شهدت القاهرة خلال الأيام القليلة الماضية نشاطا مكثفا لثلاثة من المرشحين لتولى المنصب الأرفع فى الدبلوماسية العالمية،حيث اختار هؤلاء المرشحون مصر لتكون فى طليعة الدول التى يطلب كل منهم دعمها فى السباق نحو منصب أمين عام الأمم المتحدة، فكانت زيارتهم للقاهرة قبل شهر واحد من انطلاق أولى جولات هذا السباق بنيويورك.
المرشحون الثلاثة يتمتع كل منهم بخبرات دبلوماسية كبيرة، وفهم عميق للعلاقات الدولية، وهو ما جعل القاهرة قبلة لهم لأهمية دورها بالمنطقة، ولأن مصر تقود حاليا الدول الإفريقية فى الأمم المتحدة بشغلها مقعدا غير دائم بمجلس الأمن، وهو ما يعنى أنها ستشارك فى اختيار اسم المرشح الذى سيطرحه مجلس الأمن على الجمعية العامة للأمم المتحدة للتصويت عليه قبل نهاية العام ليخلف بان كى مون فى المنصب.
سباق المرشحين للحصول على الدعم المصرى بدأ بوصول المرشح دانيلو تورك، رئيس سلوفينيا السابق خلال الفترة من 2007- 2012)، والذى شغل أيضا من عام 2000 إلى 2005 منصب مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشئون السياسية، كما كان أول سفير لبلاده فى المنظمة الدولية عام 1991 عقب استقلالها عن الاتحاد اليوجوسلافى، وقد جاء اختياره مصر لتكون من بين الدول التى سيزورها خلال حملته لنيل المنصب بسبب محورية دورها كأحد دعائم السلام والاستقرار بالشرق الأوسط، ولجهودها فى مواجهة الإرهاب وتحقيق الأمن بالمنطقة، كما قال بعد استقبال الرئيس عبدالفتاح السيسى له، بحضور وزير الخارجية سامح شكرى.
وفيما أشار رئيس سلوفينيا السابق، خلال لقائه مع عدد من صحفيى الأهرام، إلى علاقته الشخصية بمصر والصداقات الخاصة التى تجمعه بكل من الدكتور نبيل العربى، أمين عام جامعة الدول العربية، وعمرو موسى، الأمين العام السابق للجامعة، وكذلك صداقته مع الأمين العام الأسبق للأمم المتحدة الراحل الدكتور بطرس غالى، وهذا ما قد يكون لعب دورا فى اختياره للقاهرة، فإن المرشح الثانى الذى جاء إلى مصر طالبا دعمها كان سرجيان كريم، والذى أكد فى تصريحاته عقب استقبال وزير الخارجية سامح شكرى له أن هذا اللقاء كان الأول على هذا المستوى، حيث زار 58 دولة منذ إعلانه ترشحه للمنصب للتباحث مع مسئوليها وطلب دعمها، لكنه بدأ من مصر أول اللقاءات التى سيجريها مع وزراء خارجية الدول الأعضاء فى مجلس الأمن، لما لمصر من أهمية على الصعيدين العربى والدولى، حسب تعبيره. وشدد كريم -الذى شغل عدة مناصب منها مندوب مقدونيا فى الأمم المتحدة، ثم وزيرا لخارجيتها، كما تم انتخابه بالتزكية فى مايو 2007 رئيسا للدورة الـ62 للجمعية العامة للأمم المتحدة- على أن مصر لها مكانة خاصة لديه، وأنه يسعى للحصول على دعمها لترشيحه للمنصب الدولى، مشيرا إلى أن مصر كانت شريكا مهما ليوجوسلافيا السابقة، التى كانت مقدونيا إحدى دولها.
اما المرشح الثالث لمنصب الأمين العام للأمم المتحدة الذى زار القاهرة فى الأيام القليلة الماضية، وفى وقت متزامن مع زيارة المرشحين السابقين، كان البرتغالى أنطونيو جوتيريس، الذى أكد أن لقاءه مع وزير الخارجية سامح شكرى كان فرصة مهمة للتعبير عن اعتقاده العميق بمركزية الدور المصرى، وقدرة مصر على التأثير فى حل المشكلات والقضايا الإقليمية والدولية، لما لها من تقدير كبير، حيث إنها دولة ذات حضارة ولها تاريخ طويل، وقد لعبت دورا متفردا وقت الزعيم الراحل جمال عبدالناصر وقادت الدول لحل القضايا الإقليمية والدولية. وقال جوتيريس -الذى سبق له شغل عدة مناصب مهمة، حيث كان مفوضا ساميا لشئون اللاجئين، على مدى دورتين من 2005 إلى 2015، كما كان رئيسا لوزراء البرتغال بين عامى 1995 و2002- إنه يعتقد أن من يريد شغل منصب أمين عام الأمم المتحدة يجب أن يتمتع بتعاون جيد مع مصر للمساهمة فى حل القضايا الدرامية التى تعانى منها المنطقة. اهتمام هؤلاء المرشحين الثلاثة لمنصب الأمين العام للأمم المتحدة، وهم أوروبيون، يؤكد أن مكانة مصر ودورها الدولى محل تقدير واحترام، ويبقى أن تستثمر مصر مثل هذه اللقاءات لإحاطة هؤلاء بحقيقة الأوضاع فى البلاد، وإبراز الصورة الحقيقية للدور المصرى وفعاليته، ليس على المستوى الإقليمى فقط بل على الصعيد الدولى أيضا، خصوصا أن آلية اختيار الأمين العام الجديد للأمم المتحدة، والذى سيخلف بان كى مون، تختلف عن المرات السابقة، حيث تقوم الحكومات بتقديم أسماء مرشحيها لشغل المنصب، وهو ما يعنى أنه سيكون هناك عدد قليل من المرشحين يتمتع كل منهم بثقل كبير ودعم من بلاده، وتضم قائمة المرشحين حتى الآن سبعة أسماء فقط، ومن المنتظر أن يستمر الزخم حول اختيار خليفة بان كى مون فى المنصب الدولى الرفيع إلى نهاية العام، ومن المقرر أن ينطلق السباق فعليا فى نيويورك منتصف أبريل المقبل بما يطلق عليه «الحوار غير الرسمى»، حيث سيلقى كل مرشح كلمة لمدة 10 دقائق أمام الجمعية العامة للأم المتحدة حول ترشحه، ثم يجيب عن أسئلة الحاضرين لمدة ساعتين، وبعدها يلتقى المرشحون بالصحفيين للإجابة على أسئلتهم أيضا، وسيحاول كل منهم كسب التأييد.
رابط دائم: