رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

منسق مشروع تطوير المواقع الأثرية بمحور قناة السويس لـ «الأهرام»: الاكتشافات الأثرية المصرية ستظل فى موقع الصدارة 50 عاما قادمة

حوار أجرته : كريمة عبد الغنى :
كشف أثري جديد لقرية فرعونية من فترة ما قبل العصر الفرعوني بالقنطرة غرب تنفرد « الأهرام» برصده وتصوير أعمال التنقيب فيه وتسجل عمليات استخراج القطع الأثرية منه والاطلاع علي أهم النتائج والمعلومات التي توصل إليها عالم الآثار المصري الدكتور محمد عبد المقصود منسق مشروع تطوير المواقع الأثرية بمحور قناة السويس، والذي أكد في حواره، أن الكشف لم يأت بالصادفة ولكن بناء علي «خريطة الآثار المصرية» والتي تؤكد وجود مدينة «تل دفنة» الأثرية بمساحة 1200 فدان، وان الموقع يعد جزءا منها وكان يلزم التنقيب فيه لوقوعه في مسار مشروع «محور 30 يونيو» بهدف الحفاظ علي الآثار المصرية، كما تناول الحوار أهم الاكتشافات في الموقع..

> في البداية حدثنا عن كيفية اكتشاف موقع تل دفنة ومدي أهميته التاريخية؟

>> تخطيط محور 30 يونيو يقضي بمرور مساره بجزيرة صغيرة علي أطراف موقع المنطقة الأثرية بتل دفنه وهي مدينة أثرية ذات أهمية بالغة وذكر اسمها في التوراة وتبلغ مساحتها 1200 فدان ، ولا يمكن أن نقبل أن يمسها احد بضرر، ونظرا لعدم إمكانية تفادي مسار المحور لهذا الموقع، فقد استوجبت بداية التنقيب بهذه الجزيرة بالتنسيق بين وزارة الآثار وجهاز تعمير سيناء ، وتسير أعمال الحفر بكل دقة وباستخدام الأطر العلمية في البحث من قبل فريق العمل والذين يصل عددهم إلي عشرين أثريا وما يزيد علي مائة عامل والذين يواصلون العمل بالموقع علي فترتين خلال اليوم في سبيل انجاز العمل في توقيتات محددة .

>ما أهم الاكتشافات التي أسفرت عنها أعمال التنقيب في الموقع؟

>>الاكتشافات في تل دفنة مهمة جدا لأنها تتعلق بمجري النيل ، وأضافت لنا معلومات عن الفرع البولوزي للنيل بالموقعالذي كان يعبر من الموقع الذي كانت تقام عليه هذه المدينة والتي نعمل فيها حاليا ،وتمكننا من تحديد موقع فرع النيل بالمدينة واكتشفنا وجود ضفتين للنيل بهذا الموقع مشابهتين لضفتي الدلتا حاليا، والحفر يجري في الوقت الراهن علي إحدي هاتين الضفتين ، كما توصلنا إلي أن عمق النيل فيها كان 9 أمتار من أعلي مكان وعرضه يصل لـ300 متر ، كما كشفت أعمال الحفر عن وجود قرية صغيرة ومع ذلك يوجد فيها مجموعة من المساكن المحصنة من عدة طوابق تستخدم كأبراج عسكرية ، وكانت تمثل نقطة متقدمة لحراسة القلعة والمعابد والمنشآت بمدينة تل دفنه ، ولكنها استخدمت بعد ذلك كجبانة لدفن الموتي بالمعارك التي يخوضها الجيش المصري في تلك الحقبة

>وما مدي أهمية هذه الاكتشافات من الناحية التاريخية والأثرية ؟

>>هذا الكشف له أهمية كبيرة لأنه أتاح لنا معلومات جديدة عن كيفية تعامل المصري القديم بعصر الأسرة 26 منذ أكثر من 2500 سنة، فمن خلالها عرفنا مساحة عرض النيل في ذلك الوقت ، وشكل المباني المجاورة له وتاريخ العمارة في تلك الحقبة وأعطتنا نموذجا متكاملا للإنشاءات التي أقيمت علي ضفاف النيل في هذا العصر ، والأساليب التي اتخذوها لحماية هذه المنطقة من الفيضان من أخطار نحر النهر للأرض ، بحيث وجدنا أنهم أقاموا تكسية للمدينة كلها بنظام منحدر وبارتفاعات عالية من الطين ، لحمايتها من مياه النيل التي تحيط بها من كل الجوانب ، وبالإضافة لذلك كانت تكسية ضفاف النهر في تلك المنطقة عالية جدا وذلك بهدف حماية البيوت المنشأة بجواره .

>هل ذلك يعني انه لدينا خريطة قديمة بجميع المواقع الأثرية في مصر؟

>>هناك خريطة للمدن الأثرية المعروفة، غير أن هناك بعض المدن منها لم يعثر عليها حتي الآن ، ولكن التطور التقني والتكنولوجي ساهم في تقدم علم الآثار وساعد في مجال الاكتشافات الأثرية وأعمال التنقيب عنها حيث تتم الاستعانة بالأقمار الصناعية والصور التي يلتقطها وتمكنا من معرفة كل ما هو موجود في باطن الأرض وفي أعماق البحار والأنهار ، بالإضافة إلي التقنيات الحديثة التي تتمكن من عمل مسح جيوفيزيقي للاماكن وبناء عليها يتم تحديد أولويات الحفر والتنقيب علي المعابد والمقابر وذلك من خلال المقارنة بين المواضع التي يظهرها هذا المسح .

>ما أهم القطع الأثرية التي تم استخراجها؟

>> وجدنا هياكل بشرية تم دفنها بصورة جماعية مما يشير لوفاتهم في إحدي المعارك، بالإضافة لعظام تماسيح ومجموعة من الهياكل لأسماك البلطي والقرموط في موقع مجري النيل القديم ، كما وجدنا مخلفات من أحجار بركانية وصلت للشاطئ نتيجة انفجار بركاني في جزيرة سان توربن بايطاليا ، مما تسبب في حدوث من أول تسونامي في التاريخ بعام 1500 قبل الميلاد وتأثيره وصل لمصر ، حيث كان يصب النيل بالبحر المتوسط ، ولكن نتيجة قوة الإعصار حدث العكس ودخلت مياه البحر للنيل محملة بالمخلفات البركانية التي تركزت في المواقع الأثرية، وهذا يثبت أن هذا الموقع موجود من تاريخ يسبق الأسرة 26 بمراحل ، كما وجدنا أيضا قطع أثرية فخارية ، وتم الكشف عن الكثير من أفران الخبز وصهر المعادن ، أما في المواقع الأثرية الأخري بسيناء فتم اكتشاف لوحات جدارية ومناطق صناعية وافران لصهر المعادن أيضا.

>كيف سيتم التعامل مع الموقع بعد الانتهاء من أعمال التنقيب؟

>>نهتم حاليا بالقيام بدورنا العلمي تجاه هذا الكشف الأثري، وأعمال التنقيب مازالت قائمة بالموقع بحيث نعمل علي الكشف عن كل مباني القرية واستخراج كل القطع الأثرية وجمع كل المعلومات وتصويرها فوتوغرافيا وسينمائيا وتوثيقها ورسمها وإعداد تصميمات كروكية لها ، ثم بعد ذلك سيتم رفع كل هذه المنشآت معماريا ويصمم لها ماكيت خاص بها ، وستظل أعمال الحفر والتنقيب كما هي وسيتم تغطيتها برمال صفراء لحفظها كما هي تحت الأرض ويمر فوقها الطريق دون ادني مشكلة ، أما القطع الأثرية المنقولة فسيتم وضعها في متاحف .

>بوصفكم منسقا لمشروع تطوير المواقع الأثرية بمحور قناة السويس ما ابرز ملامح المشروع وما أهدافه بالتحديد؟

هذا المشروع يتم في إطار مشروع كبير لإعداد بانوراما للتاريخ العسكري المصري تعد له وزارة الآثار بالاشتراك مع وزارة الدفاع ،بهدف إلقاء الضوء علي كل فترات التاريخ المصري وشرح تاريخ مصر العسكري عبر العصور، ودور الجيش في الدفاع عن مصر وحماية حدودها بالأخص منها الحدود الشرقية ، و

> وما ابرز المواقع التي تم الكشف عنها في الفترة الأخيرة بهذه المناطق؟

>>اكتشفنا ما يزيد علي 12 قلعة أثرية مابين منطقة القنطرة وشرق القناة ،وهي قلاع تعود لعصور مختلفة بداية من العصور الفرعونية وصولا للعصور الإسلامية ، وابرز تلك المواقع تل أبو صيفي وتل حبوه والحيق وبلوزيم ، هذا بالإضافة إلي المواقع الأثرية الإسلامية ، وكافة تلك المواقع هي التي ستروي تاريخ مصر العسكري لروادها من السياح وهو الأمر الذي سيدعم تنشيط السياحة لهذه المناطق ويؤدي لتنمية مجال السياحة ككل ،ومن اجل ذلك تم اختيار موقع بانوراما تاريخ مصر العسكري علي الضفة الشرقية لقناة السويس بمنطقة محور القناة .

> وهل تم تحديد وقت معين لتدشين هذه البانوراما؟

>>يجري حاليا الاستعداد لها من خلال العمل علي جمع المادة العلمية ، وتوثيق التاريخ العسكري من قبل وزارة الآثار، بحيث يتولي العمل مجموعات من المتخصصين بالوزارة كل في مجاله تحت إشراف مباشر من الوزير، ومن المؤكد أن هذا المشروع سيتم بالطريقة التي يتبعها الرئيس في تنفيذ المشروعات المهمة من الدقة والانجاز.

>ذكرت انه لم يتم البحث والتنقيب في سيناء إلا بعد تحريرها في بداية الثمانينيات، فماذا عن البعثات الإسرائيلية وقت الاحتلال؟

>> قامت 30 بعثة إسرائيلية بالتنقيب في أماكن كثيرة جدا بسيناء ، ومع هذا تم استعادة الآثار التي أخذتها البعثات الرسمية التابعة لها ، وذلك عقب مفاوضات شاقة ،لأن اتفاقية كامب ديفيد لم تتضمن بنودها ما ينص علي عودة الآثار، وهذا سرعرقلة مفاوضات الآثار بعد تحرير سيناء بعشر سنوات حتي وقعت علي اتفاق بإعادة كافة الآثار التي لديها ، واشترط فيه أيضا علي حق استعادة أي اثار تظهر مجددا في احد متاحفها الرسمية وهذا لأنها لم تجد من بين الآثار ما يثبت ادعاءاتها بل بالعكس الآثار في سيناء هي التي دافعت عن مصريتها ولذا لم يكن لها نفع بالنسبة للإسرائيليين ، وكل ما يعنيهم هو الكتاب الذي دونوا فيه ما تمكنوا من الكشف عنه ليثبتوا وجودهم علي الأرض ، لكنهم لم يتمكنوا من الوصول للاماكن المهمة في سيناء والتي كشفت عنها البعثات المصرية فيما بعد وأهمها موقع تل حبوه بشرق القناة نظرا لاحتوائه علي أربع قلاع فرعونية والذي ورد ذكره علي معبد الكرنك في الأقصر باسم بداية طريق حورس قلعة صاروا .

> وما تصورك للخريطة الحديثة للآثار المصرية ، وهل تنبئ باكتشافات جديدة مقبلة ؟

>> اكتشافات الآثار المصرية ستظل في موقع الصدارة لخمسين عاما قادمة، فمازال أمامنا عمل كثير في المدينة الأثرية والتي تمكننا من الكشف عن الكثير في الجزيرة الصغيرة التي نقف علي أثارها الآن والتي لا تمثل 1% من كم الآثار الموجودة في المدينة والقلاع الموجودة بها ومنها مواقع ذات أهمية بالغة.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق