وزير الداخلية اللبنانى نهاد المشنوق هو صحفى ومفكر سياسى ونائب فى مجلس النواب اللبنانى ومستشار للشهيد رفيق الحريرى ومناهض للوجود السورى فى لبنان، ومناصر قوى للقضية الفلسطينية، ويسعى جاهدا ليكون لبنان بعيدا عن الوصاية الإيرانية والغربية. وهو أحد رجال تيار المستقبل الأقوياء.
وقد حقق نجاحات منظورة منذ توليه وزارة الداخلية فى حكومة رئيس الوزراء تمام سلام، إذ تم تحجيم وتعطيل البؤر الإرهابية داخل لبنان. هو عاشق لمصر التى عاش فيها عامين، ويرى مستقبلها الإستراتيجى والريادى فى خروجها خارج حدودها بعد فترة الإنكفاء خلال حكم مبارك.
«الأهرام» إلتقت وزير الداخلية اللبنانى فى مكتبه وكان هذا الحوار:
< ساهمتم مع المرحوم المفتى الشيخ حسن خالد فى تأسيس اللقاء الإسلامى عام 1983 لوقف الهيمنة السورية على لبنان، والآن فى لبنان ما يقرب من مليونى نازح سوري، فكيف يمكن احتواؤهم أمنيا؟
> هناك فرق كبير بين فترة الوصاية السورية من قبل وبين الفترة الحالية، فالنازحون السوريون هربوا إلى لبنان طلبا للأمن وخوفا من الخطف والقتل الذى أودى بحياة 300 ألف مواطن، والوجود السورى حاليا فى لبنان آمن وهادئ. وعادة تحسب الفوضى والأثر السلبى لغير اللبنانى بمدى إرتكابه مخالفات ضد القانون، وحاليا لدينا فى لبنان حوالى 1.5 مليون نازج مسجل منهم 1.1مليون فقط، ونسبة الموقوفين منهم لاتتجاوز 1.10 فى الألف، وهى نسبة ضئيلة مقارنة بالأرقام فى دول العالم الأكثر امنا وإستقرارا. وهذا دليل على أن النازحين السوريين فى لبنان تحت القانون، والمخيمات السورية للنازحين تحت السيطرة بما لا يخالف القانون اللبناني، ما عدا منطقة واحدة وهى مناطق عرسال، حيث لا قدرة للدولة على الوصول، أما بقية المخيمات فهادئة وآمنة.
< العلاقات المصرية اللبنانية وثيقة وقوية، فما هى أوجه التعاون الأمنى بينهما وخاصة وأن البلدين يواجهان نفس الإرهاب؟
> التنسيق الأمنى مع مصر قائم ودائم، وهناك تنسيق دائم بين البلدين، ونحن فى لبنان حريصون على أمن مصر كحرصنا على أمن لبنان، فمصر دولة كبيرة وقائدة، ونحن نتصرف معها على هذا الأساس،ونتابع مع المسئولين فى مصر مايمس البلدين معا.
< نجح لبنان فى الإفراج عن العسكريين المخطوفين لدى جبهة النصرة فى صفقة تبادل،فمتى يتم الإفراج عن العسكريين المخطوفين لدى داعش؟
> ليس هناك أى معلومات جدية أو قنوات إتصال أو مفاوضات مع داعش، فهو تنظيم إرهابى ومجرم بحق لبنان وكل المسلمين، وهذا لا يمنع أننا حاولنا من خلال قنوات إتصال غير مباشرة ولكنها لم تنجح حتى الآن فى إيجاد وسيلة لإطلاق سراح المخطوفين، ولن نتوقف عن المحاولة حتى نصل إلى نتيجة.
< ولكن ترددت أنباء أن داعش -طلب ضمن صفقة ما- الإفراج عن الشيخ الموقوف أحمد الأسير؟
> ليس صحيحا ولم يردنا أى طلب منهم ولا أى إسم أو معلومة فى هذا الإتجاه.
< إستطاعت القوى الأمنية القبض على الشيخ أحمد الأسير، بينما لايزال شريكه فى أحداث مواجهة الجيش المطرب المعتزل فضل شاكر حرا فى مخيم عين الحلوة فلماذا؟
> مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين تحول منذ فترة إلى مبيت آمن للمطلوبين، وتلك مشكلة نعانى منها، ونعالجها بشكل تدريجى يمنع الصدام العسكرى مع المجموعات المسلحة داخل عين الحلوة. والقرار اللبنانى هو احتواء المخيم أمنيا ومنع دخول أو خروج أى مطلوب، وقدد حققنا نسبة نجاح عالية، ولكنها ليست كافية. لكن نحن لا نريد أن يدخل الجيش اللبنانى داخل المخيم حتى لا يحدث صدام بين الشعب الفلسطينى المقيم بالمخيم وبين السلطة اللبنانية، وقد عطل ذلك قدرة المخيم على إحداث إضطرابات أمنية خارج محيطه. فسياستنا حصر المشكلة داخل المخيم وإحتواؤه أمنيا حتى لا يتمدد لخارجه.
< ومادور القوى الفلسطينيية فى فى إحتواء المخيم؟
> بعض القوى الفلسطينية حاولت كثيرا أن تكون أداة الدولة داخل المخيم، ولكن صراحة دون نجاح يذكر، وهى فقط ساعدتنا فى عدم تمدد الخطر الأمني إلى خارج المخيم، ولم تنجح فى السيطرة بالمفهوم الأمني، كما أن الإنقسام الفلسطينى بالمخيم يحول دون وجود الدولة اللبنانية داخله. لكننا اكتفينا بما وصلنا إليه بالحصار والإحتواء ومنع التمدد، وفى مرحلة ثانية ربما تكون الظروف أسهل لنأخذ تدابير دخول المخيم والقبض على المطلوبين وهذا لن يحدث فى الفترة الحالية.
< تشاركون ضمن فريق تيار المستقبل فى جلسات الحوار مع حزب الله،فإلى أى مدى ينجح هذا الحوار، وماهى فائدته؟
> هدف الحوار بين المستقبل وحزب الله هو المعالجات اليومية مثل عمل الحكومة والإتفاق على مايمكن مناقشته بمجلس الوزراء أو مجلس النواب، أو تعيينات جديدة، ولم يتجاوز الحوار مرة واحدة هذه الحدود، فليس مهمته تحقيق أهداف إستراتيجية، ولا ينتظر منه أكثر مما هو مطلوب. وإن كان حوارا محدود النتائج، لكن لا بأس بما قام به من تخفيف بعض عناصر التشنج والتوتر بين الطرفين.
< وهل من الممكن أن يتطور الحوار بعد قدوم رئيس تيار المستقبل إلى بيروت والبقاء فيها؟
> عودة الرئيس سعد الحريرى إلى بيروت لن تغيّر شيئا فى مجال الحوار بين المستقبل وحزب الله، لأن الحوار سوف يستمر على طبيعته ومحدودية نتائجه، وأهم ما فى الحوار إستمراره وليس نتائجه، لأنه يعطى انطباعا جيدا للتواصل، فنحن مختلفون ولكننا لسنا فى بحالة صدام.
< وهل وجود رئيس تيار المستقبل فى بيروت قد يؤدى إلى تسريع وتيرة إنتخاب الرئيس؟
> لا اعتفد ان عودة الرئيس الحريرى ستسرع وتيرة انتخاب الرئيس، ولكنها حرّكت المياه الراكدة، وقد استطاعت مبادرته تحريك الجو السياسى بالتركيز على انتخاب الرئيس، وليس على إعتبار أن الإنتخاب من المحرمات التى لا يجوز البحث فيها لأنها تقرر بالخارج، فالحريرى أكد بمبادرته أن هناك عملا داخليا يمكن القيام به، وهذه نقطة خلافية أو وفاقية، والمهم أن البحث جار فيها.
< وهل ستشاركون بجلسة إنتخاب الرئيس فى 2مارس-آذار- المقبل؟
> نحن نشارك فى كل الجلسات النيابية، وعمليا الرئيس الحريرى قال فى خطابه الأخير إن من يريد أن ينتخب الرئيس ولا يفضل الفراغ فليتفضل إلى مجلس النواب، وفى تقديرى أن المرشح الحقيقى الآن هو الفراغ، فلا انتخابات للرئيس فى لبنان قبل وجود تفاهم إقليمي، وليس هناك أى بوادر توحى بأن هناك إتجاها لمفاوضات أو حلول إقليمية فى المدى القريب.
< البعض يتخوف من إقتحام الجيش أو غيره لمدينة عرسال التى تكاد تكون مختطفة من التنظيمات الإرهابية، وهناك من يقول إتركوا عرسال لأهلها فهم قادرون على حمايتها، فما هى المشكلة؟
> هناك فارق بين عرسال البلد وجرود عرسال الوعرة. عمليا الجيش يحاصر عرسال ويحتويها أمنيا، وليس لديه استعداد للقيام بعملية عسكرية كبرى فى الجرود، لأن هذه المنطقة حدودية مع سوريا بالإضافة إلى وجود مواطنين لبنانيين فيها، وبالتالى فإن أى صدام مسلح سيعرض الأهالى للخطر، ولذلك فالجيش يقوم بأعماله بشكل طبيعى ولا يتمركز فى عرسال. والجيش يدخل ويخرج إلى عرسال فى أى وقت لكن لا يتمركز فى داخلها. لأن التمركز يضعه على خطوط التماس مع المسلحين وهو لايريد هذا الأمر. وعموما الخطة الأمنية للجيش فى عرسال ناجحة، لأنها تمنع التسريب الأمنى خارجها.
ومنذ تعيينى وزيرا للداخلية منذ عامين كان لدينا 4 بؤر تمثل خطرا أمنيا على لبنان وهى غرفة العمليات التى كان يديرها المساجين من سجن رومية، وعرسال، ومخيم عين الحلوة، ومنطقة الفلتان الأمنى فى البقاع. ونجحنا فى تعطيل وإلغاء غرفة العمليات بسجن رومية وأعدنا الضبط للسجن، وفى البقاع وبعلبك تم ضبط الوضع وتعطيل عمليات الخطف والسرقة ومحاصرة الفلتان الامنى، أما عين الحلوة وعرسال فلا تزالان تحت حصار القوى الأمنية لمنع التمدد.
< وماذا عن طلب تيار المستقبل إحالة ملف الوزير والنائب السابق ميشال سماحة إلى المجلس العدلى بعد الإفراج عنه بالرغم من اتهامه بتهم مؤكدة؟
> ليس صحيحا ان تيار المستقبل يطلب إحالة ملف سماحة للمجلس العدلي، ولكن وزير العدل اللواء أشرف ريفى يطلب ذلك، ونحن نرى فى المستقبل غير ذلك. وقد أكد الرئيس سعد الحريري هذا الرأي، لأن المجلس العدلى يشبه اللجان التى تحال إليها الملفات، وعمليا كل القضايا التى أحيلت للمجلس العدلى "دخلت الثلاجة"، ونحن لدينا ثقة بمحكمة التمييز العسكرية التى تحاكم سماحة،وبالتالى فمن الأفضل أن نتابع ونلح ونصر سياسيا على أن تكون المحاكمة عادلة وفق القانون، وننتظر نتائجها ثم نقرر.
< بعد تحالف سمير جعجع مع العماد ميشال عون وترشيحه عون لرئاسة الجمهورية، هل أضر ذلك بفريق 14آذار الذى ينتمى إليه جعجع، وهل أدى ذلك إلى توتر العلاقة بين حزب القوات وتيار المستقبل؟
> ما حدث بين جعجع وعون إتفاق وليس تحالفا، وشرط الإتفاق إنتخاب عون رئيسا، فإذا لم يتحقق الهدف يصبح الإتفاق خاليا من مضمونه. أما ما تحقق من مصالحة مسيحية، فهو مفيد للبنانيين عامة والمسيحيين خاصة،وترشيح جعجع لعون هو ترشيح طبيعي، ولكن تأثيره ليس إيجابيا على 14 آذار، كما أنه أثر على العلاقة بين المستقبل والقوات ولكنه لم يقطعها، لأن جعجع اتخذ خيارا سياسيا نحن فى المستقبل لا نوافق عليه، ولكل منا خياره السياسي، والنتيجة ستثبت من على حق.
< منذ أواخر 2012 تم إغتيال اللواء وسام الحسن مدير شعبة المعلومات بقوى الأمن الداخلي، وحتى الآن لم تظهر نتيجة التحقيقات ويقدم القاتل للمحاكمة؟
> التحقيقات جارية،ووصلنا لنتائج جدية فيها، ولكننا لن نعلنها إلا بعد إكتمالها، وعندما يكون الظرف السياسى مناسبا لإعلانها، لأن الجريمة سياسية،وإعلان النتيجة لابد أن يكون مناسبا سياسيا.
< وهل هناك تخوف من عودة الإغتيالات والتفجيرات خاصة مع ما يحدث فى سوريا ومشاركة حزب الله فى الحرب داخلها؟
> إستطعنا فى قوى الأمن الداخلى القبض على الشبكات الإرهابية التى قامت بتفجيرات الضاحية وبرج البراجنة، بعد أيام قليلة على التفجيرات، وهذا يسجل لشعبة المعلومات ولقوى الأمن الداخلى والأجهزة الأمنية اللبنانية، وهومايعنى قدرتنا على تعطيل الشبكات المكتشفة، وتعطيل قدرتهاعلى القيام بعمليات جديدة، ونعمل حاليا على شل حركة التنظيمات الإرهابية حتى لا تكرر عملياتها الإرهابية.
رابط دائم: