رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

عمر .. النسر الغريق

المنصورة ــ إبراهيم العشماوى:
الشهيد عمر مع إبنته
الطيبون يذهبون بسرعة، وكأنهم نسمات تعبق فى حدائقنا ثم تحبذ الرحيل فى سلام .. يختصرون فى أعمارهم القصيرة رحلة مثمرة من الإنجاز الذى يعجز عنه البعض فى سنوات طويلة، ويتركون بأفعالهم الخيرة وسيرتهم العطرة وتضحياتهم الوطنية مايحرق أكبادنا بعد فراقهم.

الشهيد رائد طيار عمر محمد عمر خضر 31 سنة ابن قرية كوم الدربى مركز المنصورة واحد من هؤلاء الشباب المصريين الأبطال ورمز من نسور الجو الأشاوس الذين يرسمون فى سماء مصرنا لوحة أمان وينقشون فى ربيع الوطن عشقا أزليا لا يمحي، ويمحقون الأشرار وخفافيش الظلام فى كل وكر يختفون فيه ، ويحفظون هيبة مصر العصية أمام كل المؤامرات.

عمر أحد العاشقين للشهادة حتى أنه كتب قبل أيام لزوجته «أنا عايز الشهادة» فقالت له ربنا يطول فى عمرك لحد ماتشوف ولاد جودى ابنتهما الوحيدة وعمرها عامان، وبعد أن إستغفرت الله لذكره الموت أجابها بقوله «أنا مش عارف إنى هنولها إلا ما ربنا يهدينى» عمر كان يخدم فى قاعدة أسوان الجوية واستشهد مع عدد من زملائه فى غرق مركب بنهر النيل، وتمكنت قوات الإنقاذ والحماية المدينة من العثور على جثامينهم بعد عدة أيام.

منذ صغره عاش عمر مع جدته فى قريته وترك أسرته حيث يعمل والده دكتور مهندس ووالدته مهندسة زراعية فى المنصورة ولانه يحب التجمع الأسرى والحياة الريفية البسيطة قرر العيش فى القرية طيلة فترتى الاعدادية والثانوية وكان يحب الزراعة ويذهب يوميا مع عمه للحقل وليتعلم منه كيفية الزراعة والحصاد . عمر كان من أوائل الثانوية العامة علمى رياضيات والتحق بهندسة المنصورة وتم قبوله ايضا بالكلية الجوية والشرطة نظرا لتفوقه العلمى والرياضى حيث كان بطلا رياضيا فى كرة القدم والاسكواش والطائرة وقالت له جدته خليك ضابط شرطة أحسن ، بيمشى ع الأرض مش بيطير فى الجو ، والطيران خطر قال لها يا جدتى الموت لما بيجى مبيفرقش بين طيار وضابط شرطة ، لكل أجل كتاب . وتمر الأيام ويخدم عمر فى أسراب قواتنا الجوية، وفى الاجازات يزور أهله أو أهل زوجته المقيمين فى قرية أخرى حرصا منه على صلة الرحم ، واعتاد الشهيد عمر الذى تزوج من ثلاث سنوات فقط على صلاة الفجر جماعة فى مسجد أسفل مسكنه بالمنصورة.

وفى ملحمة غيابه بقى عمر رمزا بطوليا من خلال حكايات بعض الناجين الذين أكدوا أن عمر استشهد بعدما خرج للشط ولكنه عاد لانقاذ زملائه بعد أن استغاثوا به فاصطدمت قدمه بصخرة فغرق مع أنه كان من الممكن أن ينجو بنفسه لكنه فضل أن يحاول إنقاذهم على الخروج سالما . ويؤكد معتز عقل شقيق زوجة الشهيد أنه كان دائما من النوعية القليلة من الناس التى تتمتع بخفة ظل لامثيل لها ، كوميدى جدا تجلس معه تجد روح الفكاهة والدعابة والمزاح كان حريصا علي صلة الرحم، وكان يفعل الخير سرا . أما بالنسبة لوالده ووالدته فالصدمة كانت عنيفة عليهما ولكنهما لاذا بالصبر عند الصدمة الأولى والرضا بقضاء الله، وقالت والدته انها تحتسبه شهيدا عند الله ، وانه كان يمشى ببركة دعاء والديه ورضاهما وقبل كل طلعة طيران يقول لها إدع لى يا أمي فأنت وأبى سندى فى حياتي، وكان عمر يتمتع بروح رياضية ويتقبل النقد وكان مرنا واسع الأفق هادئ الطباع كريما جدا مع أسرته واهله وزوجته . وفى لفتة لتخليد ذكرى الشهداء وافق حسام الدين إمام محافظ الدقهلية على إطلاق اسم الشهيد رائد طيار عمر محمد عمر خضر على المدرسة الإعدادية بقرية كوم الدربى مسقط رأسه بمركز المنصورة. واعتبر والده الدكتور مهندس محمد عمر أن موافقة المحافظ على إطلاق اسم ابنه على مدرسة القرية لتخليد اسمه أقل ما يمكن تقديمه لهذا البطل ليظل اسمه فى سجل الخالدين الذين ضحوا بأرواحهم فى سبيل مصر .

و أضاف والد الشهيد: وطنية عمر الجارفة وحبه لتراب الوطن فرضا عليه دخول الكلية الجوية وأن يكون ضابط طيار مقاتل فى صفوف وأسراب قواتنا الجوية رغم أنه وحيد والديه ، وكان يردد دائما : أنا أعشق تراب الوطن الغالي، وأتمنى أن أكون جنديا وفيا يفدى ترابنا الغالى من كل شر . أما أهالى قرية كوم الدربى فقد شيعوا جثمان الشهيد ملفوفا بعلم مصر من مسجد الحمد بالقرية فى جنازة شعبية مهيبة ، مطالبين بسرعة وضع لافتة اسم الشهيد عمر على المدرسة تحقيقا لأمال أبناء القرية الذين يفخرون بانتمائه إليها ورغبة منهم فى أن تعرف الأجيال القادمة حجم تضحيات رجال بحجم الوطن.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق