رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

تركيا .. ومعضلة البقاء فى موصل العراق

أنقرة : سيد عبد المجيد
تطورات إقليمية خطيرة متلاحقة ، إيقاعاتها تسارعت وكأنها متوالية هندسية، ومعها تلبدت سماء العلاقات بين أنقرة وبغداد بالغيوم الكثيفة ، فعلي الرغم من علم الحكومة العراقية. بوجود عسكري تركي على أراضيها منذ عام ونصف تقريبا، فإن هذه القوات التي تقوم بمهام تدريبية ورغم محدوديتها ، نعتت من قبلها بصورة فجائية بالاحتلال لإنتهاكها سيادة العراق ووحدة ترابه الوطنى ولتصبح أزمة.

وللوهلة الأولي كان يعتقد أن انفراجتها قاب قوسين، إذ هب الاناضول موفدا مستشار خارجيته مصحوبا برئيس مخابراته للالتقاء بالمسئولين العراقيين ثم معلنا عن قرب التوصل لتوافق مبدئي مع بغداد بشأن تحديد عدد العسكريين الاتراك المفروض أن يبقوا في أراضيها ، لكن سرعان ما خابت الظنون لتتصاعد الوتيرة وتصبح ــ بفضل أطراف خارجية ــ مستعصية، وليدخل البلدان طريقا وعرا ربما انتهي إلى نفق مسدود . ولأن الأمر برمته لم يتوقعه العدالة والتنمية الحاكم بهذا الشكل الغاضب، تباينت تحركات ومواقف ساسته التي غلب عليها الاضطراب والتناقض، وهو ما انعكس بدوره علي الداخل هو في الأصل يعاني توترا مكتوما رغم خروجه من ماراثون تشريعي جري في الاول من الشهر الماضي كان يفترض أنه سينعم مع نتائجه بإستقرار.    

ونظرة واحدة على سوق المال ومؤشر بورصه إسطنبول كافية لتعطي مؤشرا على تلك الحالة الاستقطابية بين معسكرين لا ثالث لهما حزب حاكم بمفرده ومسيطر على مفاصل الدولة، وأحزاب يدرك القائمون عليها أنهم لم يأخذوا فرصا متساوية خلال حملاتهم الانتخابية، والجمعة الفائت كان لافتا فخلال سويعاته لم يظهر الرئيس رجب طيب اردوغان أمام الكاميرات ، وهو الدءوب الشغوف في أن يكون محور الأضواء بعد أن أصبح يمارس صلاحيات تنفيذية كاملة غير منقوصة وكأن النظام السياسي أصبح رئاسيا في حين أن الدستور لا يزال كما هو حتى اللحظة .

في هذا السياق كان طبيعيا أن يثير الغياب القصير الفضول، وحتى لا تطول الظنون وتتشعب ، ها هو يطل على مواطنيه نهاية اليوم نفسه ، قبل أن يهم بمغادرة البلاد  متوجها إلى تركمانستان الغنية بالثروات الطبيعية بوسط أسيا إضافة إلى أنها تملك رابع أكبر إحتياطي للغاز الطبيعي علي مستوى العالم، لعلها  تكون بديلا ناجعا يضخ النقص المحتمل في شرايين الطاقة، أو على الاقل لا يضع بلاده تحت رحمة من يناصبونها العداء وكم صاروا كثيرين، ووفقا لما صرح به هو ذاته فآمال عريضة تحدوه في هذا الصدد نظرا لأوامر الصداقة التي تربطه برئيسها قربانقلي بردي محمدوف.  

من هنا فالزيارة رغم أن توقيتها كان معدا سلفا، فإنها اكتسبت أهمية إستثنائية ، إذ أتت في فترة حساسة تمر بها بلاده ، خاصة مع الأنباء المتواترة ـــ التي هي أقرب للتهديدات منها لأي شئ آخر ـــ عن وقف إمدادات الغاز للأناضول القادمة من الجارة الفارسية الجمهورية الإسلامية الإيرانية ، وقيل أن  انخفاض الكمية الذي أقتربت نسبته إلى  40 % ، يعود لأسباب تقنية هذا فقط من باب الدبلوماسية ، بيد أنه ليس بمنأي عن أزمتي إسقاط المقاتلة الروسية أو الحاصل في سوريا وأخيرا التقارب مع أربيل مسعود البرازني . 

كل هذا كان يعني بعض التهدئة من قبل حكام العدالة والتنمية ، ولكن كيف يتحقق؟ فوزير الخارجية مولود تشاويش أوغلو ، خرج بتصريح ــ لم يكن بعيدا عن تعليمات رئيسه ــ دعا فيه روسيا للهدوء محذرا من نفاد صبر تركيا .  تلك العبارة لم تكن لتنطلق بهذه الحدة، إلا بعد أن تأكد القائمون على صنع القرار في انقرة، بأن موسكو أضحت طرفا مهما ونافذا في تصعيد أزمتها الأخيرة بالموصل تلك المدينة العائمة على النفط، والتي كانت ذات يوم ضمن نفوذ الإمبراطورية العثمانية المنقضية، قبل أن «يتسرع» ويتنازل عنها مصطفي كمال اتاتورك في ثلاثينيات القرن المنصرم. 

أذن فالأزمة الجديدة في الهلال الخصيب، تمكنت من إحكام طوق الازمات الذي يحيط بتركيا من كل جانب ، والدليل هو أن محيطها الاقليمي دون إستثناء تحول الى جوار مناهض لسياساتها جملة وتفصيلا، ان لم يكن معاديا لها، وبالمناسبة ما قاله رئيسها ورئيس الوزراء أحمد داود أوغلو بتبرير وجود قوات فى جارتها التي تشاركها نحو 900 كيلو متر حدود، لم يكن من قبيل الشعارات، فهو صحيح وأنه تم وفق طلبات محددة من قبل بغداد وحيدر العبادي نفسه حينما زار أنقرة ، غير أن المعضلة  هو أنه جاء في التوقيت غير الصحيح وبعبارة أخرى لولا إسقاط السوخوي وتناقض الرؤي حيال الأسد ومشاريع اردوغان الغامضة والرامية إلى إستعادة المجد العثماني لكان الوضع جد مختلفا. 

وهكذا دخلت طهران على خط التوتر من منطلق طائفي ، ومعها روسيا التي جددت اتهامها لتركيا بشراء النفط من تنظيم داعش وهي مزاعم روجت لها ايضا ميديا أوروبية ذهبت بدورها إلى تأكيد أن التكفيريين الداعشيين يبيعون النفط تارة للاسد وأخرى لتركيا ، جاء هذا بالتزامن مع تعليمات اصدرها الرئيس فلاديمير بوتين إلى وزير دفاعه بالتصدى وبقسوة لأي إستفزازات تتعرض لها قواته في سوريا وهو تهديد مبطن للحكومة التركية.  

وبالتوازي اخذت مشكلة بلدة بعقيشة القريبة من الموصل والموجود بها العسكريون الاتراك منذ مارس الماضي، منحنى آخر بتوجه العراق بشكوى الى مجلس الامن، وبما ان اردوغان صور على أنه منافس " سني " ينفذ أجندة أمريكية ، إنبري عدد من قادة الشيعة ، وليس كلهم ، بشن حملة هجوم ضارية ضد تركيا، وهدد هادي العامري زعيم ما يسمي ب «منظمة بدر» التي تشكل احد اهم مكونات «الحشد الشعبي» المدعوم إيرانيا ، القوات التركية بأنها ستصبح هدفا. 

وقال في كلمة له الاسبوع الماضي "نشد على يد حكومة العبادي برفض أي وجود بري أجنبي، وسنقاومه ونعتبره أحتلالا لابد من مقاومته "، وتوعد الترك موجها كلامه لهم "أنتم لستم أقوى من الامريكيين وسندمر الدبابات على رءوسكم"، وأمس الاول السبت خرج الآلاف إلى ساحة التحرير بقلب بغداد منددين ومطالبين بطرد القوات التركية ومعها السفير فورا. 

والآن ما الذي يمكن أن تفعله تركيا وما هي السيناريوهات المتاحة أمامها ؟ فعلي الرغم من أن ما قاله العبادي يعكس موقف كيانات وليس كل العراق والدليل على ذلك هو أن شماله الكردستاني مؤيد ومؤازر لتركيا، لكن نتيجة السياسة الخارجية وهي فاشلة بإمتيار جعلت موقف أنقرة رغم تأييد وشنطن لها ضمنيا، ضعيفا نسبيا خاصة في ظل المزايدات والنعرات الطائفية، وكان يمكنها إطلاع الجانب العراقي بأنها ستزيد عدد قواتها وبحيث تفوت اي حجة بعدم الاستئذان ، وإنسحابها ستكون أضراره أكثر من فوائده. 

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
 
الاسم
 
عنوان التعليق
 
التعليق
  • 1
    يوسف ألدجاني
    2015/12/14 01:27
    0-
    0+

    لنسأل من هو ألعراق ألأن ؟ أنه مقسم ( شيعيا ــ كرديا ــ سنيا ــ تركمانيا ــ وكلهم تحت جناح
    ألجمهورية ألأسلامية ألأيرانية ألتي وصفت مدينة بغداد عاصمة لها // أولا .. أن زعماء ألحشد ألشعبي ألأيراني وحتى أيران نفسها وجيشها لا يقوى على قتال تركيا وجيشها ؟؟ فأن مظاهراتهم يوم ألسبت وحرق ألأعلام ألتركية لا يهز تركيا شيئا // وحتى روسيا نفسها لا تستطيع أن تمس تركيا بأي سؤ لأنها مدعومة من أمريكا وألناتو // ألمعروف بأن ألعبادي وقبله ألمالكي هم رجال ألخمئيني ويأتمرون بأمره .. وأصبح أرض ألعراق ( ممرا ) لقوات أيران ( نحو ) جيرانها // ألتخلص ألمطلوب ألأن هو ألخروج ألفعلي لأيران ومن ثم توحيد دولة ألعراق كما كانت في عهد صدام // وهل تركتم داعش ؟ وتحاربون تركيا ؟؟ يا للعجب !
    البريد الالكترونى
     
    الاسم
     
    عنوان التعليق
     
    التعليق