لم تعد أسرار العلاقة الزوجية والمشكلات الأسرية حبيسة الغرف المغلقة، بعدما جعلتها القنوات الفضائية على المشاع،وتاجر بها مذيعون ومذيعات بحثا عن المزيد من الربح والرواج الإعلامى للقناة، دون مراعاة للخصوصية أو الآداب العامة، قضايا وتساؤلات خادشة للحياء يتم عرضها على مرأى ومسمع من الجميع، فى ظل التنافس الفضائى على تحقيق الربح وتحول رسالة الإعلام السامية إلى البحث عن هذا المكسب بأى وسيلة من الوسائل حتى وإن كان ذلك على حساب الدين والأخلاق.
علماء الدين والاجتماع يؤكدون أن إفشاء الأسرار الزوجية على الملأ لا يجوز شرعا، ويطالبون بسرعة التصدى لتلك الظاهرة بوضع ميثاق شرف إعلامى لضبط أداء هذه الفضائيات. وشدد العلماء على ضرورة الانصراف عن مثل هذه البرامج وعدم مشاهدتها، لأنها مخالفة للقيم والأخلاق والعادات والتقاليد، ولها آثار سلبية على المجتمع.
ويقول الدكتور نبيل السمالوطي، أستاذ علم الاجتماع بجامعة الأزهر، إن العلاقة الزوجية لها خصوصية تختلف عن كل العلاقات الأخرى داخل المجتمع، وإذا كانت البحوث الاجتماعية تكشف أن بعض حالات الطلاق تكون نتيجة للفشل أو عدم الكفاءة فى العلاقات الحميمة بين الزوجين فان من المنطقى والمقبول عقلا ودينا أن تكون مواجهة هذه المشكلات بينهما فى سرية تامة وإذا كان هناك احتياج طبى أو اجتماعى أو نفسى فليذهب الزوجان إلى مؤسسات متخصصة فى العلاج الطبى أو النفسى أو الاجتماعي. وتوجد الآن مؤسسات علمية متخصصة لمواجهة المشكلات الأسرية مثل مكاتب المشكلات الأسرية وعيادات أمراض الذكورة، أما أن تعرض هذه الأمور الخاصة جدا على شاشات التليفزيون وان تناقش أمام الجماهير والشباب والأطفال بشكل يخدش الحياء فان هذا أمر غير مقبول على الإطلاق، ويعد إشاعة للفاحشة التى أمر الله سبحانه وتعالى بعدم شيوعها وتوعد من يقوم بها بأقصى العقاب فى الآخرة، قال تعالي: «إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِى الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِى الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ» {النور:19)، وهذا أمر مرفوض على المستوى الشرعى والاجتماعى والإنسانى لأنه أمر يخدش الحياء والحياء شعبة من شعب الإيمان.
انتهاك للخصوصية
من جانبه أوضح الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر، أن الشريعة الإسلامية أحاطت النظام الأسرى بسياج من الخصوصية، وأرشدنا الله سبحانه وتعالى إلى عدم إفشاء الأسرار مهما تكن البواعث والدواعي، فقال جل شانه: «فقد أفضى بعضكم إلى بعض «، كما ارشد جل شانه إلى تذكر الفضل وعدم التنكر للجميل فقال تبارك وتعالى: «ولا تنسوا الفضل بينكم» وهذا يدل على أن الواجب فيما يخص الشأن الأسرى عدم التشهير بالآخر على رءوس الأشهاد، والشرع جعل وسائل حكيمة من الإصلاح من الوعظ والهجر فى المضجع والضرب غير المبرح وفى النهاية بعث حكمين عدلين يؤتمنان على الأسرار. وأضاف: إن تناول المشكلات الأسرية فى المجالس العامة أو وسائل الإعلام المختلفة على رءوس الأشهاد، يعد من المحرمات، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: «من ستر مسلما فى الدنيا ستره الله يوم القيامة» أسرار الناس يجب ألا تكون عرضه لان تلوكها الألسنة بين شامت ومشهر ومعيب ومغيب لان الأخلاقيات الإسلامية توجب إحسان الظن وعدم التنابز بالألقاب كما أن الحياة الزوجية ليست ساحة مصارعة بين غالب ومغلوب ومنتصر ومنصور ولكنها سكن ومودة ورحمة قال تعالي: « وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِى ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ» [ الروم : 21 ]
سلوك مرفوض
وفى سياق متصل يقول الدكتور مختار عبد الرحيم، عميد كلية أصول الدين بأسيوط، إنه عندما نعود إلى سنه رسول الله صلى الله عليه وسلم نجد أن هذه الأمور مبنية على الستر والحياء ومن ذلك ما ورد فى الصحيح « أن امرأة سألت النبى صلى الله عليه وسلم عن غسلها بعد الحيض فأرشدها النبى صلى الله عليه وسلم إلى أن تأخذ قطعة من قماش بها مسك وتتطهر بها وحينما قالت المرأة كيف أتطهر بها يا رسول الله فقال النبى صلى الله عليه وسلم سبحان الله تطهرى بها ومعنى ذلك أن النبى صلى الله عليه وسلم أصابه الخجل أو الحياء مما ذكرت المرأة «، ونأخذ من هذا الحديث الشريف انه لا يجوز شرعا أن يذكر الآن ما يعرف ببرامج التوعية الجنسية أما الإعلانات عن المنشطات الجنسية فى بعض الفضائيات كإعلانات مستمرة مدفوعة الأجر فهذا أشد حرمة ولينظر كل واحد منا إلى بيته عندما تعرض هذه الإعلانات كيف يكون حال الأسر دينيا وأخلاقيا فنحن نقول لهؤلاء الناس اتقوا الله، ومن كانت عنده مشكلة أسرية فليذهب إلى الطبيب المختص.
رابط دائم: