سنوات طويلة ونحن نفرط فيما وهبنا الله من مقومات سياحية فريدة كان من الممكن لو احسن استغلالها أن تحتل مصر قائمة الدول المستقبلة للحركة السياحية العالمية..ولكن ما حدث أن دولا لا تملك أية مقومات طبيعية ويضربها الصقيع معظم أشهر السنة تفوقت علينا وأصبحت السياحة لديها صناعة تقود معدلات التنمية بها واستفادت من عائداتها النقدية فى تأمين متطلباتها من الأسواق الدولية.
فهل آن الآوان لكى يحصل المصريون على نصيبهم الطبيعى والعادل من حركة السياحة العالمية..وهل قمنا باستغلال الأزمة الحالية وحالة الركود لمراجعة انفسنا ومصارحتها لنعود أقوى مما كنا..هل سنرتضى بأن نكون أرخص مقصد سياحى فى العالم بعد إيران وفقا لتقارير منظمة السياحة العالمية..وهل من العدل أن تنكسر صناعة السياحة لدينا لمجرد قيام دولتين هما روسيا وإنجلترا بحظر سفر مواطنيها عبر مطاراتنا.
على مدى عهود طويلة لم تقم حكوماتنا بوضع إستراتجية شاملة لصناعة السياحية.. واكتفت بتدشين الالاف من الغرف الفندقية التى تم رصها متلاصقة على أجمل شواطئ العالم فى شرم الشيخ والغردقة ومرسى علم وغيرها من المقاصد السياحية لمصر..دون أن تقوم ببناء حياة حقيقية ومجتمعات ترفيهية ومراكز تسويقية تمثل قيمة مضافة لهذه الشواطئ..وأهملنا البنية الأساسية اللازمة لخلق صناعة سياحة حقيقية.
ولعل تنبه دول مثل تركيا ودبى لحقيقة صناعة السياحة هو ما أهلهما ليحتلا هذه المكانة المتقدمة فى قائمة الدول المستقبلة للسياحة على مدار أعوام متتالية..فنجد تركيا والتى لا يتعدى موسمها السياحى بضعة أشهر..قد حققت خلال التسعة اشهر الاولى من العام الماضى عائدات من السياحة بأكثر من 21 مليار دولار..فى حين أن مصر والتى يساعدها طقسها المعتدل طوال العام تقريبا على استقبال السائحين..لم تحقق فى سنة الذروة السياحية عام 2011 قبل الثورة أكثر من 13 مليار دولار!!
طبعا هذا الرقم الضخم الذى حققته تركيا ساعدها على تقليص العجز التجارى بين صادراتها ووارداتها..كما وفر لها عملة صعبة استطاعت من خلالها رفع مستوى معيشة مواطنيها وتأمين احتياجتهم الأساسية من السلع والخدمات والتى يتم استيرادها من الأسواق الخارجية..واللافت هنا أن تركيا لم تعتمد على دخل السياحة المتولد من نفقات إقامة السائحين فقط..بل إنها قامت بخلق قيمة مضافة ضاعفت من هذا الدخل تمثلت فى مراكز تسوق ضخمة ومدن ترفيهية وبنية أساسية ضمنت جودة الخدمات المقدمة للسائحين وهو الأمر الذى رفع معدل إنفاق السائح بها الى 860 دولارا بالمقارنة بأقل من 60 دولار افقط فى مصر..وهكذا فعلت إمارة دبى التى أصبحت قبلة لسائحى العالم من الأثرياء الذين يتوافدون عليها من أجل سياحة التسوق.
إذا المنتج السياحى المصرى المعتمد فقط على الشواطئ والبحار والطقس المعتدل أثبت فشله بجدارة واستحقاق ويحتاج من الجميع إلى إعادة نظر ونحن نتلمس خطانا نحو المستقبل.
رابط دائم: