ونهجر لقب فلان (بك) وفلان (باشا) الذي يذكرنا بذلنا وقت كان الأتراك يحكمون بلدنا، ولكن بكل أسف قد ارتضت فئة من الشعب أن تكون هذه الألقاب لصيقة بهم دلالة علي رفعة شأنهم وعلو قدرهم، هؤلاء هم بعض (رجال القضاء، ورجال الشرطة، ورجال الأعمال)، وقد غاب عنهم بأن أحب الألقاب إلي الله (أخي فلان)، بل من مهابة الرجل أن ينادي بوظيفته أو كنيته اسوة بمدرسة العزة والكرامة صانعة الرجال (القوات المسلحة) الذين يفتخرون برتبهم فيقال (سيادة النقيب حتي سيادة المشير)، وإذا نودي علي أحدهم أجاب (أفندم)، قد تواضعوا للشعب فوضعهم فوق الأعناق وطرقوا باب الرجا طالبين الرضا فسكنوا القلوب، وتداوت بهم العيون. تحية اعجاب وتقدير لجميع أفراد القوات المسلحة، أما عن الحصانة التي تمنح لفئة معينة من فئات الشعب حسب موقعهم الوظيفي، فقد صعدت بهم فوق القانون، فعلي سبيل المثال المخالفات المرورية وتفتيش السيارات والتفتيش الشخصي لا يطبق علي أعضاء مجلس النواب ولا رجال القضاء ولا ضباط الشرطة. فالمفروض أن تكون الحصانة داخل أروقة العمل ولا تخرج من تحت سقفها لجميع الفئات، أما في حلنا وترحالنا وتعاملنا أمام القانون سواء ولا يحق لأحد أن يتعالي علي غيره بماله أو جاهه أو سلطانه، ولنعلم أنه من اعتمد علي ماله (قل)، ومن اعتمد علي جاهه (ضل) ومن اعتمد علي سلطانه (ذل)، ومن اعتمد علي الله (لا قل ولا ضل ولا ذل)، والعاقل لا يأمن الدنيا لأنها إذا حلت (أوحلت)، وإذا كست (أوكست)، وإذا أينعت (نعت)، وكم من ملك رفعت له هامات فلما علا (مات)، ولا ننسي قول الله سبحانه وتعالي في سورة الرحمن (كل يوم هو في شأن)، بمعني أن الله يغير ولا يتغير، يقلب الليل والنهار، يرفع قوم ويخفض آخرين، يغني فقير ويفقر غني، يشفي سقيم ويسقم معافي، بيده الأمر كله، وهو علي كل شيء قدير.
فيجب علينا أن نرتقي بأنفسنا ولا نقول مثلا (كليات القمة) لأن العلم ليس فيه قاع بل كله قمة، ولا نقول (الوظائف المرموقة) فكل الوظائف مكملة لبعضها، وإذا تحقق ذلك سوف تشفي القلوب من الأحقاد وتنشرح الصدور ويحس كل مواطن مصري بأنه الرجل الأول في بلده .