رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

يعقوب الشارونى نصف قرن فة صناه المستقبل

جيهان الغرباوي
مثل ملك يحبه شعبه‏,‏ تسابق الناس وتنافس المدعويين في الحفل‏,‏ علي القاء الكلمات واظهار فرحتهم به وولائهم له‏..‏ مثل الوجهاء والمشاهير‏,‏ بدي في عيد ميلاده الخامس والثمانين انيقا ومتألقا واصغر من عمره الحقيقي بكثير‏.‏

.................................................................................
انه رجل صناعة كبير, امضي اكثر من نصف قرن في صناعة المستقبل وغزي السوق المصري والعربي والعالمي بمنتجاته الفاخرة, التي قلما يتخصص احد في انتاجها.
قبل ان تصله هدايا عيد ميلاده هذا العام, وصلته قبلها بيوم واحد رسالة من سويسرا, بلد البنوك والشيكولاتة والساعات متقنة الصنع باهظة الثمن, اخبرته الرسالة انهم اختاروه, كي يحصل علي جائزةIBBY)) التي يمنحوها كل عامين لرجل واحد في العالم!
جاء في نفس الرسالة انه انجز عملا استحق عليه التقدير الكبير, ومرتبة الشرف في التشجيع علي التفاهم بين الشعوب.
أتعرفون ماذا فعل الرجل ليستحق كل ذلك ؟
لم يفقد حماسه ابدا(!)
علي مدي نصف قرن, وحتي وصوله الخامسة والثمانين من عمره, يكتب يوميا قصة جديدة للاطفال.
يفعل ذلك ويكرره بأخلاص شديد, سنوات متوالية, مؤمنا بأنه سيغير العالم ويجعله افضل.
هذه هي( حدوتة) يعقوب الشاروني, الذي احتفل الاسبوع الماضي في نقابة الصحفيين بعيد ميلاده الخامس والثمانين بين اصدقائه وقرائه وتلاميذه واولاده واحفاده ومحبيه, و الذي اكتشف بعد مسيرة نصف قرن من كتابة الحواديت والقصص والمسرحيات, أن العالم المعقد المغرور, يمكن أن يحل مشاكله الكبيرة, إن هو أصغي لأفكار الأطفال الصغار.
وهل هناك في الدنيا أجمل, من بائع الحواديت, التي تطعمنا الحكمة وتسقينا الإحساس بالجمال والرحمة, وتفتح لنا أبواب الحجرات المغلقة وتوصلنا إلي البلاد البعيدة وتزرع في القلب الشجاعة والأمل, وتعلمنا كيف نفكر كي نجد حلا, وكيف ننجو بالصدق, وكيف ننقذ أنفسنا وأحباءنا بالعمل والمحاولة والإخلاص؟
هكذا هو يعقوب الشاروني الذي يؤمن بالمستقبل ويحب من يصنعونه., لذا استمر يفكر ويحلم ويعمل ويسافر.. ويجد من ينشر ويترجم قصصه لمعظم لغات العالم وحتي عامه الخامس والثمانين لم يتوقف عن إنتاج الأفكار وحصاد الجوائز, دون دعاية ولا ضجيج.
بعد عمر حافل بالعمل والتأليف لم يجمع الشاروني ثروة ولم يصبح من الأثرياء, لكنه لم يفقد الحافز أبدا,وظل يكتب في الصحف سنوات طويلة ويوزع الحواديت علي الأطفال هدايا مجانية بلا ثمن.
لم يطمع في أكثر من النجاح والحب وإيصال الرسالة, رغم أنه ليس غافلا عن قيمة الفلوس وأثر الفلوس وما تفعله بالناس وما تغيره في الواقع وفي النفوس..
في قصته التي صدرت عن دار المعارف2004 بعنوان( معروف في بلاد الفلوس) روي ببساطة وجاذبية شديدة, كيف أن للمال سطوة, حتي علي الحاكم وكرسي الحكم, وكيف ان الثروة تفتح مغاليق الأبواب وتكسب الحرب وتقهر الحسود وتهزم العدو اللدود, وتحل أهلا وسهلا في اي بلد, وتجلب الاهتمام والسعد والهنا, وأضعف الإيمان( الصيت ولا غني) فالناس يصدقون الرجل طالما انه من الأثرياء, والمال يجعل له قوة ويخلق له اتباعا وأنصارا حيث ذهب أو جاء..
غير انه نبه واكد انه حتي في عالمنا المادي اللاهث وراء الفلوس, لابد أن ننتبه ونبني للمال أسوارا تحميه.. وحماية المال والثروة في قوة العقل والمعرفة, وإلا فقدنا كل شيء
وإن كان واقع بلادنا العربية يؤكد أن الثروة بلا عقل خراب, وأن المال بلا حلم وبال, نجد للشاروني( حدوتة مصرية) أخري عن الثورة وإسقاط نظام عجوز استهتر بالأفكار الشابة واستبد برأيه, وطمع وحده في كل مكسب وأبعد الصغار عن كل مغنم أو انتصار, حتي لحقت به الهزيمة وعم الجوع واشترك الجميع في الخسائر.
في قصته التي كتبها في يناير2014, تحت عنوان( صراع في بيت الأسد) حيث يدخل الشاروني بيت الأسد ويصف قرب علاقته بأشباله وزوجته وكيف يفكر برعاياه من حيوانات الغابة الذين نصبوه ملكا عليهم, وقائدا لحروبهم, وراعيا مسؤولا عن شؤونهم, وعن توزيع اللحوم وأنصبة الغذاء والماء فيما بينهم.
وبحس درامي عال يشتد الصراع وتتشابك أحداث القصة وتتعقد مصالح أطرافها, حتي يظهر في الأفق منافس شرس جديد, ويتآمر علي الغابة وما فيها, حتي يهزم الأسد العجوز شر هزيمة, ويبعده عن المشهد, بعد معركة قصيرة لكنها حاسمة, بعدها يعلن نفسه زعيما, ويثير الفزع بزئير مرعب, كأنما يؤسس لنظام جديد.
وهنا يكتب الشاروني جملته الكاشفة ليس مهما ان يفقد الخصم حياته.. يكفي أن يفقد كبريائه!
وفي واحدة من أمتع قصصه( كنز بيت الاسرار) يجد الشاروني حلا للفقر ومعاناة الطبقة المتوسطة في مصر, علي يد ثلاثة إخوة عادل وسوسن ونديم, الذين أرادوا أن يقدموا المساعدة لجارتهم المريضة, فاكتشفوا كنزا غير متوقع, في بيت الخالة أم نصري, التي كانت تسكن بيتا متهالكا أمام بيتهم في أحد شوارع القاهرة القديمة, بينما هي تمتلك كنزا ولا تعرف قيمته.
ولأنه دائم الاهتمام ببلده وقضايا مجتمعه,كتب عن الطفل الذي يسكن العشوائيات,في روايته( ليلية النار) التي حازت علي اكثر من جائزة دولية, وسيتم ترجمتها قريبا للغة الروسية, وبسببها اعلن المجلس العالمي لكتب الاطفال عن تكريم الشاروني في مؤتمره السنوي- اغسطس القادم في كندا.
عن الغطس تحت الماء وعن سفن الفضاء وعن اطفال الواحات والصحراء يكتب الشاروني قصصه وحواديته,ليست من نسج الخيال وحده, لكنها طريقة النحلة التي تقطع الاف الاميال و تشم مئات الزهور كي تنتج قطرات من العسل المصفي.
قال الشاروني للمحتفلين بعيد ميلاده هذا العام: انا اجمع5000 معلومة كي اكتب للطفل قصة بها50 معلومة, ورغم انه عمل جاد وشاق احيانا, لكن يكفيني شعوري بحكبكم الان,هذا يعني اني نجحت في توصيل الرسالة,ويكفي اني كنت مخلصا مع نفسي ومعكم.
عيد ميلاد سعيد يا شا روني.. سنة حلوة يا جميل..
وتوتة توتة.. حلوة الحدوتة.. ودائما للقصة بقية.. مادام في العمر بقية.
[email protected]

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
 
الاسم
 
عنوان التعليق
 
التعليق