رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

قراءة فى خطاب كاميرون
صحوة بريطانية متأخرة فى مواجهة التطرف

زكريا عثمان
بعد أقل من شهر على صدور تقرير الحكومة البريطانية بشأن مراجعة أنشطة جماعة الإخوان الإرهابية داخل المملكة المتحدة وخارجها، والذى جاء بمثابة صفعة قوية على وجه الجماعة، ركز رئيس الوزراء البريطانى ديفيد كاميرون خلال خطابه بمناسبة العام الجديد على إبراز التطرف كأحد أكبر القضايا والتحديات التى تواجهها بلاده الآن، وهو ما يستدعى حتمية مواجهته والتصدى للمروجين له، خاصة إلكترونيا على شبكات الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعى المختلفة، بهدف الحفاظ على مباديء المجتمع البريطانى وقيمه، وإبعاد أبنائه عن التمزق والانشقاق.

ونظرا لإدراك رئيس الوزراء البريطاني لما يشكله استخدام "العالم الافتراضي" للإنترنت بكل أدواته ومختلف أساليبه من مخاطر وتهديدات على أبناء شعبه، لا سيما في ظل المعطيات الحالية المتسمة بقدرة المتطرفين والإرهابيين في التواصل مع أي جهة أو شخص في العالم، فقد شدد كاميرون على الحاجة إلى القضاء على المواد التكفيرية المتاحة على شبكات الإنترنت، والتي من شأنها أن تساعد على تجنيد البريطانيين واعتناقهم لتلك الأفكار الهدامة، والتي عبر عنها في خطابه بمصطلح "الأيديولوجية السامة"، حيث ارتأى أنها يمكن أن تدفع المجتمع البريطاني برمته إلى التشرذم والانقسام، وربما إلى الاختصام والاقتتال لاحقا، وهي نتيجة لا يستبعد الرجل حدوثها - كما هو واضح - إذا ترك الحابل على النابل، وتم السماح لبعض أبناء شعبه من خلال الإنترنت باعتناق أفكار متطرفة، أو بتحولهم إلى إرهابيين يعملون ضد مصالح بلادهم أو يستهدفونها، وهو ذروة الموقف الذي يخشى كاميرون وصول بلاده إليه.

ولهذه المعطيات السابقة، والتخوف من النتائج المترتبة عليها، دعا كاميرون إلى حتمية التصدي لمن وصفهم بـ "دعاة الكراهية" ممن يبثون أفكارهم المسمومة ويروجون لأيديولوجياتهم التكفيرية الهدامة داخل المجتمع البريطاني بغية هدمه وتفريقه، وأكد أن المتطرفين لن يتمكنوا من هزيمته أوهزيمة شعبه متى اعتمدت استراتيجية الأمن القومي الحالية لبلاده على عاملين : أولهما مواجهة ليس فقط الإرهاب والعنف، بل أيضا التصدي لكافة القوى الكامنة ورائه، والتي تقوم بتجنيد بعض أبناء شعبه وتوفر الأجواء والظروف المواتية لنشر الأفكار المتطرفة في مجتمعه، وثانيهما تمسك مواطنيه بقيم هذا المجتمع وإظهار الولاء له.

ولعل اختيار كاميرون لهذا التوقيت بالذات لإعلان استراتيجية بلاده لمكافحة التطرف والإرهاب ترجع لأسباب عديدة، أبرزها أنه يأتي مع بداية عام جديد، وأنه يتزامن مع ميلاد السيد المسيح عليه السلام، والذي تدعو مبادئ دينه إلى التسامح والاعتدال والبعد عن التطرف ونبذ العنف، وثانيها الخوف الشديد على مستقبل بلاده، خاصة في ظل انتشار الأفكار التكفيرية لدى من سافروا بالفعل لسوريا والعراق وقاتلوا بين صفوف "داعش"، فضلا عن آخرين استهدفوا بلاده ومجتمعات أوروبية أخرى كفرنسا وغيرها، ورابعا لمنع ظهور شخصيات من طراز "جون"، أو محمد الموازي، قاطع الرؤوس في داعش، كما يأتي اختيار التوقيت أيضا بسبب الأجواء المحمومة التي يعاني فيها العالم بأكملة من تداعيات هذه الأفكار المتطرفة والأيديولوجيات الهدامة التي تسمم عقول معتنقيها وتدفعهم للقيام بأعمال إرهابية.

وثمة سبب آخر وليس أخيرا لاختيار هذا التوقيت، وهو إدراك كاميرون أن جماعة الإخوان الإرهابية التي باتت تحت الرقابة الأمنية بدءا من شهر من الآن روجت لسياسات تحويلية متطرفة داخل مجتمعه، وهو ما يمكن أن يشكل خطرا على النظام العلماني لبلاده، فلم ير سبيلا للحفاظ عليه سوى التمسك بقيم المجتمع البريطاني التي لن تجعل من بلاده مجرد دولة أكثر ثراء فقط بل وأكثر قوة واتحادا وأمنا، وأقل حميمية في ضيافة شخصيات غير مرغوب فيها تحت شعار الحريات.

ويتضح هذا من أخطر عبارتين في خطاب كاميرون، وهما قوله "نريد أن نجعل بريطانيا أعظم بمنح شعبها أمنا أفضل"، وقوله بعد ذلك في سياق حديثه عن الأمن "إننا نحتاج للتعامل مع القضايا التي ظلت لزمن طويل تحت البساط، ومنها الفشل في الاندماج، وخطورة الانعزال والاختباء، وكذلك معاملة النساء كمواطنين من الدرجة الثانية، والمجتمعات التي تعيش في جزر منعزلة عن بعضها البعض".

وهكذا، فإن كلمة كاميرون تشكل نقطة تحول في الاستراتيجية الأمنية والمجتمعية البريطانية للحفاظ على قيم المملكة المتحدة للنأي بأبنائها بعيدا عن تبني الأفكار المتطرفة التي دفعت بعض شعوب الشرق الأوسط كسوريا وليبيا والعراق واليمن إلى الدخول في نفق مظلم ملئ بالتشرذم والاقتتال والذي من الصعب أن تخرج منه قريبا إلا بأعجوبة .

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق
  • 1
    مصرى حر
    2016/01/04 07:27
    0-
    0+

    لعله من قبيل الخجل من المجتمع الدولى
    عتاة الارهابيين من عينة داعش وعصابة 28 لازالوا يردون الجميل لبريطانيا نظير الايواء والرعاية والاعاشة وحتى حينه لم تحدث احداث ارهابية تستحق الذكر فى بريطانيا واسرائيل وثالثتهم امريكا
    البريد الالكترونى
    الاسم
    عنوان التعليق
    التعليق