رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

الشيخ معوض إبراهيم أكبر مشايخ الأزهر المعمرين :
الأزهر لا يتخندق فى مذهب واحد ومصر «مأمن» لجميع الأديان

حوار - حسـنى كمـال:
بعدما صار أكبر المعمرين وبلغ من العمر 105 أعوام استدعته ذاكرة الأزهر لتكريمه .. إنه شيخ مشايخ الأزهر معوض عوض إبراهيم الذى نذر حياته للدعوة الى الله على بصيرة متوشحا سيف الكلمة التى تقطع الفرقة بين نسيج الأمة الواحد مسلمين وأقباط، متدرعا بالوحدة بين أبناء الوطن، ومعتقدا أن مصر مرتع للجميع ومأمن لكل العبادات



بادرت الأهرام لتهنئته بمناسبة تكريمه فى مشيخة الأزهر ودار الإفتاء المصرية، فابتدرها بتهنئة «الأهرام» بمرور 140 عاما على إصدارها، وبروح الشيخ المستنير وروح الشاعر الوثابة فيه ابتدرنا بهذه الكلمات الرقراقة قائلا: «الأهرام» جريدة ومكان وميزان يُعين أن يكون الحق عملا وأملا وغاية فى زمن تداخلت فيه الأفكار، ورسالة وثقافة ومنارة تظهر للناس كل ما يريدون معرفته، وتهدف للإصلاح ما استطاعت، أحببناها من قلوبنا وتمنينا أن نكون على صفحاتها فأكرمنا الله أن يكون لنا الحوار الأول بالأهرام، وأتمنى أن يطيل الله عمرى لأرى بها الحوار الثاني، وأن يوفقنى الله بإجابات ترضى قراء الجريدة المحترمين».














هكذا بدأ الشيخ معوض عوض إبراهيم كلامه مع مندوب جريدة الأهرام، فهو شيخ وعالم جليل أطال الله فى عمره، والذى كرمه منذ أيام قليلة الدكتور أحمد الطيب، ودعاه فى مشيخة الأزهر، وقال الشيخ أن فضيلة الإمام أصدر قراراته وهى تخصيص سيارة لفضيلة الشيخ معوض وكتابة سيرته ومسيرته العلمية، وطبع كتبه ومقالاته وديوان شعره وغيرها من تراثه، هذا بالإضافة إلى الإعداد للاحتفال والاحتفاء بفضيلة الشيخ وتكريمه بحضور كوكبة من علماء الأزهر، وإلى نص الحوار:

<< ما أهم ذكريات فضيلتكم؟

< لست إلا عبدا من عباد الله ولدت عام 1330هجرية 1912م ، فى قرية كفر الترعة الجديد مركز شربين دقهلية حاليا - غربية سابقا على الضفة الغربية من شمال الوادى ، قريبا من مصب النيل ، من والدين لم يكونا بالأغنياء ولا بالفقراء، فقد كانا فى أمن وستر وعافية، وكانا جوادين، خيرهما يَبلغ الأهل من قريب، وشاء الله أن أحفظ القرآن الكريم، وتعلقت نفسى بالالتحاق بمعهد دمياط الابتدائى الأزهري، وتردد والداى فى إجابة هذه الرغبة عاما بعد عام، حتى ابلغنى الله عز وجل ما أردت عام 1926 م وكان من حسن حظى أن كان شيخ المعهد أبو الدكتور محمد عبد الله دراز الشيخ (عبد الله دراز الكبير)، وانتقلت بعد 1930 م إلى معهد طنطا الثانوى فحصلت على شهادة الكفاءة بعد ثلاث سنوات، وحدث فى هذه السنوات الثلاث أمران اذكرهما على عجل، أما أولهما فقد كتبت قصيدة تحت عنوان (استعذاب العذاب) ، وأرسلتها لعملاق الأدب العربى الأستاذ عباس محمود العقاد الذى كان مشرفا على الصفحة الأدبية لجريدة الجهاد التى كان يملكها يومئذ عملاق الصحافة الأستاذ محمد توفيق دياب، وكان يكتب تحت الجهاد قول شوقى أمير الشعراء: «قِف دون رأيك فى الحياة مجاهدا، إن الحياة عقيدة وجهاد» ولقد كان لنشر هذه القصيدة الأثر الكبير بين الزملاء وبين قريتي، والأمر الثانى كان هناك حوار فرضه أستاذ الأدب بينى وبين زميلى إسماعيل الصعيدى وقد استصوب الأستاذ ما قلت وأهدانى كتاب (مقامات بديع الزمان للهمذاني) وكتب عليه (هدية لمعوض عوض لنبوغه فى فن الأدب) وبعد الانتهاء من مرحلة الثانوية التحقت بكلية أصول الدين عام 1935.




<< هل كان لكم دور فى الدعوة خارج مصر وخاصة فى البلدان العربية؟

< نعم لقد نسأ الله تعالى فى عمرى فعملت فى لبنان ست سنوات، وعملت فى اليمن ما أراد الله عز وجل فى عدة زيارات، وعملت فى السعودية ست سنوات بين مكة والمدينة المنورة، وعملت فى الأردن اربع سنوات، وعملت فى الكويت ست سنوات، وقابلت الرؤساء فى أكثر هذه الأقطار، ورأيت من أكثرهم من يُنيط بمصر الرجاء والأمل ، ويبعثون بفلذات أكبادهم إلى أزهرها الذى يدعو ليلا ونهارا إلى وحدة الصف، والى التناجى بالبر والتقوي، واحتسابى انه ينعم ببركات الله الذى ارتضى مصر لحياة آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى قُضيت آجالهم، وبقى الأزهر بالله، وببركات آل بيت رسوله يؤدى رسالته التى نرجو أن تكون قوة دافعة إلى وحدة أمتنا، واستقامة صفنا، حتى يُحق الله الحق ويقطع دابر الظالمين، وكما كان الأزهر فى الحركات الوطنية يعلو منبره نسيج هذا الوطن مسلمون وأقباط سيظل الأزهر وإلى جواره دور عبادة الذين يؤمنون بموسى وعيسى عليهما وعلى نبينا الصلاة والسلام، حتى تكون شرائح هذا الوطن العزيز شريحة واحدة لا ترى مصر إلا وحدة واحدة، تناجت بها القلوب، ونادى إليها بنوها الأبرار، وذلك كائن إن شاء الله، ومصر منارة عالية، ومنبر يُذيع الحق ويدعوا إلى كل ما فيه لله رضا، ولأهل الله من صلاح.

<< بماذا وعدكم الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر وماذا دار فى اللقاء؟

< سعدت سعادة كبرى بالدعوة التى وجهها إليّ الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، والحقيقة كنت متوقعا أن يتفضل بزيارتى لسبب واحد وهو فارق السن، ولكن دعانى إلى المكان الذى يليق بتكريم العلماء، وخصص لى سيارة للذهاب بى والعودة، والشيخ يحتل قلوب الجميع، ولقد كان هذا اللقاء فى مكتبه أمرا من الأمور التى جعلت الكثيرين يتصلون بى ذاكرين فضل الإمام الأكبر الذى أسأل الله له التوفيق فى العمل، لإبلاغ الأزهر المزيد من وسائل بقائه لما ناط الله به ولمن يعملون لخدمة الإسلام والمسلمين وشد أواصر أبناء مصر برغم اختلاف الأديان والمعتقدات، ونسيج الوطن والكل يحترم الأديان السماوية وتوجب أن نذكر لكل محسن إحسانه ولكل متفضل أفضاله. وابدى استعداد الأزهر لطبع كتبى ومقالاتى وديوانى الشعرى وغيرها من تراث العلمي، لما له من دور كبير فى إثراء المكتبة العربية والمحتوى الإسلامي.

<< وكيف ترى دور الأزهر الآن فيما نراه من فتاوى ضالة وجماعات كثيرة تعمل باسم الإسلام؟ وهل ترى أن هناك سياسة فى الدين؟

< الأزهر فى هذه الآونة له دور بارز فى التقريب بين الفرقاء فى الوطن، فواجبه ومهمته تنصب فى البحث عن الطريق الوسط المستنير الذى يخرج الأمة من الأزمات التى نراها فى الساحة وحماية الشعب من التمزقات التى يحاول البعض أن يروجها، فالحوار والنقاش هو الحل، وسر بقاء الأزهر الشريف بقوته ومنارته التى نراها حتى يومنا هذا أنه يعبر عن ضمير الأمة كلها، فالأزهر لا يتخندق فى مذهبٍ معين، أو مدرسة بعينها، وإنما يحتضن الجميع، كما أرى أن مقولة ( لا سياسة فى الدين ولا دين فى السياسة)، بمعناها الحزبى فقط مرفوضة معنى ومبنى ولكن السياسة تعنى رعاية شئون الأمة وبمعنى الحكمة وتسيير الأمور ببصر وبصيرة، وفى ذلك نقول إن السياسة من صميم الدين بهذا المعني، أما عالم الدين فالأفضل له ألا يحصر نفسه فى السياسة الحزبية لأنه ليس مِلك أحد وهو للأمة عين ترعي، وأذن تسمع، ولسان ينطق بفصل الخطاب الذى يجمع ولا يُفرق، ويبنى ولا يهدم، فى مرحلة من مراحل مصر التى نرى فيها من يهدمون أكثر من البُناة الأمناء، فينبغى أن نسعى لتوحيد الصف، ورأب الصدع، فرأيان أقوى من واحد، ورأى الثلاثة لا يُغلب، وها نحن نرى الأزهر يحتضن الجميع، ويسعى جاهدا للبحث عن حلول للتقريب بين فئات المجتمع.

<< مصر تعيش نسيجا واحدا ويهنئ المسلمون الأقباط دائما بنهاية العام ويحتفل الجميع بقدوم عام جديد، فما رأيكم فى هذه العلاقة؟

< لم نسمع يوما من الأيام أن هناك نزاعا فى مصر نتيجة اختلاف الأديان، أو بين طوائف، فمصر مرتع للجميع ومأمن لكل العبادات، ولم نر يوما أن هناك عصبية دينية أو تفرقة بين مسلم أو مسيحى على الإطلاق، وما كان أسعدنى حينما اتصلت بى امرأة من بورسعيد بنت صديق لى اسمه القمص بطرس عوض، وتداوم على اتصالها بي، فهى ودودة تسأل عنى إنماء للصلة التى كانت بينى وبين والدها، حيث كان لا يترك مناسبة إلا زارنى فيها. ويصحبنى فى كل اجتماع وطنى أو اجتماعى وفى كل مناسبة عزاء أو مجاملة فى ديوان بورسعيد.

<< ما رأيك فى الفتاوى المتشددة؟ وما دور الإعلام فى الحد منها؟

< ينبغى أن نقول للفتاوى المتشددة لا وألف لا فالإسلام دين اليسر والسماحة، وجل الله الذى يقول: (ما جعل عليكم فى الدين من حرج)، وصلوات الله على النبى الكريم صلى الله عليه وسلم القائل: (يسروا ولا تعسروا)، أما عن الإعلام فالأمل كبير فى أن تحرص وسائل الإعلام على أن تكون دائما مع الحق والحقيقة، فالكلمة الصادقة تصنع جسور مودة وأخوة، والكلمة التى تجافى الحقيقة وتحدث التمزق بين أبناء الوطن الواحد الذى كاد يصل إلى مستوى الحديث النبوى على أساس حب الوطن من الإيمان.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق