شارك بالأمسية العديد من رموز الأدب والثقافة من محبى الحاضر الغائب, الذى وافته المنية يوم 9 نوفمبر 2015، كان من بينهم الدكتورة أمل الصبان الأمين العام للمجلس الأعلى، التى تحدثت عن حياة خليل كلفت الكاتب والمترجم والفنان قائلة : «استطاع كلفت المثقف والمناضل أن يقدم نموذجًا فريدا فى العطاء الفكرى والسياسى والأدبى على مدى نصف قرن، حيث بدأ حياته منذ منتصف الستينيات مع كوكبة اليسار المصرى، وشارك فى إثراء المشهد النقدى عبرمقالاته ودراساته الأدبية.
ترجم كلفت عددا كبيرا من الأعمال فى الشأن الفكرى والسياسي، كما أنشأ كثيرا من القواميس والمعاجم أشهرها «إلياس - هاراب التجارى» ومعجم تصريف الأفعال وغيرها، كما كانت له جهود بالغة الأهمية فى تجديد النحو العربي.
أما عن الواقع السياسى وتأثيره فى حب كلفت لمعرفة اللغات فقد تحدث الدكتور أنور مغيث مدير المركزالقومى للترجمة عن «كيف كان لتحليلات كلفت للواقع السياسى دور مهم، فهو كان مناضلا ولكنه أيضا كان مناصرا للسياسة، وكان شغفه بالإلمام بكل الأحداث الثورية فى العالم له تأثير كبير فى إتقانها للغات، ومن هنا جاء كلفت المترجم الذى صدرت له كتابات متعددة ومتنوعة من الإنجليزية والفرنسية, حتى يتمكن من قراءة العالم ونقله بكل تفاصيله بشكل جيد، لقد كان يبحث عن المتعة وتثقيف الأطفال، لذا اهتم بأدب الأطفال وقدم عن برنار كلافيل أساطير البحر وأساطير الجبال والغابات, وعن ميكيل بالبيردى ملك الغابة وغيرها من الكتب الممتعة، أما عن اهتمام كلفت بالأدب والبحث عن إجابات، لقد كان غزير الإنتاج فى الترجمة، فقدم «انهيار النموذج السوفيتي» و«كيف نفهم سياسة العالم الثالث» و«تجارة عادلة للجميع» وكتب كثيرة أخرى مثل كتاب «الثورة الفرنسية والنظام القديم» الذى نال عنه جائزة رفاعة الطهطاوى للترجمة. فلم تكن الترجمة بالنسبة لكلفت مجرد نقل للكتاب بل حوار وإبحار بين سطوره التى يجيد شرحها وتصويرها بكل إتقان، وكان يمتاز بأسلوبه العربى النحوى السليم والسهل ووصفه بأنه «كان ثوريا ولكنه لم يكن ساخطا».
ثم بدأ المحامى أمير سالم حديثه عن خليل كلفت موضحاً أن كلفت كان ضمن مجموعة من الشباب كان لهم أكبر الأثر فى إذكاء الروح الوطنية فى فترة الستينيات بعد النكسة، حيث إنهم قاموا بإصدار مجلة جاليرى 68 رداً على حالة الهزيمة فى ذلك الوقت، ومن هؤلاء الشباب إبراهيم أصلان وإدوار الخراط و بهاء طاهر وجمال الغيطانى وسيد حجاب.
أما الكاتبة سحر توفيق فتحدثت عن الجانب الإنسانى لخليل كلفت، وكيف أنه كان يهتم بالآخرين حتى فى أشد لحظات مرضه، وأنه كان حاضر الذهن حتى آخر لحظات حياته، فهو توفى مباشرة بعد كتابة مقالة لجريدة الأهرام وإرسالها.
وذكر صديقه الدكتور محمد بكر ما قاله خليل كلفت عن نفسه: «أنا ماركسي، كاتب سياسى ولست سياسيا، ولا أنتمى لأى حزب رغم صداقتى لأحزاب اليسار، وأرى ضرورة تجاوز الماركسية لأزمتها الفكرية الكبرى الخاصة بمسألة الثورة».
وأوضح بكر أن مقالات كلفت منذ ثورة يناير وحتى وفاته تعتبر خطا إنتاجيا فكريا غزيرا ومهما جدا، وأنه كان ضد حكم الإسلام السياسى لخطورته على المجتمع.
وأشارت الأستاذة شوقية الكردى إلى أن خليل كلفت كان يدعو دائما للحلم المشروع بالحرية والعدالة الاجتماعية، وأنه كان منحازا للعمال والفلاحين.
وأكد الكاتب محمد فرج أن لخليل كلفت تراثا لم يتم الاستفادة منه، وأنه لم ينس دوره الثقافى حتى وهو منغمس فى كتاباته السياسية، وأشار إلى أنه صاحب مسمى الثورة الشعبية والثورة الاجتماعية والفرق بينهما.
أما الشاعر محمد سيف فأشاد بعبقرية خليل كلفت فى مقدرته على إقامة علاقات خاصة مع آلاف الأشخاص ذوى الاتجاهات المختلفة عن أفكاره، وأوضح أن كلفت هو من كان يعلم ويربى ويقوِّم نفسه، ووصفه بأنه من جيل صنع وعيا جديدا يسمى جيل «ضد الهزيمة», والذى كان مقاطعا للنظام الذى كان موجوداً وقتها.
ويرى القاص سعيد الكفراوى أن خليل كلفت شاعر وكاتب قصة عظيم، وأن السياسة أضرت كثيرا صوت الشاعر والأديب بداخله، وأنه عاش مهموما بأمته وثقافتها ومستقبلها.
ويصف المترجم بشير السباعى خليل كلفت بأنه «شخصية ذات عقلية خصبة جدا وليست منغلقة» وأن كلفت استطاع أن يقربه إليه بشدة برغم اختلاف أفكارهم، فهو يراه «ذا شخصية إنسانية دافئة ومتعددة الإمكانات».
وأشار إلى أنه كان يغير آراءه فى الفترات الأخيرة بشكل سريع، وكان يجهر بذلك ويرى أن هذه الحقبة من التاريخ مضطربة جدا ولابد أن نقوم فيها بعمل قراءات متغيرة دائما.
رحل خليل كلفت الذى وصفه أصدقاؤه بأنه «كان يهتم بمقالاته وكتاباته حتى إنه كان يكاد يقفز وراء الأحرف فى المطبعة حتى يخرج عمله للنور».