هل آن الأوان لكى يحصل المصريون على نصيبهم الطبيعى والعادل من حركة السياحة العالمية..هل قمنا باستغلال الأزمة الحالية وحالة الركود لمراجعة انفسنا ومصارحتها لنعود أقوى مما كنا..هل سنرتضى بأن نكون أرخص مقصد سياحى فى العالم بعد إيران وفقا لتقارير منظمة السياحة العالمية..وهل من العدل أن تنكسر صناعة السياحة لدينا لمجرد قيام دولتين هما روسيا وإنجلترا بحظر سفر مواطنيهما عبر مطاراتنا.
هذه الأسئلة وغيرها نطرحها فى الجزء الثانى من الرسالة التى تناولناها الأسبوع الماضى والتى جاءت تحت عنوان «عشوائية صناعة السياحة فى مصر»عرضنا خلالها رؤية أحد خبراء السياحة الذين يمتلكون استثمارات سياحية تحظى بسمعة عالمية ونستكمل رؤيته اليوم .
ويقول فى الجزء الثانى من رسالته:
البعض يتساءل هل السياحة فى مصر صناعة جادة تدعم الصناعات الأخرى وتسهم فى زيادة معدلات التنمية ورفع مستوى البلاد فى جميع المجالات؟أم ترفيهية يمتهنها من لا عمل له؟ من المفترض أن السياحة بمفهومها الحديث تمثل أكبر مصدر للعملة الصعبة وتسهم فى استقرار سعر صرف الجنيه..وتوفر الملايين من فرص العمل..كما انها مفتاح للصناعات الأخرى المختلفة التى تعمل على توفير احتياجات الفنادق منذ بداية الانشاءات ..وهى أيضا عامل تنشيط التجارة حيث يقوم السائح بشراء منتجاتنا من الملابس وغيرها اثناء زيارته دون أن نتحمل عبء تصديرها..ناهيك عن أنها العمود الفقرى للثروة العقارية ومايتبعها من صناعات الحديد والصلب والأسمنت.
ومن هنا نتأكد أن السياحة هى أساس التنمية ..فلو نظرنا إلى سياسة الدول الصناعية المتقدمة فى اوروبا مثل بريطانيا ، فرنسا ، هولاندا وإيطاليا وأسبانيا نجد أن الاهتمام بصناعة السياحة يأتى فى المقدمة لادراكهم بأهميتها ومساهمتها فى تسويق منتجاتهم..واسمح لى هنا أن أسرد واقعة حدثت لى شخصيا أثناء وجودى فى لندن حيث قمت بشراء بدلة من محل «ماركس أند سبنسر» وفوجئت بأنها صنعت فى مصر..ولا أخفى عليك شعورى بالسعادة والفخر لمنتج بلدى ، ولكن هل لو قام السائح بشراء هذا المنتج من مصر فهذا لايعتبر تصديرا ؟
التسوق هنا يعتبر عاملا مهما لجذب السياحة ويمثل عائدا للدولة ، فإن تصنيع المنتج وبيعه بالخارج فهو جيد للمصنع فقط وعائده ليس بالكثير وبالتالى ضرائبه للدولة ليست بالكثير .. ولكن عند بيعه داخل مصر للأجنبى فإن الفائدة ستكون اكبر للاقتصاد المصري.
ماذا ينقصنا لنحتل المرتبة الأولى سياحيا؟
ما هى مقومات السياحة وما متطلباتها ؟ المواد الخام للسياحة ..هى الشمس- الهواء البحر- الشواطئ والآثار.. ونحن لا نستوردها ولا تكلفنا شيئا فهى عطية الله لنا ..وجميعنا نتساءل ماذا ينقصنا حتى نتصدر قائمة الدول السياحية الكبري؟ فمصر فى موقع متميز مناخها معتدل على مدار العام، تمتلك 2600 كم شواطئ وشمس طول العام ورياح لطيفة منشطة وتمتلك تاريخا يعادل حضارة العالم ، وسياحة دينية لمختلف الأديان فيكفى زيارة العائلة المقدسة وجبل موسى ودير سانت كاترين وشجرة العليقة وتل العمارنة ومنطقة القاهرة القديمة والحسين والسيدة زينب وغيرها من الأماكن التى لا تعد ولاتحصى فضلاً عن السياحة العلاجية والبحيرات ومناطق مثل سيوة والصحراء البيضاء والفيوم وغيرها الكثير، وبناء على هذه المقومات ، ما هى المشكلة ولماذا لاتحظى مصر بما يتناسب مع إمكانياتها ؟ ولذا أرى ضرورة العمل فى اتجاهات مختلفة أهمها:
أولا.. العمل على خدمة وجذب السائح من وإلى المطار منذ لحظة وصوله وحتى عودته مرة أخرى عائدا إلى بلاده ، وهنا يقع عبء العمل على رجال السياحة بنسبة 50% والجهات الأخرى بنفس النسبة ..بمعنى أن أى شيء أو أى شخص يقوم السائح بمقابلته أو الاحتكاك به يجب عليه الاهتمام بالسائح وبالطبع قد يصل جزء كبير أحيانا لأكثر من 50% لخارج نطاق رجال السياحة.
ثانياً : تصنيف مصر كمنتج سياحى وعلامة تجارية مميزة (Branding) وبلد مثل مصر يجب أن يكون التصنيف مختلفا حسب المنطقة ، فيكون هناك الخمس نجوم والأربع والثلاث إلى النجمة الواحدة.
فمثلاً فرنسا هناك اختلاف بين مدن سياحية مثل (Nice Canne - St.Tropez) واختلاف فى النوعية والأسعار والمنتج العام
من المسئول عن إدارة ملف السياحة؟
إذا من هو المسئول عن هذا كله ومن هو مدير السياحة بمصر ؟ هل يمكن أن نقول أنه شخص أو جهة واحدة هى المسئولة فى مصر وبالتالى لها كل السلطات !! لا وألف لا .
فما أكثر الغرف السياحية والغرف المنشقة منها وهيئات التنشيط والتنمية والجمعيات والمحافظات والمحليات و18 وزارة كل هذا مختلط بعضه ببعض ، ولا يوجد أى تنظيم أو معرفة من المسئول عن من ، وما هى صلاحياته ( يعنى فين يودى منين) ناهيك عن عدد المسئولين بالغرف وكم الموظفين بها ، والذين أغلبهم قد فشل فى إدارة شركته والبعض منهم قام بإغلاقها وسافر خارج مصر أصلاً .
وما هذه المصاريف التى تصرف بدون أى دراسة أو حساب ولماذا هم نفس الأسماء بعينها التى تتنافس على الدخول فى هذه الغرف منذ عشرات السنين وقد ثبت فشل الكثير منهم ؟
ضرورة التغيير
هنا يمكن لنا كتابة غرائب وطرائف كثيرة ولكن هذا يكفى ، كل ما أطمع فيه أن نعيد النظر فى كل هذه الكتل المتناطحة ليكون هناك مجلس واحد مسئول عن السياحة ، ليكون فى استطاعتنا محاسبته أو مكافأته ، فكيف نقبل وضع السياحة الحالية بهذه الهشاشة وأن تنكسر السياحة جراء وقف رحلات دولتين .. لقد وصلت الحركة السياحية الى ادنى مستوياتها واصبح العاملون فى حالة يرثى لها.. فهل نترك شرم الشيخ والغردقة يلحقان بالأقصر وأسوان والقاهرة ودهب وطابا والفنادق العائمة هذا حرام .
لماذا لا نبدأ فورا فى اختيار مقصد سياحى واحد وليكن مثلا شرم الشيخ او الغردقة لجعلها منطقة ذات طبيعة خاصة ، وتكون مشروعا قوميا تحت رعاية واهتمام الرئيس عبد الفتاح السيسى ويتم إعفاؤها من جميع التعقيدات الادارية الحالية (وإذا كان لابد من تطبيق قوانين كفر الشيخ على مدينه شرم الشيخ فعلينا أن نتوقع أن دخل السياحة فى شرم الشيخ سوف يكون كدخل السياحة فى كفر الشيخ !!
لماذا ليس لدينا طموحات حتى نستغل كل ما أنعم الله به علينا من نعم ولماذا؟ لاتصبح السياحة بشرم الشيخ على أعلى مستوى من الابهار.. لابد وأن نبدأ الآن كما قال الرئيس «إحنا ماعندناش وقت»
فالمرحلة الحالية تتطلب العمل الجاد بعد دراسة مفصلة وإنكار للذات والتخلى عن أى امتيازات أدبية أو مالية فلا يمكن أن يستمر صرف الكثير على الرحلات التسويقية أو المؤتمرات أو الأجور دون جدوى فالجميع لديه شركاته الخاصة ويستغل وجوده داخل الغرف للتسويق لشركاته ولا تهمه مصر..فأرجوا أن يتنازل الجميع عن مستحقاتهم بقرار اختيارى فى ظل ظروف العاملين بالسياحة حالياً ..ولابد من سياسة تقشف ، فعلينا أن نبدأ بأنفسنا حتى تتصدر مصر خريطة السياحة العالمية..وشكرا للأهرام التى تضع مصلحة مصر وشعبها فوق الجميع..
رابط دائم: