أثار حادث اختطاف الطائرة المصرية فى أثناء رحلتها من مطار برج العرب الى القاهرة الثلاثاء قبل الماضى وهبوطها فى قبرص العديد من التساؤلات منها.. لماذا لم يحاول قائد الطائرة «خداع» المختطف والهبوط فى أحد المطارات المصرية.. ولماذا لم يتعامل رجل الأمن مع المختطف رغم أنه كان بمفرده.. وهل هناك اتجاه لتسليح رجال الأمن على الطائرات المصرية أسوة ببعض الشركات؟
بداية يرى خبراء أمن الطيران أن هناك فارقا كبيرا فى أن تجد نفسك داخل الحدث أو تقييمه بعد انتهائه دون معايشة له على الطبيعة لتضع «سيناريوهات» مبنية على أن المختطف تبين أنه لا يحمل مواد متفجرة أو على الأقل لا يهدد السلامة الجوية أو أن الحزام الناسف معه «هيكلي» كما ظهر بعد انتهاء أزمة الطائرة المصرية وهو أمر مختلف تماما لمن كانوا داخل الطائرة وقت الاختطاف ففى توقيت اتخاذ القرار بالإستجابة للمختطف من جانب طاقم الطائرة كانت احتمالات وجود متفجرات على الطائرة قائمة ولو بنسبة لا تتعدى 1% وبالتالى فهو قرار صائب تماما.
كما أن التعليمات لأفراد الركب الطائر هى الحفاظ على سلامة الركاب بكل الوسائل الممكنة حتى لو كانت نسبة التهديد لا تتعدى 1% ووفقا لتقديرهم للموقف والاستجابة لمطالب المختطف طالما سيطر على الموقف داخل الطائرة والتفاوض معه بطريقة ودية وهادئة مثلما فعل طاقم الطائرة المصرية لضمان سلامة الركاب مع ضرورة الالتزام بعدم فتح كابينة القيادة خوفا من السيطرة الكاملة على الطائرة وتوجيهها الى جهة ما أو إسقاطها أو اقتحام أحد الأهداف بها كما فى أحداث 11 سبتمبر بأمريكا!
أيضا من الخطأ وطبقا للتعليمات الدولية محاولة قائد الطائرة خداع المختطف أيا كانت دوافعه أو هويته والهبوط بأحد المطارات غير التى طلب التوجه اليها لأنه من الوارد وبنسبة كبيرة جدا أن يكون المختطف على دراية بالمطارات والمبانى حولها بجانب الوجوه التى قد يراها عقب الهبوط مما يجعله يفقد الثقة بكابتن الطائرة ويتصرف أى تصرف خطير لشعوره بالفشل وبالتالى كان تصرف قائد الطائرة المصرية سليما تماما بعدم الهبوط بأحد المطارات المصرية وكان لابد من أخذ الأمر بجدية.
وبالنسبة للطائرة المصرية فقد نجح قائدها فى اقناع المختطف بالهبوط فى دولة لنا معها علاقات جيدة بما أتاح التنسيق الكامل مع سلطاتها ومتابعة التفاصيل لحظة بلحظة وتقديم تسهيلات حيث تم ارسال قوات لاقتحام الطائرة إذا تطلب الأمر ذلك.
نقطة أخرى مهمة وهى أن الهبوط فى مطار لارناكا وإعلان قبرص بأن الحزام «هيكلي» أضاف الكثير لمصداقية اجراءات الأمن بالمطارات المصرية وكان من الممكن أن تثار الشكوك من جانب المتربصين بمصر وأمنها لو تم الهبوط فى أحد المطارات المصرية وأعلنت السلطات المصرية من جانبها أن الحزام «هيكلي».
وعن عدم إشتباك رجل الأمن مع المختطف يقول الخبراء إن الرحلات الداخلية بها رجل أمن واحد واذا لم ينجح منذ البداية فى السيطرة على الموقف وقبل سيطرة الخاطف على الطائرة فإن الاشباك معه قد يعرض سلامة الركاب والطائرة للخطر خاصة اذا كان التهديد جديا ومن مهامه حماية كابينة القيادة ومنع اقتحامها..
كما أنه لا يفضل تسليح رجال الأمن لأن ذلك قد يؤدى الى حدوث اشتباك يهدد سلامة المسافرين بجانب عدم التأكد من عدد المختطفين على الطائرة فمن الممكن أن يكون هناك عناصر أخرى بين الركاب لايعلنون عن أنفسهم الا اذا نجحت عملية الاختطاف ويتدخلون فى الوقت المناسب ولكن هناك شركات قليلة تقوم بتسليح رجال الأمن على الطائرات وهنا نقترح تزويد رجال الأمن بـ «جهاز» للكشف عن الأسلحة والمفرقعات وتفتيش الركاب على سلم الطائرة وبذلك تكون تلك النقطة الأخيرة للتفتيش لأن ذلك يمنح رجل الأمن وكابتن الطائرة المزيد من الثقة عند أى محاولة للاختطاف.
بقيت نقطة اخيرة وهى نجاح الدولة المصرية بكل أجهزتها فى إدارة الأزمة والتى تمت متابعتها من مركز إدارة الأزمات بمصر للطيران بحضور رئيس الوزراء المهندس شريف اسماعيل وشريف فتحى وزير الطيران بعقد مؤتمر صحفى بعد ساعات قليلة من الحادث.. كل ذلك كان له دور مهم فى إغلاق الباب أمام الاجتهادات والرد على الشائعات وهو توجه جديد فى معالجة وإدارة الأزمات يستحق الاشادة والتقدير.
رابط دائم: