رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

سفير مصر بكوريا الجنوبية للأهرام: زيارة الرئيس تعكس وعى الدبلوماسية المصرية بأهمية طرق أبواب آسيا

◀ أجرت الحوار: دينا كمال
السفير هاني سليم سفير مصر في كوريا الجنوبية
العلاقات بين مصر وكوريا الجنوبية من أكثر العلاقات صلابة، فهى علاقات لم تتأثر بفترات عدم الاستقرار التى مرت بها مصر خلال السنوات القليلة الماضية. وكان لزيارة الرئيس عبدالفتاح السيسى الأخيرة لكوريا الجنوبية مردود كبير،حيث تم توقيع عدد من الاتفاقيات بين البلدين من شأنها تفعيل التعاون بينهما فى جميع المجالات.

وفى هذا الصدد أكد هانى سليم، سفير مصر لدى كوريا الجنوبية، فى حوار لـ «الأهرام» إنه يمكن الاستفادة من تجربة كوريا الجنوبية الناجحة، بعد أن انتقلت من المعاناة من الفقر بعد الحرب العالمية الثانية، لتصبح اليوم من أكبر اقتصادات العالم.

وفيما يلى نصر الحوار:


{ كيف ترى أهمية الزيارة التى قام بها الرئيس السيسى مؤخرا لكوريا الجنوبية؟

{{ أبرزت هذه الزيارة وعى القيادة السياسية، والدبلوماسية المصرية، بالاتجاهات الأمثل للتحرك المصرى بطرق أبواب أقطاب آسيا، ومنها كوريا الجنوبية، التى وإن أتت اقتصاديا فى مرتبة تلى الصين واليابان، إلا أن النموذج الذى تمثله لا نظير له ربما فى العالم وليس فقط فى آسيا. ولقد شهدت العلاقات خلال السنوات القليلة الماضية تطورا كبيرا فى مختلف المجالات صار يمثل القاعدة الصلبة التى يرسى عليها البلدان الآن أسس شراكة جديدة تتيح آفاقا أرحب للتعاون على أساس من تحقيق المصالح المشتركة. ولا تقتصر فلسفتنا للشراكة مع كوريا، والتى وقع رئيسا البلدين إعلان إنشائها فى لقائهما يوم 3 مارس الجاري، على تعزيز التعاون الاقتصادى والتكنولوجى والتجاري، وزيادة وتنويع الاستثمارات فحسب، بل أيضا على بلورة آليات فاعلة لاكتسابنا خبرات ومفاتيح أسرار هذا النموذج الفريد من نوعه فى العالم.

{ كيف يمكن لمصر الاستفادة من التجربة الكورية فى مجال النمو؟

{{ وضع تقرير الأمم المتحدة للمؤشرات الاجتماعية كوريا بعد استقلالها مباشرة فى نهاية الأربعينيات من القرن الماضى كثانى أشد دول العالم فقرا، وفى مطلع الخمسينيات طحنت الحرب الكورية الجنوب المعدم لتصبح كوريا هى الدولة الوحيدة الباقية منقسمة لدولتين بعد انتهاء الحرب الباردة وحتى الآن. ولم تلبث سبعينيات القرن الماضى أن ولت لنجد نفس هذا البلد، كوريا الجنوبية، يتصدر ما عرف حينها بالنمور الآسيوية الأربعة للنمو والتطور، وبدأ يحقق معدلات مذهلة ليس فقط للنمو الاقتصادى بل للتطور الفنى والتقنى القائم على الإبداع والريادة. واليوم تحتل ثانى أشد دول العالم فقرا سابقا المركز 11 بين أكبر اقتصادات العالم حاليا، وتقدم لنا أروع أشكال التكنولوجيا تقدما فى مختلف المجالات، بل وتتصدر المراكز الأولى عالميا فى عدة قطاعات صناعية وتقنية حيوية مثل صناعة السفن العملاقة والتكنولوجيا البيولوجية والسيارات والمركبات وتكنولوجيا الطاقة الجديدة والمتجددة، إضافة لاحتلالها المركز الخامس كأكبر مصدر عالمي.

وعلى سبيل تحقيق ما تقدم، فإن الرئيس السيسى لم يدخر جهدا لعقد أكبر عدد من الفعاليات التى تتيح له توسيع شبكة الاتصالات السياسية والاقتصادية المصرية مع مختلف أقطاب الدولة الكورية. والتقى خلال زيارته بالرئيسة الكورية «بارك جين هيه» ورئيس وزرائها ورئيس البرلمان، وعشرة من رؤساء أكبر الشركات الكورية ذات المركز السوقى العالمى المتقدم، والريادة التكنولوجية المتفوقة فى الصناعات الثقيلة والهندسة والإنشاءات والإلكترونيات والاتصالات والبترول والطاقة والبنية الأساسية، وغيرها من القطاعات الحيوية. كما شارك فى ختام الدورة الجديدة لمجلس الأعمال المصرى الكورى والتقى ورؤساء الاتحادات الاقتصادية الكورية الأكبر. كما زار الرئيس «المنطقة الاقتصادية والصناعية الحرة» فى مدينة إينشون النموذجية الصديقة للبيئة على مشارف العاصمة، والتى تقدم نموذجا قريبا من مشروعنا القومى الطموح لتطوير الممر الملاحى لقناة السويس، حيث زار سيادته فيها وبقربها أكبر المنشآت الصناعية الحيوية بما فيها الميناء الجديد، أكبر مركز لوجيستى لحركة التجارة فى شرق وشمال شرق آسيا.

{ وكيف ترى ما سيكون عليه مردود هذه الزيارة؟

{{ حرص الرئيس السيسى فى لقاءاته سواء الرسمية الثلاثة مع الرئيسة ورئيس الوزراء ورئيس البرلمان أو مع رؤساء الشركات والاتحادات الاقتصادية الكبرى على مناقشة الموضوعات الحيوية ذات المردود الملموس لتعزيز العلاقات وبناء الشراكة. فبالإضافة إلى تبادل الرأى وبحث آفاق التنسيق والتحرك المشترك بشأن القضايا الدولية والإقليمية ذات الاهتمام المشترك، فقد ركزت المباحثات بين الجانبين على بلورة الآليات وشبكات الاتصال وتبادل المعلومات والخبرات، لتحقيق الاستفادة من التجربة الكورية المتميزة فى مجالات حيوية مثل الإدارة وبناء القدرات البشرية والتعليم العالى والفني، وتوظيف البحث العلمى لتطوير الصناعة والنماذج الناجحة للشراكة بين الحكومة والشركات الخاصة، وفقا لخطة الدولة للنمو وإدارة الاقتصاد. كما ستعمل الآليات التى سيتم إنشاؤها على التعاون فى مجالات تطوير الصناعات الصغيرة والمتوسطة والإبداع التكنولوجي. كذلك تم بحث مشاركة الهيئات التمويلية الكورية الكبرى فى تمويل المشروعات القومية العملاقة بمشاركة تنفيذية فاعلة من الشركات الكورية. كذلك تم بحث المشروعات المطروحة لتعزيز الاستثمارات الكورية فى القطاعات الحيوية فى مصر وبناء المنشآت الصناعية المشتركة الكورية المصرية وقيامها بالتصدير للدول العربية والإفريقية والأسواق الأوروبية، بالإضافة لبحث ترتيبات لتنمية التجارة البينية ومشروعات على الأرض لتحقيق التعاون فى مجالات التعليم الفنى العالى والمتوسط. وقد شهدت الزيارة التوقيع على أكثر من عشرة اتفاقيات ومذكرات تفاهم بشأن التعاون فى مجالات التمويل للمشروعات التنموية الحيوية وتبادل الخبرات فى القطاع المالى والمصرفى والشراكة بين اتحادى الغرف التجارية للبلدين، وفى قطاعى العدل والقضاء، وأيضا فى مجالات التعليم الفنى العالى والنقل والسكك الحديدية ومشروعات البنية الأساسية وتطوير الموانئ وأرصفة تداول الحاويات والصناعات البحرية المتطورة وتنمية التجارة، وغيرها من الأطر التعاقدية التى تتيح لمصر استفادة عملية ملموسة من الخبرات والإمكانيات الكورية.

{ هل تأثرت العلاقات المصرية الكورية الجنوبية سلبا نتيجة الظروف التى مرت بها مصر؟

{{ شهدت السنوات الأخيرة، ورغم الظروف التى شهدتها مصر خلال وعقب ثورتى 25 يناير و30 يونيو، اهتماما كوريا كبيرا بتطوير وتعزيز التعاون مع مصر. ولا يفوتنا أن واحدا من أكبر الاستثمارات الكورية فى مصر بقيمة 200 مليون دولار، مصنع سامسونج للإلكترونيات ببنى سويف، وهو أول مصنع كورى لإنتاج شاشات التليفزيون الحديثة خارج كوريا، والملحق به لأول مرة مركز للأبحاث لتطوير المنتج وبناء القدرات، وقد تم إنشاؤه عقب ثورة 25 يناير مباشرة، فى ظل ظروف أمنية وسياسية متوترة، وكان المشروع الوحيد الذى تم إنشاؤه فى مصر خلال تلك الفترة ولسنوات تلت من جانب أى دولة فى العالم، بما فى ذلك أوثقها تحالفا وشراكة مع مصر. فلطالما نظرت كوريا الجنوبية لمصر، الدولة العربية والإفريقية القائدة ذات الموقع العبقرى الفريد والقدرات اللوجيستية المتطورة فى البنية الأساسية والتشريعية والإدارية فى مجال الصناعة والاستثمار والنقل، باعتبارها بوابة سول الرئيسية للنفاذ لأسواق الشرق الأوسط وإفريقيا بل وأوروبا. ويؤكد رؤساء كبرى الشركات الكورية أن توطين التكنولوجيا الكورية وملامح عملية تروج للنموذج الكورى فى مصر سيتيح لكوريا معرضا حيا لتسويقها فى المنطقة بأسرها، واجتذاب المزيد من الشركاء فيها بما يدعم المسعى الكورى الراهن لتوسيع شبكة الشراكات الاقتصادية والتجارية والتقنية مع مناطق تتجاوز أسواق كوريا التقليدية فى شرق آسيا، لتشمل المنطقة العربية وإفريقيا، بما يحقق لكوريا الجنوبية الانتشار العالمى الذى تطمح إليه لتعزيز مكانتها الآخذة فى التقدم كقوة اقتصادية وسياسية كبرى مستمرة فى الصعود.

وفى النهاية يلزم التأكيد أن الزيارة التاريخية للرئيس السيسى إلى كوريا الجنوبية وإن كانت تتوج بالنجاح لبذل جهدمكثف دام عاما كاملا أو يزيد من جانب كل قطاعات الدولتين، إلا أنها تمثل فى الواقع بداية ونقطة انطلاق لمسيرة مستقبلية تستلزم المزيد من الجهد والعمل الدءوب لبناء الشراكة الجديدة بين البلدين، شراكة شاملة للتعاون من أجل تحقيق المصالح المشتركة وبناء نموذج يحتذى للتلاقى البناء والفاعل بين النجوم الساطعة الواعدة والقوى الإقليمية الرئيسية من أقصى الدنيا لأقصاها.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق