رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

ترامب يفجرالصراع داخل معسكر الجمهوريين

واشنطن - توماس جورجيسيان
الانتخابات التمهيدية فى خمس ولايات أمس الأول (الثلاثاء) جاءت من جديد لتبين وتؤكد تقدم الملياردير"دونالد ترامب" وتفوقه الكبيرعلى منافسيه فى سباق الفوز بترشيح الحزب الجمهوري.

وبما أن السيناتور "ماركو روبيو" خسر أيضا فى ولايته فلوريدا فقد قرر أن ينسحب من السباق الانتخابي. لذا لم يبق كمنافس لـ"ترامب" فى الحزب الجمهورى إلا السيناتور "تيد كروز" و"جون كيسيك" حاكم ولاية أوهايو. من جهتها حققت "هيلارى كلينتون" انتصارات كبرى يوم الثلاثاء مما دفع المراقبين للقول إن هيلارى بذلك رسخت تفوقها على السيناتور "بيرنى ساندرز" كمرشحة للحزب الديمقراطي.

والمشهد الانتخابى الأمريكى بلا شك ما زال صاخبا وساخنا ومحيرا ومقلقا .. وأيضا "عبثيا" فى كثير من أحداثه. فى الأيام الأخيرة صار واضحا أن محاولات قيادات الحزب الجمهورى فى عرقلة أو ابطاء تقدم الملياردير دونالد ترامب فى السباق الانتخابى لم تأت بنتائج إيجابية حتى الآن. وأن ترامب مهما ارتكب من أخطاء فى أقواله ومواقفه مازال يحظى بتأييد الملايين من الأمريكيين. خاصة لدى الجمهوريين المتشددين والبيض العنصريين واليمين المتطرف منهم.والسؤال المطروح منذ فترة والمتكرر بشدة: "هل يمكن وقف تقدم ترامب؟" ثم يليه "كيف؟ ومتي؟". قيادات الحزب كما يبدو سوف تحاول أن تساند بشدة منافسيه (سواء كروز أو كيسيك) لعل أحدهم يستطيع أن يعرقل تقدمه. نتائج الانتخابات التمهيدية الجارية حاليا سوف تحدد وتشكل خيارات الحزب واستراتيجيته فى المؤتمر القومى للحزب الجمهورى الذى سيحسم فيه ويعلن فيه اسم المرشح الجمهورى للإنتخابات الرئاسية, والذى من المقرر عقده ما بين ١٨ و٢١ يوليو القادم فى كليفلاند بولاية أوهايو.

أما على الجانب الديمقراطى وعلى الرغم من تقدم هيلارى كلينتون فان اجتيازها هذه المرحلة من الانتخابات التمهيدية كما يبدو ليس سلسا وسهلا على الإطلاق كما كان متوقعا فى البداية. فمنافسها بيرنى ساندرز بتلقائيته فى طرح أفكاره وصراحته فى مكاشفة السياسيين وأصحاب النفوذ .. وأيضا انتقاده الشديد لتاريخ هيلارى وصفقاتها مع أصحاب المصالح زاد من أنصاره ومؤيديه خاصة لدى الأجيال الجديدة. والظاهر للعيان فى الموسم الانتخابى الحالى (٢٠١٦) أن عدم الرضا والغضب بشكل عام تجاه محترفى السياسة وتداخل المصالح والنفوذ صارا بلا شك الشعور العام الغالب لدى الأمريكيين من كل الأجيال.

مما أصبح مقلقا ومثيرا للنقاش والمتابعة الإعلامية خلال الأيام الماضية وأيضا كانت هناك ظاهرة العنف فى التجمعات الانتخابية وتحديدا تلك المحيطة ب"ترامب". فأى صوت معارض أو معترض ليس له مكان بين أنصار ترامب. وعليه ألا يوجد بينهم والا تم طرده من المكان وربما ضربه. هذا ما حدث من قبل عدة مرات الا أنه تحول أخيرا الى الرد العنيف والاشتباكات والضرب بين الأفراد، وتمت الاستعانة بأفراد الأمن لفك الاشتباك واستعادة النظام.

وما حدث من مواجهات ومصادمات عنيفة بين أنصار "ترامب" ومعارضيه فى الأيام الأخيرة ـ دق بشدة ناقوس الخطر لما يمكن أن يحدث ويتفجر فى الأيام المقبلة. ولم يكن بالأمر الغريب أن تتساءل صحيفة "واشنطن بوست" فى تحقيق سياسى مطول "هل يمكن احتواء ما قام به دونالد ترامب من"فك للجامه"؟ و"اشعال لفتيل العنف". وحاولت الصحيفة أن تناقش وأن تستوعب ظاهرة الغضب الذى تؤججه العنصرية والذى صار مع مرور الأيام ومع تصريحات "ترامب" أكثر حدة واشتعالا وهياجا ومليئا بالكراهية.

فى المقابل لم يتردد ترامب وهو ينتقد معارضيه و"من يحاولون افساد تقدمه" أن يصوب أصابع الاتهام الى السيناتور بيرنى ساندرز ـ المرشح الديمقراطى والقول بأنه يقف وراء هذه الاقتحامات ويحرض هؤلاء الذين حاولوا اقتحام لقاءاته مع أنصاره واصفا إياه بـ"بيرنى الشيوعي". بل لوح أيضا بإمكان ارسال مجموعات من جانبه لتدبير وتنفيذ أفعال مشابهة فى حملة "ساندرز".

كما أن ترامب عاد من جديد الأسبوع الماضى ليقول فى حديث تليفزيونى "أعتقد أن الإسلام يكرهنا" ولم يتراجع عما قاله ولم يعد النظر فيه أيضا. "ترامب" من جهته وبشكل عام بدا أقل تهورا فى المناظرة الأخيرة ولقاءاته الإعلامية ودعا الى التعقل وضم الصفوف والتوافق بينه وبين قيادات الحزب ونصح بتقبلهم تفوقه واكتساحه وبالتالى قبول أمر ترشيحه كمرشح الحزب.

المعلقة السياسية الشهيرة بيجى نونن، المعروفة بتوجهاتها الجمهورية وكانت ضمن فريق مستشارى الرئيس ريجان وكاتبة لخطبه، وهى تتحدث عن ترامب قالت أن المشكلة مع ترامب بشكل عام ليست فى أنه يقول أو يعلن أشياء نتفق أو نختلف حولها. بل انه غالبا ما يقول أشياء لا معنى لها. إنه لا يقول سياسات بل جملا بعينها تثير مشاعر مؤيديه وتدفعهم للتهليل مثل إشارته المعتادة إلى أنه سيقيم سورا عاليا على الحدود مع المكسيك وأن المكسيك هى التى ستدفع تكلفته.

أما دانا برازيل المعلقة السياسية الديمقراطية فقالت، تعقيبا على ما يبديه البعض من تعجب واستنكار لما يقوله ويعلنه ترامب، بأن ترامب يكرر وبصوت عال ومن خلال الميكروفون والتجمعات الكبرى ما اعتدنا سماعه من "توك شو" المحطات الاذاعية خلال السنوات السبع الماضية ـ سنوات ولاية أوباما. والمعروف أن أغلب هذه الإذاعات "يمينية التوجه" و"عنصرية النبرة" و"متطرفة التناول" وتلعب دورا مهما وحيويا فى تحديد الأولويات وتشكيل التكتلات اليمينية المتطرفة التى تتبنى فلسفة "أن أمريكا التى كنا نعرفها تشوهت وضاعت .. وبالتالى علينا أن نستردها" و"أن نحميها من الغرباء" وجدير بالذكر أيضا فى المشهد الإنتخابى الأمريكي، أن السيناتور الديمقراطى بيرنى ساندرز بدأ أخيرا فقط الحديث عن يهوديته. وكانت هناك انتقادات عديدة وجهت اليه من جانب العديد من المنظمات اليهودية الأمريكية على أساس أنه لا يعتز بأصوله ولا يريد الحديث عنها. الا أنه ذكر فى مناظرة تليفزيونية أنه عاش تجربة والديه اليهودية مع الهولوكوست وضحاياه وأيضا التمييز والتفرقة. وانه يعتز بأنه يهودي. كما اهتمت بعض وسائل الاعلام إخيرا بما حدث فى ديربورن بولاية ميتشجان وكيف أن نسبة كبيرة من الناخبين المسلمين وخصوصا الشباب أعطوا أصواتهم فى الانتخابات التمهيدية للمرشح اليهودى ساندرز! واذا كان السيناتور "ماركو روبيو" منافس ترامب قد ذكر مثل غيره من منتقدى الرئيس الأمريكي" لا يوجد شك بأن أوباما أسهم فى حدوث الفوضى السياسية الحالية". فان أوباما من جهته علق قائلا: "لا يجب النظر إلى "ترامب" كحالة فردية أو كنتاج لعملية انتخابية واحدة"، وذكر أوباما بأن هؤلاء الذين "يغذون الشكوك حول المهاجرين والمسلمين والفقراء وأيضا حول من يسمونهم "أناسا ليسوا مثلنا"، وأن "أمريكا صارت على منحدر هابط بسبب هؤلاء الناس" مشيرا أيضا إلى "أن ما نراه لم يحدث فقط الأسبوع الماضي. وأن هذا الإتجاه الذى يتم دفعه ونشره الآن قائم منذ سنوات مضت" ولافت للانتباه فى المشهد الانتخابى أن وسائل الاعلام فى تغطيتها للعملية الإنتخابية صارت أكثر جدية وأكثر حرصا على التدقيق فيما يقوله المنافسون من أقوال وأرقام وأكاذيب وادعاءات. وبدأ هذا التوجه ينعكس بوضوح فى محاسبة السياسى وإعلام المواطن بما يجب أن يعرفه وبما يجب أن يسمعه من أصحاب الفكر وقادة الرأي. خاصة أن "ترامب" بشطحاته وتصريحاته الهوجاء زلزل فى الفترة الماضية أركان واشنطن وكشف الكثير من خداع السياسيين وألاعيب السياسة وبالتأكيد أسهم فى "تفتيت الحزب الجمهوري" .. وبث الفرقة فى أنحاء أمريكا.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
 
الاسم
 
عنوان التعليق
 
التعليق