رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

صراع الأجيال فى استفتاء بريطانيا حول الإتحاد الأوروبى

لندن: منال لطفي
"هذا جيل أيزي جيت وانستجرام، يرفض العزلة ويفضل الإنفتاح. أنه جيل لا يريد رؤية بريطانيا مقطوعة عن العالم، حيث الفرص المتاحة تنتهي على الحدود، ونفوذ بريطانيا يتوقف عند شواطئها. هؤلاء الشباب كبروا في عالم التعاون الدولي والنمو الأقتصادي والانجازات التكنولوجية ووسائل التواصل الإجتماعي، وشهدوا الحواجز تتساقط حول العالم".

هذه رسالة وزيرة التعليم البريطانية نيكي مورجان للشباب البريطاني قبل التصويت المصيري على البقاء أو مغادرة الاتحاد الأوروبي بحلول 23 يونيو المقبل.

لا تريد حكومة المحافظين بزعامة ديفيد كاميرون خروج بريطانيا من الأتحاد الأوروبي وستفعل كل ما بوسعها لتجنب هذا وعلى رأس ذلك جذب واحدة من أكبر وأهم الشرائح الإنتخابية للتصويت بالبقاء في الأتحاد الأوروبي وهم الشباب، وذلك بتركيز الدعاية حول نقطة أساسية وهى أن الإستفتاء "لا يتعلق باليوم، بل بالغد". أي بعبارة أخرى العلاقة مع أوروبا هى سؤال المستقبل أكثر منه الحاضر.

وفي نظر كاميرون ووزير الخزانة جورج اوزبورن، أحد أعمدة حملة البقاء داخل أوروبا، فإنه بدون تكتل الشباب وتصويتهم بكثافة في الإستفتاء لصالح البقاء في الأتحاد فإن المؤشرات ترجح تصويتا متقاربا جدا قد ينتهي بالتصويت بالخروج من الاتحاد الأوروبي ما يعني عمليا نهاية كاميرون وأوزبورن سياسيا.

اللعب على تباين المصالح شئ طبيعي في السياسة. وهناك فعلا تباين بين ما يريده الشباب في بريطانيا وبين ما تريده الفئات العمرية الأكبر سنا. فمتوسطو العمر وكبار السن تميل نسبة أكبر منهم للتصويت للخروج من الأتحاد بسبب مخاوف متزايدة من الهجرة والإرهاب. فيما يميل الشباب للبقاء داخل الإتحاد الأوروبي بسبب المزايا الكبيرة التي يمنحها لهم البقاء ومن ضمنها حرية الحركة والتنقل والعمل والدراسة والإقامة في أي بلد أوروبي.

ليس من المفاجئ إذن أن تنتشر تعبيرات من قبيل "الإختيارات الأنانية" لكبار السن، والتركيز على "مكاسب آنية" على حساب النتائج بعيدة المدي لخروج بريطانيا من الأتحاد الأوروبي، و"بريطانيا ستجد نفسها مضطرة لإعادة التفكير في وضعها ومكانتها في العالم"، و"الخروج يعزز مخاطر خلق جيل ضائع"، وينبغي على "الآباء والأجداد التفكير في كيف سيؤثر تصويتهم على أبنائهم والشباب والأجيال التي ستأتي بعدهم"، والتصويت بالخروج "سيكون مقامرة" بمستقبل الأبناء والأحفاد، و"إن أكثر قرار جائر يمكن أن يتخذه الجيل الأكبر سنا هو أن يغادر الأتحاد الأوروبي ويخرب فرصة هؤلاء الشباب في الحياة".

ومن الواضح أنه لن تحسم قضية واحدة قرار الشارع البريطاني بالبقاء أو الخروج من الأتحاد الأوروبي، كما أن هناك فعلا تباينات واختلافات في الأولوية التي تحتلها كل قضية على حسب العمر والوضع الإقتصادي والميول السياسية.

وفي إستطلاع للرأي اجراه مركز "يوجوف" الحكومي البريطاني لقياس الرأي العام حول أكثر القضايا المؤرقة للمواطن، أظهرت النتائج أن الهجرة تأتي في المرتبة الأولي، يليها خطر داعش الإرهابي وإصلاح النظام الصحي، ثم الأقتصاد، ثم عضوية بريطانيا في الأتحاد الأوروبي، فاللاجئون، ثم الفقر والتعليم وقضايا البيئة. وبينما وجدت أغلبية من تم إستطلاع رأيهم (ممن وصفوا أنفسهم بأنهم متوسطو العمر من المهنيين والعمالة المدربة) أن قضية الهجرة هى أكثر ما يقلقهم، كانت الهجرة هى أقل ما يقلق الشباب بين 24 و25 عاما، فأكثر وما يؤرق شريحة الشباب الوضع الإقتصادي وفرص العمل.

وبينما قد يعطي الخروج من الأتحاد الأوروبي شعورا لدي الشرائح العمرية الأكبر سنا، بسيادة بريطانيا وسيطرتها على الحدود والمهاجرين واللاجئين وتسرب عناصر إرهابية، إلا أن غموض ما سيترتب على المغادرة المحتملة على الأقتصاد البريطاني وفرص العمل هو أكثر من يؤرق الشرائح الأصغر سنا. ويعزز هذا الأرق أن مؤسسات إقتصادية بريطانية هامة تحذر أيضا من مخاطر إقتصادية لا يمكن التنبؤ بها، ومن هؤلاء لجنة السياسة المالية التابعة لبنك انجلترا التي أشارت إلى أن توقعات الأستقرار المالي في بريطانيا تراجعت بشكل كبير منذ نوفمبر الماضي، موضحة أن "أكبر" التهديدات المحلية للإستقرار المالي ترتبط بالإستفتاء على عضوية بريطانيا في الاتحاد الأوروبي، ومخاطر "عدم اليقين لفترة طويلة" هي تلك التي ستعقب الإستفتاء لو صوت البريطانيون لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي. ويقول أعضاء اللجنة إن نتائج حالة عدم اليقين هذه قد "تؤثر على تكلفة وتوافر التمويل لمجموعة كبيرة من المقترضين في بريطانيا"، مشيرين إلى أن عجز الحساب الجاري، لا يزال عاليا ويحتاج إلى تمويل من الاستثمار الأجنبي، وإن قرار الانسحاب من الاتحاد الأوروبي "قد يمتد أثره إلى منطقة اليورو بأكملها"، ليؤثر على الأسواق المالية والنمو الاقتصادي بها وقد يؤدي أيضا إلى خفض قيمة الجنيه الأسترليني.

في المقابل يسعى المؤيدون لمغادرة الاتحاد الأوروبي لجذب الشباب بالقول أن الخروج من الاتحاد "سيحرر بريطانيا من قيود عضوية الاتحاد"، و"ستصبح الوظائف أكثر أمنا"، وستكون بريطانيا قادرة على "إنفاق اموالها وفق أولوياتها وليس وفق أولويات بروكسل". كما يشيرون إلي أنه بينما يعتبر وجود بريطانيا داخل الاتحاد مفيدا للشركات الكبيرة متعددة الجنسيات، إلا أنه بالنسبة للشركات الأصغر بمثابة "آلة منظمة لتدمير الوظائف" وإضعاف الشركات الصغيرة التي لا تستطيع المنافسة داخل الاتحاد الأوروبي. وبهذا المنطق، فالخروج من الأتحاد الأوروبي سيدعم تنافسية الشركات الصغيرة وسيجعلها أكثر قدرة على العمل وبالتالي خلق فرص عمل للشباب.

فأي من هذين الطرحين أكثر جذبا للشباب؟ تعتقد حملة البقاء داخل الأتحاد الأوروبي إنها الأكثر جذبا للشباب، وأنها قادرة على نيل أصواتهم مستفيدة من "غموض" ما سيترتب على المغادرة وصعوبة التنبؤ بنتائج الخروج على أداء بريطانيا الأقتصادي وبالتالي على مستقبل الأجيال الشابة. وفي هذا الإطار، حذرت وزيرة التعليم البريطاني نيكي مورجان من إن شركات بريطانية "علقت بالفعل" تعيين موظفين جدد بإنتظار نتائج التصويت في الإستفتاء، موضحة:"كما رأينا خلال الركود الإقتصادي الذي عانينا منه، فإن الفئات الأكثر معاناة هم الشباب صغار السن. فهؤلاء الذين يحاولون دخول سوق العمل وإيجاد وظائف سوف يعانون إذا لم تقم الشركات بالتعيين. من الواضح أنه إذا غادرت بريطانيا أوروبا، فإن الشباب سيكون أكثر من يعاني". أمام الشباب إذن خيار مصيري في الإستفتاء والحملة لجذب أصواتهم ودفعهم للتصويت على أشدها. فنتائج هذا التصويت قد تحدد مصيرهم ومصير الأجيال التي ستأتي بعدهم. فمثلا يقدم الأتحاد الأوروبي دعما بمليارات الجنيهات للجامعات البريطانية، وغالبية الأبحاث العلمية التي تتم اليوم في بريطانيا، بدءا من العلوم الإجتماعية وحتى الفيزياء وعلوم الفضاء، تتم في إطار الأتحاد الأوروبي وليس بشكل فردي داخل بريطانيا، كما أن هناك مئات الالاف من البريطانيين خريجي الجامعات الذين يعملون ويعيشون في دول أوروبا المختلفة، فيما يدرس عشرات الالاف في دول أوروبية أخرى وعلى رأسها ألمانيا بسبب تكلفة الدراسة القليلة هناك، مقارنة ببريطانيا حيث يخرج الطالب مدينا بنحو 15 ألف جنيه استرليني سنويا.

بقاء الحدود المفتوحة بين بريطانيا وباقي أوروبا له مخاطره، وأستمرار بريطانيا في الأتحاد الأوروبي له عيوبه، لكن المغادرة وغلق الحدود لا يقدم بدوره أي تطمينات مؤكدة بعدم انتقال متطرفين أو شن هجمات أو تحسن الأقتصاد. وكما عبرت شابة بريطانية تدعي موللي ابراهام في تعليق على موقع "بي بي سي":"من هو ذلك المجنون الذي يريد غلق الحدود ومنعنا من الدراسة والعمل في المانيا أو فرنسا ومطالبتنا بتقديم طلبات للحصول على تأشيرات دخول لإيطاليا والبرتغال وأسبانيا"؟.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق
  • 1
    ابو العز
    2016/04/05 13:59
    59-
    0+

    تفكير ابناء الجزيرة ...
    يحب الأنكليز ان يقوم الغير بخدمتهم , ويبتسمون لمن يحقق مصلحتهم ... ما هو هذا الأتحاد الذي لا تسمح فيه بريطانيا باليورو العتيد ان يحل محل الباوند الأنكليزي والذي تزينه صورة جلالة الملكة وينشد لها الأنكليز السلام الوطني ليحفظ الرب الملكة صبح مساء ؟! .
    البريد الالكترونى
    الاسم
    عنوان التعليق
    التعليق