رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

عشوائية صناعة السياحة فى مصر

أحمد عبدالمقصود
نجح العديد من الدول فى مشارق الأرض ومغاربها فى استغلال مقوماتها السياحية «العادية»لخلق صناعة عملاقة قادت البلاد الى تحقيق زيادات غير مسبوقة فى معدلات التنمية وخلق فرص العمل وضخ عشرات المليارات من الدولارات فى دخلها القومى..

وقد حققت اقتصادات دول مثل فرنسا وأسبانيا وانجلترا وتركيا قفزات هائلة الى الأمام بسبب نجاح عقولها فى استثمار ما لديهما من مقومات سياحية بطريقة مهنية تعتمد على مبادئ الاقتصاد وأدواته..والغريب هنا أن هذه الدول تربعت على عرش الدول المستقبلة للحركة السياحية العالمية على الرغم من محدودية الموسم السياحى لديها و الذى لا يزيد عن أربعة أشهر فقط..فى حين أن مصر التى بها مقومات طبيعية فريدة من نوعها.. وطقس معتدل وشمس ساطعة طوال العام ..وأثار لا يوجد لها مثيل فى العالم..عجزت عن استغلال كل ذلك ولم تنجح حتى الأن فى معاملة السياحة كصناعة وأدارتها بطريقة عشوائية غير مدروسة..فكانت النتيجة أننا تربعنا بجدارة على عرش المقاصد السياحية الرخيصة..وليس هذا فحسب بل إن الأمر وصل بنا الأمر إلى تقديم ملايين الدولارات الى شركات السياحة الأوروبية حتى تقبل وضع مصر ضمن برامجها ولو كانت بأرخص الأسعار.


الحال الذى وصلت إليه السياحة رصدته رسالة من احد خبراء السياحة فى مصر..حيث عبرت سطورها عن معاناة صناعة السياحة طوال السنوات الماضية..وأعترفت بجرأة عن عدم مقدرتنا على إدارتها بطريقة علمية ومهنية مما أدى إلى وصف مصر بانها أرخص مقصد سياحى فى العالم..وأكدت الرسالة ان السياحة تدار بطريقة عشوائية متخبطة..تعتمد فقط على دعم شركات السياحة الأوروبية بملايين الدولارات من أجل جلب السائحين الذين يستنزفون مواردنا دون أن يكون هناك عائد حقيقى على الاقتصاد القومي..ووضع الخبير -الذى رفض ذكر اسمه- يده على حقيقة ان الجميع يسعى للحفاظ على كرسى المسئولية دون أن يهتم بمصلحة مصر..فيسمح بإنفاق ملايين الدولارات على رحلات و«قوافل» للخارج لا طائل منها ولا عائد.. باستثناء بدلات السفر ورفاهية الوفود المصرية المشاركة فى هذه الرحلات..



أحلام الشركات الأوروبية أوامر

تقول الرسالة..إن القضايا الجادة التى تبنتها صفحات السياحة «بالأهرام»..دفعتنى لكى أكتب إليكم عن حقيقة وضع صناعة السياحة فى مصر..التى أرى انها أصبحت فى حالة يرثى لها وتحتاج منا إلى وقفة مع النفس وصراحة مع الدولة حتى نستطيع أن نصل بها إلى المكانة التى تستحقها على خريطة السياحة العالمية..فبداية أرى أن مسئولى السياحة فى مصر ينفقون ملايين الدولارات من أجل إرضاء شركات السياحة والطيران الأوروبية..وذلك دون تحقيق أى عائد اقتصادى يذكر وأصبحنا «للأسف» مجرد أداة لتحقيق أحلامهم ومكاسبهم على حساب طموحتنا وأحلامنا التى أصبحت كابوسا لن نستطيع الفكاك منه..وتسببت سياستنا السياحية الفاشلة فى تحكم هذه الشركات فى مصائرنا وأسعارنا ومصدر رزقنا ورزق الملايين من العاملين بالسياحة.

هناك حقائق وأمور سلبية عديدة تكاد أن تقضى على صناعة السياحة وأرى إنه لابد وأن نعترف بها حتى نستطيع مواجهتها والقضاء عليها وذلك إذا كانت لدينا إرادة حقيقة لنكون «ام الدنيا» كما نادى بذلك الرئيس عبد الفتاح السيسي..



قوافل سياحية بدون دراسة

ودعنى أسوق لكم بعضا منها علنا نجد من يصلحها ويصوب أمرها:

1- ينفق القطاع السياحى الحكومى ملايين الدولارات على رحلات مكوكية للخارج تمت تسميتها «بالقوافل» يتم الانفاق عليها من خلال صناديق التنشيط دون رقيب أو حسيب..حيث يتم صرف بدلات السفر والاقامة فى أفخم الفنادق وتذاكر الدرجة الأولي..وكل ذلك على حساب صاحب «المحل» وتحت دعوى التنشيط.

2- يتم إنفاق ملايين الدولارات على بورصات السياحة العالمية فى لندن والمانيا ودبى وغيرها..دون أن يكون لنا رؤية واضحة حول الهدف من المشاركة ببذخ فى هذه المعارض..والدليل على ذلك اننا لا نستثمر هذه المشاركة وننساها تماما بمجرد ركوبنا الطائرة والعودة الى القاهرة..



فنادق متهالكة

3- لا أعرف ماذا تفعل وزارة السياحة وقد أصبحت فنادقنا منتجعات «خربة» متهالكة لا تصلح لإقامة السائحين..بعد أن عجزنا عن توفير نفقات صيانتها وإعادة تأهيلها ..وأصبحت الآن بعد 5 سنوات من الركود عاجزة تماما عن تقديم أى خدمات للسائحين..الأمر الذى سيؤدى حتما إلى تصدير صورة سيئة عن السياحة فى مصر وهروبهم إلى دول أخري..وهنا أتفق معك أن هذا الدور يجب ان تلعبه الفنادق فواجبها تقديم خدمات متميزة للسائحين وأن تحرص على خدمتهم ليل نهار..ولكن دعنى أسألك أيضا..كيف يتثنى لنا القيام بذلك فى الوقت الذى تقوم فية أكثر من 30 جهة حكومية بمطاردتنا من أجل الحصول على رسوم لا نعرف ما الهدف منها أو لماذا يتم تحصيلها.

وكان آخرها على سبيل المثال لا الحصر وزارة الرى التى تطالبنا الآن برسوم عن الآبار التى قمنا بحفرها لتحلية مياه الشرب..على الرغم من قيامنا بإنشاء هذه المحطات على نفقتنا الخاصة دون أن نحمل الدولة دولارا واحدا..

ودعنى أؤكد لك أيضا اننا أصبحنا نستقبل يوميا عشرات المحاضر من مختلف الجهات ممن لهم علاقة بنا أو من لا يمتون إلينا بصلة.

4- رغم هذه الأزمات الطاحنة فإنك لا تجد مسئولا يقوم بزيارة المقاصد السياحية إلا فى إطار «الشو والزفة» الاعلامية..فمثلا شرم الشيخ لم يأتى اليها المسئول عن السياحة منذ أن جاء برفقة رئيس الوزراء ومجلسه الموقر منذ شهرين أو أكثر..وهذا يدل على أن الدولة نفضت يدها من هذا القطاع تماما على الرغم من انه القطاع الوحيد القادر على حل أزماتها.

5- بدلا من قيامنا بإيجاد أسواق جديدة وتنفيذ حملات دعائية فى الخارج لزيادة الطلب على مصر..نقوم بدعم شركات السياحة الخارجية بملايين الدولارات من أموال المصريين والتى تستغلها فى بتخفيض أسعار تذاكر الطيران لتتلاءم مع تخفيضات أسعار الغرف بالفنادق لتصبح مصر بلا فخر أرخص مقصد سياحي! حتى إنه كثيراً ما يدهشنى أن بعضاً من المسئولين فى السياحة جزء من الدعاية التى يتسخدمونها لزيارة مصر هى أنها أرخص من البقاء فى منازلهم ياللعجب!

6- أكثر من نصف أعداد فنادق شرم الشيخ والأقصر وأسوان رفعت الراية البيضاء وأغلقت أبوابها ومع ذلك لم نجد مسئولا حرك ساكناً لينقذ هذه الفنادق أو أبدى محاولة لإيجاد حل لها ؟ هل هناك من مسئول تحرك لمساعدة هؤلاء الذين يحاولون جاهدين عدم إطفاء أنوار شرم الشيخ؟ هل هناك أى تعديل أو اعتراف بأن أسلوب تنشيط السياحة المتبع فى المكاتب الخارجية فاشل..وأن الملايين التى يتم انفاقها دون عائد يذكر وأن نتائجها صفر كبير.

7- وأخيراً صندوق دعم العاملين الذى أنفق ما يقرب من خمسة ملايين جنيه ومعظم الفنادق ليس لديها أى معلومة بشأنه ولا تدرى على أى أساس تم الصرف منه..ولماذا لم يدعم الفنادق التى لم تطفيء أنوارها ، والأدهى أنك تجد أن هذا الصندوق صرف أموالا لدعم شركات مثل شركة Pegas التركية والتى قامت بإغلاق فنادقها وتسريح عمالتها وعليها مديونيات لبعض الفنادق بشرم الشيخ !

8-أغلب أصحاب الفنادق دخلوا عالم السياحة من باب الاستثمار العقاري..فأداروها بطريقة غير احترافية ولجأ البعض الآخر منهم إلى شركات إدارة أجنبية كلفتهم ثلث أرباحهم عند المكسب..وتتخلى عنهم وقت الأزمات وأتحدى أن تجد شركة إدارة أجنبية واحدة وقفت مع مصر فى محنتها طوال السنوات الماضية.. كما أنه لو نظرنا لمعظم الدول المنافسة لنا سوف نجد أن إدارة فنادقها فى يد شركات وطنية محلية.ولذلك لابد أن نفرق ما بين مستثمر قام بإنشاء فندق وبين من يديره أو يقوم بتأجيره.



شركة لإدارة المدن السياحية

9-الحل الأمثل لمدننا السياحية مثل شرم الشيخ أو الغردقة أو مرسى علم..أن تكون هناك من 8 إلى 12 شركة مصرية تقوم باستثمار فنادقها وإداراتها باحترافية تفرض على منظمى الرحلات الأسعار ونسب الأشغال التى ترى فيها مصلحة السياحة المصرية..وسيكون هناك بينهم تنافس مهنى وتعاون فى ذات الوقت من منطلق تلاقى المصالح Economy of scale) )..وسينعكس ذلك بالتأكيد على تحقيق مصر لنصيبها الطبيعى من حركة السياحة العالمية..وتحتل المكانة التى تليق بها على رأس قائمة الدول المستقبلة للسياحة..الأمر الذى سيعود بالفائدة والمكسب على الجميع بما فيهم الدولة التى ستحصل على عائدات تصل إلى عشرة أضعاف ما تحصل عليه الآن.

10-لابد من ترتيب «البيت» من الداخل قبل استجداء شركات السياحة الأوروبية التى تتحكم فى أسعارنا وفى فنادقنا..وحينها سوف تتسابق شركات السياحة العالمية على المجيء لمصر بالشروط والأسعار التى نحن نقوم بتحديدها كما كان سابقاً..للأسف نحن نهتم فقط بزيادة عدد الغرف مع إنها السبب الرئيسى فى انخفاض الأسعار وتدهور وضعنا السياحى بالعالم ..ولا نعمل على زيادة الطلب والترويج لمصر فى الخارج والذى سيفرض علينا حال نجاحنا فى خلقه وتحقيقه بناء العديد من الغرف وما يتبعها من إيجاد فرص عمل جديدة.

وأخيرا فإن قضية السياحة فى مصر يجب أن تؤخذ بمحمل الجد وليس بالارتجالية الحالية..فهى صناعة وليست مسألة «لعب ولهو» وتمثل أهم الصناعات فى الدول المتقدمة مثل فرنسا- بريطانية - هولندا- اسبانيا وغيرها..ولن تسامحنا الأجيال القادمة على تفريطنا فى المقومات السياحية التى حبانا الله بها دون غيرنا ولم نستغلها فى رفع مستوى معيشة الشعب المصري..

فالسياحة هى الأمن القومى الحقيقى حيث إنها ليست فقط تدر دخلاً من العملة الصعبة ولكنها توفر الملايين من فرص العمل.

ولهذا نتوجه إلى سيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي.. بأن يكرس لنا جزءا من وقته واهتمامه بنفس الأهمية لمشروع قناة السويس وتكون تحت قيادته الشخصية الحكيمة .

مستثمر غيور على بلده

[email protected]

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
 
الاسم
 
عنوان التعليق
 
التعليق