رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

حديث للأمل والتفكير بصوت عال مع الدكتور جلال أمين
ليس عيبا أن يكون للرئيس حزب.. لكن المهم أن يكون هناك حزب حقيقى!

> حــوار : أنــور عبد اللطـيف
أثارت «25 يناير» هذا العام حالة من الهواجس والقلق تلتقى مع تقلبات طقس طوبة. برودة شديدة تنقلب بعد دقائق إلى جو حار ومشمس.

 ومن ذكرى استشهاد رجال الشرطة ضحايا الاحتلال الإنجليزى وضحايا «مؤامرة» يناير إلى اعتباره عيدا للثورة وكل الورد الذي تفتح فى ميادين مصر، وصقيع سياسى فى الإعلام مصحوبا،

باتهامات رعدية عن حديث المؤامرة على الدولة، وتساؤلات حائرة هل هى ثورة مصرية خالصة أم بتمويل خارجى أم نتاج طبيعى لحالة اليأس والإحباط..

وسط هذه الهلاوس الفضائية تاهت الحقائق بين عناوين أهمها: اجراءات أمنية مشددة ..وشائعات بالضرب بالرصاص الحى.. مناقشات حول ثنائية تونس تشبهنا أم لا تشبهنا ..فضائح جديدة عن غليان مكتوم وحقائق مبهمة تحتم ضرورة البحث عن تشخيص أمين لحالة الطقس السياسى المتقلب، وكان الحوار مع الخبير الاقتصادى وعالم الاجتماع ومحلل السياسة وأستاذ الأمل الدكتور جلال أمين..

فأروع ما يميز هذا العالم حين تلقى فى حجره بالأزمة فى شكل سؤال، يتحسس مواضع الألم دون تسرع فى الحكم يفكر معك بصوت عال، ويجعلك شريكا فى الحل على طريقة أطباء العلاج الطبيعى، وفى صباح 25 يناير كان اللقاء. فى الطريق إليه لمست نوبة صحيان لشمس شتوية فوق هضبة الهرم. وثرثرة فوق النيل وغيوم فى المعادى..وأمطار تغسل الشوارع المؤدية إلى جامع الثكنات حيث يقيم مضيفى سألنى عن الأحوال قلت: الجو «عادى» متقلب، والناس يبحثون عن الأمل مثل كل يوم ..لم تستغرق رحلتى من الهرم إلى المعادى خمس عشرة دقيقة، وبعد الشاى تصفح الدكتور جلال أمين ورقة الحوار وتمنى على الله «أن يفتح علينا بالاجابة» !

.................................

ـ صاحب كتاب «ماذا حدث للمصريين» الذى تنبأ فيه بالثورة منذ عام 1996سألته: عن ماذا حدث للثورة المصرية الآن؟..

ـ فقال: المصريون شعب مسالم بطبعه وليسو ثوريين بالطبيعة، فقد صبرالمصري علي سنوات حكم الرئيس الأسبق مبارك، ثلاثين سنة، باستثناء سنة واحدة في البداية راود المصريين فيها الأمل في أن يكون الرئيس الجديد لكل المصريين، وليس لحفنة من المنتفعين بالحزب الوطنى، لكن عندما تجمع أصحاب المصالح الخاصة حوله وأطبقت عليه وأصروا علي أن يكون رئيسا للحزب الوطني، حتي تستمر مكاسبهم، خضع لرغبتهم وصبر المصريون علي ذلك ثلاثين عاما، .. وقبل أن أفكر قال: إننى أفضل تسمية ماحدث فى مصر في 25يناير بـ «ثورات آخر زمن» ،وسأضرب لك مثلا لتقريب المعنى مع فارق التشبيه طبعا.. تصور فأرا فى جحر ظل يخاف من الخروج منه بسبب القط الواقف على الباب، ولكن حدث أن القط غاب لحظة لسبب غير معروف وقد يكون التغيب مقصودا.

وأطل الفأر برأسه والتفت إلى شماله وإلى يمينه ومشى فى الشارع عندما أطمأن لغياب القط. هكذا سمعنا فجأة بنشوء حركة اسمها 6 إبريل 2008 واحتجوا، وسمعنا فجأة عن عصيان مدنى وإضراب بعد آخر والميادين التى كانت تحت عيون قوات الأمن لدى أى شعور بالخطر أصبحت خاوية، وصالحة لاستقبال المتظاهرين.. وللمرء أن يعجب أين كان القط حينئذ؟ تلا ذلك ظهور الدكتور البرادعى ووصوله إلى مطار القاهرة حيث استقبل كالفاتحين.. وسُلطت عليه الأضواء المحلية والعالمية وظهر وشارك فى عدة مقابلات تليفزيونية.



ـ لماذا سُمح بكل هذا؟!

فرد الدكتور جلال على سؤالى بسؤال : وأين كان القط يا ترى؟!

وأضاف: أنا أسمى هذه الثورة «ثورة آخر زمن» أساسا لأننا اعتدنا من التاريخ أن الذين يقومون بثورة ناجحة هم الذين يتولون الحكم بعدها.. وهذا لم يحدث فى حالة هذه الثورة.. هل تذكر ذلك المنظر البديع للشباب المصرى ـ ذكورا وإناثا ـ وهم ينظفون الميادين ويكنسون الشوارع ويدهنون الأرصفة فى الأيام الأولى التالية لسقوط حسنى مبارك؟

وكأن هذا يعبر عن شعور الشباب المصرى بعودة الأمل، لم يكن لهؤلاء الشباب حزب ولا رؤية واضحة لما يريدون أن يتحقق فى المستقبل وهذا فى رأيى ليس عيبا فى ظروف هذه الثورة حينئذ، فالشعارات تترجم الى أفكار وأهداف بمزيد من المناقشة والحوار، والزعماء الجدد يتكونون ويظهرون بناء على ذلك. لم يكن إذن شرطا ضروريا أن يكون لهؤلاء الشباب حزب له مبادئه وأهدافه..

ـ هل البعد عن رئاسة الحزب ميزة للرئيس عبد الفتاح السيسى، وحتى يبتعد عن شلة المنتفعين بالحزب؟

ليس عيبا بالطبع أن يكون للرئيس حزب.. لكن المهم أن يكون حزبا حقيقيا!

ـ ما هو اذن تفسيرك لهذه الثورات التى تسميها ثورات آخر زمن؟

ـ هذه الثورات ومنها ما يسمى بثورات الربيع العربى هى ثورات عصر العولمة..

ـ اشرح من فضلك يا دكتور؟

فيضان أو تيار العولمة يكتسح العالم منذ فترة فيجرف معه منطقة بعد أخرى فى أواخر الثمانينيات وأوائل التسعينيات سقط الاتحاد السوفيتى وكتلة أوروبا الشرقية بعد أن كانت مغلقة على نفسها اقتصاديا وسياسيا وثقافيا. أعقب ذلك مباشرة ابتلاع صدام حسين للكويت. بعد الحصول على «عدم ممانعة» من الغرب، منذ هذا التاريخ ـ كما يخيل الى ـ بدأ اكتساح تيار العولمة للمنطقة العربية ومازال هذا الاكتساح مستمرا ولن نصل إلى نهايته إلا عندما نرى نهاية لهذه الثورات. لقد ظلت المنطقة العربية عصية على هذا الاكتساح لأسباب تاريخية وثقافية عديدة، ولكن يبدو أنها أصبحت الآن ثمرة جاهزة للقطف، أما إفريقيا فلم يحل دورها بعد لأسباب اقتصادية وحضارية.

ـ وما موقفهم من قارة آسيا..؟

الهند سقطت فى رأيى بعد انتهاء عصر غاندى ونهرو وأسرته الذين كانوا يشكلون حائط صد منيع ضد التغريب وتيار العولمة، وقد قال لى أحد الأدباء الهنود مؤخرا وهو من أنصار ما يحدث فى الهند وانفتاحها غير المنضبط على العالم: إن نهرو ظل يعطل نهضة الهند حتى وفاته عام 1964، وأنا اعتقد أن فى هذا ظلما فادحا لنهرو وللهند.

ـ هل سقط الرئيس عبد الناصر فى نفس الفخ وانبهر بالتغريب وما هى حكاية الاشتراكية العربية؟

ـ يواصل الدكتور جلال أمين: أن عبد الناصر ظهر قبل موجة العولمة الحالية التى تقودها الشركات العملاقة ولكن عبد الناصر بلاشك كان يرى فى الحضارة الغربية وثقافتها النموذج الواجب الاقتداء به، ووقوفه ضد الاستعمار ومعاداته للغرب كانت وسيلة من جانبه لبناء تجربة تقربنا من الحضارة الغربية.

عبد الناصر كانت لديه قدرة على الاستماع والاستفادة من رجال عظماء مثل شواين لاى ونهرو، وإن لم تكن لديه مثل ثقافة نهرو أو غاندى أو شواين لاى، ولكن عبد الناصر كان على الأقل قادرا على التمييز بين الصحيح والخطأ، وبين ما ينفع بلده ومالا ينفع، وبين الوطنى وغير الوطنى.

كان طموح عبد الناصر إذن أن يتصدى للغرب الاستعمارى لكى يقلده.. من وجهة نظرى الخاصة أن المحافظة على هويتنا الثقافية وخصوصياتنا الحضارية أفضل من رفع معدلات النمو، إذ بدون هذا لا يمكن أن يكون لك دور فى المساهمة فى الحضارة الانسانية.

كان هذا هو رأى المؤرخ البريطانى الكبير أرنولد توينبى حينما وصف التجربة اليابانية بأنها «مقلدة» إذ لم يفكروا فى نمط للحياة يتجاوز تصنيع سيارة من النمط الغربى، ولكن بتكلفة أقل.. نفس الكلام يمكن أن يقال الآن على كوريا الجنوبية وبقية جنوب شرق آسيا مع إمكان استثناء الصين إذ لم نكتشف بعد ما إذا كان حجم الصين الكبير وحضارتهم العريقة كفيلين بأن يسمحا للصين بتقديم مساهمة فى للحضارة الانسانية.

ولإيمانى الشديد بأهمية الخصوصية والهوية أؤكد لك أننى سأكون حزينا للغاية إذا جاء الوقت الذى لا يعرف شبابنا فيه الموسيقى العربية ولا الأدب العربى ولا يقرأون المتنبى ولا يتذوقونه، ولا يعرفون كيف يكتبون بلغة عربية صحيحة (والبعض قد يقول إن هذا الوقت قد حل بالفعل).فالحفاظ على تراثنا أهم عندى من أن نكون نسخة مكررة ومشوهة، حتى لو حققنا معدلات عالية فى النمو الاقتصادى.

ـ هل الحفاظ على هذه الخصوصية والتميز هو ما تنصح به واضعى سياستنا فى المرحلة الحالية؟!

ـ أمامنا الآن مرحلة تنظيف الأرض وتمهيدها مع عدم المساس بقدر الإمكان بتراثنا. فلنحاول على الأقل أن نبدأ بالتعليم وتحسين الصحة وتحقيق الحد الأدنى من ظروف الحياة المادية المعيشية الملائمة.

فى ندوة دعيت إليها بالزقازيق منذ سنوات ركزت فى كلامى على المحافظة على التراث فقالوا فى نهاية الحديث: «تراث إيه يا دكتور احنا مش لاقيين مياه نظيفة نشربها»، لا أنكر أننى شعرت بالذنب وتأنيب الضمير فلكل مقام مقال.. ولكل وقت الترتيب الملائم للأولويات..

ـ لقد كتبت مرة شيئا يفهم منه اعتراضك على النمط الذى تمت به أساليب تطوير الأزهر، كيف ترى تجديد الأزهر الآن؟

ـ لقد كتبت مرة فى كتاب صدر بالانجليزية بعنوان «تمدين الفقر».. وظهر عام 1973 أى قبل أن يظهر كتابى «ماذا حدث للمصريين» بخمس وعشرين سنة. كان عن تطور الأحوال فى البلاد العربية منذ الحرب العالمية الثانية، وأشرت فيه إلى مقال كنت قرأته لكاتب أمريكى عما فعله عبد الناصر بالأزهر وترك أثرا عميقا فى نفسى إذ عبر فيه عن أسفه لما حدث للأزهر، بسبب ذلك وشعرت بمشاركة الكاتب الأمريكى فى الحزن لأن «الأزهر» رمز يجب الاعتزاز به، إنك تذهب إلى أندونيسيا فيكرمونك لأنك قادم من بلد الأزهر وتذهب للمغرب فتلقى نفس المعاملة والتكريم، ومعظم رواد الفكر المصرى فى نهاية القرن الـ 19 وأوائل القرن الـ 20 تعلموا فى الأزهر، ثم دخلت بعضهم جرثومة الغريب كما رأينا مثلا فى حالة الدكتور طه حسين، إنك لا تصلح الأزهر بإنشاء كليات طب وزراعة وهندسة بل بتحسين أحوال كلياته التى يتميز بها وتعبر عن شخصيته مثل كلية أصول الدين والشريعة والقانون واللغة العربية.

نعم نحن نريد تجديد الفكر الدينى ولكن بعض ما يسمى بالتجديد هو أشبه بما يسميه الانجليز «إلقاء الطفل مع ماء الاستحمام».. أى بعد أن ينتهى الاستحمام وتريد التخلص من الماء القذر إذا بك تلقى بالطفل نفسه مع الماء !

لابد أن نلاحظ مع ذلك أن بعض زعماء الجماعات المتطرفة متغربون أكثر من الغرب نفسه، ويتوقون للانهماك فى متع المجتمع الاستهلاكى أكثر من الغربيين. هل تذكر الشيخ السلفى الذى أجريت له عملية تجميل.. وأنفق عليها مبلغا كبيرا من المال ثم أنكر أنه أجراها.. هل هذا شخص متمسك حقا بهويته؟ وهل تنظيم مثل «داعش» يخدم هويتنا أم يخدم الغرب مقابل ما يتلقاه من معونات وأسلحة وشهرة فى وسائل الاعلام؟

ـ من الحفاظ على الهوية نعود إلى الحراك الاجتماعى وجذور ثورة 25 يناير البعيدة، هل كانت ثورة جياع؟.

ـ لا أحب، أن أسمى ثورة 25 يناير ثورة جياع. فالجياع ـ من ناحية ـ نادرا ما يثورون وفى مصر بالذات أقصى ما يفعله الجياع هو التعبير عن غضبهم أمام المخابز، ولابد من الاعتراف بأن المصرى يمتاز عن كثير من الشعوب بأنه لا حدود لصبره، والصبر ميزة وعيب فى نفس الوقت. ميزة عندما يجعلك تتقبل مالا تستطيع تغييره بصدر رحب، ولكنه عيب عندما يكون صبرا على ما تستطيع تغييره، رغم أن هذا التغيير هو الذى ينقلك الى الأفضل..

ـ وهل يتعارض الصبر مع الحراك الاجتماعى؟

ـ الحراك الاجتماعى أشكال وألوان. إنه دائما يتضمن ترقى وصعود بعض الطبقات والشرائح الاجتماعية على السلم الاجتماعى وهبوط طبقات وشرائح أخرى، وهو موجود عبر التاريخ باستثناء فترات محدودة ومعروفة من تاريخ الإنسانية مثل حالة أوروبا فى العصور الوسطى.. إذ شهدت أوروبا خلال ألف سنة حالة من الركود التام أو ما يكاد أن يكون ركودا تاما، أما فى مصر فكان القرنان السابقان على عهد محمد على يشبهان أوروبا فى العصور الوسطى من حيث ضعف الحراك الاجتماعى، ولكن بدأ الحراك الاجتماعى من بداية عهد محمد على واستمر حتى 1952 وإن كان بطيئا فى تلك الفترة التى تصل إلى 150 عاما.

وكان التعليم أساس الحراك الاجتماعى فى هذه الفترة أكثر من أى عامل آخر.. أما فى عهد عبد الناصر فكان للحراك الاجتماعى عوامل أخرى بالاضافة إلى التعليم، فالإصلاح الزراعى وإعادة توزيع الدخل والتوسع الزراعى والصناعى، فى فترة عبد الناصر أعطت الأمل لقطاعات واسعة من الناس بامكانية الترقى الاجتماعى.

ـ برزت اسماء كبيرة فى دنيا الثقافة بعد ثورة 1952.. مثل أحمد بهاء الدين وعبد الحليم حافظ وصلاح عبد الصبور وعبد المعطى حجازى ويوسف إدريس وصلاح جاهين الى أى مدى كان صعود هؤلاء إلى قمة الهرم الثقافى فى مصر نتيجة للحراك الاجتماعى ؟

ـ هذا صحيح. كان بروزهم قطعا نتاجا للسياسات التى طبقتها ثورة يوليو وتوجهاتها، كانوا جميعا مدينين بالفرص التى أتيحت لهم فى الكتابة والنشر لما أحدثته ثورة 52 من حراك اجتماعى إما بسبب انتمائهم لطبقات متواضعة أو لتعاطفهم الشخصى والفكرى مع هذه الطبقات..

وحتى فى عهد الرئيس أنور السادات رغم كل ما يوجه اليه من نقد، حدث خلاله حراك اجتماعى كبير بسبب الهجرة الى دول النفط، ارتفع فى هذا العهد أيضا معدل الآمال فى الترقى الاجتماعى.. وللأسف تدهور معدل الحراك الاجتماعى بشدة فى عهد مبارك بعد سنة 1985 بسبب تدهور معدل الهجرة وكذلك معدل نمو الدخل، وخفضت الحكومة انفاقها من أجل مواجهة أعباء الديون التى تراكمت فى عهدى السادات ومبارك، فى أوائل عهد مبارك ارتفع معدل النمو بدرجة ملحوظة. كما ارتفع فى الأربع سنوات الأولى من حكومة الدكتور نظيف قبيل وقوع الأزمة العالمية، ولكن هذا الارتفاع فى معدل النمو لم يصاحبه تحسن فى الأحوال المعيشية لمعظم الناس، بل ارتفاع معدل البطالة وذلك لان الاستثمارات التى حدثت فى تلك السنوات كانت فى قطاعات البترول والاستثمار العقارى وفى شراء أصول كانت موجودة بالفعل عن طريق الخصخصة، بل أدى فى بعض الأحوال إلى انخفاض فرص العمل..وارتفاع أعداد العاطلين وزاد هذا من شعور الناس بالإحباط والغضب مما ساهم بلا شك فى وقوع ثورة 25 يناير.

ـ إذن كان الإحباط أحد اسباب ثورة يناير فكيف نرفع الآن معدلات الأمل بين الناس؟

ـ يقول الدكتور جلال أمين: أرى أن انخفاض الأمل من المشاكل التى تحتاج إلى مواجهة حاسمة. وفى هذا الصدد، الاستثمار فى المشروعات الصغيرة قد يساهم فى استعادة الآمال أكثر من المشروعات الكبيرة..

ـ فى كتابك الأخير «مكتوب على الجبين» اختلط تاريخ مصر بسيرتك الذاتية.. لماذا فعلت ذلك وما الهدف؟

طبعا ليس المطلوب من كل من يكتب سيرته الذاتية أن يتعرض أيضا لتاريخ بلده. ولكن لا أرى مانعا من هذا المزج. فهذا قد يكون مفيدا فى رأيى للجانبين.. للتاريخ المصرى وللسيرة الذاتية معا، لأنه يجعل التاريخ أكثر حميمية وأقرب الى قلب الكاتب وربما القارئ أيضا، وهو مفيد للسيرة الذاتية لأنه يبرز عوامل مهمة من العوامل التى شكلت عواطف وطموحات الشاب المصرى فى مراحل حياته.

ـ لكن بعض الناس انتقدوا صراحتك المفرطة أحيانا فى الحديث عن بعض أفراد أسرتك.

ـ أنا مازلت أعتقد أننى لم أتجاوز الصواب فيما فعلت وسأذكر لك مثلا واحدا كنت قد عثرت على مذكرات قديمة لوالدى ترجع إلى 100 عام مضت. إذ كتب فى يومياته الخاصة «أنه كان يتمنى لو كانت زوجته أكثر جمالا».. ذكر هذا بالانجليزية خوفا من أن يقع نظر زوجته عليها. ثم قرأت أنا هذا الكلام بعد مائة عام من كتابته. ولم أر مانعا من نشره بل وجدت أن هناك فائدة من ذلك. كان أبى قد تزوج بالطريقة التقليدية فى زمنه حيث لم يكن العريس يرى عروسه حتى إتمام عقد الزواج. فمن الطبيعى جدا أن يتولد لديه شعور من هذا النوع. هذا الموقف إذن لا يسىء إلى أبى ولكنه أيضا لا يسئ إلى أمى فهى لم تكن فى حاجة إلى أن تكون ملكة جمال لكى تكون سيدة عظيمة.

إن عدم كتابة الحقيقة فى معظم الأحوال عمل مضر، وقول الصدق هو فى معظم الأحوال أيضا عمل مفيد.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق