من واقع خبرتى العملية على مدى سنوات طويلة استطيع القول إن هناك مؤامرة خطيرة تحاك ضد صحة المواطن المصرى بهدف القضاء عليه أو اضعاف قدرته الجسمانية والنفسية، وعنصرا المؤامرة هما «الفساد والاهمال» والمتورطون هم من القائمين على أمر الصحة فى مصر على مدى سنوات طويلة.. والأمثلة أكثر من أن تحصي.
أولا : فوضى الغذاء فى مصر: لا توجد أى رقابة حقيقية على الأغذية فى مصر سواء هى رقابة على مصدرها أو جودتها أوتاريخ صلاحيتها أو على المتعاملين معها ويستوى الأمر فى الحديث عن البائعة الجائلين، وعربات الفول، والكشري، والشاورما المكشوفة فى الطريق العام والمطاعم العامة ومطاعم الفنادق وغيرها. والنتيجة المنطقية التى ألمسها بنفسى بصورة شبه يومية تتمثل فى عدد كبير من النزلات المعوية وسوء الهضم والتسمم الغذائى وحالات حمى التيفود والتهاب الكبد الوبائي.. ويكفينا مثلا ما أسفرت عنه الحملة الأخيرة بقيادة طبيبة بيطرية رائعة على بعض المحلات المشهورة فى مجال بيع وتجارة الأغذية فى محافظة الجيزة. ثانيا : فوضى الدواء فى مصر: من غير المقبول ترك سوق الدواء فى مصر بهذا الارتجال المخلوط بشبهة الفساد والاحتكار مما أدى إلى نقص كبير فى عدد الأدوية المهمة خلال الفترة الأخيرة وقد تناثرت الاتهامات بين جهات كثيرة حتى ضاعت الحقيقة.. كما أن هناك سوقا رائجة للأدوية المصنعة فى أماكن مجهولة والأدوية المستوردة بطرق غير شرعية وأيضا منتهية الصلاحية، وفى المقابل نجد بعض الصيدليات التى تخصصت ـ بطريقة ما ـ فى استيراد أدوية بأسعار مغالى فيها إلى حد كبير، وبطرق بعيدة عن أى تفتيش أو رقابة، والضحية فى جميع الأحوال هو المريض المصري، وهناك الكثير من البرامج الإعلامية التى فتحت هذا الملف ولكن لم يحدث أى تحرك ايجابي. ثالثا : فوضى الممارسة الطبية: وهذا الموضوع يحتاج إلى مجلد للحديث عنه فالمواطن المبتلى بالمرض يدخل نفقاً مظلماً لايدرى متي، وكيف يخرج منه فلافتات الأطباء المنتشرة، فى كل مكان تفتقد إلى الحد الأدنى من المصداقية، والإلتزام بآداب الإعلان عن الطبيب، وأسعار الخدمة متروكة لسوق العرض والطلب، ويمكن لأى طبيب أن يمارس ما يشاء فى عيادته أو حتى فى مستشفي، بلا محاسبة .. ولاتوجد أدنى رقابة على التخصصات الطبية المعتمدة فى نقابة الأطباء ـ ويكفى أن أذكر فقط تخصصات السمنة، والنحافة، والتغذية، والتجميل، وعلاج العقم، والمشكلات الجنسية. رابعا: مشكلة الإعلام الطبي: هناك خلط واضح وناضج بين الإعلام، والإعلان فى مجال الطب لا فرق بين القنوات الحكومية، والقنوات الخاصة، فالكل يتسابق إلى سرقة الزبون والذى هو للأسف الشديد المريض المصري، والحقيقة أن صاحب القناة ومقدم البرنامج، ومعده مشتركون أصليون فى هذه الجريمة، وهناك حالات لا حصر لها صادفتنى وأصحابها يشكون من سوء معاملة واستغلال بعض المستشفيات الخاصة والمراكز الطبية التى احترفت استغلال الإعلام فى بعض القنوات. وبعد.. إننى أطالب بما يلي: (1) سرعة إصدار قانون بإنشاء هيئة خاصة تابعة لرئاسة الوزارة تتولى الاشراف على كل ما يتعلق بالغذاء والدواء مع إعطائها جميع الصلاحيات لضبط سوق الغذاء والدواء فى مصر. (2) قيام الأجهزة الرقابية بدورها فى الرقابة، وتحديد المسئولية، مع إعلان أسماء المتورطين فى جريمة إفساد صحة المصريين، وكذلك اقالة كل مسئول يثبت تهاونه أو فشله فى هذا المجال. (3) ان تقوم نقابة الأطباء بدورها لحماية توب المهنة الأبيض ممن يحاولون تلوينه. (4) وضع ضوابط صارمة للإعلام الطبي.
د. صلاح الغزالى حرب
رابط دائم: