منذ اكثر من عام والمبادرة الفرنسية يتم تداولها فى الغرف الدبلوماسية للدعوة الى عقد مؤتمر دولى للسلام فى فترة زمنية محددة، يتم الجمع فيها بين الفلسطينيين والإسرائيليين فى مكان واحد لإنجاز كل القضايا تحت رعاية دولية.
جاءت المبادرة الفرنسية لتعالج غياب تحرك سياسى دولى خاصة بعد إعلان وزير الخارجية الامريكى جون كيرى عن فشله فى المفاوضات فى مارس 2014 ، وقناعة فرنسا بأن الطريقة التى تم التعامل بها فى موضوع المفاوضات المباشرة لم تعد ذات جدوى وانه لابد من البحث عن آلية جديدة تسمح للمجتمع الدولى بان يتحرك من اجل وضع حد لإنهاء الإحتلال الإسرائيلى والوصول الى اتفاق سلام، كما يدرك الجانب الفرنسى ان ترك الوضع دون حل لن يحقق اى نتيجة، وقد استمع للرؤى الاسرائيلية والفلسطينية حول هذه الافكار وكذلك رؤية الجامعة العربية بشأنها محاولا تطوير تلك الافكار فى ورقة عمل يتم عقد المؤتمر على اساسها.
وقد استجابت السلطة الفلسطينية للمبادرة الفرنسية فى حينها ومازالت تدفع بالتحرك لدعمها وتفعيل أفكارها، واكد ذلك رياض المالكى وزير الخارجية الفلسطينى ولكنه أضاف ان النية تتجه الى قرار من مجلس الأمن لإدانة الإستيطان، ورغم انه اكد ان اللجوء لمجلس الأمن لا يتعارض مع المبادرة الفرنسية، ولكن التزامن بالضرورة سيؤثر على المؤتمر بل ومن الممكن ان يجهضه، بخلاف ان اللجوء لمجلس الأمن يستعدى الولايات المتحدة، التى استخدمت فيتو فى فبراير 2011 ضد قرار من مجلس الامن يدين الإستيطان، ورغم ان هذا الإستيطان يعد اكبر جريمة ضد الانسانية ترتكب بحق الشعب الفلسطيني، غير انها خطوة تتعارض وتهيئة الأجواء اللازمة وتوفير الدعم الدولى لتفعيل وإنجاح المبادرة الفرنسية بعقد مؤتمر دولى للسلام من أجل إنفاذ حل الدولتين والعمل على إنهاء الاحتلال الاسرائيلى للأراضى الفلسطينية.
واستنادا على دعم مصر للجهود الفلسطينية الرامية لتفعيل المبادرة الفرنسية، من خلال عضوية مصر فى مجلس الامن ورئاستها للجنة الوزارية العربية المعنية بالتحرك لدعم القضية الفلسطينية، تجرى المساعى لتوفير نظام حماية دولية للفلسطينيين، خصوصا أن هناك تقريرا قانونيا خاصا بالحماية الدولية للشعب الفلسطينى تم إعداده من قبل الادارة القانونية فى الامم المتحدة بناء على طلب امينها العام بان كى مون، وتعمل مصر لطرح هذا التقرير للمناقشة وصولا إلى آلية قانونية للحماية، واذا لم يترصدها فيتو امريكى ربما تكون دافعا لإنجاح مبادرة فرنسا.
موقف إسرائيلى جديد
منذ طرح الأفكار الفرنسية وإسرائيل تتخذ مواقف رافضة لأى تحرك من الممكن ان ينهى الجمود الحاصل فى الملفات العالقة، فعلق نيتانياهو واصفا المبادرة الفرنسية بأنها مستهجنة، ولا توجد غير طريقة واحدة لدفع السلام هى المفاوضات بدون شروط مسبقة، بشكل مباشر بين الاطراف، وكل من ينحرف عن ذلك لن يدفع المفاوضات بشكل ناجح.
ولكن كثيرا من رجال السياسة والجيش الإسرائيلى إعتبروها فرصة أخيرة لحل الدولتين وحسب ما نشرته "هآرتس" تم لأول مرة طرح خطة سياسية إسرائيلية، تقوم على جوهر حل الدولتين، صاغها رئيس المعارضة الإسرائيلية، يتسحاق هرتسوج، وتؤكد ان القدس هى اساس الحل وحسب هرتسوج، سيتم فصل غالبية الأحياء اليهودية فى القدس عن الأحياء العربية بواسطة جدار، وبما أنه لا يمكن لأحد محاصرة ربع مليون فلسطينى فى سجن داخل الجدار الجديد والجدار الذى اقيم بعد الانتفاضة الثانية، ستكون هناك حاجة الى فتح الجدار امام الفلسطينيين لينتقلوا الى مناطق الضفة الغربية. سكان هذه الأحياء سيتم فصلهم عن نسيج الحياة فى القدس العبرية، ولكنهم سيرتبطون بالتأكيد بنسيج الحياة والاقتصاد فى الضفة الغربية، الذى تم فصلهم عنه بواسطة الجدار الفاصل، بعد ذلك لن يكون هناك أى مبرر لبقاء هؤلاء يحملون هوية المدينة التى فصلوا عنها. سواء من خلال التنسيق او عدم التنسيق مع السلطة الفلسطينية، التى ستفرض صلاحياتها تدريجيا على الأحياء التى تم ضمها الى الضفة الغربية، ويقول رئيس المعارضة الإسرائيلى ان الفصل بين الفلسطينيين سكان القدس الشرقية وسكان العاصمة اليهودية، والذى سيتم القيام به كخطوة امنية حتمية، وبهذه الخطوة ستكون كل مفاوضات بين اسرائيل والفلسطينيين فى المستقبل منطلقة من هذه النقطة.
وحسب مانشرت هآرتس يقول مشروع هرتسوج فى سنوات التسعينيات، عندما تحدثنا مع الفلسطينيين عن الاتفاق، خلقنا مصطلحات "أريحا اولا" و"غزة أولا". لقد آمنا فى حينه بأنه يسهل البدء من مكان هامشي، وفكرنا بترك قضية القدس المشحونة للنهاية، لكنه احيانا لا ينهار السور عند النقطة الضعيفة فيه، بل عند النقطة الأقوى.
ومنذ مقتل رابين لا تزال العملية السلمية عالقة بسبب عدم توفر الشجاعة السياسية لكن الخطة الجديدة لحزب المعارضة الرئيسى تقول القدس اولا وغالبية سكان اسرائيل يدعمون مثل هذا الفصل وسيصبح من الممكن التقدم نحو الحل الذى تأخر 7 عقود، وطالب هرتسوج بتعاطى المجتمع الدولى والدول الملتزمة بمبادرة السلام العربية لتبنى خطة الفصل فى القدس ودعمها، لأنه لا يوجد حاليا اى اقتراح عملى لوقف التدهور الذى ينزل الكارثة بالشعبين.
موقف امريكى مع حل الدولتين
حتى اللحظة لم يتبلور الموقف الأمريكى من المبادرة الفرنسية لعقد مؤتمر دولى للسلام فى اى تصريح رسمى، بخلاف انه سيسحب البساط من تحت اقدام واشنطن بوصفها الراعى الرئيسى لعملية السلام، ويؤكد الفشل الذى منيت به إدارة اوباما، امام تعنت اليمين المسيطر فى تل ابيب. غير ان وجود الولايات المتحدة أمر ضرورى، فقد توجه المبعوث الفرنسى الخاص بهذه المبادرة الى واشنطن والتقى مسئولين هناك للتشاور حولها وبالتأكيد لديه ردود لم يفصح عنها ولكنها حتما لن توقف المبادرة
وحسبما نشر موقع "واللا" العبرى ان المسئول السابق فى ادارتى رونالد ريجان وجورج بوش الابن، أليوت ابرامس، قال خلال محاضرة القاها فى القدس ان الادارة الامريكية القادمة ستدير علاقات افضل مع شعب اسرائيل، لكنه حذر من انه مهما كانت هوية الرئيس القادم، فانه لن يتقبل خطوات مثل ضم الضفة وتوسيع المستوطنات.
رابط دائم: