أخذ المخيم الى مربع الفتنة وخصوصاً أن أمن المخيم من أمن صيدا ولبنان.
قائد القوة الفلسطينية المشتركة اللواء منير المقدح أبلغ قيادة الفصائل الفلسطينية نيته بالاستقالة من موقعه ما لم يتم التعامل بمسئولية مع ما يجرى فى المخيم من جريمة بحق اللاجئين الفلسطينيين وقضيتهم، ورفع الغطاء عن المسلحين المنتشرين فى الشوارع.
النائبة بهية الحريرى تابعت تطورات الوضع الأمنى فى مخيم عين الحلوة، فأجرت اتصالات هاتفية بقيادات فلسطينية وبعدد من المسئولين الأمنيين.
وقالت الحريرى إنه فى الوقت الذى كان فيه الشعب الفلسطينى يستعيد بكثير من الاعتزاز والفخر محطة مضيئة من محطات مسيرة نضالاته الطويلة دفاعا عن حقه فى أرضه ومقدساته بوجه اسرائيل فى ذكرى يوم الأرض وفى الوقت الذى كان اللاجئون الفلسطينيون فى لبنان يتوحدون فصائل وقوى وطنية وإسلامية ومواطنين خلف قضاياهم الوطنية طالعتنا الأحداث المؤسفة التى شهدها مخيم عين الحلوة وما رافقها من سقوط ضحايا وجرحى وترويع وتهجير وأضرار فى الأرزاق والممتلكات لتضيف إلى معاناة أبناء المخيم واللاجئين الفلسطينيين المزيد من المآسى والويلات التى ذاقوا مرارتها فى مراحل سابقة.
وأكدت الحريرى أن ما يجرى فى مخيم عين الحلوة يتناقض مع إرادة ابناء المخيم وإجماع قواه وفصائله على الحفاظ على أمنه واستقراره ووحدته، باعتبار أنهما قوة لقضيتهم.
وطالبت الحريرى بوقفة فلسطينية واحدة ضد الاقتتال بكل أشكاله فى عين الحلوة، وعدم الاحتكام للسلاح فى حل المشكلات التى تطرأ، لأن ما يجرى يحمل الجميع من جديد مسئولية مضاعفة وتكثيف الجهود للعمل من أجل تثبيت وقف إطلاق النار، وتحصينه بالحوار ومن خلال تعزيز الأطر الفلسطينية المشتركة السياسية والأمنية والأهلية.
كما ناشد مفتى صيدا وأقضيتها الشيخ سليم سوسان جميع القوى الفلسطينية لأى فصيل أو تنظيم داخل المخيم إلى أن يتوقفوا عن إطلاق النار رحمة بتراب فلسطين وبالقدس وبالأقصى وبالأطفال وبالنساء.
رئيس التيار الإصلاحى فى حركة فتح محمود عبدالحميد عيسى "اللينو" طالب القيادات الفلسطينية فى مخيم عين الحلوة باعتماد الحل الأمنى بالتعاطى مع المجموعات المتطرفة المشبوهة بدلا من "العلاج بالتراضى الذى أثبت أنّه غير فعال، وضرورة وجوب اتخاذ قرار حازم بمواجهة هذه المجموعات المعروفة الهوية والموقع.
الأحزاب اللبنانية والفلسطينية الوطنية والإسلامية عقدت الأحد الماضى لقاء موسعا فى مقر قيادة حركة أمل فى مدينة صورعقب الأحداث ،أكدوا فيه دعم الأمن والاستقرار الداخلى والحفاظ على السلم الأهلى ورفض الخطابات الطائفية والمذهبية ورفض كل أشكال الفتنة ،خاصة أن ما يجرى اليوم فى مخيم عين الحلوة هو مشروع لضرب الاستقرار الأمنى ،ومؤامرة على الشعب الفلسطيني، مؤكدين أن وكالة غوث اللاجئين «الأونروا» هى الجهة المسئولة عن اللاجئين الفلسطينين فى لبنان والنازحين الفلسطينين من سوريا ويجب عليها الاستمرار وتقديم الخدمات غير المنقوصة حتى عودة اللاجئين إلى ديارهم.
كما شدد المجتمعون على الوقوف الى جانب الجيش اللبنانى بمواجهة القوى الارهابية والحفاظ على السلم الأهلى والاستقرار الداخلى فى لبنان.
بعض الجهات الفلسطينية، قالت لصحيفة النهاراللبنانية إن غرباء دخلوا أخيراً إلى المخيم ووزعوا أموالاً على بعض المجموعات المتشددة، وأن الهدف من ذلك تفجير الوضع الأمنى داخل المخيم بما يخدم تنفيذ مشروع التهجير والتوطين، لأن الفلسطينى فى ظل وضع أمنى متفجر ومأزوم سيصل الى حد اليأس ويكفر بكل شيء، ويرضخ بالتالى لأى حل يفرض عليه،كما أن من بين الأهداف من تفجير الوضع اليوم هو إجهاض التحركات الشعبية العارمة ضد الأونروا وصرف الأنظار عن الإجراءات والتدابير التى اتخذتها والتى من المتوقع اتخاذها لاحقا، وأخطرها تنصل الأونروا، او الأحرى المجتمع الدولي، بخاصة الدول المانحة للأونروا من كل التزاماتها تجاه قضية اللاجئين، وتحميل هذه المسئولية للدولة المضيفة بما يسهم فى تسهيل عملية التوطين والتهجير.
وهكذا فإن مخيم عين الحلوة يظل قنبلة قابلة للانفجار فى أى لحظة وإذا خرج الانفلات من اسوار وبوابات المخيم فإنه سيطول مدينة صيدا معقل السنة وحاضنة الشتات الفلسطينى منذ نكبة 1948 .
وإذا لم تتأخذ القوى الفلسطينية بالرغم من انقسامها وتنوعها قرارا بإزالة أسباب التوتر فى المخيم فإنه سينفجر فى وجه الجميع فلسطينيين وسنة وشيعة مما يهدد الأمن اللبنانى ويضرب الوجود الفلسطينى على الأراضى اللبنانية فى مقتل.
رابط دائم: