رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

بعد مشاركة دار الإفتاء المصرية لأول مرة فى منتدى «دافوس»
د.شوقى علام:قوافل دعوية لتصحيح صورة الإسلام فى قارات العالم

حوار - إبراهـيم عـمران:
د. شوقى علام مفتى الجمهورية
أكد الدكتور شوقى علام، مفتى الجمهورية، أن دار الإفتاء المصرية كان لها حضور مميز ولاقت اهتمامًا كبيرًا من قبل المشاركين فى منتدى «دافوس» العالمى الذين استمعوا بإنصات إلى تجربة الدار الرائدة ومجهوداتها فى مجال مكافحة التطرف والإرهاب،

وكشف المفتى - بعد لقائه الأمين العام للأمم المتحدة ووزير الخارجية الأمريكى على هامش المنتدى - أن الغرب فى حاجه ماسة إلى معرفة الحقائق حول المفاهيم الإسلامية التى قامت الجماعات الإرهابية بتشويهها وتحريفها لتبرير إجرامهم.

ودعا المفتى المصريين إلى عدم الالتفات إلى حملات التشكيك والتزييف التى تهدف الى زعزعة ثقة المصريين فى قيادتهم، أو النيل من الإنجازات التى تحققت على أرض الواقع، وأن يلتفوا حول قائدهم وأن يعملوا على السعى فى إصلاح هذا الوطن بمنظومة مكارم الأخلاق التى حثت عليها جميع الأديان.

صفحة «الفكر الدينى» حاورت فضيلته حول المنتدى وأبرز لقاءاته خلالها، ورؤيته حول كيفية مواجهة حملات تشويه الإسلام من جانب الإعلام الغربى والجماعات الإسلامية.. والى نص الحوار:

{ فى البداية سألناه: لاحظنا اهتمامًا إعلاميًا كبيرًا بتصريحات فضيلتكم من قبل الإعلام الغربى فى منتدى دافوس الاقتصادي.. فما الذى تم هناك؟

{{ بالفعل .. فقد كان لدار الإفتاء المصرية حضور مميز ولاقت اهتمامًا كبيرًا من قبل المشاركين الذى استمعوا بإنصات إلى تجربة الدار الرائدة ومجهوداتها فى مجال مكافحة التطرف والإرهاب، وقد لمست مدى تعطشهم لمعرفة الحقائق حول المفاهيم الإسلامية التى قامت الجماعات الإرهابية بتشويهها وتحريفها لتبرير إجرامهم. وأكدت للمشاركين فى المؤتمر أن المنتديات الدولية ودوائر صناعة القرار العالمى تقع عليها مسئولية أخلاقية تتمثل فى ضرورة تهميش الفكر المتطرف، وإتاحة الفرصة الكاملة للعلماء والمفكرين المتخصصين للتحدث بلسان الدين الإسلامي، حتى لا نترك المفاهيم تختطف من قبل المتطرفين الذين يشوهون الإسلام ويهدمون القيم الإنسانية المشتركة. وشددت على ضرورة التمييز بين رسالة الإسلام النبيلة التى تتمثل فى الرحمة والسلام وبين المغالطات والممارسات التى ظهرت من أولئك المتطرفين والإرهابيين الذين يشوهون تعاليم الإسلام السمحة أمام العالمين، وأن جرائم الإرهابيين تتعارض كليا مع الجوهر الحقيقى لرسالة الإسلام والفهم الصحيح لتعاليمه. وكان من الضرورى أيضًا أن أوضح أن مصدر التبرير المزعوم لكثير من مظاهر التطرف والعنف السياسى فى العالم الإسلامى وخارجه ليس مرده إلى تعاليم الأديان، ولكن لمجموعة معقدة من العوامل نحتاج لفهمها جيدا بشكل معمق حتى نعالج هذه الظواهر التى تهدد العالم أجمع. وعلى هامش فعاليات منتدى «دافوس» أجريت العديد من اللقاءات والمباحثات الثنائية مع عدد من صانعى القرار والمسئولين من مختلف الدول لتبادل الرؤى والأفكار ووضع آليات للتعاون فى هذا الإطار.

{ وماذا كان رد فعلهم؟ وما هى أهم بنود هذه الإستراتيجية؟

{{ استقبلوها باهتمام بالغ .. وهو أمر نابع من مدى شعورهم بالخطر الذى أصبح يهدد العالم أجمع ولا يقتصر على الشرق الأوسط فقطـ. أما عن البنود فهى إستراتيجية توضح الأطر الفكرية والتاريخية والتبريرات التى تقدمها جماعات العنف فى أدبياتها وتفضح كذلك البنية الأيدلوجية لهذه التنظيمات، وكيفية التعامل معها والرد كذلك على الشبهات التى تستند إليها التنظيمات الإرهابية فى جرائمهم. كما ضمت العديد من الرسائل الأساسية والمهمة التى توصلت إليها دار الإفتاء لفهم ظاهرة الإرهاب التى تهدد الأمن والسلم العالميين، ويوضح كذلك العديد من المفاهيم الإسلامية التى أسيئ فهمها وتطبيقها من قبل تلك الجماعات عبر استقراء موضوعى للتعاليم الإسلامية الصحيحة.

مع من التقيت هناك؟ وما هى الموضوعات التى تعرضتم لها؟

كان من أهم لقاءاتى مع السيد بان كى مون، الأمين العام للأمم المتحدة، وتحدثنا حول أهمية التعاون الدولى على كافة الأصعدة من أجل مواجهة خطر الجماعات المتطرفة وتحصين الشباب والمجتمعات منه، وأكدت له أن ذلك لن يتم دون إشراك علماء الدين الوسطيين الذين يملكون الحجة والبرهان لدحض شبهات المتطرفين وتفكيك فكرهم الشاذ.

{ وماذا عن لقائك بجون كيري؟

{{ التقيت بوزير الخارجية الأمريكى فى جلسة مباحثات ثنائية حيث تعرضنا لضرورة الاهتمام بوجود المسلمين فى الولايات المتحدة الأمريكية وما يمثلونه من أهمية كبيرة فى خلق توازن داخل المجتمع الأمريكى الذى يعتبرون أعضاء فاعلين فيه وجزء الا يتجزأ منه، كما أن الاهتمام بهم وبشئونهم من شأنه أن يعزز شعور الاندماج لديهم وهو ما يعد صمام أمان ضد تسرب الفكر المتطرف إلى المسلمين هناك. وأوضحت له أنه على الإدارة الأمريكية أن تشرك المؤسسات الدينية الوسطية مثل دار الإفتاء المصرية فى هذا الأمر عبر وضع استراتيجيات للتعاون منها استضافة القوافل التى توفدها الدار إلى الخارج من أجل توضيح المفاهيم الإسلامية الصحيحة ومن خلال المحاضرات فى الجامعات والمراكز الإسلامية والأماكن العامة كذلك، وهو ما سيسهم بشكل كبير فى مواجهة التطرف وتحصين الشباب ونشر القيم والتعاليم الإسلامية والإنسانية السمحة التى تساعد على التعايش السلمى بين البشر جميعًا.

{ ماذا كانت نتائج لقائك برئيس منتدى «دافوس»؟

{{ الدكتور كلاوس شواب، كان حريصًا على استجلاء حقيقة الأوضاع فى مصر فى مختلف المجالات خاصة الاقتصادية، حيث أكدت له حرص مصر على التواصل مع العالم والتعاون من أجل تحقيق السلم العالمي، كما استعرضت ما قامت به دار الإفتاء المصرية من مجهودات كبيرة من أجل نشر الوسطية وثقافة التعايش فى الداخل والخارج، وتفكيك الفكر المتطرف للجماعات الإرهابية مثل «داعش» وغيرها. وأوضحت له أن الدار تعتبر شريكًا فاعلاً فى كل الأحداث العالمية ويتمثل دورها فى نشر التوعية من خلال المحاضرات والإصدارات وإيفاد علمائها فى بقاع الأرض لبيان صحيح الإسلام، وقد قادت خلال الفترة الماضية حملات عالمية لتغيير النظرة السلبية عن الإسلام والمسلمين ولتصحيح الصور النمطية عن الإسلام وتعاليمه السمحة.

{ وماذا عن نتائج الزيارة ككل؟

{{ كانت الزيارة مثمرة جدًا وتوصلنا إلى عده اتفاقات مع أطراف عدة من أجل تحقيق التعاون لمواجهة خطر التطرف الذى أصبح يهدد الجميع الآن، منها ضرورة إجراء دراسة مستفيضة لأسباب انتشار ظاهرة التطرف والانضمام إلى الجماعات الإرهابية بين الشباب، حتى يمكننا التعامل معها بشكل منهجى وعلمي. واتفقنا كذلك على أن دار الإفتاء ستقوم قريبًا بتنظيم عدة جولات يقوم بها علماء الدار فى العديد من دول قارات العالم الخمس، لعقد لقاءات على مستويات عدة.. مع المسئولين وصانعى القرار فى تلك البلاد من أجل تصحيح الصورة المشوهة عن الإسلام وإطلاعهم على كيفية مواجهة الفكر المتطرف والاستفادة من تجربة دار الإفتاء الرائدة فى هذا الإطار، وكذلك تنظيم لقاءات جماهيرية خاصة مع الشباب فى الجامعات والمراكز الإسلامية والأماكن العامة فى محاولة لمواجهة موجات «الإسلاموفوبيا» والمحاربة الفكرية للتطرف.

كما سنعمل على إيصال إصدارات دار الإفتاء المصرية الإلكترونية والمطبوعة التى أصدرتها فى الرد على «داعش» وغيرها من التنظيمات الإرهابية، واتفقنا كذلك على ضرورة تهميش وسائل الإعلام الغربية للأفكار والفتاوى الشاذة والمتطرفة التى تنقلها عن المتطرفين، وأن تعتمد رؤية علماء الدين الإسلامى الوسطيين، وعرض المفاهيم الصحيحة التى يعرضونها ويوضحونها للناس، لكى تكون بديلًا للصورة النمطية المشوهة التى تعرضها معظم وسائل الإعلام هناك حول الإسلام والمسلمين وهو ما سيعزز التعايش داخل المجتمعات الأوروبية بين المسلمين وغير المسلمين من أبناء الوطن الواحد ويقضى على ظاهرة «الإسلاموفوبيا» وتكليلًا لما بذلته الدار أصدر منتدى دافوس تقريرًا استراتيجيًّا حول مبادرة دار الإفتاء لدوائر صناعة القرار العالمى حول طرق تعزيز ثقافة بناء السلام فى العالم، وقام المنتدى بتوزيعه على القيادات السياسية والإعلامية والاقتصادية، ورؤساء الوفود المشاركة فى دافوس.

{ وكيف نواجه حملات تشويه الإعلام الغربى للإسلام؟

{{ بعد أحداث الحادى عشر من سبتمبر والإعلام الغربى يتعمد تقديم صورة للإسلام والمسلمين تجمع بين الضعف والتخلف والإرهاب والتطرف، محاولة منه لتكريس صورة سلبية للإسلام والمسلمين تتهمهم بالقسوة وأنهم مصدر العنف والإرهاب، لكن على الجانب الآخر دعنا نعترف بقصور الخطاب الإعلامى الإسلامى الموجه للغرب، مما يتطلب ضرورة انفتاح العالم الإسلامى على العالم الغربى وعلى حقائق العصر مع الحفاظ على ثوابت الأمة وتقاليدها وأن يُشكل المسلمون فى الغرب قوة ضاغطة ترفع صوتها مدافعة عن دينها وصورتها وهويتها، كما أن الضرورة أصبحت ملحة لإنشاء قنوات فضائية إسلامية موجهة للغرب تخاطب الغرب بلغته وتعطى صورة شاملة عن الثقافة الإسلامية وتسهم فى تصحيح صورة الإسلام والعرب والمسلمين، ومن ثم فلا بد من إنتاج برامج تخاطب الغرب باللغات الأجنبية بغية تصحيح صورتنا لديهم، هذه البرامج والحملات الإعلامية تركز على تفعيل دور الإعلام الإسلامى فى تحسين صورة الإسلام والمسلمين من خلال التعرف على صورة الإسلام والمسلمين فى وسائل الإعلام الغربية والأجنبية، كما ينبغى طرح رؤية مستقبلية فى مواجهة تشويه صورة الإسلام والمسلمين، والتعرف على تأثيرات العولمة فى تشكيل الصورة الذهنية عن الإسلام والمسلمين، وتفعيل دور الاتصال المباشر فى مواجهة الصورة السلبية عن الإسلام والمسلمين فى الغرب، ومن خلال كل هذه الجهود نستطيع أن نواجه حملات التشويه ضد الإسلام فى الغرب، ولا بد من إنشاء جهاز إعلامى إسلامى للبحوث، يتولى رصد وتحليل ما يقدم عن الإسلام والمسلمين فى وسائل الإعلام الغربية وإعداد الدراسات العلمية والحقائق التى يعتمد عليها فى الرد على ما يقدم من صور مشوهة أو إساءة تتعلق بالمسلمين وثقافتهم ودينهم.

{ الرئيس السيسى دعا إلى ضرورة تجديد الخطاب الدينى فى أكثر من مناسبة .. فما تقييم فضيلتكم للخطاب الدينى فى مصر حاليًا؟ وما دور العلماء والدعاة؟

{{ من الضرورى الآن تبنى خطاب دينى جديد يتماشى مع متطلّبات العصر ويناهض الفكر المتطرف والمتعصب وينشر تعليمًا وفكرًا معاصرًا مستلهمًا التعاليم الصحيحة من صحيح الدين والسنة النبوية الشريفة، ولنا فى خطاب الله تعالى لعباده الأسوة الحسنة «وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ»، ودار الإفتاء تبنت منذ فترة طرح بعض الحلول لتجديد الخطاب الدينى والوصول به إلى ما نأمل، فنحن نأمل فى خطاب دينى يشتمل على الوصايا العشر فى قول الله تعالى: «قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِى حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ»، ليكون له آثاره الطيبة، وله ثماره الحسنة التى تجعل أبناء الأمة يصلحون ولا يفسدون، ويبنون ولا يهدمون، ويجمعون ولا يفرقون، ويتعاونون على البر والتقوى لا على الإثم والعدوان. كما أن على من يحملون هذا الخطاب أن تتوافر فيهم مجموعة من الشروط تعينهم على توصيل رسالتهم، يأتى فى مقدمتها الإخلاص لله وابتغاء الأجر منه سبحانه وتعالى، كما أنه لا مناص من توافر العلم اللازم لذلك مما هو معلوم من الدين بالضرورة، ملتزمًا بالأسلوب الأمثل وهو الحكمة والموعظة الحسنة، والصبر والتحمل لما قد يلحقه؛ لأن الطريق ليست بالهينة، يواجه فيها بعضًا من المشاكل والمتاعب فالصبر الصبر، كل هذا فى إطار من الرحمة للناس تكون شعارًا له يتمثل به أثناء سيره فى هذا الدعوة إلى الله تعالى، جاعلاً من نفسه القدوة الحسنة فهى أبلغ صور التبليغ.

فى النهاية نريد من فضيلتكم كلمة توجهونها للشعب المصرى وقيادته؟

أدعو المصريين إلى عدم الالتفات إلى حملات التشكيك والتزييف التى يشنها البعض من هنا أو هناك، بهدف زعزعة ثقة المصريين فى قيادتهم، أو النيل من الإنجازات التى تحققت على أرض الواقع، فهذه الحملات الخبيثة تخفى وراءها حقدًا دفينًا لمصر والمصريين، وتنطلق من أجندات مريبة لا تريد الخير للبلاد والعباد، فمصر قد انطلقت نحو التقدم والرقي، والمصريون مصممون على استكمال ما بدأوه دون كلل أو ملل، وندائى لهم أن يلتفوا حول قائدهم وأن يعملوا على السعى فى إصلاح هذا الوطن بمنظومة مكارم الأخلاق التى حثت عليها جميع الأديان والتى كثيرًا ما يؤكد عليها سيادته فى جميع خطاباته وكلامه الصادق مع شعبه بلا استثناء، فنهضة الأمم لا تبنى على الإسفاف والخلاف وإنما تبنى على مكارم الأخلاق وتحيا مصر ويحيا الوطن.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق