رئيس مجلس الادارة

أحمد السيد النجار

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

رئيس التحرير

محمد عبد الهادي علام

تهديد جديد للمنطقة و العالم «داعش» و«القاعدة» فى الساحل الإفريقى

طارق الشيخ
تعمل تنظيمات "القاعدة" و"داعش" وفى ذيلهما "بوكو حرام"على تثبيت أقدامهم فى منطقة الساحل الأفريقى الذى يمثل الظهير الجغرافى والإستراتيجى للجناح العربى فى شمال أفريقيا. وقد أفرد مجلس الأمن الدولى جلسة خاصة لمناقشة التهديد الحالى والمستقبلى الناجم عن أنشطة تلك التنظيمات فى منطقة الساحل وأثر ذلك على الدول العربية شمالا (ليبيا وتونس على وجه التحديد) ودول غرب ووسط أفريقيا جنوبا، وهو ما دفع إلى البحث عن سبل للمواجهة.

وكان مجلس الأمن الدولى قد عقد جلسة حول "السلم والأمن فى أفريقيا" استمع خلالها إلى هيروت جوبريه سيلاسى المبعوثة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة لمنطقة الساحل الأفريقى والتى حذرت من تحول المنطقة إلى مركز انطلاق للهجرة وعمليات تجنيد للإرهابيين.

وقالت سيلاسى إن التهديدات الأمنية مازالت تحدق بالمنطقة "بشكل متزايد يدفع دول المنطقة اضطرارا ، وهى من بين الأفقر والأقل نموا فى العالم، إلى تخصيص نسب كبيرة من ميزانياتها لمعالجة التهديدات الأمنية فى منطقة لا يتوافر التعليم الأساسى فيها إلا لخمسة وستين فى المائة فقط من الأطفال، ولا يعرف القراءة والكتابة سوى خمسة وثلاثين فى المائة من السكان". ونبهت إلى أن الشباب والسيدات يمثلون نسبة كبيرة من سكان منطقة الساحل وهم عرضة لعمليات تجنيد مكثفة بهدف ضمهم للحركات الراديكالية المتطرفة المسلحة. وتشير الإحصائيات إلى أن هناك 41 مليون شاب يائس تقل أعمارهم عن 25 سنة فى بوركينا فاسو وتشاد ومالى وموريتانيا والنيجر وهم يواجهون خطر التعرض للتجنيد من قبل الراديكاليين المتطرفين أو إجبارهم على الهجرة. ويعانى حوالى 60% من الشباب من البطالة مما يدفعهم للانخراط فى شبكات تهريب السلاح والمخدرات المرتبطة بالارهاب.

وأكدت أنه فى حال عدم تحسين مستوى توافر الخدمات التعليمية وزيادة فرص العمل وفرص إدماج الشباب فإن المنطقة ستصبح مركزا للهجرة الجماعية وتجنيد وتدريب الجماعات الإرهابية والأفراد، مما يهدد "السلم والأمن الدوليين".

وأشارت سيلاسى إلى أن الهجمات الإرهابية الأخيرة فى مالى وشمال الكاميرون ونيجيريا وباريس ولبنان تظهر الامتداد العالمى للإرهاب والعلاقة المترابطة بين المجتمعات سواء الفقيرة أو الغنية، وتذكر الجميع بعدم وجود أى دولة محصنة ضد هذا التهديد.

وشددت على أنه لم تعد المشاركة الدولية فى محاربة الإرهاب "خيارا" ولكنها "أمر حتمى" من أجل البقاء.

ودعت مجلس الأمن الدولى إلى استخدام الآليات القائمة وتوسيع ولاياتها من أجل تحسين جهود المراقبة والإبلاغ والمنع فيما يتعلق بتجارة المخدرات فى منطقة الساحل. كما طالبت المجلس بمواصلة مشاركة الدول والمنظمات الدولية فى تقديم الدعم للمنطقة.

وقد عبرت تشاد عن مخاوفها من تنامى "داعش" فى الأراضى الليبية. وأشار مندوب تشاد إلى الجهود التى تبذلها دول الساحل الخمس (بوركينافاسو، وتشاد، والنيجر، ومالى، وموريتانيا) وتدشينها قوة عسكرية إقليمية مشتركة وإقامة شركة طيران إقليمية ومد السكك الحديدية للربط بين دول المنطقة.

سبل المواجهة

وخلال جلسة مجلس الأمن تمت الإشارة إلى أن التنسيق والتعاون بين الخطط المطروحة على المستويين الإقليمى والدولى تعد من الحلول اللازمة لمواجهة خطر انتشار داعش أوالقاعدة فى منطقة الساحل. وتم تقديم مثال على ذلك بالتعاون بين الدول الأعضاء بالتجمع الاقتصادى لدول وسط أفريقيا ومجموعة الدول الخمس بمنطقة الساحل والتى تضم كلا من : بوركينافاسو، وتشاد، والنيجر، ومالى، وموريتانيا. كما يوجد تعاون بين الاتحاد الأفريقى والاتحاد الأوروبى والأمم المتحدة لبناء قدرات دول الساحل وتأهيلها لمكافحة الإرهاب. ولكن تم التأكيد على أن موجة الإرهاب كانت أعتى من المتوقع مما أدى إلى وجود مستوى مرتفع من التهديد الذى يتطلب المزيد من الانتباه لمواجهته.

وفيما يتعلق بالإتجار فى المخدرات تم التأكيد على أنها تعد من مصادر تمويل الإرهاب وأنشطة عدم الاستقرار فى دول المنطقة مما يتطلب من الأمم المتحدة ومجلس الأمن اتخاذ المزيد من التدابير لمساندة دول المنطقة فى مكافحة هذا النشاط الهدام.

ونبه مندوب فنزويلا إلى تفاقم أجواء العنف على حساب أمن المواطن الذى تحول إلى ضحية وقد أدى الوضع الأمنى إلى منح دول المنطقة الأولوية للجانب الأمنى على حساب الحاجات الإنسانية والتنموية الهامة. وبالتالى فإن من الواجب أن تعطى كافة مخططات مكافحة الإرهاب فى المنطقة الأولوية للتنمية المستدامة دون الاقتصار على الحلول العسكرية فقط.

وأكدت فرنسا تبنيها إستراتيجية تجاه منطقة الساحل تتعلق بالتعاون مع ست دول فى المنطقة مع التركيز على تحسين مستويات معيشة المواطن وتدعيم قدرات الدول على مكافحة الإرهاب والتهريب ومكافحة التطرف، بالإضافة إلى تشجيع التعاون الأمنى على المستوى الإقليمى.

وكان افتتاح قمة رؤساء دول الساحل الإفريقى، فى العاصمة التشادية نجامينا فى العشرين من نوفمبر الماضى قد شهد مشاركة فيديريكا موجرينى، الممثلة العليا للأمن والسياسة الخارجية للاتحاد الأوروبى، والتى طالبت وزراء خارجية دول الساحل الإفريقى (بوركينا فاسو وتشاد ومالى وموريتانيا والنيجر)، ودول شمال إفريقيا (موريتانيا والمغرب والجزائر وتونس وليبيا) بضرورة الاجتماع العاجل مع الاتحاد. وأكدت قائلة : "جميعنا يواجه التحديات نفسها، وهى التهديدات الإرهابية التى تواجهها أوروبا والعالم العربى وإفريقيا، ويمكننا مواجهة الإرهاب معًا".

وذكرت موجرينى أن الاتحاد الأوروبى سيدعم دول الساحل الإفريقى على مستوى التنسيق الأمنى بينهما بقيمة 50 مليون يورو ستوجه للقوة المتعددة الجنسيات المشتركة فى مكافحة "بوكو حرام"، كما سيتم تعزيز البعثة الأوروبية فى النيجر، من خلال وجود دائم لها فى أجاديز بداية من عام 2016، ومع البعثة الأوروبية المتمركزة فى مالى ستقوم البعثتان بدورات تدريبية لقوات الشرطة فى كافة دول الساحل.

وعلى صعيد المكافحة الفكرية للتطرف وإنتشاره بين شباب المنطقة نبه أحمد الحجار، رئيس المجلس الادارى للمركز الثقافى للابحاث و الدراسات الافريقية والعربية فى تشاد، من انه ينبغى على دول هذه المنطقة العمل على إنقاذ الشباب الذين يشكلون "الخزان البشرى" للمجموعات المسلحة الناشطة من براثنها وذلك جنبا إلى جنب مع "القوات الأفريقية المشتركة"، التى تكافح الإرهاب فى منطقة الصحراء الكبرى والساحل الإفريقى.

وحذر الباحث التشادى من أن "إرهابيى بوكو حرام، أو غيرها من الجماعات، يقومون بتجنيد شباب بلدان الساحل الإفريقى، وطالب بتوعية الشباب من خلال الاستعانة بعلماء الدين والوعاظ ما يساعد على تجفيف منابع الارهاب الذى يجند هؤلاء الشباب، باسم الدين. مؤكدا أن : "هؤلاء الناس (الأئمة والوعاظ) ينصت لهم الشباب بشكل افضل من السياسيين".

وعلى الصعيد العسكرى وخلال القمة الثانية للدول الخمس بالساحل، التى انعقدت بالعاصمة التشادية نجامينا، قرر رؤساء دول موريتانيا ومالى وبوركينا فاسو والنيجر وتشاد، عقب هجوم باماكو، تكوين قوة مشتركة عابرة للحدود لمحاربة الارهاب المتمركز فى الساحل، و خاصة شمال مالى وحوض بحيرة تشاد، ومساندة جهود القوة المشتركة متعددة الجنسيات، التى اعلنت تشكيلها، منذ اشهر، كل من الكاميرون وبينين و النيجر ونيجيريا وتشاد، لمحاربة جماعة "بوكو حرام" النيجيرية بحوض بحيرة التشاد.

وهكذا تخوض دول الساحل معركتها ضد الإرهاب وضد محاولات "تدعيش" و"قعدنة" المنطقة.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق