كانت مصر- ولاتزال - الداعم الأكبر للقضية الفلسطينة منذ عام ١٩٤٨ عندما قادت تحالفا عربيا ضد ما أطلق عليه وقتها العصابات الصهيونية، وخاضت فى سبيلها خمس حروب متتالية، وكانت القاهرة الحاضنة الرئيسية لأول حركة مقاومة ظهرت فى فلسطين عام ١٩٦٥ "حركة فتح" ومن القاهرة أيضا تحرك أول مقاتل فلسطينى وانطلقت أول رصاصة مقاومة ضد العدو الصهيونى.
وقد استمرت مصر فى مساعيها إلى لملمة خلافات الفصائل الفلسطينية جمعاء، لم تفرق بين حماس أو فتح أو الجبهة الشعبية أو الديمقراطية، وتعاملت بحيادية شديدة كراعية لمفاوضات مكوكية دامت سنوات طويلة من أجل تحقيق الوفاق الوطنى، فما قدمته مصر للشعب الفلسطينى ولقضيته لا يمكن إنكاره.
وبالرغم من ذلك، وبدلا من أن تكون حركة حماس سندا ودعما لمصر فى مواجهة التهديدات التى عانتها بعد ثورتين، فقد كانت بمثابة السكين الغادر والتهديد الأكبر للأمن القومى المصرى والعربى،والذراع الطولى لأعداء الوطن من خلال توفير بيئة حاضنة لمجموعات الإرهاب التى يتم تدريبها عسكريًا، أو من خلال تقديم دعم لوجستى وعسكرى من خلال توفير الأسلحة، وتوفير أماكن الاختباء والتخفى لهؤلاء الإرهابيين على أراضيها سواء قبل تنفيذ العمليات المسلحة أو بعد تنفيذها، لتؤكد يومًا بعد الآخر أن الإخوان ملة واحدة فى الداخل والخارج، وأن مواجهتهم للاحتلال بمثابة "حجة" استخدمتها لتدريب عناصرها على العنف والارهاب، وهى فى الحقيقة مجرد جناح عسكرى مسلح تستخدمه جماعة الاخوان الأم فى مصر ضد معارضيها، فحماس هى اليد الطولى للجماعة، والخطر الحقيقى على الأمن القومى المصرى.
العميد خالد عكاشة مدير المركز الوطنى للدراسات الأمنية أرجع تحول حماس من حركة مقاومة للمحتل إلى أحد أكبر أسباب تهديد الأمن القومى المصرى إلى 3 أسباب رئيسسية، أولها أن تفرغ حركة حماس لتنفيذ المشروع الإخوانى ليس لارتباط الحركة بالجماعة ارتباط هوى أو محبة أو توافق فكرىفقط، وإنما ارتباط تنظيمى مباشر، حيث ورد فى البند الثانى من وثيقة تأسيس الحركة أنها "أحد الأفرع التابعة للتنظيم العالمى للإخوان".
وأكد عكاشة أن هذا التحول لم يحدث ضد مصر فقط وإنما عانت منه معظم الدول التى قدمت لها دعما واحتضاتنها فوق أراضيها ولعل أبرز مثال على ذلك هو ماحدث فى سوريا، حيث قدمت سوريا دعما للحركة وأسست مكاتب على أراضيها لمدة 15 عاما، وبمجرد إعلان التنظيم الدولى الانخراط فى العمل المسلح بعد ما يسمى بثورات الربيع العربى فى 2011 انقلبت الحركة على النظام السورى وأشهرت أسلحتها فى وجهه، وقد تكرر هذا المشهد بحذافيره فى مصر إبان ثورة 30 يونيو عندما أعلن الشعب المصرى عن رغبته فى إزاحة الاخوان عن سدة الحكم، ورغم كل الدعم الذى قدمته مصر للحركة والقضية الفلسطينية سياسيا وإنسانيا ومعنويا، وقال إن حماس لم توفر بيئة حاضنة للإرهاب فقط، بل مارست الإرهاب ذاته وساندت جماعة الإخوان، سواء إبان أحداث ثورة 25 يناير عام 2011 من خلال فتح السجون، وتهريب المعزول محمد مرسى وإخوانه، أو من خلال الدعم العسكرى الذى قدمته للجماعة فى مصر عندما أعلنت الحرب ضد النظام المصرى واستهداف الشرطة المدنية والقوات المسلحة
وقال عكاشة أنه من الأسباب التى تؤكد أن حماس تمثل تهديدا مباشرا للأمن القومى المصرى أن أسماء التنظيمات الارهابية التى أعلنت عن وجودها فى سيناء ونفذت عمليات ارهابية داخل حدود الأراضى المصرية ما هى الا أفرع من حركات مماثلة لها داخل القطاع، مثل تنظيم "أنصار بيت المقدس" الذى يعتبر فرعا من تنظيم "أكناف بيت المقدس" فى غزة.
وأوضح أن من أسباب التهديد المباشر للأمن القومى المصرى أن حركة حماس لا تتورع على الإطلاق فى الاستمرار على النهج الاخوانى والتخلى عن القضية الفلسطينية بشكل صريح الأمر الذى يجعل مصر تواجه جبهتين فى الشرق وليس عدوا واحدا مثلما كان فى الماضى، وأكد عكاشة أن قطاع غزة الآن يدار عبر قيادات التنظيم الدولى من تركيا، التى تقوم حكومتها أيضا بصياغة مواقفها السياسية ضد الدول التى لفظت الجماعة.
رابط دائم: