ردود أفعال متباينة سادت الأحداث السياسية في الداخل نتيجة تصريحات المستشار هشام جنينة الذي صرح بأن حجم الفساد في مصر تخطي 600 مليار جنيه،
مما أثار أعضاء مجلس النواب والخبراء حول صعوبة ارتفاع نسبة الفساد إلي هذه الدرجة الفادحة، وأشار فيها الخبراء إلى بأنها تشكك في النشاط الاقتصادي وسمعة مصر علي المستوي العالمي مما يساعد علي إحجام الاستثمار الأجنبي خوفا من قوة الفساد والفاسدين.
السيد حجازي عضو مجلس النواب أكد أن دور المجلس ليس عقابيا بل هو رقابي علي كل ما يمس الأمن الوطني وعلي رأسها قضية الفساد، إذ تصريحات المستشار هشام جنينة أثارت الجميع ونحن في مرحلة النهوض والتقدم والمشروعات الكبري، لذلك فإن واجبنا ان نتصدي لكل ما يهدد الأمن القومي ويحقق المصلحة العامة، فإن اعلان جنينة يبث روح الهزيمة في الشعب المصري، لذلك فإن المجلس سيعالج هذه المشكلة باللوائح والقوانين، وهناك اتجاه لإمكان قبول اعتذار رسمي من جنينة موجه للشعب المصري، حتي نكمل المسيرة علي أن يذاع في كل وسائل الإعلام، ما لم يتقدم بما يثبت كلامه وإحصاءاته التي قال إنها حقيقية، وفي هذه الحالة سوف نغير نص الإدانة بما لا يغل يد القيادة في إمكان تغيير رؤساء الأجهزة الرقابية حتي يتم تغيير كل من يضلل أو يضل الشعب.
وأضاف أنه من الغريب أن المستشار جنينة لم يذكر هذه الاحصاءات من قبل، فالأجهزة الرقابية تراقب الأجهزة التنفيذية وترفع تقاريرها للجهات المعنية، والخطأ الذي حدث أنه توجه به للإعلام، بغرض أن ينفي انتماءه للإخوان المسلمين، وهذا الخطأ إذا لم يثبته يستوجب تقديم الاستقالة فورا إذا لم يكن هناك حل آخر، فميزانية الدولة تبلغ نحو 800 مليار جنيه فكيف يكون حجم الفساد 600 مليار، فضلا عن تركيزه علي بنود خاصة بأراضي هيئة المجتمعات العمرانية التي لم تستغل وهي يمكن أن ترفع من سعر السوق، مما يعني أن هناك غرضا له في توصيل رسالة تشكيك في طريق الدولة وانجازاتها متواكبة مع احتفالات 25 يناير، وما معني أن يعتمد علي مستندات قديمة وجمع أرقام ميزانيات من 2008، فأين تقصي الحقائق والأجهزة الرقابية، ولماذا لم يعلن هذه الأرقام إلا في هذه الأيام ولم تعلن في أيام حكم الإخوان، وكان العمل الصحيح أن يعلن عن كل عام ينتهي بدرجة الفساد به، وهذا يشكل اهتزازا في ثقة الشعب بحكومته ورئيسه، فضلا عن الاساءة لسمعة مصر عالميا من النواحي الاقتصادية والسياسية، بدلا من وضع منظومة للتصحيح من خلال القيادة التي يتبعها.
من جانبه أكد المستشار رفعت السيد رئيس محكمة استئناف القاهرة السابق أن موضوع المستشار هشام جنينة وما أثير حول تصريحاته الأخيرة فيه جانب شكلي وآخر موضوعي، فالجانب الشكلي، نسأل فيه هل من حق أي رئيس جهاز رقابي أن يتعامل مع وسائل الاعلام لكشف الوقائع التي استبانها جهازه أم أن واجبه يقتصر علي ابلاغ الجهات المختلفة بما توافر لديه من وقائع تكشف عن جرائم أو اهمال أو اخفاق، حتي يتسني معالجتها، هذا هو الجانب الشكلي، أما إذا انتهينا إلي أن رؤساء الأجهزة الرقابية من مخابرات عامة أو حربية، أو الرقابة الإدارية أو أجهزة البحث الجنائي، والأمن الوطني أو جهاز المحاسبات، فهي ليست من طبيعتها التعامل المباشر مع وسائل الاعلام فإنها ملزمة قانونا بأن يكون تعاملها مع أجهزة التحقيق المختصة أو القيادات السياسية أو التنفيذية، ومن ثم فإن ما حدث من إعلان ما توصل إليه الجهاز المركزي للمحاسبات من بيانات، كان يتعين أن تخطر الجهات المعنية بداية، وتتلقي توضيحات هذه الأجهزة المعنية، ثم تخطر النيابة العامة أو الإدارية، إذا تبين توافر جرائم أو مخالفات إدارية تستوجب المساءلة التأديبية، فالمسألة هنا واضحة لكل المسئولين في هذا المجال.
وأضاف رئيس محكمة الاستئناف أنه من الناحية الموضوعية لا شك في تقديري أن رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات لا يعمل منفردا ولا يجري بنفسه الرقابة علي الإنفاق الحكومي، وإنما يتولي الفحص والرقابة الأجهزة العامة بالجهاز المقسمة إلى لجان تتولي كل لجنة فحص جهة محددة من الأجهزة التي تخضع للجهاز المركزي ليتم مراجعة تقاريرها في لجان للتحقيق والمراجعة، ثم يحرر التقرير النهائي ويرفع إلي رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات الذي يتولي إخطار الأجهزة المعنية بهذه التقارير أو يطلب الرد علي ما ورد بهذه التقارير، ثم يحيل هذه الردود إلي اللجان المتخصصة بالجهاز لمراجعتها، فإذا استبان لها عدم الاقتناع، وكانت الوقائع التي انتهي اليها الفحص تشكل جريمة أو جرائم جنائية، فإنه يخطر بها النيابة العامة الأمينة علي الدعوي الجنائية وصاحبة الحق الأصيل في تحريكها باجراء التحقيق فيما ورد بهذه التقارير، واتخاذ اللازم بشأنها، أو احالتها إلي النيابة الإدارية إذاكان الأمر متعلقا بأخطاء إدارية، أو اهمال أو تقصير لتتولي التحقيق فيما ورد بهذه التقارير والمحاسبة التأديبية لمن يثبت ارتكابه هذه الأخطاء، سواء بتقديمه للمحاكمة التأديبية أو طلب توقيع الجزاء الإداري عليه من قياداته.
وأضاف أنه في كل الأحوال فإنه لا يجوز لأجهزة الرقابة أيا كانت طبيعتها، تسريب هذه التقارير إلي وسائل الاعلام، قبل أن يبت فيها قضائيا أو تأديبيا، لأن القاعدة الأصولية في القانون هي أن المتهم بريء حتي تثبت ادانته، وبالتالي فإذا كان هناك ما ينسب إلي المستشار هشام جنينة بارتكاب خطأ، فليس فيما ورد بالتقرير من أخطاء أو خطايا، لأنه ليس بالقطع صاحب أو مؤسس التقرير، وإنما ما ينسب إليه في تصوري هو التصريح بمضمون التقرير قبل انتهاء التحقيقات بشأنه، لأننا نعلم (أن ناقل الكفر ليس بكافر) فالتقارير جاءته من لجان ولم يكتبها، ولعل هذا فيه الخير حتي تتنبه الدولة باختيار الرجل المناسب في المكان المناسب، وفي مجال عمله وليس من خارجه حتي لا نجد أخطاء مماثلة لأن المستشار جنينة قضي حياته علي منصة القضاء وليست له خبرة مسبقة.
رابط دائم: