بعد حفل افتتاح اتسم بالبساطة مثل كل عام، جاءت فعاليات الدورة السادسة والستين للمهرجان متسمة بالقوة مع أول الأيام وأوسطها..فعلى مستوى الأفلام المعروضة كانت أفلام المسابقة الرسمية بين القوية صاحبة اللغة السينمائية المميزة، والأخرى التقليدية ذات البعيدة عن التميز والأصالة.
ولعل من أفلام النوع الأول التى عرضت ؛ الفيلم الألمانى «أشياء تأتى» للمخرجة ميا هانسين التى تناولت فيه حياة مدرسة فلسفة وعائلتها، وكيف تؤثر الفلسفة على حياتنا، ومدى تقبل الآخرين المحيطين بنا لها..أما الفيلم الكندى «بوريس دون باتريشيا« فدارت أحداثه حول المكالمة التى تلقاها بوريس من شخص يطلب مقابلته فى الغابة، مما جعل حياته تتغير، ويأخذ مسارات وطرقا جديدة، لتكون الرسالة أن هناك أمورا بسيطة تجعلنا نتجه نحو مناحى أخرى فى الحياة.
ما لفت الأنظار ، ولاقى استحسانا من النقاد، والجمهور على وجه الخصوص، هو الحضور الجيد والقوى للفيلم التونسى «هادى» إخراج محمد بن عطية وألقى من خلاله الضوء على الأسرة العربية من خلال علاقة هادى، وأمه، ولعل هذه العلاقة وتصوير بن عطية لها بشكل احترافى سلس، أوضح من خلاله كل التفاصيل لعلاقة أفراد الأسرة العربية ببعضها، جعل الجمهور يصفق بحرارة بعد انتهاء الفيلم.
ألقى الواقع الاجتماعى أيضا بظلاله على مسابقة البانوراما التى دائما ما تكون صاحبة أفلام العرض الأول العالمى للأفلام التى يكون مخرجوها دائما من الشباب، وكان من أبرز المشاركات الفيلم الإيرانى «لانتورى» إخراج ريز دورمايشيان، الذى تناول قضية منتشرة فى المجتمع الإيرانى بشدة وهى انتقام الشباب من الفتيات اللاتى يرفضن الزواج منهم بسكب مادة حمضية على وجههم مما يسبب لهن تشوهات شديدة،ورغم ما تبذله السلطات المحلية هناك من تشديد العقوبة إلا ان هذا الفعل منتشر وبشدة؛ما ركز عليه ريز أيضا هو إتجاه الشباب لامتهان السرقة، والبلطجة نظرا لعدم توفير الحكومة لمصدر دخل ملائم لهم،وإن كانت هذه النقطة التى أراد المخرج التركيز عليها وإبراز عدم اهتمام الحكومة بها ؛ فكان الفيلم مزجا بين الواقعية الشديدة، والإنسانية التى تصل لحد الاندماج مع البطلة لتنشئ حالة من الرومانسية.
لم يختلف كثيرا الفيلم الكورى الجنوبى «سيدة البوشيس» عن سابقه من حيث الواقعية، والإنسانية، وإن كانت فى هذا الفيلم نجدها فى نموذج ربما الكثيرون يرفضوه، وهو العاهرة، التى ظهرت فى هذا الفيلم صاحبة مبدأ، وتعمل على إسعاد أصدقائها.
يبدو أن المخرجين خاصة الشباب جاءوا محملين فى هذه الدورة بقضايا بلدانهم الاجتماعية، وإبراز تفاصيل مجتمعهم، ولمس القضايا المهمة به..لتكون الدورة السادسة والستين مزيجا بين الواقعية الشديدة، والإنسانية الممزوجة بالرومانسية.
على الهامش : شهد المهرجان حالة من الإقبال الجماهيرى الكبير، وصلت إلى أن الكثير من الأفلام تم حجزها قبل عرضها بيومين، وجعل الكثيرين من الجماهير تقف أمام أماكن حجز التذاكر ربما يود أحد إستراجاع قيمة تذكرته فيشتروه منه،وهذا ما كان يحدث كثيرا.
الندوة الخاصة بالنجمة ميريل ستريب رئيس لجنة التحكيم لدورة العام الحالى شهدت إقبالا كبيرا جدا، جعلت التذاكر تباع بسرعة، لم يتمكن الكثيرون من محبيها شراءها .
رابط دائم: