وكان توقيع اتفاق الصخيرات بين الاطراف الليبية برعاية أممية مؤخرا بالمملكة المغربية بمثابة طوق نجاة وعامل رئيسى نحو التوصل لاتفاق سياسى يجمع الليبيين على كلمة سواء.
تشهد الساحة الليبية أحداثا متسارعة ساعة بعد أخرى فى الوقت الذى تتم فيه تحركات إقليمية ودولية لنزع فتيل الأزمة الليبية وعودة الاستقرار للبلاد.
السفير هانى خلاف مساعد وزير الخارجية الأسبق للشئون العربية واحد أبرز المتابعين للتطورات الليبية كشف لـ «لأهرام» فى تقييم شامل للأوضاع بأن مخرج الأزمات فى هذا القطر العربى الشقيق انما يكمن فى التحاور السياسى المباشر بين اطراف الأزمة المحليين وأن دور الأطراف الاقليمية والدولية ينبغى أن يركز على تهيئة الفرص لهذا الحوار دون ضغوط أوانحيازات من جانب تلك الاطراف الخارجية لصالح طرف محلى دون آخر وهذا يستند وما يزال إلى معرفة وثيقة بجوهر الطبائع الأصيلة للشعب الليبى وقدرة قواه السياسية على التمييز بين الخلافات الثانوية والظرفية التى تحدث بين الاشقاء فى البيت الواحد والخلافات الجوهرية والرئيسية التى تقع بين مجموع ابناء البيت الوطنى من ناحية وقوى الهيمنة الاجنبية التى لا يهمها فى الشأن الليبى سوى الحصول على النفط بطريقة منتظمة ومأمونة وبأرخص الاسعار، أو توظيف الصراع الليبى فى مخططات لإعادة تشكيل موازين القوى فى شمال افريقيا والشرق الاوسط.
ويشير إلى أن ما انجزه المتحاورون الليبيون مؤخراً فى مدينة الصخيرات المغربية من عناصر اتفاق، ولو أولية، ومهما كانت محاولات البعض فى ليبيا او فى الخارج لتحجيم الاتفاق او التشكيك فى مدى شرعية اطرافه أو فى مساحة التفويض التى يتمتعون بها فهو على الاقل يمثل خطوة نوعية الى الامام وسوف تحتاج بلاشك الى متابعات شاقة لتوسيع مساحة التفهم لمضمونه بين الفرقاء الليبيين، وكذلك لدى بعض الأطراف الاقليمية والمجاورة وربما يحتاج الامر أيضاً الى تطوير لبعض جوانب هذا المضمون واستكمال بعض النواقص فيه.
الجوانب الغامضة أو الغائبة فى اتفاق الصخيرات
ويوضح ان الاتفاق يحدد بوضوح الأدوار الموكولة الى حكومة الوفاق الوطنى الجديدة والمدد الزمنية لهذه الأدوار إلا أنه لم يخاطب بعض الاطراف الاخرى فى المجتمع الليبى ولم يحدد ادوارها فمثلاً كيف يتم عملياً ادماج المؤسسات الحكومية الموجودة فى كل من طبرق وطرابلس فى كيانات واحدة دون أدوار محددة تقوم بها كلتا الحكومتين القائمتين قبل الاتفاق؟ وما هى الترتيبات العملية لدمج الميزانيات المزدوجة فى ميزانية وطنية واحدة؟ وما هى الاجراءات المطلوب اتخاذها من جانب هيئات القضاء والرقابة والبنوك ومؤسسات النفط القائمة فى الجانبين لإنهاء وجودها المنفصل والاستعداد لإعادة توحيد البناء، معتبرا ان أخطر ما يواجهه تنفيذ الاتفاق هو كيفية ادماج المليشيات المسلحة المتعددة والمتناثرة فى الغرب والشرق والجنوب داخل مؤسسة عسكرية وامنية ذات هوية وطنية جامعة وعقيدة عسكرية واحدة.
كذلك لم يشر الاتفاق إلى ادوار أو ترتيبات محددة يمكن أن يقوم بها المجتمع الدولى أوالاطراف الإقليمية المجاورة للمساعدة فى تنفيذ الاتفاق واكتفى المتفقون فى الصخيرات مع وسيطهم الدولى بدعوة الجميع الى مباركة الاتفاق .
الأدوار المتصورة لدول الجوار والأطراف الإقليمية والدولية
يشير السفير خلاف إلى ان هناك مجالات عديدة يمكن لدول الجوار المباشر، ومنها مصر، المساهمة بها لدعم واستكمال التوافق الليبى الوطنى، وتعزيز قدرة الليبيين على التفرغ لمحاربة ارهاب داعش والقاعدة، ومن هذه المجالات احكام تأمين الحدود المشتركة مع ليبيا لمنع تسلل العناصر المتطرفة ومنع وصول السلاح الى غير المؤسسات العسكرية الرسمية وربما أضافت عضوية مصر بمجلس الأمن خلال العامين القادمين فرصة للقيام بأدوار خاصة فى صياغة ما قد يلزم من ترتيبات دولية أو اقليمية لحفظ السلام ودعم الاستقرار ورفع الحظر الدولى المفروض على تسليح الجيش الليبى، فضلاً عن ترتيبات إعادة النازحين والمهجرين الى اماكنهم الأصلية فى ليبيا، سواء كانوا من الليبيين أو أبناء الدول المجاورة الذين كانوا يعملون فى ليبيا قبل الحرب بالاضافة الى مشاركة الشركات المصرية والمغاربية والخليجية فى إعادة إعمار ما هدمته الحرب الاهلية جنباً الى جنب مع الشركات الاوروبية والصينية وغيرها وقد تحمل الأيام الى كل من السودان والجزائر وربما تشاد والنيجر أيضاً أنواعاً خاصة من الأدوار والمسئوليات.
ويوضح انه من المهم فى تقديره ان يتيح الليبيون لأنفسهم فرصة التحرر من المنطلقات القبلية أو المناطقية الضيقة، وأن تتخلص الأطراف الخارجية من نوازع الهيمنة وأوهام الانفراد بالحكمة فى معالجة الشأن الليبى .
رابط دائم: