الإنجازات الكبيرة التى تحققت فى الفترة الماضية بمحافظة القاهرة وكان من نتائجها استعادتها قدرا كبيرا من رونقها الذى فقدته على مدى السنوات التى أعقبت ثورة 25 يناير ــ كانت سببا رئيسيا فى تجديد الثقة فى محافظها للمرة الثالثة،
حيث تولى شئون العاصمة فى ظروف بالغة الصعوبة وبالتحديد عقب فض اعتصام رابعة، حيث كانت تعانى قاهرة المعز العديد من المشاكل والأزمات الضخمة.. إنه الدكتور جلال سعيد محافظ القاهرة الذى خصنا بأول حوار صحفى معه بعد تجديد الثقة فيه الذى تحدث فيه عما تم انجازه على أرض الواقع وما ينتظر أن يتم انجازه خلال الفترة المقبلة وقد تخلل الحوار الذى امتد على مدى أكثر من ساعتين الحديث عما ستفعله القاهرة فى مثلث ماسبيرو وما استقرت عليه لاستغلال موقع الحزب الوطنى بعد اتمام هدمه وموعد إخلاء مبنى مجمع التحرير وغيرها من الموضوعات الساخنة الذى تضمنها هذا الحوار الذى جاء على النحو التالي:
> مع بداية العام الجديد.. ما أهم المشروعات التي ستكون فاتحة خير على العاصمة؟ ـ
هناك مجموعة كبيرة من المشروعات سوف تخرج إلى النور فى 2016 ففى الربع الأول من العام سننتهى من المرحلة الأولى والثانية لمشروع الاسمرات 1 و 2 وهو يضم 11 ألفا و200 وحدة سكنية والمشروع ضخم لأننا ننشئ حيا متكاملا بجميع مرافقه من محطات مياه ومحطات رفع وكهرباء ومدارس وخدمات أخرى ، ليستوعب 80 ألف نسمة وهو يعادل حى غرب مدينة نصر والزمالك وجاردن سيتى من حيث عدد السكان، وذلك بتكلفة 13 مليار جنيه. وأود أن أقول إننا نحتاج إلى 27 ألف شقة لاستيعاب سكان العشوائيات، ولذلك سوف نضع حجر الأساس لمشروع الاسمرات 3 فى بداية هذا العام وهذا يضم 5 آلاف شقة ليصل إجمالى مشروعات الاسمرات الى 16 ألف شقة، وسيقوم صندوق «تحيا مصر» بتمويل المشروعات وعند الانتهاء منها مع نهاية 2016 سنكون انتهينا من نحو 60% من مشكلة العشوائيات الخطرة وسوف نحتاج بعدها إلى 12 ألف وحدة سكنية أخرى للقضاء على أزمة عشوائيات المناطق الخطرة نهائيا.
ملف العشوائيات ملف خطير جدا، فلو كان هناك أفضل محافظ فى الدنيا وسقط أحد المنازل ومات بداخله مواطنون، فإن ذلك سيضعه فى موقف حرج خاصة إذا لم يقم بدوره فى الوقوف على حجم الخطر الذى يحدق بأهالى هذا العقار واتخاذ ما يلزم من إجراءات للحفاظ على حياتهم لذلك نبذل جهدا كبيرا فى هذا الملف الذى نعطى فيه الأولوية للمواطنين الذين يعيشون فى العشوائيات الخطرة، لأن تلك العشوائيات تهدد حياة المواطنين ويقدر عددهم بـ 300 ألف شخص، وهناك عشوائيات أخرى تعانى سوء التخطيط يقطنها نحو 750 ألف مواطن فى القاهرة لكنها غير مهددة لحياة المقيمين فيها،و لكن ذلك لا يعنى إهمالنا لتلك المناطق العشوائية بل نقوم بتطويرها ويكفى أن نعلم أننا صرفنا العام الماضى على تطوير تلك المناطق 500 مليون جنيه.
> ماهى أبرز الصعوبات التى تواجهكم فى التعامل مع قضية العشوائيات ؟ ـ
بالطبع هناك العديد من الصعوبات التى تواجهنا فى هذا الشأن لعل أبرزها رفض بعض الأهالى من سكان تلك المناطق الانتقال إلى أماكن بديلة إلى حين هدم بيوتهم القديمة وبناء مساكن جديدة لهم وهو ما يجعلنا نقوم بتهيئتهم نفسيا، لإيجاد جسور من الثقة بإجراء حوار مجتمعى معهم لنشرح لهم كيف ستتم عملية التطوير وأن هذا سيكون فى صالحهم، كما أن هناك مجموعة من الدخلاء على تلك المناطق يظهرون فى أثناء عملية حصر الأهالى ونقلهم طمعا فى الحصول على شقة وهذه صعوبة أخرى تواجهنا فى العشوائيات الخطرة وهؤلاء أقول لهم: الفلوس دى مش بجيبها من بيتى دى فلوس الشعب ولن نعطى شقة إلا لمن يستحق.
> هل هناك بالفعل نية لإخلاء مجمع التحرير.. وماذا سيصبح المجمع بعد إخلائه؟
قمنا بالفعل بحصر للهيئات والجهات الموجودة بالمجمع وأخطرناها، بسرعة الاخلاء وهناك بعض الجهات داخل المجمع تقوم بتجميع ما يخصهم فى المجمع وأصبح لديها توقيتات لإنهاء العمل بالمجمع والانتقال لمقراتها الجديدة، وقد كانت خطتنا هى إخلاء المجمع فى آخر يونيو 2016 وقد نؤجل ذلك لمدة عام لإعطاء فرصة للوزارات لنقل وحداتها.. أما ماذا سيصبح عليه المجمع بعد إخلائه فدعنى أقول لك إن المجمع لا يصلح إلا لأن يكون فندقا 4 نجوم بعد إعادة تأهيله من الداخل بما يحافظ على طابعه المعمارى الفريد.
> هل حسمت المحافظة ماذا سيقام مكان مبنى الحزب الوطنى بعد الانتهاء من عمليات الهدم وقرب إخلاء الموقع؟
بالفعل الموقع سيتم إخلاؤه خلال أسبوعين من الآن وقد بحثت اللجنة التى شكلها رئيس الوزراء وتضم وزيرى الاستثمار والآثار ومحافظ القاهرة الأمر وهناك خلاف فى الرأى بداخلها حول الاستخدام الأمثل لهذا الموقع المتميز من قلب العاصمة، فمحافظة القاهرة ترى أن يستخدم المكان كمنطقة مفتوحة تكون امتدادا لميدان التحرير بما لا يعوق اتخاذ أى قرارات أخرى لتعديل هذاالاستخدام فى المستقبل. وقد تحدثت مع وزير الإسكان لعمل تصور لاستخدام المكان إذا ما تم الأخذ بوجهة نظرالمحافظة.
> يقال إن هناك تعثرا فى المفاوضات مع الشركات الإعلانية حول تجديد تعاقداتها.. فهل تم التوصل لحل فى هذا الصدد؟.
هناك عدة شركات حاصلة على حق الاعلان بمناطق مختلفة بالقاهرة منذ عدة سنوات وذلك بالأمر المباشر وهو يعد مخالفا للقانون لذلك رأت المحافظة فى إطار تحسين مواردها اعطاء حق الاعلان عن طريق المزايدة لتحقيق الشفافية وتنمية العائد من الاعلانات وهو ماسيصاحبه تأثير سلبى على الشركات المتعاقدة، لذا قررت المحافظة مراعاة لهذه الظروف مد أجل الاتفاق مع تلك الشركات حتى نهاية العام الحالى لتوفق الشركات اوضاعها لبدء مرحله جديدة عن طريق المزايدات.
> ما هى أبرز الصعوبات التى واجهتك خلال عام 2015؟
اعتقد أن 2015 كانت سنة حاسمة فى قضية فرض الانضباط فى الشارع واستطاعت بالفعل القاهرة أن تكون احد عناصر الدولة لإعادة الانضباط وإنفاذ القانون وهى قضية كانت صعبة والإعداد لها كان طويلا، والتنفيذ كان محفوفا بالمخاطر ولكننا اخترنا الطريق الصعب مادام يحقق الصالح العام. وكان من نتائج ذلك استعادتنا شوارع وميادين العاصمة من فوضى الباعة الجائلين الذين استباحوها وعاثوا فيها إهمالا وفوضى بعد فرضهم سياسة الأمر الواقع فتم نقلهم لأسواق بديلة وإعادة الميادين التى احتلوها لرونقها القديم ومنها ميادين رمسيس وحلوان وشوارع وسط المدينة وغيرها. كما يجب ألا ننسى أننا استطعنا إيقاف ظاهرة المبانى المخالفة بتوجيه ضربات موجعة لمافيا الأراضى وأزلنا كما هائلا من العقارات المخالفة لم يحدث من قبل بمختلف الأحياء منها 75 عمارة بالمعادى وبعدها عمارات بقصر القبة والمطرية فى وقت عصيب للغاية وهو ما حد كثيرا من تزايد مخالفات البناء فى العاصمة .
> والأكشاك غير المرخصة .. هل ستشملها تلك الحملة؟
الأكشاك انتشرت فعلا ، لكننا لن نرحم من يقع تحت أيدينا، لأن الكشك هو ترخيص تمنحه الدولة لأحد الأشخاص المحتاجين من أصحاب الظروف الخاصة ولمدة معينة لكن هناك من يريد أن يورثه مدى الحياة، والرخصة ليست صكا على بياض.
> مثلث ماسبيرو.. صداع فى رأس المحافظة.. متى ستتخلصون منه؟
مثلث ماسبيرو مقام على مساحة 75 فدانا من أغلى مساحات الأراضى فى الشرق الأوسط وإفريقيا وربما أوروبا بسبب إستراتيجية الموقع الذى يطل على نهر النيل، والمنطقة لها إجراءات ينظمها القانون، وقد تم عمل لجان لتلقى طلبات المواطنين لإثبات حقوقهم، وكذلك تم عمل تخطيط للمنطقة وتقييم الأصول، إلى جانب لجان تستقبل السكان لاستطلاع ارائهم هل يريدون البقاء أم الرحيل وفقا لأوضاعهم القائمة، إلى جانب معرفة نصيب كل فرد فى البيت أو الأرض التى يقيم عليها. ونحن سنفتح خلال أيام المرحلة الأخيرة فى تلك الإجراءات وهى مرحلة التفاوض، التى سننتهى منها بحلول منتصف العام الحالى لنبدأ بعدها فى تنفيذ خطة التطوير.
> بذلتم مجهودا كبيرا لتطوير القاهرة الخديوية، ماهى آخر التطورات فى هذا الشأن ؟
شاهدت وسط مدينة فيينا ومبانيها التراثية فى إحدى الصحف ، وأنا أرى أن هناك مبانى فى وسط القاهرة لا تقل عن هذه المباني، ولقد بدأنا منذ عام فى تطوير القاهرة الخديوية وقبل نهاية يناير سنكون انتهينا من المرحلتين الأولى والثانية بنسبة تنفيذ تجاوزت الـ 40% من تطوير القاهرة الخديوية التى تشمل شارع الألفى وعرابى وميدان التحرير وميدان عابدين وشارع عماد الدين وسوف نقوم بعمل مسيرة فى النطاق الجغرافى الذى تمت فيه أعمال التطوير بمناسبة الانتهاء من المرحلتين الأولى والثانية لعملية التطوير التى ستصل تكلفتها لنصف مليار جنيه.
> وماذا عن منظومة النظافة؟
نحن نتعامل مع كبرى منظومات النظافة فى العالم، حيث تنتج القاهرة يوميا نحو 16 ألف طن مخلفات يجب أن تختفى فى ساعات، ونحن نتعامل مع 45% من حجم القمامة فى مصر، وهناك تحسن ملموس، ولكن ليس هذا غايتنا فهناك طموحات لدينا فى تحقيق مزيد من التقدم فى تلك المنظومة.
> العقود مع الشركات الأجنبية أوشكت على الانتهاء.. هل تنوى المحافظة تجديدها؟
نعد كراسات شروط بمواصفات محددة تساعد على النهوض بالمنظومة، لتشمل مناطق لم تكن تصل إليها سيارات النظافة، وقد بدأنا مبكرا فى تحديد هذه الاشتراطات بالتعاون مع استشاريين أجانب،أى أننا سنطرح العقود الجديدة برؤية مختلفة تجنبنا أخطاء الماضى وتحقق لنا المراد وهو انشاء منظومة متكاملة لنظافة العاصمة.
> من وجهة نظرك.. ماذا ينقص القاهرة لتصبح مثل مدن أوروبا ؟
طبعا ينقصنا الكثير فنحن نريد أن نجد حلا جذريا لأزمة المرور والإسراع فى مشروعات مترو الأنفاق، والنقل الداخلى ونحتاج إلى القضاء على مخالفات البناء وكذلك تقويم السلوك البشرى للمواطنين، هذا فضلا عن التطوير الإداري، والاهتمام بالقضايا الجماهيرية في مجالات الصحة والتعليم والمرأة والأطفال ولكن دعنى أقول إن كل مدينة لها طابع خاص، والقاهرة أكثر مدن العالم شهرة، ونحن سائرون فى طريقنا لتحويل القاهرة إلى عاصمة عالمية بالفعل وهذا لن يأتى إلا بالعمل المستمر والدءوب، والقاهرة قادرة على تحقيق ذلك خلال السنوات القليلة المقبلة.
> قرار حظر انتظار السيارات بوسط القاهرة.. لماذا لا يتم تعميمه فى المناطق الحيوية من العاصمة؟
سيحدث قريبا وقد بدأنا فى شارع شبرا وننتهى حاليا من محور يربط المطرية بطومان باى وصولا إلى ميدان المحكمة وسوف نمنع مرور السيارات، وكذلك عندما ننتهى من جراج روكسى سوف يكون له نفس اثر جراج التحرير لأنه يمتلك نفس السعة. وحاليا يسير العمل به بمعدالات كبيرة تمهيدا لافتتاحه هذا العام، وكذلك نحاول حل مشكلات المرور من خلال إيجاد جراجات صغيرة.
> ما أهم ورقة تنتظر أن توقعها لمحافظة القاهرة ؟
عندما انتهى من مشروع الاسمرات سأهدى ورقة هذا المشروع إلى أبناء العاصمة لأنه أكبر مشروع تم تنفيذه لنقل سكان العشوائيات فى تاريخه.
رابط دائم: