رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

فى موسكـو..قوانـين جديدة لمواجهـة الإرهـاب

موسكو ـ د. سامى عمارة
فى اطار تعجل الكرملين تشديد ترسانة القوانين اللازمة لمواجهة تصاعد اخطار الارهاب والتدخل الخارجى الذى يتواصل على استحياء تارة، وباشكال "فجة" تارة اخري، تحت شعارات، كثير

منها يبدو اقرب الى الحق الذى يراد به باطل، على غرار ما جرى فى عدد من بلدان الفضاء السوفيتى السابق التى وقعت فى شرك "الثورات الملونة" ، اقر مجلس الدوما عددا من التعديلات على قانون "المخابرات" بما يكفل توسيع صلاحيات رجال المخابرات ومنحهم الكثير من الحقوق، التى سارعت منظمات حقوق الانسان الى الاعتراض ضدها والتحذير من مغبة تعجل التصديق عليها.

"الغاية تبرر الوسيلة".. القول المأثور عن المفكر والفيلسوف الايطالى نيكولا مكيافيللى، صار يتردد كثيرا فى اروقة الاوساط السياسية والاجتماعية فى روسيا . استعاده الكثيرون من ممثلى الاوساط الرسمية السياسية والبرلمانية، فى معرض مداولاتهم الاخيرة قبيل اقرار مجلس الدوما باغلبية ساحقة للتعديلات المقترحة على الصياغة السابقة "لقانون المخابرات".

وتقول المصادر الرسمية ان التعديلات الاخيرة على القانون الموجود حاليا تعتبر اضافة الى ما سبق واقره البرلمان الروسى من قوانين لمواجهة تصعيد قوى خارجية بعينها لمحاولاتها زعزعة استقرار روسيا والاطاحة بالنظام القائم، حسبما سبق وأن اشرنا فى اكثر من تقرير من موسكو تناولت التهديدات التى اعترفت مصادر الادارة الامريكية بانها تستهدف الاطاحة بنظام الرئيس فلاديمير بوتين واحياء مخططات قديمة للنيل من سلامة ووحدة اراضى الدولة الروسية.

ولعل ذلك تحديدا ما يمكن ان يفسر حرص الاوساط الرسمية على مد ترسانة القوانين الامنية الروسية باخرى تفرضها الظروف الراهنة، والحاجة الى تشريعات جديدة تساهم فى تقنين تحركات ونشاط الاجهزة الامنية لمواجهة التحديات القائمة فى الداخل والخارج. وتأتى القوانين الجديدة مواكبة لاخرى كانت اصدرتها موسكو من اجل المزيد من احكام قبضة الدولة والسيطرة على كل مناحى الحياة بما فيها ما صدر مؤخرا حول ضرورة الزام الصحف ووسائل الاعلام الروسية ابلاغ اجهزة الرقابة الروسية باية تحويلات مالية او تبرعات ترد اليها من الخارج وتقديم كشف حساب بتفاصيل المصروفات.

وكان مجلس الدوما سبق أن اقر عددا من القوانين التى تنظم نشاط ووضعية منظمات المجتمع المدنى وسبل تمويلها من الخارج الى جانب فرض الرقابة على الشبكة الدولية واستخدام مواقع التواصل الاجتماعى فى اطار ما طرحه الرئيس فلاديمير بوتين من رؤى لمواجهة تحركات العناصر الاجنبية ومحاولات تغلغلها داخل المجتمع الروسى فى اعقاب اندلاع "الثورات الملونة" فى عدد من بلدان الفضاء السوفياتى السابق فى مطلع القرن الجاري.

أما عن التعديلات التى تعجل مجلس الدوما اقرارها فى قراءتيه الثانية والثالثة "دفعة واحدة" ولم تكن مدرجة ضمن جدول الاعمال، وتتعلق بتوسيع صلاحيات جهاز الامن والمخابرات (اف اس بي)، فقالت مصادر "الدوما" انها تستهدف تقنين ما يقومون به من واجبات ومهام لدى مواجهة الظروف الاستثنائية بما فى ذلك حقهم فى استخدام الاسلحة النارية، الى جانب حق الضبطية القضائية واخذ البصمات وكل ما يلزم للتأكد من الشخصيات المشتبه فيها. وربط النائب ارنست ولييف نائب رئيس لجنة الامن ومكافحة الفساد اقرار هذه التعديلات على القانون السابق و تصاعد اخطار المنظمات الارهابية ومنها "داعش" التى نجحت فى تجنيد واستمالة الكثيرين من الشباب الروسى والذى سبق وأعلن الرئيس فلاديمير بوتين ضرورة اتخاذ كل ما يلزم للحيلولة دون وقوعهم فى شرك المنظمات الارهابية والابتعاد بهم عن مثل الافكار والايديولوجيا التخريبية.

ومن اللافت ان ما تنص عليه هذه التعديلات بشأن منح ممثلى جهاز المخابرات الحق فى استخدام الاسلحة النارية واطلاق النار على الجماهير يبدو تكرارا لبعض حقوق قوات الشرطة وممثلى النيابة العامة ، ولذا فقد رأى المُشَرٍع ان يقصر ذلك الحق بثلاث حالات فقط كانت الاولى منها "الحيلولة دون وقوع عمل ارهابي"، والثانية "من اجل تحرير الرهائن"، فيما تتلخص الثالثة فى "التصدى لهجوم جماعى مسلح ضد مواقع ذات اهمية قصوى او مؤسسات حكومية رسمية". وقالت المصادر ان التعديلات الاخيرة تكفل لممثلى المخابرات حق اللجوء الى القوة لدى الافراج عن الرهائن وتفريق التجمعات البشرية التى تشكل تهديدا للامن والاستقرار بعد اصدار التحذيرات اللازمة واستخدام ما قبل ذلك من وسائل نصت عليها القوانين السابقة الصادرة فى هذا الشأن والتى كانت ولا تزال تقتصر على ممثلى جهاز الشرطة. وتتضمن التعديلات ايضا اعفاء ممثلى جهاز المخابرات من مسئولية التبعات التى تترتب على استخدامهم لمثل هذه الحقوق بما فى ذلك ما قد ينجم عن ذلك من اضرار تلحق بالمواطنين او ممتلكاتهم او اية منظمات او مؤسسات. على ان القانون ينص كذلك على ضرورة التزام ممثلى جهاز المخابرات بتقديم المعونة الطبية العاجلة واجلاء المتضررين والمصابين بغض النظر عن مواقفهم وتوجهاتهم، فى نفس الوقت الذى ينبغى فيه ايضا ابلاغ النيابة العامة والاجهزة المعنية بكل هذه الوقائع فى غضون فترة لا تتجاوز 24 ساعة.

ومن اللافت ان التعديلات تنص ضمنا على منح ممثلى جهاز المخابرات بعض صلاحيات اجهزة الشرطة ومنها مداهمة المساكن واعتقال وتوقيف الاشخاص، على ان يلتزموا بكل ما نصت عليه القوانين الخاصة بهذه الاجهزة. كما انها تسمح لممثلى جهاز المخابرات بالاتصال بالمواطنين الاجانب، وكذلك الصحافة واجهزة الاعلام الاجنبية ومنظمات المجتمع المدنى بموجب التعليمات الصادرة عن قيادة جهاز المخابرات، الى جانب ما ينص عليه حول حظر فتح اية حسابات لممثلى اجهزة الامن والمخابرات وازواجهم وابنائهم القُصًر فى البنوك الاجنبية. ويسمح القانون للعاملين فى جهاز المخابرات بفتح صفحات خاصة لهم على مواقع التواصل الاجتماعى والشبكة الدولية شريطة ابلاغ قيادة الجهاز بذلك.

ازاء ذلك خرج ممثلو عدد من منظمات المجتمع المدنى وحقوق الانسان يطالبون بضرورة اعادة النظر ومراجعة ما اقره مجلس الدوما من تعديلات رفعها الى المجلس الاعلى للبرلمان بعد اقرارها باغلبية 343 نائبا من مجمل عدد الحاضرين وكانوا 346 نائبا، والتأكد من مدى عدم تناقضها مع الدستور الحالى قبل رفعها الى رئيس الدولة للتصديق عليها . وقال ايدور كاليابين رئيس لجنة مناهضة التعذيب ان التعديلات الجديدة تعتبر محاولة لتأمين رجال المخابرات وتوفير التغطية القانونية لما قد يقومون به من خطوات وافعال لم يكونوا فى السابق يقومون بها مثل اطلاق النار على المتظاهرين او ممثلى المعارضة بما يعنى ان السلطة تتحسب لاحتمالات تردى الاوضاع فى البلاد. واضاف ان السلطات الرسمية تحاول بذلك منح رجال المخابرات وممثلى اجهزة القوة، الضمانات اللازمة لاعفائهم من مسئولية التبعات التى قد تنجم عن تنفيذهم لمثل هذه المهام.

اما فاليرى بورشيف الرئيس السابق للجنة الرقابة الاجتماعية احدى منظمات المجتمع المدني، فقد اشار إلى ان القانون فى صياغته الجديدة يبدو ترهيبا وتخويفا للمجتمع وان السلطة تريد ان تقول للجميع انها سوف تواجه اى تصرفات من جانب ممثلى الرأى الاخر بكل القسوة وشتى صنوف العقاب. واشار على سبيل المثال الى معاقبة احد المعارضين يدعى الدار دادين بالسجن لمدة ثلاث سنوات، لا لشىء الا لانه شارك فى احدى الوقفات الاحتجاجية دون اى يقوم باية اعمال تتسم بالعنف. وبهذه المناسبة قال كاليابين رئيس لجنة مناهضة التعذيب ان التعديلات الاخيرة والتصديق على "قانون المخابرات" بصياغته الجديدة، سوف يفتح الباب امام تخيلات وتهيؤات رجال المخابرات لتوجيه الاتهامات بناء على ما قد يسمى "الاخذ بالشبهات، والنوايا". على ان ما تقوله اوساط المعارضة لم يحظ بقبول واسع ربما من منظور تصاعد الاحساس بالخطر لدى الاغلبية الساحقة من بسطاء المواطنين فى ظل التوتر القائم فى الساحة الدولية، وما نجم عنه من متاعب اقتصادية واجتماعية كان البعض فى الجانب الاخر يراهن على انها ستكون افضل وقود "للثورة المنشودة" على غرار ما سبق وشهدته جورجيا واوكرانيا. وذلك تحديدا ما تقول الاوساط الرسمية الروسية انها تأخذه فى الاعتبار من منظور المقولة الخالدة لمكيافيللي.. "الغاية تبرر الوسيلة"!.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
 
الاسم
 
عنوان التعليق
 
التعليق
  • 2
    دكتور كمال
    2015/12/30 14:21
    0-
    0+

    لكل شيء نهاية و الحياة تستمر
    مع تصاعد الارهاب في العالم ما بين داعش و الاخوة الاخوانجية و ما شابههم في العالم كله : اصبح الانسان العادي في خطر : لم يعد يامن علي نفسه و حياته في اي مكان : و اصبحت مكافحة الارهاب باي وسيلة مطلوبة من الشعوب و الزعماء : و قد راينا كيف ان دعوة ترامب و الان بوتين تلقي ترحيباً من المواطنين الذين يريدون ان يعيشوا : و هو ما يثبت ان لكل داء دواء و لكل جريمة عقاب : و لكل شيء نهاية : و ان الحياة دائما تنتصر علي الموت و الشر : و ان العقل يتغلب علي الجهل و الفساد : و لو لم يكن كذلك لانتهت الحياة علي الارض
    البريد الالكترونى
     
    الاسم
     
    عنوان التعليق
     
    التعليق
  • 1
    مصرى حر
    2015/12/30 06:59
    0-
    0+

    روسيا قبضة حديدية طبيعى وربانى
    طوال تاريخها تحكم قبضتها على كل من يشق الصف،،،ربما كانت قوانين من قبيل التجديد ووضع لمسات جمالية
    البريد الالكترونى
     
    الاسم
     
    عنوان التعليق
     
    التعليق