رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

الحذاء الذهبى

كان الإنسان البدائى يلف أوراق النبات وفروع الأشجار اللينة حول قدمه بطريقة فطرية، لكى يحميها من الحرارة والجروح، خلال سيره فوق الأشواك أو الحجارة،

ويقى بها نفسه من لدغات العقارب والثعابين، ثم استخدم المصريون القدماء الصنادل الناعمة الجلدية أو من الورق المقوى، فى حين كان الصينيون القدماء يستخدمون مايشبه «القبقاب» الخشبي، وتحولت الاحذية والنعال من أداة للوقاية إلى الأناقة، وتطورت خلال فترات التاريخ إلى أن وصلت تدريجيا إلى الشكل المتعارف عليه الآن، ولكن مظهره يختلف باختلاف الغرض المصنوع من أجله، وتفتن الإسكافيون فى ذلك فكان مايصنعونه للفرسان راكبى الخيول يختلف عما يرتديه النبلاء، وبين ماتلبسه النساء ومايرتديه العامة.. ولكن لم يخطر على بال أناس الماضى أنه سيستخدم لاحقا فى الضرب والإهانة أو التعبير عن السخط أو الغضب، وكانت أولى الحالات التى وصلت إلى أسماعنا هى شجرة الدر، التى كانت تحكم مصر فى عهد المماليك مستترة خلف زوجها عز الدين أيبك، والذى كانت وراء مقتله وانتقمت منها زوجته السابقة أم على بأن أمرت الجوارى بضربها بالقباقيب الخشبية على رأسها حتى الموت، وإلقائها من فوق سور القلعة.

ونتذكر الرئيس السوفيتى نيكيتا خروشوف فى أكتوبر عام 1960 عندما رفع حذاءه وطرق به على المنضدة التى أمامه فى الأمم المتحدة اعتراضا على خطاب رئيس الوفد الفلبينى الذى اعترض فيه على سياسات الاتحاد السوفيتى فى أوروبا الشرقية فى ذلك الوقت، أما الصحفى العراقى منتصر الزيدى فقد رشق الرئيس الأمريكى السابق جورج بوش الابن بفردتى حذاء خلال مؤتمر صحفى فى بغداد عام 2008 احتجاجا على الغزو الأمريكى للعراق، ورفضا لوجود قوات الاحتلال الأمريكية واستطاع بوش تفادى الضربتين وقد سماه البعض «الحذاء الذهبي» !

وفى داخل مجلس النواب عندنا شهدت مصر أكثر من واقعة استخدم فيها الحذاء أولاها كانت عام 1987 بين النائب طلعت رسلان ووزير الداخلية حينئذ زكى بدر، وكان معروفا عنه إطلاق الألفاظ الجارحة والخارجة والسباب بالكلمات الفاحشة، وقد صفع الوزير النائب وضربه بالحذاء وتبادلا الضرب والإهانة.. وثانيتها كانت بين النائب الراحل طلعت السادات والنائب أحمد عز ملك الحديد والصلب فى ذلك الوقت عندما سأله من أين ياعز أصبحت ثروتك 40 مليار دولار ولم تبلغ سن الأربعين؟ فرد عليه بأنه ورثها عن آبائه وأجداده، فانفعل وثار عليه وقال عن جده أنه غفير قبور ووالده كان عنده محل مواسير ورفع عليه الحذاء، والواقعة الثالثة حدثت منذ أسبوعين حين رفع النائب الحالى كمال أحمد حذاءه وضرب به النائب توفيق عكاشة احتجاجا على لقائه السفير الاسرائيلى بمنزله على العشاء وحواره معه والتحدث معه فى أمور لم يكلف بها من أى جهة رسمية قد تضر الأمن المصرى وتسبب الإضرار بمصلحة البلاد، وهناك اللائحة الداخلية للمجلس كافية لعقابه، وقد عوقب وطرد من المجلس بعد أخذ أصوات النواب وبرغم ذلك لم يوافق معظم الشعب المصرى على مابدر من النائب من سلوك لا تليق من برلمانى قديم مثل كمال أحمد.

وكلمتا الحذاء والنعل عربيتان تحملان نفس المعني، أما كلمة «الجزمة» فليس لها أصل فى اللغة العربية، ولكنها فى الأصل كلمة تركية تعنى النعل ذات الرقبة، وخلال إحتلال الأتراك مصر ـ الذى استمر ثلاثة قرون ـ كانوا يعاملون المصريين بتعال شديد ويصفونهم بعبيد إحسانهم، وفى حالات التوبيخ والتعنيف كانت ألفاظهم تسبق انفعالهم مثل «إخص» و «خرسيس فرسيس» وكان لفظ الضرب «بالجزمة» هو رمز الإهانة من (جلفدان هانم)، وحظرة لاظوغلى باشا أفنظم، والحمد لله أن مصر تلفظ دائما المستعمرين.

لكن العجيب هو أننا نستعمل كلمة «الجزمة» فى لغتنا الدارجة أكثر بكثير من استعمالنا كلمتى الحذاء والنعل.

د. مصطفى شرف الدين

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق
  • 1
    ^^HR
    2016/03/16 07:00
    0-
    6+

    كلمة الجزمة اقرب الى العامية السهلة مقارنة بإسم الحذاء الأقرب للفصحى!!
    أيهما أيسرواسرع نطقا؟! ،،أن يقول أحد لآخر أديك بالجزمة أم أضربك بالحذاء؟!...وفى ذات السياق فهناك مرادفات من عينة الصرمة والبلغة والمنتوفلى والشبشب تستخدم للتهديد بالضرب بها
    البريد الالكترونى
    الاسم
    عنوان التعليق
    التعليق