أقيم فى المقهى الثقافى لقاء مع الدكتور أنور مغيث رئيس المركز القومى للترجمة حول الفلسفة وواقع الترجمة وأهميتها وتطورها.. تجربة حياة , وأدار اللقاء دكتورة عزة كامل، التى قالت إن دكتور مغيث درس الفلسفة بحامعة القاهرة وحصل على الدكتوراة من جامعة باريس عن أطروحته »تلقى الماركسية فى مصر« وكان أستاذا للفلسفة الحديثة بجامعة حلوان وهو الآن رئيس للمركز القومى للترجمة .
وقال مغيث: ان الترجمة شيء مهم لتطور الشعوب فى أرجاء المعمورة . وقضيتا الفلسفة والترجمة تشغلان الأمم باستمرار وبينهما ترابط وثيق, ودائما تثار أفكار حول جدوى الفلسفة ولماذا نهتم بها , ومادة الفلسفة حتى وقت قريب كانت تدرس فى جميع أنحاء العالم فى المرحلة الثانوية وليس قبلها حتى يكون التلميذ قد نضج عقله لأن الفلسفة تميل إلى الإنسان وهى فن بناء خطاب للدفاع عن وجهة نظر ما أيا كانت وجهة النظر, ولكن الآن توجد 26 دولة أوروبية تقوم بتدريسها للأطفال وذلك لأهميتها فى تنشيط العقل والإدراك .
وانطلاقا من مشكلاتنا الحالية ماذا يمكن أن تفيدنا الفلسفة؟
يقول مغيث: تاريخ المعرفة مثلث متساوى الأضلاع قائم على العلم والأدب والفلسفة. ولونظرنا إلى العلم نجد أن النظريات العلمية الحديثة تطرد النظريات العلمية القديمة, خلافا للأدب. فألف ليلة وليلة لم تقم بطرد الإلياذة بل يتجاوران جنبا إلى جنب, وهكذا الفلسفة أيضا: القديم يتجاور مع الحديث حتى لو ظل السؤال مطروحا واختلفت الإجابة من عصر إلى عصر أو من فيلسوف إلى آخر .
فى الماضى، كانت كتب الفلسفة يقرؤها العامة وتثير ضجة وتتفق وتختلف حولها, مثل أعمال عبدالرحمن بدوى وزكى نجيب محمود ولكن الآن كتب الفلسفة تقدم للطلاب والباحثين . كنا نجد أولياء الأمور يشترون الكتب للبحث عن كيفية تربية أولادهم وسبل مناقشتهم وإقناعهم, لكن الحال اختلف فى الثلاثين عاما الماضية: أصبح رجل الدين وفتواه أهم من الفلسفة.علينا الاهتمام بالفلسفة وتدريسها وتبسيطها للأعمار الأصغر. كما يجب أن تكون الكتب الفلسفية لعموم الناس وليس للطلاب فقط. نتفق أو نختلف حولها ونناقشها ..وعن الترجمة يقول مغيث: الترجمة مهمة وضرورة للبلاد التى تريد البقاء داخل التاريخ دون الخروج منه . فى بداية التسعينيات ظهرت إحصائية لدكتور شوقى جلال أثبت فيها أن دولة مثل اليونان, رغم قلة عدد سكانها وصغر مساحتها, تترجم فى العام مايفوق ماترجمته الدول العربية كلها, وأن دولة مثل أسبانيا تترجم فى عام ما يفوق ترجمات الدول العربية فى قرون .
كما أن الدولة فى جميع دول العالم هى التى تقوم بالترجمة وتدعمها وترعاها, لأننا لو تركناها للأفراد ستخضع لمنطق السوق والبحث عن الأكثر مبيعا .
والترجمة هى إبراز التجلى لوحدة العقل الإنسانى كما قال طه حسين, لأن هناك تكاملا بين البشر. وعلينا معرفة أين يذهب العالم وأين تتجه البشرية . والأعمال الأدبية هى الأكثر رواجا ومبيعا فى كل دول العالم, لأن بها جماليات وإبداعا لاتتيحه الكتب العلمية أوغيرها. كما يؤكد مغيث أهمية إعادة الترجمة أكثر من مرة, لأن كل مترجم له ذائقته وأسلوبه, وكلما زادت النهضة زادت الترجمة. وحركة الترجمة فى الدول الكبرى لاتتوقف. كما لاينبغى تحريم أو تجريم الفلسفة على أيدى الفقهاء ورجال الدين لأن التعصب الفكرى هو الباب المفتوح للإرهاب , ويوسف إدريس يقول: كل الحريات لاتكفى لنصف أديب وكل الحريات لا تكفى لربع فيلسوف .
ثم تحدث الشاعر شعبان يوسف حول أن الترجمة تعرضت لظلم حتى من أبنائها ورجالها المثقفين. فسلامة موسى وقف ضد ترجمة أعمال شكسبير بحجة أنها تخدم الإقطاع , وأحمد بهاءالدين طالب بترجمة الأعمال السياسية والابتعاد عن ترجمة الأعمال الأدبية .
رابط دائم: