كل شيء في شقة الزوجية كان جديدا ولامعا ومبهجا ، الأثاث وأدوات المطبخ وحتي رائحة دهان الجدران ، أصوات الزغاريد لاتزال ترن في المكان وتهنئة الجيران وحتي فيديو الفرح وصور الزفة ما تزال لدي صاحب الإستديو يعد لها عملية المونتاج والتجهيز.
كل شيء كان ينطق بأن ميادة العروس الجميلة ذات العشرين ربيعا والتي كان يحلم شباب قرية عزبة علي عبد الله مركز ميت غمر بالإرتباط بها ستكون سعيدة بزواجها من رجل مقتدر ماليا يلبي لها كل طلباتها في زمن تتكدس فيه الفتيات في منازل أسرهن بسبب متطلبات الزواج وظروف الشباب الصعبة، بل كانت صديقاتها يحسدنها علي هذا العريس " المريش " والذي تظهر عليه النعمة والرخاء . كل الكلمات المعسولة والأحلام الوردية والوعود الناعمة كان يسمعها أحمد لخطيبته قبل الزواج فهو يكبرها بحوالي 13 سنة ولديه تجارب غامضة وكثيرة في الحياة ، كان يبدو محترفا وصاحب خبرة كبيرة في تنويم البنات مغناطيسيا بهيئته وهندامه الرقيق ولباقته وطلاقته في الكلام المنمق ولا غرابة في ذلك فهو يعمل محاميا محترفا ، وإستغل إغترابه لسنوات في الخارج لتكوين ثروة لا بأس بها مكنته من أن يفرض عروضه المغرية علي أسرة ميادة حتي ينال ما يريده منها في الوقت الذي رأت فيه فارس أحلامها وبوابتها إلي الإستقرار وتكوين أسرة جميلة .
أتم القدر رسم إرادته بالزواج وظهرت منذ الساعات الأولي لميادة ملامح شخص مختلف تماما حتي أنها لم تصدق أسلوبه في التعامل معها ومعاملتها كوعاء لشهواته دون أدني إنسانية ونظر إليها كخادمة مطيعة يجب ألا تفكر في حياتها إلا في الإمتثال لأوامره ورغباته ،و ظهرت منذ اليوم الأول بوادر الشقاق والخلاف والتباعد بين الطرفين ومطالبه غير الطبيعية جعلتها تزهد في العلاقة أو الإستمرار معه، فكان كلما يقترب منها تشعر أن سكاكين تغرس في جسدها أو أسياخا من النار تكوي ضلوعها المنهكة، وتحول شهر العسل الذي لم يستمر أكثر من 9 أيام فقط إلي ليالى قاسية وآلاما لا تدري متي تتخلص منها ويطلع الصباح وشروق الشمس ، تحول العرس إلي كابوس مخيف وحاولت الزوجة الشابة إخفاء حزنها وكمدها عن أهلها عند زيارتهم بل كانت تصطنع الفرح المزور أمامهم حتي لا تشمت الناس بها لكن عيناها الحزينتان كانتا تفضحان ما في صدرها من هموم ثقال لا تتحملها أعتي الجبال.
. لم تكن ميادة تعرف أنها ستحمل الرقم أربعة في زيجاته الكثيرة ، فقد سبق له الإرتباط بفتاة من مدينة ميت غمر ومشهود لها بالأخلاق والجمال ولكن زواجه منها لم يستمر سوي ثمانية أشهر فقد وقعت خلافات شديدة بينهما أدت الي طلاقهما في النهاية وكانت حجته أنها تستهزئ به ولا تطيعه ، ثم تزوج فتاة أخري مالبث أن طلقها متهما إياها بالنصب عليه والتواصل مع بعض مشايخ الدجل والشعوذة ، وبعدها بفترة قصيرة التقي أحمد بسيدة عربية من المغرب نشأت بينهما علاقة عاطفية ملتهبة أسفرت عن زواج سريع واستقرت معه في مدينته تاركة أهلها بالمغرب ولكن هذه الزيجة لم تعمر كذلك فلم تتحمل طباعه الصعبة وأبلغت سفارة دولتها ليتم تطليقها منه بعد أسبوع واحد فقط من الزواج ، لتصبح ميادة الزوجة الرابعة, وبدلا من أن يهبها ورقة الطلاق بالحسني مثلما فعل مع الأخريات إنتزع منها روحها وأنهي حياتها في لحظات ليكون مصيره المحاكمة .
في اليوم الموعود صحا شمشون الجبار باكرا وكل همه أن يذبح لعروسه القطة كما أفهمته طباعه المريضة ودعايات السوء المنتشرة أحيانا بين الشباب ، بدأ صباحه بوصلة من الشتم والردح والنكد طالبا منها أن تعد له طعام الإفطار بسرعة فلم تتحمل تطاوله عليها رافضة أوامره تحت مزاعم المطالب الشرعية بل وألقت طفاية السجائر في وجهه ، فما كان منه وفقا لإعترافه أمام الرائد أحمد توفيق رئيس مباحث ميت غمر إلا أن يرشقها برمح كان بحوزته ليفقأ عينها ويفصل ذراعيها الاثنتين ببلطة ثم يطعنها في الرقبة والجبهة والوجه لتغرق في بحر من الدماء وتلفظ أنفاسها قبيل إسعافها إلي مستشفي ميت غمر.
وتلقي اللواء عاصم حمزة مدير أمن الدقهلية ، إخطارا من اللواء السعيد عمارة مدير مباحث المديرية بتقدم محامي ببلاغ بقتل زوجته بعد أن طلب منها تجهيز وجبة الإفطار له فرفضت، وألقته بـ"طفاية السجائر" في وجهه داخل منزل الزوجية و انتقل الرائد أحمد توفيق رئيس مباحث المركز الي مكان البلاغ وتم العثور علي الجثة.
رابط دائم: