رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

وداعا لمصرى عظيم

◀ مكرم محمد أحمد
برحيل الاستاذ الكبير محمد حسنين هيكل إلى رحاب الله، يسدل الستار على حياة مصرى عظيم يندر ان يكون له ند ومثيلا، (جورنالجي) كما كان يحب ان يسمى نفسه، مارس الصحافة والسياسة على نحو بالغ الرقي، وبات جزءا من تاريخ هذا الوطن على امتداد اكثر من 60 عاما، وبقى حتى اليوم الاخير من حياته نجما ساطعا فى سماء مصر والشرق الاوسط والعالم العربى يصل قبسه إلى العالم اجمع.

خلف هيكل وراءه سيرة حافلة تقرب من ان تكون اسطورة، عنوانها النزاهة والكبرياء والاحترام والاعتداد بالنفس، وترك ارثا صحفيا ضخما تمثل فى عشرات الكتب وآلاف المقالات يضعه فى مصاف رجالات مصر الكبار ويضمن له المجد والخلود..،كان هيكل مخبرا صحفيا فذا يصعب ان تفاجئه بفكرة او خبر، وكاتبا سياسيا من طراز فريد يملك قلما ساحرا، يأخذ قارئه كالمشدوه إلى نهاية المقال دون ان يرفع رأسه من صحيفته، وفى عمله رئيسا لتحرير الاهرام كان عملاقا وكبيرا، يحب ان يحيط نفسه بالموهوبين والاذكياء والمبدعين وصناع الفكر والادب والسياسية والتاريخ، وفى غضون ثلاثة اعوام فقط من توليه مسئولية تحرير الاهرام، نجح هيكل فى ان يشكل اهم هيئة تحرير فى تاريخ الصحافة المصرية، ضمت فريق عمل متكامل من الشباب والشيوخ تتعدد انتماءاتهم الفكرية ويجمعهم حب كبير وانتماء قوى لصحفيتهم الاهرام، ضم توفيق الحكيم ونجيب محفوظ وحسين فوزى ولويس عوض وصلاح جاهين وصلاح طاهر إلى جوار عشرات الشباب الذين دخلوا الاهرام بعد مجئ هيكل ليجددوا دماءه، وفى غضون اعوام محدودة نقل هذا الفريق المتميز صحيفة الاهرام من مجرد صحيفة محافظة تعانى الركود، هبط توزيعها إلى حدود 60الف نسخة إلى واحدة من اهم عشرة صحف فى العالم واقواها مصداقية وتأثيرا فى الرأى العام العربى والشرق الاوسط، يقترب توزيعها من المليون نسخة وتصارع صحفا عالمية كثيرة رغم انها تصدر فى نظام شمولى لم يكن يحتفى كثيرا بالرأى الآخر!.


صنع هيكل من الاهرام واحة شديدة الخصوبة والتأثير، اطلالة عصرية على القرن العشرين ومؤسسة حديثة تنحاز إلى تقدم الوطن، تكاد تكون جزيرة منفصلة يشع ضياؤها على محيطها الوطنى والعربى والاقليمي، وتكاد تكون جسر الاتصال الاوحد الذى يربط مصر مع اوروبا والعالم الغربى فى هذا الزمان، وبدون شك احسن هيكل استثمار علاقة الصداقة التى ربطته بعبدالناصر وطوعها لمصلحة الاهرام الذى اصبح فى عهده صوتا مسموعا فى العالم اجمع.

كان هيكل فخورا بنفسه واهرامه وفريق عمله إلى أن وقعت نكسة 67التى شكلت ضربة قاسمة لثورة يوليو ونظام عبد الناصر وحكمه، وبرغم ان هيكل هو الذى صك تعبير النكسة بدلا من الهزيمة ليقلل من حجم الصدمة على المصريين، إلا انه ملك فى هذه الظروف الحالكة السواد التى يخيم عليها حزن ثقيل شجاعة ان يدير دفة الاهرام إلى مرحلة جديدة، عندما كتب بعد الهزيمة مقاله الاشهر (عبدالناصر ليس اسطورة) داعيا إلى ضرورة تقنين الثورة فى نظام حكم يقوم على المؤسسات والادارة الحديثة وحكم القانون مطالبا بإنهاء عصر (زوار الفجر) الذين كانوا يأخذون كل صاحب رأى مخالف من الدار إلى النار!.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق