تعرف الأراضى السورية التى استولت عليها المنظمات الإرهابية ما يوصف الآن بمصيدة الأطفال، الذين تعرضوا بأعداد ضخمة، ليس فقط للقتل بل لأشرس أنواع التعذيب من قطع الأرجل وتهشيم الرءوس واستهداف مستشفيات الأطفال على وجه الخصوص.
ومن استطاع أن ينجو بحياته هربا فى اتجاه الحدود التركية، تنتظره شرطة تركيا بإطلاق الرصاص عليه وقتله، حتى أن الأرض الممتدة بين المناطق الخاضعة لتنظيم داعش وغيرها من التنظيمات الإرهابية، وبين حدود تركيا أصبح يطلق عليها الآن "مصيدة الأطفال"، فمعظم الضحايا ممن لا يستطيعون النجاة بحياتهم يكونون من الأطفال الصغار.
ونشرت صحيفة صنداى تليجراف البريطانية تحقيقا صحفيا ميدانيا، تحدثت فيه عن أن المستشفيات فى الأراضى السورية الواقعة على حدود تركيا، أصبحت تكتظ بالضحايا المتزايدين نتيجة للقتال الأخير حول مدينة حلب، بعد أن أصبحت المدينة ميدانا لمعارك شرسة، تشارك فيها كل الأطياف المتقاتلة فى سوريا. وفى جناح بأحد المستشفيات يتمدد الضحايا بما يصور الوضع المأساوى الذى أصبحت عليه مدينة حلب الآن.
وتحدث مراسلو الصحيفة مع بعض الجرحى ومنهم الطفلة عفاف (13 سنة)، التى انتشرت الحفر فى جسدها الصغير من شظايا القذائف، ويقول جدها الموجود معها فى نفس المستشفى، إن عفاف أفضل حظا من بقية أفراد عائلاتها، لأن أخاها تفتت جمجمته، وأباها وأمها محتجزان فى العناية المركزة، وهما على وشك الموت.
وفى المستشفى أيضا صبى يجلس بجوار أخيه الطفل الصغير، الذى تحطمت ساقاه نتيجة إصابته بقذيفة صاروخ، وهو يحاول الهرب من مدينة الباب شمال شرق حلب، والخاضعة لسيطرة تنظيم داعش، ويصف الصبى حالتهم بقوله، أحسسنا أن هذا المكان هو جهنم بسبب ما يجرى فى المدينة من قتال عنيف ، والتى أصبحت الحياة فيها رعبا للجميع.
وفى جناح آخر ترقد الطفلة شيماء (5 سنوات)، والتى فقدت إحدى عينيها وأصيبت العين الأخرى، وقد شهدت شيماء أخاها (12 سنة) ورأته يموت أمام عينيها.
ويروى رجل كيف أمسكت به شرطة الحدود على الجانب التركى وهو يحاول الهرب من الجحيم فى بلده، ثم قام أفراد الشرطة بالاعتداء عليه بالضرب المبرح، وبعد أن دفعوا به خارج الحدود التركية، أطلقوا الرصاص على ظهره وساقه من مسافة 15 مترا بعد أن إبتعد عنهم. وقبلها بأسبوع أطلقت الشرطة التركية النار على طفلة عمرها 12 عاما، وهى تحاول الهرب مع عائلتها بعيدا عن منطقة القتال، فقتلوها وحمل أقاربها جثمانها عائدين إلى الجحيم فرارا من الموت .
كل هذا القتل كان يحدث بينما المفاوضات تجرى فى جنيف بين جون كيرى وزير الخارجية الأمريكى وسيرجى لافروف وزير الخارجية الروسى من أجل السلام فى سوريا.
وفى مناسبة مرور خمس سنوات على القتال الجارى فى الأراضى السورية، أعلن تقرير دولى أن عدد الذين قتلوا فى سوريا خلال هذه الفترة بلغ 470 ألف شخص، والجرحى حوالى مليونين.
إن ضحايا هذه الحرب تسقط عليهم القذائف والقنابل وتصطادهم طلقات الرصاص من كل اتجاه، ومن جميع المشاركين الأن فى القتال الدائر فى سوريا، والذين يسقطون قتلى وجرحى يعدون ضحايا للجميع، وأشد الضحايا هم الصغار الذين يقعون فى مصيدة الأطفال، ولا يجدون للآن من ينقذهم من الجحيم.
رابط دائم: