رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

بعد انتشار وثائق الطلاق الصورى وعقود الزواج العرفى..
أصحاب المعاشات يتلاعبون بالشرع والقانون

تحقيق ــ هند مصطفى عبدالغنى :
صدق ويجب أن تصدق، أن ظاهرة وثائق الطلاق الصورى ، وعقود الزواج العرفي، تنتشر الآن فى كثير من المدن والقرى وبين جميع فئات المجتمع على السواء، حيث تلجأ بعض السيدات إلى التحايل على القانون بتقديم وثيقة طلاق صورية للحصول على معاش الأب أو الأم أو الزوج المتوفى.

وكثيرات يلجأن الى الطلاق الصورى رغم استمرار حياتها الزوجية مع زوجها حتى تقوم بإعفاء ابنها من الخدمة العسكرية بحجة انه العائل الوحيد للأسرة، وقد يبيع الزوج بعض أملاكه لزوجته بثمن غير حقيقى للتحايل على الضرائب.

وسيدات يلجأن إلى الزواج العرفى بعد وفاة أزواجهن ولا يوثقن العقود للحصول على معاش الزوج المتوفي، ذلك لأنه بزواجها يسقط هذا المعاش المستحق لها فتتزوج عرفيا مثلا ولا توثق هذا الزواج.

إنه الغش والتدليس والكذب والتحايل على الشرع والقانون حيث تنص المادة رقم 554 لسنة 2007 بموجب قرار وزارى على عدم أحقية الرجل أو المرأة المتوفى عنهما زوجهما فى استحقاق المعاش فى حالة الزوج بأخرى بالنسبة للرجل وفى حالة الزواج برجل آخر بالنسبة للمرأة مما يضطر الكثير من أصحاب المعاشات إلى اللجوء للزواج العرفى منعا لانقطاع استحقاقاتهم فى صرف معاش المتوفى عنهم!

وفى ظل غيبه القانون وعدم وجود احصائيات دقيقة بتلك الحالات فان ذلك يحدث فى غيبة الوازع الديني، وفى ظل عدم قدرة الدولة على تحمل أموال المعاشات فى مصر والتى تكلف الخزانة العامة 55 مليار جنيه.

ونحن بدورنا نتساءل: هل يعتبر المعاش حقا مكتسبا لصاحبه ولورثته من بعده أم يعتبر منحة من الدولة للمستحقين، من حقها استرداده فى أى وقت بموجب القانون؟ وهل يعتبر الذين يتحايلون على القانون بالزواج العرفى آثمين فى نظر الشرع والقانون؟ وهل يعتبر هذا الزواج صحيحاً ومتكامل الأركان من وجهة نظر الشرع؟

يؤكد علماء الدين أن من يفعل ذلك هو آكل لأموال الناس بالباطل ومتلاعبا بأحكام الشرع الحنيف الذى نهى عن النصب والتدليس. وأكدت لجنة الفتوى بمجمع البحوث الإسلامية، أن عدم توثيق الزواج لغرض الحصول على معاش الأب تحايل على القانون لأخذ مال لا يحل أخذه وهو عمل محرم، لأن قوانين الدولة أباحت صرف المعاش بضوابط معينة وللدولة الحق فى مراعاة ما تراه محققا لمصالح رعيتها، وعليه فالتحايل لأخذ هذا المعاش عمل محرم، والواجب على السائلة أن ترضى بما قسم الله عز وجل لها من رزق.

أكل أموال الناس بالباطل

يقول الدكتور عبد الفتاح إدريس أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، إن التطليق للحصول على المعاش يعتبر حراما لما يترتب عليه من أكل أموال الناس بالباطل، وذلك لان المقنن اشترط للحصول على المعاش ألا يكون لمن يحصل عليه من يعوله، والمرأة المتزوجة يجب أن يعولها زوجها فإن احتالت للحصول على المعاش بتطليقها من زوجها فإن الحصول عليه هو أكل للمال بالباطل وهو لا يحل، أما الطلاق الذى يتم لأجل الحصول على هذا المعاش فهو طلاق محرم، وذلك لان كل وسيلة تفضى إلى محرم أو يتوسل بها إلى محرم فإنها تأخذ حكمه، فالطلاق فى هذه الحالة محرم، وهذا تلاعب وعبث بأحكام الشرع الحنيف، ولا يجوز ذلك بأى حال من الأحوال، وينبغى على من يعلم أمر هذا الطلاق أن يقدم دعوى أمام الجهات القضائية فيمن تطلق نفسها من زوجها للحصول على معاش والدها أو والدتها، وذلك لتأديبها وإيقاع العقوبة عليها ورد ما أخذت بغير وجه حق، وهذا واجب على كل من يعلم ذلك لأنه من قبيل إنكار المنكر، وإنكار المنكر فرض كالصلاة والزكاة والصيام والحج.

طلاق المصلحة

من جانبه أوضح الشيخ محمود عاشور وكيل الأزهر الأسبق أن الطلاق هو أبغض الحلال عند الله ولا ينبغى أن يكون إلا عند استحالة العشرة بين الزوجين، ولا يكون طلاقا صوريا او شكليا أو طلاق لغرض أو مصلحة فكل ذلك يخرجه عن مشروعيته ويجعله طلاقا لا يقع سواء كان للحصول على معاش الأب أو الأم أو معاش الزوج إذا تزوجت المرأة بعد زوج له معاش. ومن تتزوج زواجا عرفيا من اجل المعاش أيضا فهو ليس زواجا لأنه زواج مصلحة وغرض ومنفعة والزواج لا يكون كذلك، وأقول لهؤلاء أنهم يخرجون الأمور عن شرعيتها الصحيحة وعما شرعها الله، ولا يصح ولا يجوز ذلك لأنهم ربما كانوا يعيشون فى حرام ومن حرام لأن الحياة بعد الطلاق هى زنا وإذا عاشا معا بعد طلاقهما لكى تحصل الزوجة على معاش فحياتهما الزوجية زنا. كما يرى الدكتور احمد عمر هاشم عضو هيئة كبار العلماء، أن هذا يعد تلاعبا بأحكام الشريعة الإسلامية ولا يصح شرعا ولا يحل لها المال الذى تحصل عليه بهذا السبب، فالمال الذى تتقاضاه الزوجة ليس من حقها، وانصح أمثال هؤلاء السيدات ألا يقدمن على مثل ذلك وان من تقوم بالزواج العرفى بعد تقديمها قسيمة طلاق للحصول على أموال الدولة بغير حق فهذا يعتبر باطلا وما بنى على باطل فهو باطل.

كسب غير مشروع

وفى سياق متصل يؤكد الدكتور محمد نجيب عوضين، أستاذ الشريعة الإسلامية بكلية الحقوق جامعة القاهرة، أن الإسلام عود الإنسان على الصدق وعدم التحايل من اجل الوصول إلى ما ليس حقا للإنسان، وما يحصل عليه من كسب نتيجة هذه التصرفات إنما هو كسب محرم لأنه ليس بالتراضى من ناحية ويخالف القوانين التى وضعها ولى الأمر لتنظيم المجتمع، كما ان صاحب هذا التصرف يخفيه عن معظم الناس لأنه يعلم انه مخالف للشريعة وللقانون فيعد من باب الإثم الشرعى والرسول صلى الله عليه وسلم قال (الإثم ما حاك فى نفسك وكرهت ان يطلع عليه الناس)، فإذا كان هذا التصرف صحيحا فلماذا يخفيه صاحبه؟ ومن ثم فإذا ترك الناس وشأنهم فى مخالفة الشرع والقانون تهتز صورة الحياة فى المجتمع ويحصل كل ما ليس له حق على الأموال العامة التى يستحقها غيره، أما المرأة التى عقدت زواجا عرفيا حتى تخفى زواجها الرسمى الذى يؤدى إلى حرمانها من معاش زوجها المتوفى فأنها تكون قد حصلت على مال حرام من ناحية أما من ناحية زواجها فإذا اكتمل الشروط الصحيحة ولم يكن قد وثق فى وثيقة المأذون فهو زواج صحيح والعلاقة بين الزوجين مشروعة، لكن المحرم هو ما تحصل عليه هذه المرأة التى قدمت بيانات غير صحيحة فأنها لم تتزوج بعد وفاة زوجها فكل ما تحصل عليه بناء على هذا السبب يكون مالا غير مشروع وعليها أن توقف هذا التعامل فورا، وإذا لم تتمكن من رد هذه المبالغ إلى الدولة فعليها أن تتبرع بها وتخرجها من مالها لأنه مال حرام تحصلت علية بطريق الاحتيال .

مشكلة مجتمعية

وحول أسباب انتشار تلك الظاهرة فى المجتمع وسبل مواجهتها يقول الدكتور رشاد عبد اللطيف، أستاذ تنظيم المجتمع بكلية الخدمة الاجتماعية ونائب رئيس جامعة حلوان، ان طلاق المرأة الصورى للحصول على معاش الزوج او احد الوالدين هى مشكلة مجتمعية لان قيم المجتمع راسخة وترفض هذا التصرف وهنا يجب ان ننبه على هذا الخطر والسبب فى ذلك يرجع لعاملين العامل الأول الفقر وهذا يعنى ان السيدة التى تفعل ذلك إذا وجدت ما يكفى حياتها لا تلجأ لهذه الفكرة والعامل الثانى هو قلة الضمير الذى تعانى منه هذه السيدة والاهم من ذلك كله هو نقص الوازع الدينى وبالتالى يتم حل هذه الظاهرة من خلال 3 مداخل، الأول: مشروع تكافل (كرامة) وهذا ما فعلته وزارة الشئون الاجتماعية فى بعض محافظات مصر حتى لا تنحرف الأسر. والثاني: معاش ضمانى على أساس الثقة بمعنى انه لو تقدم احد الأفراد إلى المعاشات للحصول على معاش وحتى لو كان كاذبا فالدولة تعطى له معاشا شهريا حماية للمجتمع نفسه لأنه طلب بنفسه معاشا لسد احتياجاته. والمدخل الثالث: إنه يجب على الدولة بدلا من إعطاء معاشات للأسر الفقيرة أن تقوم بعمل مشاريع صغيرة لهم توفر لهم مستوى معيشة معتدلا وتوفر لهذه المشروعات كافة الخامات حتى تظهر إلى النور وتتابع هذه الأسر وهذه المشروعات حتى تصل للنور وتحل هذه المشكلة.

تغليظ العقوبات

وفى سياق متصل يطالب المستشار الدكتور عبد الله الباجا رئيس محكمة الأسرة، بتفعيل القوانين وتغليظ العقوبات على من يقدم على مثل هذه الإجراءات ويقول: إن المرأة تحصل على شهادة طلاق حقيقى وتقدمها لجهات المعاش سواء كانت هذه الجهة حكومية أو نقابية أو أى جهة تقوم بصرف المعاش ثم تقوم بعمل عقد زواج عرفى بشاهدين وتعود لحياتها الطبيعية ومن الممكن أن يراجعها زوجها فى مدة العدة ولو فى حالة الطلاق البائن وفى فترة العدة تقوم بعمل عقد زواج عرفى فى هذه الحالة تصرف المرأة معاشها مع استمرار حياتها الزوجية والعقوبة الوحيدة التى أوجبها القانون عندما يتحصل الفرد سواء كان رجلا أو امرأة على أموال من بنك ناصر من خلال التحايل على القانون والعقوبة هى الحبس. ولا يوجد نص فى القانون يجرم هذه المسألة إلا أموال بنك ناصر وهى محصنة بقانون رقم 1 لسنة 2000 إذا اخذ الفرد أموالا سواء بالتحايل أو بالمخالفة يعاقب عليها بالحبس وهنا أطالب المشرع فى قانون العقوبات بمعاقبة من يتحصل سواء كان رجل أو امرأة على أموال الدولة من (معاشات –تأمينات-نفقة –معونة –منحة) بالحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على 3 سنوات فالدولة لا تتحمل أى نفقات من سرقة أو فساد أو استيلاء على الأموال بدون وجه حق وللأسف نعانى أوجه قصور كثيرة يحصل من خلالها الناس على أموال الدولة بالقطاع العام والخاص وهذا نوع من أنواع النصب على الدولة وتعميم هذه المادة يحمى إهدار أموال الدولة.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق