رحل عن عالمنا منذ أيام عملاق من عمالقة دولة التلاوة، بعد أن أسس لنفسه مدرسة فريدة فى قراءة القرآن الكريم، سلك فيها طريقا خاصا بعيدا عن موجات التقليد،
فكان بحق امتدادا قويا لجيل عمالقة قراء القرآن الكريم ترتيلا وتجويدا، إنه القارئ الشيخ أحمد محمد عامر القارئ بالإذاعة والتليفزيون الذى وافته المنية عن عمر يناهز 89 عاما.
ولد الشيخ احمد محمد عامر فى قرية العساكرة بالصالحية مركز فاقوس محافظة الشرقية فى 3 مايو من عام 1927 ميلادية، وحفظ القرآن وهو صغير، ثم التحق بالإذاعة عام 1963م، سافر الشيخ أحمد محمد عامر إلى معظم الدول الإسلامية ودول العالم وقام بتلاوة القرآن فيها، كانت أولاها زيارة لدولة السودان عام 1958م، وسافر إلى فلسطين عام 1959م، وفي 1969م سافر إلى فرنسا، وسافر إلى أمريكا والبزايل وانجلترا، إلى جانب دول الخليج ودول المغرب العربي، منحه الملك على شاه ملك ماليزيا وسام التقدير عام 1970م.
لقد قرأ الراحل الشيخ احمد محمد عامر القرآن الكريم بحس مرهف مع قوة فى الأداء، وبراعة فى التنقل بين الآيات بطريقة لم يدانه فيها احد، مما كتب له القبول الى كل قلب وأذن، ساعده على ذلك أدبه الجم وتعامله مع غيره فى ود وكرم وحب.
ويقول عنه القارئ الطبيب أحمد نعينع، من كبار قراء القرآن، إنه برحيل الشيخ أحمد محمد عامر ــ رحمه الله ــ فقدت الأب والأستاذ، حيث كان بمنزلة الأب لى، وأيضا فقدت الأستاذ حيث كنت تلميذا له فى عالم التلاوة، لقد تعلمت منه الكثير والكثير، فهو من الرعيل الأول الذين أتقنوا التلاوة بحب وامانة دون إفراط أو تفريط، لقد كان حينما يقرأ يخرج القرآن من ثناياه غضا طريا كما أنزله الله سبحانه وتعالى.
وأشار الى أنه وعلى الرغم من تقدمه فى العمر، فإن صوته لم يتأثر ولم يتعب، بل كان يزداد حلاوة وجمالا ورونقا وخشوعا، حيث احتفظ بصوته سليما إلى النهاية، وما ذاك إلا انه كان يراعى ويتقى الله فى قراءته للقرآن، فحفظ الله له صوته إلى أن لقى ربه، فكان يحب جميع قارئى كتاب الله تعالى، إلا الذين يتلاعبون بالأحكام فى أثناء التلاوة، حيث كان يغضب من ذلك، لأنه كان غيورا على كتاب الله تعالى ويحب أن من يقرأه عليه الالتزام بآدابه نطقا وحكما، حتى تتنزل الرحمة والبركة على الجميع، كما انه ــ يرحمه الله ــ كان يؤدى جميع المقامات الموسيقية بقرارها وجوابها ووسطها، دون إخلال بأحكام تلاوة القرآن، فكان الحكم القرآنى يخرج مع النغمة والمقام يدا بيد، ومما يدل على تلاوته النافذة إلى القلوب والآذان، أنه كان يقرأ من أى موضع من مواضع القرآن فى أى وقت ودون تحضير، مما يشير الى قوة ومتانة حفظه وأيضا ثقة فى نفسه وصوته، رحم الله الشيخ أحمد محمد عامر رحمة واسعة وبوأه من الجنة نزلا ومقعدا.
رابط دائم: