يعد مستشفى أبوخليفة والحميات بالتل الكبير بالإسماعيلية مثالين صارخين على العبث وإهدار المال العام بطريقة لا تتفق مع ما يعانى منه الإقتصاد المصرى من قلة فى الموارد والحفاظ على كل جنيه من أجل الفقراء ومحدودى الدخل، ففى عام 2005 تم الإنتهاء من بناء المستشفيين بتكلفة وصلت الى 51 مليون جنيه، منها 33 مليون جنيه لمستشفى الحميات و18 مليون جنيه لمستشفى أبوخليفة ، ولكن حتى هذه اللحظة لم يتم تشغيل المستشفيين.
ولنبدأ الحكاية بمستشفى أبوخليفة الذى يشبه القصر ويقع على طريق القاهرة ــ الاسماعيلية الصحراوى وعلى بعد نحو 20 كيلو مترا من محافظة الاسماعيلية، وتم بناء المستشفى على مساحة 12 الفا و500 متر مربع ويتسع لعدد 60 سريرا ، ويتكون من دور أرضى وأربعة أدوار علوية تضم عيادات خارجية وأشعة وصيدلية ومعملا وبنكا للدم ومطبخا و4 غرف عمليات بالخدمات وعناية مركزة وغرفا للمرضى بخلاف سكن الاطباء والمغسلة والمشرحة ولكن المستشفى لم يدخل الخدمة حتى الآن بسبب عدم وجود التمويل اللازم للتجهيز والتشغيل ،وفى عام 2007 وافق مجلس الوزراء على بيع المستشفى وتم الغاء فكرة البيع .
وتم إسنادها الى مكتب استشارى عام 2013 وتم إلغاء قرار الإسناد للمكتب الاستشارى دون إبداء الاسباب وفشلت محاولات تشغيل المستشفى من قبل وزراء الصحة والمحافظين السابقين على مدار السنوات الماضية،وأخيرا أكدت إدارة التخطيط بوزارة الصحة أنه سيتم إسناد المشروع فى خطة عام 2015/ 2016 ولكن لم يتم إدراج المستشفى فى الخطة وتم عرض مذكرة على وزير الصحة السابق بمقترح التعديل وخطة التنفيذ، حيث أبدت مديرية الصحة بالاسماعيلية إستعدادها إذا توافرت الإعتمادات المطلوبة وهى 45 مليون جينه منها 15 مليون جنيه للمبانى و30 مليون جنيه للتجهيزات الطبية ، وفى الثانى من شهر ديسمبر الماضى 2015 ورد الى محافظة الاسماعيلية خطاب من مستشار وزير الصحة لشئون المستشفيات بتشغيل المستشفى مركزا للمسنين، وتم إرسال لجنة من مركز الاستشارات الهندسية بجامعة عين شمس لدراسة المقترح فى غضون شهر ، والى الآن لا يعلم أحد مصير هذا المستشفى. ولاتختلف قصة مستشفى الحميات بالتل الكبير عن مستشفى أبو خليفة ، حيث يقع المستشفى بنفس المدينة بالقرب من الطريق الصحراوى وعلى مسافة ثلاثة كيلو مترات من المستشفى المركزي، وعلى مساحة 21 الف م2 وبسعة 150 سريرا وبتكلفة تصل الى 33 مليون جنيه وتم الانتهاء منه أيضا فى عام 2005، ويضم المستشفى 9 مبان هى المبنى الرئيسى ومبنى عزل الرجال ومبنى عزل السيدات ومبنى العيادات الخارجية و المخازن والمغسلة والمشرحة والمسجد، ويتكون المبنى الرئيسى من دور أرضى و4 أدوار علوية، ولكن كل هذه المنشآت الضخمة تحتاج الى التمويل اللازم لتجهيز المستشفى ، فى عام 2007 وافق مجلس الوزراء على بيع المستشفى كما وافق على بيع الحميات من قبل وتم الغاء البيع . . وفى سبيل إحياء المستشفى خضعت دراسة التشغيل لإهتمام الوزراء والمحافظين السابقين ووزارة الصحة على مدى 5 سنوات ، وتم إدراج المشروع فى مقترحات الخطة الإستثمارية ولكن لم يتم توفير الإعتمادات المالية اللازمة، وفى ابريل من عام 2013 طلب وزير الدولة لشئون الرياضة نقل أصول المستشفى لوزارة الشباب والرياضة للإستفادة منه فى خدمة الرياضيين والعاملين فى مجال الرياضة، وطلبت وزارة الصحة رأى مديرية الصحة ومحافظ الاسماعيلية وتمت الموافقة على هذا المقترح ، ولكن الدكتورة مها الرباط وزيرة الصحة فى ذلك الوقت رفضت المقترح بعد التغيير الوزارى فى نوفمبر 2013 .. وتم تقديم مقترح بتحويل المستشفى الى مجمع للغسيل الكلوى بعد موافقة القطاع العلاجى بوزارة الصحة على هذا المقترح ، وفى مارس من عام 2015 تم عقد اجتماع ضم محافظ الاسماعيلية ورئيس جامعة قناة السويس ووكيل وزارة الصحة وعميد كلية الطب ، لدراسة وضع مرضى الغسيل الكلوى بالمحافظة وقامت جامعة قناة السويس بدراسة احتياجات مرضى الغسيل الكلوى وتم التوصل الى زيادة سعة ماكينات الغسيل الكلوى الى 50 ماكينة بصفة مبدئية واستغلال مستشفى حميات التل الكبير وتعديل فراغاته للتنفيذ المقترح ، وفى ابريل عام 2015 تم عرض مذكرة على وزير الصحة بمقترح التشغيل والتنفيذ ، وفى يونيو من نفس العام تم مخاطبة القطاع العلاجى للأدارة الهندسية والدعم الفنى بوزارة الصحة بمقترح التشغيل والتنفيذ . والسؤال الى متى يظل مصير عشرات الملايين التى تم إنفاقها على مستشفيات التل الكبير معلقة بين إقتراحات استغلالها وحدات مسنين أو مراكز رياضية وتحويل نشاطها الطبى الذى انشئت من أجله ، مايحدث غياب للضمير وإفتقاد الى الدراسات السليمة التى كان من المفروض ان تتم أولا لتحديد مدى إحتياجات المحافظة من الخدمات الصحية بدلا من إنفاق هذه الملايين وتركها فى العراء دون إستغلال، الأمر الذى دفع عددا من نواب البرلمان بمحافظة الاسماعيلية الى إعادة فتح ملف إهدار المال العام.
رابط دائم: