رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

القوانين المكملة للدستور فى انتظار مجـلس النواب..
اللائحـة بيـن التعـديل والتعطيـل

بهـاء مباشـر
مع انعقاد البرلمان الجديد، هناك قضايا أولى بالرعاية، وتشريعات عديدة تحتاج إلى سرعة إصدارها, ولأن المواطن هو هم هذا البرلمان، ومهمته الأولى، فإن معظم التشريعات التى تتعلق بالصحة والتعليم والاقتصاد، والأمن والاستقرار، يجب أن تأخذ طريقها للتنفيذ بأقصى سرعة ممكنة.

«الأهرام» من جانبها تطرح عددا من هذه التشريعات لتضعها تحت عين البرلمان، ربما يكون من المفيد الرجوع إليها عند طرح هذه القوانين للنقاش.
بعد أن أتم المصريون الاستحقاق الثالث والأخير من خريطة الطريق التى توافق عليها الشعب فى يوليو 2013، واكتملت مؤسسات الدولة وأصبح للمصريين رئيس وبرلمان منتخبين وفقا لإرادة سياسية حرة وما هى إلا أيام وتبدأ ماكينة التشريع البرلمانى «صاحب الاختصاص الأساسى فى التشريع» فى الدوران ، وأيا كانت الآراء حول ممثلى الشعب وأتفاقهم أو أختلافهم فيما بينهم إلا أنه لا ينكر احد أنهم جميعا متفقون حول إعلاء المصلحة العليا للبلاد دون تحيز أو تحزب لفصيل أو تيار ، وان الانحياز الاول والاخير لمصلحة الوطن وهموم المواطنين ، فأمام المجلس ونوابه أعباء ومسئوليات لا تحتمل أى خلاف لأن الرأى العام للمجلس ونوابه بالمرصاد ، فأمام المجلس مهام رقابية وتشريعية جسيمة ، فهناك حزمة من التشريعات تعدها الحكومة لتقدمها للبرلمان مع أولى جلساته، كما أن هناك حزمة أخرى من التشريعات ألزم الدستور البرلمان الجديد التصدى لها خلال دور أنعقاده الأول، أى أنها أستحقاقات تشريعية لا مناص من إصدارها ، حاولنا من خلال هذا الملف إلقاء الضوء على أبرز تلك التشريعات لنذكر بها ونتذكرها.
تمثل لائحة مجلس النواب واحدة من أهم التحديات التى ستواجه المجلس الجديد ومع أولى جلسات انعقاده بل وفى جلسته الاجرائية التى يختار فيها رئيسه ووكيليه، ومبعث ذلك ما نص عليه الدستور فى مادته رقم 118 بأن يتولى المجلس وضع لائحته الداخلية لتنظيم العمل فيه وكيفية ممارسته لإختصاصاته والمحافظة على النظام لتصدر بقانون، وهوالأمر الذى ذهب معه آراء عدد معتبر من الفقهاء الدستوريين بأن لائحة المجلس القائمة حاليا قد سقطت بعد التعديل الاخير للدستور وتغير أسم المجلس من الشعب إلى النواب، وهذا الأمر يتطلب تعليق النواب الجدد انعقاد الجلسة الإجرائية لحين وضع لائحة جديدة حتى لا يتعرض عمل المجلس ذاته لشبهة عدم الدستورية، بينما يرى فريق آخر من الدستوريين بأن اللائحة الحالية قائمة ولم تسقط بتعديل الدستور، ويذهبون فى وجهة نظرهم الى أن يستمر عمل البرلمان وفقا لتلك اللائحة لحين وضع النواب الجدد للائحة جديدة، وما بين المطالبة بوضع لائحة جديدة أولا قبل انعقاد المجلس، وبين الدعوة لاستمرار العمل وفقا للائحة الحالية وعدم سقوطها كان هذا التحقيق رصدنا فيه تلك الآراء لنرجح المصلحة العامة والتى تتطلب سرعة عمل البرلمان اليوم قبل غد ليتصدى أعضاء البرلمان بأنفسهم لوضع لائحتهم ولا تتعطل ماكينة التشريعه أكثر من ذلك، فرفاهية أطالة الأمد أمام عمل البرلمان لم تعد مقبولة.
بداية نشير الى أن لائحة المجلس هى الآلية التى تنظم كيفية ممارسة البرلمان ونوابه أعمالهم سواء فى التشريع أو رقابة أعمال الحكومة، وبشكل مختصر فلائحة المجلس هى بمثابة دستوره، ووفقا للائحة الحالية للمجلس والتى تضم 419 مادة تنظم أدق التفاصيل فيما يتعلق بعمل البرلمان ونوابه بداية من طريقة انتخاب رئيس المجلس والوكيلين وانتهاء بإسقاط العضوية عن النائب أواستقالته، وتضم مجموعة من الأحكام العامة التى تعرف بالمجلس ودوره، يعقبها باب عن أجهزة المجلس والتى تتكون من الرئيس ومكتب المجلس ولجانه، ثم باب عن الاجراءات السياسية البرلمانية والتى تتعلق بمنصب رئيس الجمهورية، وبرنامج الحكومة، ومناقشة حالة الطوارئ، ويعقب ذلك الباب الخاص بالاجراءات التشريعية والتى تتعلق بتعديل الدستور ومناقشة مشروعات القوانين وأقتراحها، كما تتضمن اللائحة وسائل واجراءات الرقابة والتى تنظم الوسائل الرقابية التى يمارسها البرلمان قبل الحكومة، وهى توجيه الاسئلة وطلبات الاحاطة والبيانات العاجلة والاستجوابات ولجان تقصى الحقائق، كما تتضمن اللائحة مواد تتعلق بصحة العضوية والحصانة واسقاط العضوية.
وكان مجلس الشعب قد قرر العمل بهذه اللائحة خلال جلسته التى عقدت فى 16 أكتوبر عام 1979 ومنذ ذلك التاريخ عدلت تلك اللائحة 4 مرات، الأولى كانت فى يناير عام 2005 ثم فى يوليو من ذات العام ثم فى فبراير عام 2008 والمرة الرابعة والأخيرة كانت فى يناير عام 2010، وبعد تعديل الدستور الحالى والذى وسع فى اختصاصات البرلمان وصلاحياته وغير اسمه من الشعب الى النواب، تضمن الدستور مادة تكلف مجلس النواب الجديد عند تشكيله بوضع لائحته لتصدر فى صورة قانون، وذلك لأول مرة، حيث جرى العرف طوال الفترات السابقة على أن تصدر لائحة البرلمان وفقا لقرار من المجلس، أما اللائحة الجديدة فوفقا للدستور تصدر فى صورة قانون مما يوجب تغييرها، وهنا يطرح السؤال هل تنسف اللائحة الحالية من أساسها لتعد لائحة جديدة جملة وتفصيلا أم يكتفى بإجراء مجموعة من التعديلات الضرورية على مواد اللائحة الحالية ليستبعد منها ما يتعارض مع الدستور وتستحدث مواد أخرى جديدة تضاف الى مواد اللائحة لتنظم الصلاحيات الجديدة التى حددها الدستور للمجلس.
وأمام هذه الأطروحات سارع عدد من السياسيين والفقهاء الدستوريين لطرح حلول ووجهات نظر بشأن أمر اللائحة دارت حول رأيين، الأول يذهب الى سقوط اللائحة الحالية ، أما الرأى الآخر فيرى عدم الحاجة لكل ذلك وعدم سقوط اللائحة القديمة ولا يتطلب الأمر سوى التصويت على استمرار عمل المجلس باللائحة الحالية لحين تفرغ المجلس لوضع لائحة دائمة .
الفقيه الدستورى الدكتور على عبد العال والفائز بعضوية البرلمان ضمن ممثلى قائمة »فى حب مصر« أكد أن مسألة لائحة المجلس لا تمثل أدنى مشكلة أمام البرلمان الجديد ونوابه، مشيرا الى عدم وجود تعارض فى هذا الشأن بين النص الدستورى الصريح بأن يضع المجلس لائحته وبين انعقاد الجلسة الاجرائية والتى ينتخب فيها رئيس المجلس والوكيلان وذلك على اساس أن إنعقاد الجلسة الاجرائية هى من الأمور المستقرة قانونا وعرفا ووفقا للقواعد العامة، حيث يتولاها أكبر الاعضاء سنا لينتخب فيها رئيسا للمجلس ليتولى الرئيس المنتخب إدارة الجلسة عقب انتخابة ويدير إجراءات انتخاب وكيلى المجلس، وعقب أتمام الانتخابات يكون أمام رئيس البرلمان المنتخب صلاحية أتخاذ ما يراه من قرارات مناسبة لتسيير عمل المجلس، ومن بينها الدعوة لأعداد لائحة جديدة للمجلس لتدور حولها مناقشات فى أى مرحلة من مراحل عمل البرلمان لتقر مادة مادة ثم يؤخد الرأى النهائى للنواب عليه لتصدر فى صورة مشروع قانون يرسل لرئيس الجمهورية ليصدره مباشرة وينشر فى الجريدة الرسمية مباشرة ويبدأ العمل به .
وحول ما إذا كان المطلوب إعداد لائحة جديدة ونسف القديمة ؟ أم الاكتفاء بمجرد تعديل لعدد من مواد اللائحة الحالية ؟
يقول الدكتور على عبد العال إن المجلس حر فى ذلك إما أن يعد لائحة جديدة أويكتفى بتعديلات بسيطة على اللائحة الحالية لا يقيده فى ذلك سوى قيد واحد فقط ألا وهو عدم مخالفة الدستور فيما تتضمنه اللائحة من مواد، ويضيف بأن مسألة نسف اللائحة القديمة أمر غير صحيح فإصدار أى قانون جديد دائما ما يكون عبارة عن «تنقيح» للقانون القديم .
وبذلك فإن اللائحة الحالية قائمة ولم تلغ وبالتالى هى الواجبة التطبيق حاليا لحين أجتماع المجلس ليتصدى لمسألة وضع لائحته الجديدة، ويشير الدكتور عبد العال إلى أن تعديل اللائحة ليس أمرا مستحدثا خاصة وأننا دولة لديها »تراث« قانونى وبالتالى أعداد قانون جديد أوتعديل الحالى يكون من خلال العودة للقانون الأصلى وهذا أمر متبع فى جميع الدول على مستوى العالم.
ويشير أستاذ القانون الدستورى إلى أن هناك مواد ثابتة لا يتصور الحاجة لتعديلها مثل كيفية الكلام بالجلسة أوآليات العمل بالمجلس فى لائحة المجلس وأخرى يتطلب الواقع والدستور الجديد تعديلها ويدور ذلك حول 40 مادة تقريبا من بين مواد اللائحة الـ 419 تحتاج لتعديل للتوافق مع مواد الدستور واختصاصات البرلمان الجديدة وما يتعلق بتعارض المصالح ومنح الثقة للحكومة وحظر ترشيح الوزراء فى الحكومة لعضوية البرلمان.
أما الدكتور شوقى السيد الفقهه الدستورى فيرى أن اللائحة القديمة سقطت وفقا للدستور الحالى الذى ألزم المجلس بإعداد لائحة جديدة لتصدر فى قانون، وتجنبا لمواجهة أى صدام إجرائى فى المجلس خلال جلسته الاجرائية فإن الضرورة تقتضى أن يطرح رئيس الجلسة الاجرائية »أكبر الأعضاء سنا« مع بداية افتتاحه للجلسة أخذ رأى النواب بشأن الموافقة على العمل باللائحة القائمة »مؤقتا« لحين أعداد المجلس لائحته الجديدة لتصدر بقانون، ويشير السيد الى أن لهذا الرأى سنده القانونى وهو نظرية »الاستصحاب« بالقواعد التى كانت مطبقة، والهدف من ذلك استمرار المجلس فى عمله دون تعطيل أوتأخير، ومواجهة »عقبة« سقوط اللائحة الحالية بعد تعديل الدستور، فتعد لائحة جديدة تتدارك مساوئ اللائحة القديمة التى تعطى سلطات كبيرة لرئيس المجلس فى مواجهة النواب، وكيفية ممارسة الأعضاء لدورهم الرقابى «المقرر لهم فى الدستور من غير تفصيل» مثل تقديم الاسئلة وطلبات الاحاطة والاستجوابات، وبحيث لا تتعارض اللائحة مع النصوص الدستورية الحالية التى تحدد صلاحيات المجلس ودوره، ويرى الدكتور شوقى السيد عدم دستورية ما ذهب اليه بعض الآراء بتدخل السلطة التنفيذية »الحكومة« لتصدر لائحة تنظم عمل المجلس، مشيرا الى أن ذلك يمثل مخالفة دستورية صارخة، وتغولا من السلطة التنفيذية على اختصاصات السلطة التشريعية وهوالأمر الذى يتعارض مع استقلال السلطات.
الحديث عن أمر اللائحة حاز على اهتمام جانب كبير من نواب البرلمان الجدد، وسعى بعضهم لاعداد مشروع للائحة جديدة يقدمها للبرلمان، وهذا الاطار فقد أعد الدكتور أيمن أبوالعلا القيادى البارز بحزب المصريين الأحرار والفائز فى المرحلة الأولى بالمقعد الفردى بدائرة 6 أكتوبر، مشروع لائحة جديدة عدل فيها مواد اللائحة القديمة سواء بالحذف أوالتعديل أوالاضافة لتتوافق مع مواد الدستور واختصاصات البرلمان، وجاء مشروع لائحة أبوالعلا فى 331 مادة لعل أبرز ما فيها زيادة عدد لجان المجلس النوعية من 19 الى 22 لجنة وتوسيع تشكيل مكتب المجلس ليضم ممثلين للهيئات البرلمانية المخالفة لأنتماء الرئيس و2 من المستقلين وسحب الثقة من الرئيس بشرط موافقة ثلثى أعضاء المجلس نداء بالاسم، ومادة خاصة بتنظيم حالة عدم منح الحكومة الثقة لتعقد جلسة علانية يرشح فيها حزب الأكثرية أوالائتلاف الحائز على الأكثرية رئيسا جديدا للوزراء بشرط أن يحصل على موافقة ثلثى أعضاء المجلس خلال عملية تصويت تجرى نداء بالاسم.
ولما كان أمام مجلس النواب الجديد حجم كبير من الأعمال والأعباء ملقاة على عاتق كل عضو من أعضائه، بالإضافة الى آمال واسعة وطموحات كبيرة يعقدها قطاع كبير من المصريين ـ ان لم يكن جميعهم ـ فى عنق هذا البرلمان أملا فى إصلاح أوضاعهم المعيشية، ومواجهة الفساد وعودة الحقوق لأصحابها.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق