للمرة الاولى تكشر الدول العربية والاسلامية عن انيابها، وتؤكد أمام العالم انها قادرة على ردع اي دولة او اي قوة كانت تهدف الى تهديد الدول العربية والاسلامية،هذا الواقع تم ترجمته فعليا على الارض من خلال اضخم مناورة عسكرية في الشرق الاوسط، احتضنتها المملكة العربية السعودية، وبمشاركة 20 دولة عربية واسلامية.
فى اول مشاركة مشتركة بين تلك الدول بعد ان اعلنت السعودية عن انشاء القوة العربية الاسلامية المشتركة، وتأتى ضخامة المناورة من خلال عدد الدول المشاركة والاسلحة والمعدات التى تشارك، والتى تمثل الافرع المختلفة للقوات المسلحة، بجانب 350 الف مقاتل ، و20 الف دبابة و2500 مقاتلة من الطرازات المختلفة، و450 طائرة هليوكوبتر، ومئات السفن، وتمثل القوات المسلحة المصرية والسعودية النسبة الاكبر بين القوات المشاركة.وجاءت تلك المناورة الضخمة فى الوقت الذى تتعرض فيه منطقة الشرق الاوسط والدول العربية والاسلامية للعديد من التهديدات والتحديات، والصراعات المسلحة، والتدخلات الاجنبية، وانتشار الجماعات الارهابية المسلحة فى المنطقة، بجانب محاولات اقليمية لبعض الدول لفرض نفوذها وسيطرتها على المنطقة من خلال تأجيج الصراعات والفتن الطائفية، مما يؤثر بشكل مباشر على الاستقرار والامن القومى لجميع الدول، وفى المقابل جاءت تلك المناورة لتوجه العديد من الرسائل لكل من يحاول العبث بمقدرات الشعوب العربية، سواء كانت قوى خارجية أجنبية أو اخرى اقليمية، أو الجماعات الارهابية .لقد استطاعت المملكة العربية السعودية ان تجمع على اراضيها هذا العدد الضخم من القوات العسكرية للدول المشاركة، وهو ما يعنى الترتيب الجيد لمسرح العمليات والتنسيق العالى بين القوات المشاركة من خلال عمليات النقل الاستراتيجى للقوات والاسلحة، والوصول فى التوقيتات المحددة وبكفاءة عالية، علما بأن المملكة السعودية استضافت من قبل نفس الاعداد فى عام 1990 التحالف الدولى بقيادة الولايات المتحدة الامريكية فى حرب الخليج الثانية ضد العراق بعداحتلالها دولة الكويت.
وإذا نظرنا فى الشق الاهم من تلك المناورة الضخمة، وهى الاستفادة التى ستعود على القوات المسلحة المصرية من تلك العمليات، فسنجد ان الاستفادة كبيرة تبدأ بالاطمئنان على المستوى التدريبى للقوات قبل المشاركة، ثم نقل القوات والسلاح الى المملكة العربية السعودية وهو ما يطلق عليه النقل الاستراتيجى للقوات قد جاء فى التوقيتات المحددة ودون اى اخطاء، وهو ما يؤكد قدرة القوات المسلحة فى نقل اى اعداد من القوات الى اى مكان فى وقته المحدد لتنفيذ المهام سواء داخل مصر أو خارجها، كما أن مصر رغم انها تخوض حربا حقيقية ضد الجماعات الارهابية فى سيناء بالاضافة الى مشاركتها فى التنمية الشاملة داخل الدولة فإنها قادرة على التحرك بقواتها والمشاركة فى تلك التدريبات، مما يدل على جاهزية عناصر القوات المسلحة فى كافة المواقع لتنفيذ المهام التى توكل اليها.اضافة الى ذلك فإن مشاركة مصر فى التدريبات المشتركة مع الدول الشقيقة، يجعلها تنفتح على مدارس عسكرية مختلفة، من خلال نقل الخبرات وتوحيد المفاهيم العسكرية والاطلاع والتعامل مع جميع انواع الاسلحة المشاركة، هو بالفعل نجاح للقوات المسلحة المصرية، وعلى الرغم من انها منفتحة على اغلب المدارس العالمية العسكرية من خلال التدريبات المشتركة، الا ان »رعد الشمال« ستضيف العديد من الخبرات فى التعامل مع هذا العدد من الدول وتحت قيادة موحدة للعمليات، الامر الذى سيعود بالنفع والخبرة على القادة الأصاغر.من جهة اخرى فإن تلك المناورة هى تدريب حقيقى للقوات المشاركة على تنفيذ اى عمل عسكرى فى المرحلة المقبلة تحت قيادة واحدة كما انها توجه رسائل عديدة لكل من يحاول ان يهدد الامن القومى للمنطقة، بأن هناك قوة اسلامية موحدة بينها اتفاق دفاعى مشترك وانها لن تكون صيدا سهلا، وان اى دولة يتم الاعتداء عليها ستهب تلك الدول للدفاع عنها، كما ان الرسالة الاهم للقوى الاقليمة التى تحاول ان تعبث وتهدد الامن القومى وبخاصة لدول الخليج العربى وهى ايران التى تسعى فى الوقت الحالى لتوجيه رسائل تهديد لدول الخليج العربى وتسعى الى اثارة الفتن والصراعات الطائفية فى المنطقة كما حدث فى البحرين والسعودية، فإن »رعد الشمال« هى رسالة رادعة حقيقية لايران او غيرها من محاولات العبث بالامن القومى للخليج الذى لا ينفصل بأى حال عن الامن القومى العربي.
ان اختيار الموقع الذي اقيمت فيه المناورة ايضا يعد موقعا استراتيجيا فمنطقة حفر الباطن تقع على الحدود مع العراق التي تشهد حربا ضد الارهاب في الوقت الحالى من خلال الجيش العراقي وقوات التحالف الدولي، كما ايضا تعد قريبة من الحدود الايرانية التي تسعى لان تكون القوة الفاعلة الوحيدة في منطقة الخليج، كما انها تمثل تهديدا حقيقيا للامن الخليجي، فمن الواضح ان المناورة كانت تهدف بجانب توحيد المفاهيم من خلال عمل عربي اسلامي عسكري مشترك الى ردع ايران وايضا التنظيمات الارهابية في العراق وبالاخص تنظيم داعش الارهابي .ان »رعد الشمال« حققت اهدافها السياسية قبل ان تبدأ على الرغم من تشكيك العديد من القوى الغربية فى امكانية الدول العربية والاسلامية ان تتحد او ان تشكل قوة عسكرية، فكانت القوة المشتركة التى تقودها السعودية، ومن بعدها الدليل على توحيد القوى تلك المناورة الاضخم التى تتم الان.ان »رعد الشمال« تحمل بين طياتها الكثير من المعانى ومن اهمها ان مصر هى الدولة الاولى الساندة لدول الخليج العربى فى اى محاولات لتهديد أمنها، كما ان دول الخليج العربي قادرة على الدفاع عن امنها القومي بالتعاون مع الدول الاسلامية التي شاركت في المناورة ومن قبلها التحالف الاسلامي الذي اعلنت عنه المملكة العربية السعودية، بالاضافة الى توجية رسالة قوية لكل الدول التي تسعى الى تهديد الامن القومي الخليجي، وخاصة ايران بالاضافة الى الدول الغربية التي تسعى الى تهديد وتقسيم المنطقة، كما انها الرسالة الاقوى للجماعات الارهابية المسلحة التي تم زرعها في المنطقة وعلى رأسها تنظيم داعش الارهابي الذي يتخذ من العراق وسوريا مقرا له، وان اية محاولات للتنظيم للتحرك في اتجاه دول الخليج سيكون الرد عنيفا من قبل تلك الدول ، كما اكد من قبل الرئيس عبد الفتاح السيسي، بجانب ان القوات المسلحة المصرية على درجة من الجاهزية العالية لتردع كل من يسعى الى تهديد الامن القومى المصرى على جميع الاتجاهات الاستراتيجية.
[email protected]
رابط دائم: