هل هناك استعداد أمريكى للدخول فى صراع عسكرى مسلح بشكل مباشر مع الصين؟! إنه سؤال مهم فرض نفسه خلال الأعوام الأخيرة فى ظل تزايد مستوى قوة وتطور القوات الصينية ومحاولات الصين المستمرة لترسيخ تواجدها العسكرى على المستوى الإقليمى ومحاولات الولايات المتحدة احتواء القوة العسكرية الصينية فى الإقليم.
قلق أمريكى
وكانت وسائل الإعلام الروسية قد نبهت إلى ما أعلنه قائد هيئة الأركان للجيش الأمريكى فى كلمة ألقاها أمام أعضاء الكونجرس خلال شهر مارس 2016 حيث أشار إلى أن القوات العسكرية للولايات المتحدة لم تتمكن خلال الـ 15 عاما الماضية من الاستعداد لصراع عسكرى مع منافس قوى كروسيا أو الصين.
وأوضح ميلى أن جيش بلاده يستطيع التعامل مع نزاع عسكرى واسع النطاق ولكن ليس على مستوى يستجيب لتوقعات الأمريكيين الخاصة بقدرة القوات العسكرية لواشنطن على الدفاع عنهم.
واعترف قائد العمليات البحرية الأمريكية الأميرال جون ريتشاردسون أيضا بأن هناك مشاكل كبيرة تتعلق بحالة استعداد القوات البحرية، وذلك نظرا لغياب التمويل الكافى من جهة، والمتطلبات الكبيرة التى يفرضها على الأسطول الأمريكى الوضع الأمنى الدولى.
وأشارت صحيفة «ناشيونال إنترست» إلى أن الحجم المقترح للميزانية العسكرية الأمريكية فى العام الماضى آنذاك 573 مليون دولار، لكن فى هذا العام شهد هذا الرقم تخفيضا بأكثر من 20 مليون دولار، الأمر الذى يزيد مخاوف السياسيين والعسكريين الأمريكيين على حد سواء من أن القوات العسكرية للبلاد ستكون غير مستعدة للنزاعات الكبيرة. ودعمت تلك الأنباء ما نشرته وسائل الإعلام الروسية من سعى الولايات المتحدة إلى حشد تكتل إقليمى عسكرى ـ على غرار حلف ناتو ـ فى قارة آسيا لمواجهة تنامى قوة الصين العسكرية.
تحالف أمريكى مصغر
وقد تم إبراز اقتراح الأميرال الأمريكى هارى هاريس إنشاء حلف عسكرى فى منطقة المحيط الهادى لردع الصين.
فقد اقترح الأميرال هارى هاريس قائد القوات البحرية الأمريكية في المحيط الهادئ إنشاء حلف عسكرى بحرى يضم كلاً من الولايات المتحدة وأستراليا واليابان والهند، هدفه ردع توسع الصين.
واستند هاريس على غرار المسئولين فى وزارة الخارجية الأمريكية الى القانون الدولى فى تبرير هذه المبادرة، حيث أشار الى أن الهند وأستراليا واليابان والولايات المتحدة وغيرها من الدول يمكن ان تقوم بدوريات فى مكان يسمح به القانون الدولى.
ودعا هاريس الولايات المتحدة الى المشاركة فى الحوار الذى يجرى للمرة الأولى بين الهند واليابان وأستراليا بشأن أمن الملاحة البحرية.
وعلقت صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية بأن هذه محاولة جديدة من جانب الولايات المتحدة لاقامة شبكة الدول البحرية العظمى التى سيكون عليها «مواجهة التوسع الصينى». من جانبه أعرب ريتشارد وارما سفير الولايات المتحدة لدى الهند، عن أمله فى ان يشاهد فى المستقبل القريب دوريات هندية ـ أمريكية مشتركة فى المحيطين الهندى والهادئ. وحسب قوله اصبح الطرفان قاب قوسين من التوقيع على اتفاقية بشأن التعاون ما بين القوات البحرية فى البلدين وتقديم المساعدة بشأن التزود بالوقود وأعمال الصيانة.
قلق صينى
ولكن الطموحات الأمريكية بإحتواء الصين عسكريا فى المنطقة قوبلت بقدر من القلق. فقد احتجت بكين على خطط دول الجوار الآسيوية بشأن تعاون قواتها البحرية واعتبرتها قوات معادية وأطلقت عليها اسم «الناتو المصغر». كما ردت بكين على التصريحات الأمريكية بأنها ستشكل مجموعات من حاملات الطائرات لحماية مصالحها.
ولم تكتف بكين بالاحتجاجات الدبلوماسية، فبدأت تعزيز قواتها الجوية والبحرية. ومن المنتظر ان تزيد ميزانية وزارة الدفاع الصينية عام 2016 . وهذا ما أشار اليه خطاب عضو المجلس السياسى الاستشارى الصينى الخبير فى الشئون الحربية البحرية إين تشو فى الجلسة الافتتاحية للبرلمان، حيث قال إن الصين ستنشئ مجموعة ضاربة من حاملات طائرات مهمتها الدفاع عن مصالح البلاد فى بحر الصين الشرقى والجنوبى وأيضا ضمان أمن المواطنين الصينيين العاملين والمقيمين فى الخارج.
وقال البروفيسور سيرجيه لونيف من معهد موسكو للعلاقات الدولية فى تصريحات للإعلام الروسى، «إن الهند اشتركت مع الولايات المتحدة فى القرن الحادى والعشرين فى عدة مناورات حربية بحرية تحت اسم «مالابار». ولكنه اضاف مؤكدا أن الهند لن توافق على الدخول فى حلف رسمى، إذ ان موقفها فى هذا المجال ثابت على الرغم من أن الولايات المتحدة تحاول منذ 15 سنة جذب الهند الى حلف يعمل على ردع الصين.
ويرى الخبراء أن الهند تسعى الى التعاون مع الولايات المتحدة فى البحار، ولكنها لن تدخل فى حلف عسكرى مع واشنطن خاصة ضد الصين المجاورة.
ولكن من الواضح ان الهند، التى تنتهج منذ نيلها الاستقلال سياسة عدم الانحياز، لديها قدر من القلق المشروع بشأن التحركات الصينية البحرية النشطة فى محيطها الجغرافى. ففى عام 2014 رست غواصة صينية فى ميناء كولومبو فى سريلانكا على مرمى حجر من جنوب الهند. وتنظر الهند باهتمام إلى استمرار جهود الصين فى تنفيذ مشروع «طريق الحرير البحرى» الذى يضم من بين موانئه الأساسية ميناء جوادر فى باكستان وميناء شيتاجونج فى بنجلاديش.
رابط دائم: