أسرار "25 يناير" مازالت طى الكتمان وتحتاج وقتا وبحثا لإدراك حقيقة ما جرى
سياسيون: أسقطت الديكتاتورية والفاشية وأفشلت مخططات المتربصين.. "قتل الوحش"
ومواجهة الإرهاب ..سياسة خارجية متوازنة وبدء تحسن الاقتصاد.. الانتخابات النزيهة ..أحزاب باهتة الأداء وأخرى في طور النمو.."المصريين الأحرار" و"مستقبل وطن" أبرز الصاعدين.. استعادة الأمن والأمان ..توجيه الدعم لمستحقيه .. منظومة خبز ..الاهتمام بالمهمشين..
قبل خمس سنوات تحرك أطهر الشباب للميادين مطالبين بتغيير نظام الحكم وجعل الديمقراطية هى الأساس رافضين التوريث والفساد الذى استمر طويلا بعد حالة صمت كبيرة، فكانت ثورة 25 يناير التى رفعت شعارها الأكبر والأهم "عيش .. حرية .. عدالة اجتماعية".
السياسيون أعربوا عن اسفهم من انه لم يمر وقت طويل إلا وسرقت الثورة وتاهت أهدافها بين نظام وجماعة فاشية مما استلزم محاربة الإرهاب والدفاع عن البلد، فتأثرت مطالب الفقراء، واشاروا الى ان هناك مواقف مبهمة وأسرارا كثيرة لم نتعرف عليها، اثناء ثورة 25 يناير، لذلك يصعب تحليل الثورة بشكل كامل دون معرفة تلك الأسرار. وأكدوا ان ثورة 25 يناير جاءت ب 30 يونيو، واهم انجاز هو القضاء على نظامين احدهما ديكتاتورى وسلطوى والآخر فاشي، مؤكدين أن النظام الجديد جاء وحقق قدرا من مطالب يناير ووجه الدعم لمستحقيه وحقق قدرا من الحرية والديمقراطية، ومع هذا مازالت مطالب يناير تحتاج وقتا وعملا ليكتمل إنجازها، وان يشارك المواطن الدولة فى صناعة المستقبل ، من اجل تحقيق جميع الطموحات والآمال المعلقة منذ قيام الثورة.
إن محاولة النظر إلى المستقبل تتطلب النظر بتمعن إلى الماضى القريب والبعيد، فى ضوء الحاضر المعيش، ومن ثم فإن إطلالة سريعة على تاريخ الحياة السياسية الحزبية فى المحروسة، يظهر أنها مرت بعدة مراحل شكلت تاريخ التجربة الحزبية.
ففى مرحلة ما قبل ثورة 1919 ثم مرحلة التعددية الحزبية من 1923- 1952 ثم مرحلة التنظيم السياسى الواحد من عام 1953- 1976عقب ثورة 23يوليو1952 وحل الاحزاب السياسية ومنع تشكيل اخرى ثم مرحلة التعددية الحزبية من 1977- 25 يناير 2011 التى بدأت مع صدور قانون الأحزاب السياسية رقم 40 لسنة 1977 واخيرا مرحلة مابعد ثورة 25 يناير2011 .
شهد عام 1907 ميلاد خمسة احزاب وهو "عام الأحزاب"، وشهدت فترة التعددية الحزبية من 1919- 1952 ظهورا قويا لحزب الوفد الذى أسسه سعد زغلول. أما الفترة 1953-1976 فتسمى بمرحلة التنظيم السياسى الواحد فبعد قيام ثورة 1952 تم حل الاحزاب السياسية ومنع تكوين اخرى و تم تأسيس تنظيم "هيئة التحرير" فى يناير عام 1953م ،ثم إلغاؤه، وتأسس بعد ذلك تنظيم "الاتحاد القومى" فى عام 1956، ثم "الاتحاد الاشتراكى العربى" فى عام 1964 كتنظيم سياسى شعبى جديد يقوم على تحالف قوى الشعب العاملة، بدلاً من الاتحاد القومى وصولا الى مرحلة التعددية الحزبية من عام 1977- 25 يناير 2011 و شكل دستور عام 1971، وقانون الأحزاب السياسية رقم 40 لسنة 1977 الإطار الدستورى والقانونى لهذه المرحلة التى بدأت بقرار الرئيس السادات فى مارس عام 1976 بقيام ثلاثة منابر حزبية فى إطار الاتحاد الاشتراكى تمثل اليمين والوسط واليسار، ثم تحويلها فى 22 نوفمبر من نفس العام إلى أحزاب سياسية كانت النواة الأولى للتعددية الحزبية فى عام 1977وتم تأسيس نحو 24حزبا سياسيا حتى قبل 25يناير2011.
وعقب ثورة 25يناير2011 العظيمة، أصدر المجلس الاعلى للقوات المسلحة فى 28 مارس 2011 مرسوماً بقانون رقم (12) لسنة 2011 بتعديل بعض أحكام قانون الأحزاب السياسية رقم 40 لسنة 1977 ، تمثلت أهم التعديلات والأحكام التى تضمنها إنشاء لجنة قضائية خالصة تختص بفحص ودراسة إخطارات تأسيس الأحزاب السياسية بمجرد الإخطار، ومهد هذا القانون الطريق امام انطلاق الاحزاب السياسية فى مصر حتى وصلت لنحو100 حزب سياسى حاليا.
ومن ثورة 25يناير وصولا الى ثورة 30يونيو2013 رفض المصريون حكم جماعة الاخوان بعد ان كشفوا الجماعة على حقيقتها وعقب اعلان خارطة المستقبل التى توافقت عليها القوى السياسية والشعب المصرى العظيم، فتعرضت البلاد للارهاب وعمليات قتل من قبل جماعة الاخوان وحلفائها فى الداخل والخارج الا ان الدولة المصرية استطاعت ان تقف صلبة تحمى ابناءها فى مواجهة محاولة لاسقاط مصر وتم تنفيذ الانتخابات الرئاسية وفاز المرشح عبد الفتاح السيسى برئاسة الجمهورية باكتساح فقد حصل على ثقة الشعب المصرى بكامله ثم أجريت الانتخابات البرلمانية فى 2015 لاختيار ممثلين للشعب تحت قبة البرلمان ليقوموا بدورهم من رقابة وتشريع لما فيه مصلحة الوطن والمواطن.
وقبيل الانتخابات البرلمانية، أخفقت الاجتماعات التى عقدتها أحزاب اليسار فى التوافق على قائمة موحدة لدخول الانتخابات البرلمانية ، وتركت الحرية للأحزاب للتنسيق مع القوائم الحالية للاندماج معها، فيما توافقت على التنسيق والتعاون فى المقاعد الفردية تحت اسم «ائتلاف الأحزاب الاشتراكية»، وتضم «التجمع والتحالف الشعبى والحزب الشيوعى والحزب الاشتراكي». وظهر بقوة حزب "مستقبل وطن" فى الانتخابات البرلمانية كحزب قوى معظم مكوناته من الشباب، حيث استطاع أن يحصد نحو 51 مقعدا داخل البرلمان، وهو ما يشير إلى صعود حزب جديد إلى قمة المشهد السياسى فى الوقت الذى حصلت فيه أحزاب كبيرة وقديمة على عدد اقل من المقاعد داخل البرلمان. وكان من نتيجة الانتخابات ايضا احتلال حزب المصريين الاحرارالذى اسسه ويرعاه نجيب ساويرس رجل الاعمال المرتبة الاولى فى البرلمان بنحو 67 مقعدا. وحصد حزب الوفد نحو45 مقعدا فقط ولم تستطع احزاب اخرى قديمة ان تحصل على عدد من المقاعد تحت قبة البرلمان.
كما لم يستطع حزب النور السلفى الحصول على عدد كبير من المقاعد، ولم يحصل اعضاء جماعة الاخوان على مقاعد داخل البرلمان رغم الدفع بعناصر لها فى الانتخابات ولكن من المحتمل تسرب عناصر الى مجلس النواب غير معلومة للمصريين الا ان هذا الامر ايضا محدود فقد لفظهم الشعب المصري. وظهر حزب "حماة الوطن" برئاسة الفريق جلال الهريدي، بـ 17 مقعداً، ويعد "الشعب الجمهوري" الحصان الأسود بنحو 13 مقعداً بالبرلمان..وتمكنت احزاب المؤتمر والمحافظين والحركة الوطنية من الحصول على مقاعد رغم حداثتها.
والمتابع للمشهد السياسى فى مصر يرى ان الحياة السياسية فى مصر مازالت فى طور التشكيل والتكوين فعمر نحو 95 % من الاحزاب الموجودة على الساحة السياسية لا يتجاوز 5سنوات منها نحو ثلاث سنوات شهدت خلالها مصر وضع غير مستقر بسبب حكم الاخوان ثم تعرض البلاد للارهاب لذلك ففعليا فان عمر الاحزاب نحو عامين تقريبا وهى مازالت تحتاج الى المزيد من العمل على الارض.
عرضنا هذه المعطيات على عدد من خبراء السياسة وقادة الأحزاب، وتقويمهم لما تحقق خلال السنوات الخمس الماضية، ومن بينهم المستشار يحيى قدرى نائب رئيس حزب الحركة الوطنية المصرية، الذى رأى ان ثورة 25 يناير بدأت بخروج حقيقى للشباب المصري، معترضا على الحياة السياسية المصرية التى استمرت 30 عاما فى حكم مبارك، موضحا ان خروج هؤلاء الشباب لرغبتهم فى إعادة الديمقراطية وتغير النظام السياسى ورفض فكرة التوريث.
لكن قدرى أعرب عن حزنه لان الثورة لم تستطع ان تحافظ على مكاسبها حيث سمحت لتيارات مختلفة أن تخترق هذه الثورة وفتحت ذراعها لمن هم خارج هذه الثورة لتحقيق أغراض أخرى غير التى قامت من اجلها فقد احتضنت ثورة 25 يناير للأسف جماعة الإخوان دون أن تدرى أنها تحتضن وحشا مفترسا يستولى عليها وعلى مصر ، ولهذا نجد الآن البعض يعارض ويهاجم ثورة 25 يناير.
ورغم اختلاف الرأى العام بشأن الثورة كما يرى المستشار قدرى إلا أن احدا لا يستطيع انكار انها غيرت وجه التاريخ المصرى بالاضافة إلى انها انهت فكرة التعامل بالنظام الشمولى الذى يحاول البعض عودته .
عبد الغفار شكر رئيس حزب التحالف الشعبى الاشتراكى يرى ان ثورة أنهت خضوع الشعب لاى نوع من الحكم الذى لا يعطى المواطن الحقوق بمعنى انها انهت اى نوع من الوصاية على الشعب ، موضحا اذا كانت الثورة سرقت فى فترة ما ، ولكن قدرة الشعب ووعيه استطاع مواصلة مسيرتها الى ان يتحقق التحول الديمقراطى الذى سيمكن الشعب من تحقيق العدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية والتمتع بالحريات والحقوق .
وأشار شكر إلى انه اذا كان شباب الثورة أصيبوا بإحباط وتوقفوا عن العمل العام والسياسى نتيجة ضيق مجال النشاط السياسى أمامهم وسوف يستأنفون مسيرتهم بعد أن تزول حدة الإرهاب الذى كان الشعب يعطيه الاهتمام الأول لمحاربته و للقضاء عليه ، اوضح رئيس حزب التحالف الشعبى الاشتراكى ، ان ثورة يناير لها مكاسب عظيمة ومنها ان الشعب رفض الوصاية عليه وايضا اصراره على بناء نظام جديد يحقق الديمقراطية والعدالة الاجتماعية ، فبعد صمته لمدة 40 عاما لم يطلب فيها التغيير الا انه بهذه الثورة اعلن وانهى كل هذه النظم اليكتاتورية وتحول من نظام سلطوى الى نظام ديمقراطى ، وهذه نقطة تحول كبيرة وعظيمة فى تاريخ المجتمع المصري.
لدى يقين أن ثورة يناير شعبية بمعنى الكلمة هكذا بدأ عصام شيحه القيادى بتيار إصلاح الوفد ، حديثه عن الثورة موضحا أنها حققت الكثير من الانجازات أولها أن المصريين أصبحوا فاعلين وليس مفعولا بهم كالسابق وهذا انجاز كبير جدا، كما أن 25 يناير ترتب عليها 30 يونيو فى وقت لم يكن يحلم المواطن المصرى ان يتخلص من الاخوان نهائيا، ما حدث خلال الـ5 سنوات منذ قيام يناير يعد انجازا عظيما تخلصنا من نظامين احدهما ديكتاتورى سلطوى والآخر فاشى . وتابع شيحة قائلا: ان الحديث عن كرامة المواطن المصرى اصبح حديث عام وليس خاص بالنخبة فقط ، واشاد شيحه بوجود النظام الجديد حيث ان اول خطوات ايجابية من مطالب الثورة توجيه الدعم لمستحقيه وهذا ما فعله النظام الجديد ، موضحا ان لدينا الان منظومة خبز حققت امل المصريين وان متوسطى الدخل اصبحوا يحصلون على الخبز بكرامة وعدالة ، بالاضافة انه اصبح لدينا انتخابات حرة نزيهة ولا يشكك فيها احد . ومازالت هناك آمال وطموحات كثيرة، ولابد أن نعرف أنها ستتحقق ببطء وهذا أمر طبيعي، فمن الصعب تحقيق ذلك بين يوما وليلة.
الدكتور أحمد يحيى أستاذ علم الاجتماع السياسى بجامعة السويس يرى، انه منذ قيام ثورة 25 يناير وما صاحبها من زخم شعبى شديد وشعارات يسعى الجميع لتحقيقها نظرا لما عانى منه الشعب خلال فترة حكم الرئيس السابق مبارك ، لكن المؤسف هو عدم تحقيق هذه الشعارات حتى الان لسبب بسيط وهو عدم القدرة على الخروج من الازمة الاقتصادية الطاحنة التى تواجهها مصر والتى ساهمت الثورة فى ظهورها بوضوح ، موضحا انها زدات بعد تولى الاخوان الحكم.
وأشار أستاذ علم الاجتماع السياسي، إلى أن هناك انجازات ومكاسب صاحبت ثورة 30 يونيو منها تحقيق قدر عال من الأمن فى الشارع المصرى بالإضافة إلى استقرار الحالة الاقتصادية بنسبة لا بأس لها ، وأيضا السعى لتعميق قيمة الحرية وممارستها والتى ظهرت جالية مع انتخابات البرلمان الاخيرة حيث كان يسودها الحرية والنزاهة والشفافية وعدم التزوير، ومن المكاسب ايضا وضوح الرؤية لدى قطاع كبير من الشعب المصرى لمواجهة الارهاب ورفض كل المقالات التبريرية التى كانت تسعى لتعميق الخلاف داخل المجتمع باسم الدين او من خلال الفتنة الطائفية او النزعة الاقليمية ، كما ان الدولة اصبحت تمارس مهامها من خلال مؤسساتها القديمة .
وقال يحيى ان الاشكالية الحقيقة تكمن فى عدم شعور الناس بمردود سريع ومباشر للثورة وخاصة للجوانب الاقتصادية ، مؤكدا ان 99% من مشاكل مصر لها ابعاد اقتصادية ، مطالبا اجهزة الدولة ومؤسساتها القضاء على البطالة لحل مشاكل على الشباب ، وايضا على الدولة ان تركز فى تعظيم الانتاج المصرى وتشغيل الشباب وتوفير فرص عمل لهم بعيدا عن الوظيفة الميرى ، معربا عن اسفه من ان الكثير من الشباب يريد ان يتوظف دون العمل فى اى مهنة اخرى ، مصر بحاجة الى البناء والبناء يتطلب العمل فى كل المجالات .
رابط دائم: