جاء القرار الخليجى الأخير باعتبار تنظيم حزب الله اللبنانى منظمة ارهابية، ليفتح المجال امام صراع جديد فى المنطقة،
وليس بالاساس صراعا مسلحا انما هو صراع سياسى جديد مخفى ، بين ايران التى تحتضن حزب الله والذى يعتبر ذراعها العسكرية القوية فى المنطقة الذى ينفذ اهدافها، ويحافظ على مصالحها، والتى هى بالاساس ضد مصالح الامن القومى العربى وليس الامن الخليجى فقط.
ومن المعروف ان حزب الله تأسس فى عام 1982 فى الجنوب اللبناني، وهو تنظيم مذهبى يقوم على ولاية الفقية، ومرجعيته وقتها آية الله الخومينى مفجر الثورة الايرانية- على حد تعبيرهم- ، لذا فإن هذا الحزب تلقى دعما كبيرا من ايران ولا يزال، حيث انه اطلق عليه فى البداية حركة للمقاومة الإسلامية ضد اسرائيل، وتلقى هذا الحزب دعما ماديا كبيرا من ايران وتم امداده بالسلاح من اجل مقاومة العدو الاسرائيلي، وكان للحزب دور فى الانسحاب الاسرائيلى من الجنوب اللبناني، الا انه بعد ذلك تضخم وتمدد واصبح دولة داخل الدولة لا يمكن ان يتم تجاهله بل انه ينفذ عمليات عسكرية تؤدى فى النهاية الى عواقب وخيمة على الدولة اللبنانية كما حدث فى عام 2006.
المعضلة الحقيقية الآن هى المحاولات الايرانية التى تحمل فى طياتها تهديدا لدول الخليج بعد هذا القرار من بينها التهديد الواضح والصريح لدولة الكويت والدول الخليجية الاخري، فى الوقت الذى يعلم الجميع الاطماع الايرانية فى منطقة الخليج العربى ومحاولات فرض نفوذها بالقوة على المنطقة وبخاصة بعد الاتفاق الايرانى الامريكى حول برنامجها النووى ورفع الحظر عنها، وهو الامر الذى تحاول ايران على الحفاظ على مكتسباتها التى حققتها منذ عام 2000 وحتى الآن.
فعلى الرغم من ان ايران كانت تعانى من حظر دولى عليها وتجميد لارصدتها فى الخارج إلا انها حققت مكاسب عديدة على المستوى الاقليمى بعد الغزو الامريكى لافغانستان، فقد كانت على خلاف حقيقى مع حركة طالبان، والخلاف كان مذهبيا بالدرجة الاولى وكانت تمثل حركة طالبان تهديدا حقيقيا للدولة الايرانية، ومع نهاية حركة طالبان، واحتلال افغانستان من قبل حلف شمال الاطلنطي، حققت ايران مكاسب واهمها تأمين تلك المنطقة الاستراتيجية و عدم وجود تهديد حقيقى عليها، ثم جاءت بعد ذلك عملية احتلال العراق فى عام 2003 من قبل القوات الامريكية لتحقق ايران بعدها العديد من المكاسب لم تكن فى يوم من الايام تحلم بها فمع دخول القوات الامريكية الى العراق دخلت معها عناصر من المخابرات الايرانية متسللة الى المناطق الجنوبية لتفتح مكاتب لها تقدم الدعم لأهل الجنوب الذين يعتنقون المذهب الشيعى لتكون بالنسبة لهم مكسبا استراتيجيا، فبدأت فى تكوين ميليشيات مسلحة على اساس طائفى وسعت الى اثارة الفتنة الطائفية فى العراق ككل ليكون لاصحاب المذهب الشيعى الغلبة الكبرى فى العراق للسيطرة على تلك الدولة بالكامل وتكون طوعا للجمهورية الاسلامية الايرانية، وتحقق احلامها فى تصدير الثورة الى الخارج وتنفيذ نظرية المد الشيعي.
وفى نفس الوقت سعت ايران الى ايجاد علاقة قوية وتحالف مع تركيا احدى دول الجوار الاقليمى لدرء اى مشاكل من الجهة التركية التى يتخيل زعيمها انها اصبحت القوة الفاعلة الكبرى فى الاقليم، لتتفرغ ايران فى مشروعها الاساسى تصدير الثورة وتركيع دول الخليج العربي، التى تعتبرها مصدر التهديد والهدف الاساسى للوصول اليه، وهو ما سعت الى تحقيقه فى مملكة البحرين من خلال دعم عناصر شيعية فى محاولة فاشلة لقلب نظام الحكم، وايضا محاولة دعم عناصر شيعية فى المملكة العربية السعودية لاثارة الفوضي، هذا بجانب صراعها التاريخى مع دولة الامارات العربية المتحدة واحتلالها للجزر الاماراتية( طنب الكبرى و طنب الصغرى و ابو موسي).
اذن فايران فى الوقت الحالى بعد العديد من المكاسب التى حققتها على الارض، وربما كانت الظروف التى واجهتها المنطقة صبت فى مصلحتها، فلا يمكن ان تسكت على اعتبار جناحها العسكرى فى قلب الوطن العربى منظمة ارهابية ومحاولة القضاء عليه ومحاصرته، فهناك العديد من الاوراق ستسعى ايران بالضغط على دول الخليج والورقة الاولى التى يمكن استغلالها هى دعمها لبعض من ينتمون الى المذهب الشيعى فى تلك الدول من اجل اثارة الفتن والقلاقل بها، وذلك تحت العديد من المسميات التى ستطرح والتى استمعنا اليها كثيرا فى الوطن العربى خلال السنوات الاخيرة، ايضا ستسعى ايران الى تزويد انصار الحوثى فى اليمن والذى تنفذ ضده قوات التحالف العربى عمليات عسكرية واعادة الشرعية الى اليمن، بالسلاح والعتاد وربما بالقوات من اجل تحقيق مكاسب وجعل المهمة اكثر صعوبة على التحالف .
ان ايران ستسعى فى المرحلة المقبلة بكل قوة ان تسيطر على جميع الخيوط فى المنطقة حتى تصل الى ما تريد وتحقق اكبر مكاسب ممكنة وربما تكون الخيوط هى ورقة الضغط على الدول الخليجية من اجل التراجع عن وصف حليفها منظمة ارهابية، ومن ثم تبدأ فى السيطرة مرة اخري.
ان ما تفعله ايران فى المنطقة يهدد بشكل مباشر الامن القومى الخليجى الذى يعد امتدادا للامن القومى المصري، الصراع سيمتد لسنوات، وانا هنا لا اشير الى صراع مسلح فهو مستبعد فى الوقت الحالي، ولكنه صراع فرض النفوذ والشد والجذب.
[email protected]
رابط دائم: